The thorns that pierced my heart - 4
ما الذي يحدث؟
هل هذا أحد كوابيسي؟
يجب ان احاول الاستيقاظ.
ما شاهدته عيني كان ضرباً من الجنون، للحظة واحدة لم أفكر أن رؤيتي حقيقة.
اقنعتُ نفسي، بسبب نومي المتثاقل في هذه السفينة الضخمة وتغير الجو المحيط بي عن السابق امتلكت هذا النوع من الكوابيس.
“مولاتي! اهربي”
صراخ روديون المتعالي اعادني للواقع.
ذلك الرجل الملثم الذي لم أشهد سوى عينيه البرتقالية البراقة همَّ في طريقي متسارعاً بعد ان سحب بذلك الخنجر من صدر روديون بكل وحشية.
“اههههعهععع”
صرخ روديون وتأوه بألم و بصوت أعلى من سابقه جعل قلبي يتهشم، كان منظره موحشاً لعيني.
حركات الرجل الرشيقة ناحيتي اخذت بالتقارب، اصبحتُ هدفه القادم بعد روديون.
هل انت تمزح معي؟
لا يبدو انه كابوس كما تصورت.
حتى ان حاولت الهرب في وضع كهذا..من سينقذني؟
“اميرة!!”
الصوت الذي لم اتوقع ابداً انني سأفرح لسماعه لهذه الدرجة تردد في الناحية المقابلة، وصل ديلان واخيراً للنجدة.
اصبح الوضع اكثر وضوحاً بسبب الانارة التي كانت بيد ديلان، ذلك الملثم الضخم اخذ يبتعد شيئاً فشيئاً أعينه ابدت بعض التوتر واخذ يركض في الانحاء تاركاً ايانا بريبة.
“اذهبوا خلفه!!”
صرخ ديلان نحو الجمع الغفير من الفرسان الذي كان يقف معه، تجاوزوني وتحركوا بسرعة هائلة لم تسعفني حتى لملاحظة حركاتهم نحو ذلك الرجل.
تحرك جسدي تقائياً نحو روديون الملقى، تصاعد صوت تنفسه الذي خرج بصعوبة بالغة ، الفارس الضخم ذو الارادة الحديدة اصبح جسده كقطعة من الثلج .
اصبحت اصابته واضحة وجلية، اخترق الخنجر مكاناً عميقاً في ذلك الصدر المفتول.
لا امل في النجاة.
تسارعت يدي المتعرقة لامساك يده الخشنة الباردة بيأس شديد.
“روديون، هل انت تسمعني..تماسك!”
متطلباتي سخيفة حقاً…هذا الرجل سيموت بعد قليل لكن نفسي الواهية تأبى تقبل الواقع بشتى الطرق.
“اميرة..هل انتِ بخير؟”
عضضتُ على شفتي بإحباط اكثر.
“بالرغم انك الشخص المتألم هنا..كيف يمكنك ان تفكر بي حتى هذه اللحظة؟”
ابتسم بوجهٍ متعب، نظرته دبت الحزن داخلي، اصبح شاحباً اكثر من اي وقت مضى.
“هذا هو واجب الفارس”
رمى بهذه الجملة بهدوء شديد، صوت تنفسه الذي كان يضرب عالياً منذ دقائق مضت اصبح ينخفض شيئاً فشيئاً.
التزم ديلان الهدوء بجواري وانا اضغط على ايدي روديون، الاكثر غرابة في ظل هذه الضوضاء..لم المح ظلاً لروزي.
“اتمنى ان نكون انا وروزي قد قمنا بعملنا على اتم وجه..امنياتي الدائمة هي سعادة الاميرة للابد.”
الصوت المعهود الواثق لهذا الرجل استمر بالتلاشي ببطىء والبريق الذي يدب في اعينه البنية الغامقة اخذ يختفي بالتتابع، تلك الاعين الواسعة اغلقت تماماً وبدا وجهه نائماً بسلام.
“روديون؟..روديون!”
اخذت اهزه بعنف لكن لم تكن هنالك اي استجابة رميت بأذني على صدره الضخم، لكنه هادئ للغاية توقف النبض بالفعل.
“روديووووون!!!!”
