The stepmother is actually raising children - 1
‘آه… رأسي يؤلمني.’
وضعت يديها على رأسها محاولةً تخفيف الألم النابض، لكن الصداع لم يهدأ. تدحرجت يوري تحت الأغطية، محاولة إيجاد وضعية مريحة، فالتفت جسدها في شكل كرة.
‘آه! لماذا لا يأتي الأغطية معي؟ أقسم إن شربتُ مجددًا، فلستُ إنسانة بعد الآن!’
وبينما تكرر وعدًا تعرف أنها لن تلتزم به، حاولت شدّ الغطاء، لكنه لم يتحرك، وكأنه مثقل بشيء ما عند قدميها. لم يكن أمامها سوى الزحف إلى داخل الأغطية بحثًا عن الدفء.
“رأسي يؤلمني…”
كانت تتلوى تحت الأغطية بسبب الألم، تحاول جرّ الغطاء، عندما سمعت فجأة صوتًا أنثويًا ينادي في الخارج.
“آنسة! الجري في الممر خطر!”
“لا بأس!”
ترددت نبرة صوت طفولية عبر الممر الطويل.
“آه، لكن الدوق وصل متأخرًا البارحة، ويحتاج لمزيد من النوم!”
تساءلت يوري، التي فتحت عينها نصف فتحة، وهي تشعر بالحيرة: ‘هل يعرضون أفلامًا أجنبية صباح يوم العطلة؟’
بما أن جدران شقتها قديمة ولا تمنع الضوضاء، افترضت أن جيرانها يشاهدون التلفاز بصوت مرتفع. ظلت تعتقد ذلك إلى أن شعرت فجأة بثقل 17 كيلوجرامًا يهبط فوق سريرها.
“أبي، أبي! إيميليا هنا!”
“آااااااه!”
صرخت يوري بألم عندما سُحقت تحت الوزن المفاجئ، فجسدها المنهك من العمل طوال الأسبوع لم يكن مستعدًا لذلك.
“أبي؟”
أمالت إيميليا رأسها متسائلة عند سماع الصرخة. كان الصوت مختلفًا تمامًا عن صوت والدها المعتاد.
وفي هذه الأثناء، كانت يوري بالكاد تلتقط أنفاسها، وهي تحدق إلى الظل المبهم الذي ظهر من خلف الأغطية الرقيقة. ابتلعت ريقها بصعوبة.
‘ما هذا؟ ما هذه الخصلات التي تشبه باقة الزهور؟’
قبل أن تفهم ما يجري، امتدت يد صغيرة وناعمة تحت الأغطية، تلمس جسدها بحذر.
“آه!”
لكنها لم تكن الوحيدة التي شعرت بالذعر. فقد استيقظ آرون، الذي كان يغط في نوم عميق بسبب الإرهاق، متململًا من الضجة.
“إيميليا؟”
فتحت يوري عينيها على مصراعيها، صوت منخفض وأجش، لم تسمعه من قبل. أخذت تتلفت في كل اتجاه، لكن مجال رؤيتها كان محدودًا بالأغطية التي كانت تحتها. استرقت السمع للأصوات القادمة من الخارج، في محاولة لفهم ما حدث.
‘يا إلهي، ماذا فعلت؟’
تسلل ضوء الصباح من خلال الأغطية البيضاء الناصعة، كاشفًا عن جسد رجل عاري إلى جوارها.
‘ما هذا بحق الجحيم؟’
كان جسده الرياضي وعضلاته المشدودة بارزة أمامها بوضوح. مدّت يدها لا إراديًا نحو عضلات بطنه المشدودة، لكنها تراجعت فور سماع صوت ناعم يخترق السكون.
“أبي!”
تسلقت إيميليا فوق آرون، تحتضنه، وتفرك وجهها بلحيته الخشنة. كان آرون، الذي لم يفتح عينيه بعد، يربّت على ظهرها بحنان، وجهه يعكس سعادة دافئة.
أما يوري، المختبئة تحت الأغطية، فقد كانت أكثر انشغالًا بارتجاف قلبها بسبب اللقب الذي نطقت به الطفلة.
“أبي؟!”
رددت يوري الكلمة بصدمة، متقلصة داخل الأغطية. لم تكن تفهم تمامًا ما يجري، لكنها لم تستطع إلا الشعور بالذعر.
‘ماذا؟ هل هذا يعني أنني… تورطت مع أبٍ لطفلة؟!’
بدأ عقلها المشتت يحاول لملمة شتات ذكرياتها، لكنها لم تكن قادرة على استيعاب شيء.
“ما هذا أيضًا؟!”
لاحظت فجأة أنها ترتدي ثوب نوم فاخر مزينًا بالدانتيل، وهو شيء لم تكن لتشتريه أبدًا.
‘أنا… لم أكن لأشتري شيئًا كهذا بنفسي. مستحيل!’