استمر صراخي بالتصاعد، اعتقد ان الجنون قد اطاح بي، النظر لذلك الجسد المرمي امامي اعاد ذكرياتي الطيبة معه.
وزاد الالم الى قلبي اكثر.
ضغطت راحة يد ديلان ببعض اللطف على كتفي المرتجف.
“اميرة، عودي الى صوابك”
“لحظة، اين هي روزي؟”
تجاهلته وسألت عن الأمر الذي ملأ الغرابة في نفسي.
اعينه الزرقاء الغامقة ابدت بعض التوتر، تعبيره اخبرني انه هو الآخر لا يعرف اين هي.
كلام روديون مسبقاً عن روزي زاد الاضطراب لدي ونزل العرق البارد نحو عمودي الفقري.
غرفتها التي كانت مفتوحة على نحو غريب دفعتني للنهوض ومعرفة السبب، بينما استمر طريقي منيراً بسبب ديلان الذي تبعني.
لم تظهر الغرفة اي شيء غريب كل شيء في محله حتى تم اسقاط النور على السرير، الغطاء الذي كان منتفخاً واثار فضولي.
لون الغطاء الابيض المعهود كان قرمزياً، قلقي تزايد وتحركت نحوه دون اي تفكير، من الواضح انها دماء ولم يكن لوناً جديداً للغطاء.
“اميرة، انتظري!”
نبرة ديلان التحذيرية لم تجعلني اعدل عن حركتي المندفعة.
“شهقة”
هذا فقط ما سمعته من ديلان الذي كان يقف خلفي.
ادراكي اصبح مشوشاً بعد ما رأيته..جسدها الصغير كان مغروساً بالكثير من الطعنات التي لا يمكن عدها حتى.
ماتت في منتصف نومها، حتى تعابيرها مشوهة.
“اههههعععع”
صوت صراخي استمر بالتصاعد وركبتي المرتجفة انهارت واسقطت ذلك الجسد بالقرب من السرير.
اطاح بي الشعور البالغ بالذنب.
لماذا احضرتكما معي؟
تحركت تلك الايدي الصغيرة نحو الشعر الفضي وبدأت بنتفه بغضب شديد، حتى البكاء لم اكن قادرة على فعل ذلك.
“اميرة!”
ارتفعت نبرة ديلان في وجهي لم اعرف متى ،لكنه ضغط على يدي لايقافي ونظر داخل عيني لطمئنتي.
تحركت يدي سريعاً لدفعه بعنف.
“ابتعد!!…هل انا هي هدفكم القادم؟”
اخلاقي كأميرة تم دفنها وتصرفت تبعاً لأحساسي الخاص،عقلي اصبح مشوشاً لم اعرف ان كانت روفيل ترغب بالتخلص مني، ولم امتلك فكرة عن السبب.
“جلالتك، اهدئي..نحن حتى لا نملك اي صلة بهذا الوضع”
“ارجوكم اتركوني..”
خرج هذا من فمي كنتُ استمر بالهذيان.
“لكن..”
اظهر وجهه الكثير من التوتر، بينما بصره اصبح موجهاً نحو جثة روزي الغارقة في بحر الدم، لم يكن من الطبيعي ان يتركني في الغرفة مع الجثة بهذه الطريقة.
“فقط للحظات..”
“….”
استمر ظله بالظهور امامي لثواني لكنه ترك الانارة وخرج بعد ان اغلق الباب…شعرت به يقف خارجاً وهو يتطقس الوضع.
لم املك الجرأة للنظر مرة اخرى نحو روزي واستمر بصري بالانخفاض..بالرغم من تضارب دقات ذلك القلب.
والارتجاف المتزايد..الا انني ادركت مبكراً هذه الحقيقة، الآن انا لا املك اي احد.
هل كان هذا هدف روفيل منذ البداية؟ قتل مرافقاي حتى ابقى بمفردي؟
امبراطورية روفيل لم تكن بهذا الغباء، هذا الوضع سيجعلهم المشتبه الاول في الحادثة.
جلست فيليا قرب السرير ارضاً بوضعية القرفصاء تضغط على جسدها بقوة.
“اريد الأستيقاظ من هذا الكابوس”
كانت روزي من الخادمات الموثوقات للامبراطورة الراحلة لم تكن ككلب حراسة للامبراطورة الحالية وضعت ولائها التام للعائلة الامبراطورية.
احبت ابناء الامبراطورة الراحلة بصدق وهي من اصرت على الذهاب مع فيليا الى ارض العدو…والآن اصبح كل شيء مجرد ذكرى عابرة في نظر فيليا، فروزي اصبحت في مكان بعيد للغاية.
بعد ان اصبح عقلي صافياً، استطعت التفكير بمنطقية،
لم تكن روفيل السبب، بل هو شخص آخر.
صوت الهمس وضرب الاقدام خارج الغرفة جعلني ارفع رأسي بتباطىء اصبح الوضع واضحاً، عاد الفرسان من ملاحقة الملثم.
تحرك جسدي نحو الباب وفتحته على عجل اظهر وجه ديلان المرتبك بعض الاستياء بمجرد التقاء الاعين خاصتنا بينما نظرات اولئك الفرسان التي اخترقتني في وقت سابق انخفضت بأسف شديد.
“ما الذي حل بالفاعل؟”
“….”
لا اجابة.
عض ديلان على شفتيه واسقط بجسده الطويل على احدى ركبتيه امامي.. بعد حركته قلده الفرسان مباشرة.
“ل..لقد هرب الى اعماق المحيط..رمى بجسده بعيداً ولم يستطع احد امساكه كما لو ان المحيط ابتلعه..لذلك نحن نرضى بأي عقاب تقدمه جلالتها”
اومئ بقية الفرسان رؤوسهم بالإتفاق على كلامه.
لو كنتُ حقاً الاميرة المحبوبة والمدللة لاندروميد كان ابسط عقاب لهم هو قطع الاذرع للفرسان.
لكن عائلتي ليست في صفي كما يعتقد الجميع.
التقصير هو السبب، حسناً لم يكن التقصير السبب الوحيد لكنه عامل رئيسي للوصول نحو هذا الوضع.
فرسان روفيل تصرفوا وفقاً لعواطفهم الخاصة وتناسوا دور الفارس ولم يحاولوا اخفاء كرههم لي، السبب الذي جعل روديون يتولى حراسة غرفتي بمفرده…لم يتقدم احد اولئك الرجال للمساعدة.
ومع وضع النقاط على الحروف يبدو ان روديون ترك الحراسة للقيام بعمل ما وعند عودته وجد الملثم يخرج من غرفة روزي.
استمروا بالجلوس امامي يخفضون بصرهم بتوتر.
روفيل تكرهني منذ البداية، ولا اعلم عن الامبراطور الخاص بهم ان قمتُ بالعقاب كما اشاء..فقط سيزيد مقدار الكراهية وستنشأ الحرب وعائلتي ربما ستقتلني لاشعال فتيل الحرب بين الاثنين.
“انا لستُ مهتمة بكم افعلوا ما شئتم”
رميت بهذه الاجابة الغامضة مع طوي يدي بسخط شديد لففت ظهري عنهم واقتربت من باب غرفتي للدخول.
“اميرة، لا يمكنك..”
رفع ديلان رأسه باحباط شديد.
“بعد هذه الرحلة لا اريد ان ارى وجه واحد منكم”
القيت بتلك النظرة التهديدة بتلك الاعين الحمراء شعرت بارتجاف اكتاف اولئك الرجال الضخام بينما ديلان عاد لموضعه وتصلب كالحجر.
“باام”
ضربت باب الغرفة بقوة وتركتهم غارقين في تأنيب الضمير الذي اعتراهم.
*********
“طق طق”
بعد ظهور شمس الصباح وتوقف السفينة طرق ديلان باب غرفة الاميرة بأدب ، الرجل المعروف بثقته وهدوءه اعتراه التوتر الشديد.
ادى عمله بصورة مثالية في جميع الاوقات لكنه الآن فشل في حماية الاميرة ومعاملتها بصورة حسنة، اكثر من الحزن اصابه الغضب من تصرفاته العشوائية والأنصياع نحو مشاعره الخاصة.
بادىء ذي بدأ، الاميرة لم تبدو كشخص سيء منذ البداية لكن شعوره بالشك والحذر تعالى على تخميناته العشوائية.
لم تقم الاميرة بأي تصرف مشكوك طوال الرحلة وحاولت فقط الابتعاد قدر المستطاع..لم يكره ديلان الاميرة حقاً ولم يتنبه لتصرفات الفرسان التي ادت نحو هذه النهاية السيئة.
بالنظر نحو الشائعات التي اندلعت في روفيل عنها وعن كونها متغطرسة ومدللة، اظهرت الاميرة العكس تماماً.
لم تكن مشابهة لما ظهر في تلك الادعاءات، فقط شيء واحد من تلك الشائعات كان صحيحاً ، انها جميلة للغاية.
عض شفتيه بإمتعاض اكثر وعاود لقبض يده والطرق مجدداً.
تم قطع ذلك الطرق قبل ان يبدأ حتى بالباب الذي فُتِح من قبلها.
فمه وعيناه اتسعتا في دوائر بمجرد اللقاء بوجه مباشر
ارتدت فستان حداد اسود غطا جسدها الابيض الرقيق بأكمله.
“ا..”
فتح فمه لكن وجد ان الصمت افضل خيار.
تلك الاعين الحمراء العميقة التي نظرت نحوه ببعض اللطف في بداية الرحلة اصبحت حادة ولاتطيق مشاهدته.
شعر بتصبب العرق البارد على ظهره الضخم بعد التقاء الاعين لفترة من الزمن.
“هل هنالك مشكلة؟”
“ك..كلا، ليس هنالك اي مشكلة”
اومىء نافياً بهز رأسه وعاود للأضافة.
“لقد وصلنا يا اميرة..”
“جثث روزي وروديون هل وضعتموها في مكان مخصص؟”
“نعم..قمنا بما طلبته الاميرة بالحرف الواحد”
“ثم احضروها معنا للدفن”
تجاهلت يده الممدودة لامساكها والقت تلك الكلمات بتعبير بارد وتخطته كما لو كان اثاثاً وجزءً من هذه السفينة.
“….”
تصلب كالحجر ولم يحرك ساكناً،ادرك انه قد حطم كل شيء قبل ان يبدأ حتى.
************
خرجت من تلك الغرفة الموحشة، عيني اصبحت منتفخة..تلك الليلة ربما كانت اطول ليلة عشتها في حياتي ولم ينم لي جفن حينها.
نظرات الفرسان نحوي رمت بالكثير من الفضول مع انقباض عضلات تلك الاوجه بتوترٍ عارم ، مشاهدة الاميرة تدخل روفيل بزي حداد كان كالقنبلة الموقوتة.
ربما يعتقد الجميع في روفيل ان تصرفي مبالغ به، لم يكن النبلاء سيقيمون حداداً لاجل فارس وخادمة، لكن روزي وروديون لم يكونا كذلك بالنسبة لي على الأقل.
بالرغم من عدم معاقبتي للفرسان سابقاً الا انني شعرت ببعض الإنتعاش للقيام بهذه الحركة، ستنتشر فقط الشائعات عن التقصير والاستقبال المزري الذي تلقته اميرة اندروميد المحبوبة من فرسان روفيل.
اخذت احدق في احدى زوايا السفينة على الميناء الذي تم ارساء السفينة على ظهره، الجو مختلف للغاية..بالطبع السبب هو انني بعيدة عن اندورميد التي اختفت خلف البحار.
اخذ الفرسان بالتتابع التوابيت الخاصة بروزي وروديون فقط المشاهدة ادت الى تزايد الحرقة واللوعة الى قلبي المضطرب.
بدأوا بجرها خارج السفينة، في ظل ذلك خطوات ديلان الحذرة ترددت الى اذناي وعاد لمد يده بتهذيب للمرة الثانية لاجل النزول، لم استطع الرفض مجدداً.
لم يكن من الجيد النزول بمفردي دون شخص للأمساك به بالرغم من كره شعب روفيل لي الا ان اصوات الثرثرة على المرسى تصاعدت.
فضولهم الخاص نحوي دفعهم الى هنا، القيام بخطأ واحد وان كان صغيراً سيجعلني اضحوكة كبيرة ومركزاً للشائعات.
لن اسمح بحدوث ذلك.
يتبع…