لم تقتصر مشكلتها على الرجل بجانبها، بل كانت أيضًا في مواجهة ابنته، التي كانت تقترب أكثر فأكثر نحوها تحت الأغطية. حاولت يوري أن تختفي عن الأنظار، لكن بلا جدوى، فالمكان كان ضيقًا جدًا.
“أوه!”
توهجت عينا إيميليا بوميض مشاكس عندما سمعت الصوت المكتوم من تحت الأغطية.
“هناك أحد هنا!”
صاحت، وهي تتحسس السرير بعناية كما لو كانت تبحث عن كنز.
“إيميليا، ماذا تقولين؟”
نظر آرون، الذي كان يراقب ابنته بعينين حانيتين، إليها مستغربًا.
لكن إيميليا تجاهلت سؤاله، وظلت تتحسس الأغطية بيديها الصغيرتين، حتى لمست شيئًا ناعمًا ودافئًا.
“أنا متأكدة أن هناك أحدًا هنا! هل هي هدية عيد ميلادي؟!”
برقت عيناها بفرح وهي تستدير نحو آرون، الذي رفع حاجبيه بذهول.
“هدية؟ آه، أعني… كنت سأعطيكِ هديتك لاحقًا في الحفلة.”
تلعثم آرون، محاولًا تدارك الموقف، لكنه أدرك أنه كشف عن المفاجأة دون قصد.
“يا إلهي!”
كان الأوان قد فات، فقد سمعت إيميليا كل شيء، وقفزت بفرح.
“سنقيم حفلة؟ كنت أعتقد أننا سنحتفل وحدنا هذه السنة!”
ضربت يديها تصفيقًا، وهي تقفز بحماسة، مما جعل آرون يشعر ببعض الذنب لعدم قدرته على قضاء وقت أطول معها بسبب انشغاله الدائم.
“أردت أن تكون مفاجأة…”
حاول التظاهر بالاستياء، لكن رؤية ابنته سعيدة كانت كافية لجعله يبتسم براحة.
وفي خضم هذه الأجواء، صاحت إيميليا فجأة:
“إذًا، هذه هدية من الإلهة لي!”
“ماذا؟!”
كانت طفلة ذات خيال واسع، تعشق الحكايات الخيالية. مؤخرًا، كان الخدم يخبرون آرون أنها تصلي كل ليلة كي ترسل لها الإلهة والدتها.
تنهد آرون، متأثرًا، ومدّ يده ليحتضنها، لكن قبل أن يتمكن من ذلك…
“سأبحث عن هديتي الآن!”
وبحركة خاطفة، اختفت إيميليا داخل الأغطية.
“هاهاها! إيميليا، ماذا تفعلين؟”
ضحك آرون وهو يشاهد ابنته ترفع طرف الأغطية وتحاول الزحف إلى الداخل.
كان يعلم أن ابنته تشعر بالوحدة في هذا القصر الضخم، لكنه شعر بالراحة لرؤيتها تضحك ببراءة.
“أنا أبحث عن هديتي! يبدو أنها مغلفة بورق كبير!”
“مغلفة؟”
وفي لحظة، تحول الغطاء الذي كان يلفه إلى ورق تغليف ضخم في خيال إيميليا، مما جعله يبتسم بسعادة لعالمها الخيالي الذي لا حدود له.
‘إيميليا ليست سوى فتاة ذات خيال واسع.’
هكذا حاول آرون أن يطمئن نفسه، متجاهلًا القلق الذي سمعه من كبير الخدم، ثم نظر بعينيه نحو ابنته الصغيرة التي كانت تتحرك تحت الأغطية مثل يرقة تتلوى، تزحف إلى الأمام بلا توقف.
ناداها بلطف:
“إيميليا، كفي عن اللعب واخرجي. سأعطيكِ الهدية لاحقًا في الحفلة.”
لقد أعد هدية خاصة لابنته الوحيدة، لكنها بالتأكيد لم تكن تحت الغطاء. كان قلقًا من أن تشعر بخيبة أمل، لذا حاول إقناعها برفق.
لكن إيميليا لم تتوقف، بل واصلت تقدمها إلى الأمام بعزيمة، حتى لمست يدها شيئًا طريًا وناعمًا.
في هذه الأثناء، ابتلعت “يوري” ريقها بتوتر، وهي ترى هذة الطفلة الصغيرة تندفع نحوها. حاولت التراجع بحذر، لكنها كانت في مساحة محدودة، وإن استمرت في التراجع، فستسقط بلا شك من على السرير.
عندما عضّت يوري شفتها ورفعت رأسها، كانت عيناها تلتقيان بعينين صافيتين كسماء ربيعية بعد هطول المطر، تراقبانها بترقب.
“شش!”
أشارت يوري بإصبعها إلى شفتيها لتطلب الصمت، لكن إيميليا تجاهلت الإشارة بكل براءة.
“أمي؟”
“لا!”
رنّ صوت إيميليا المفعم بالفرح مثل أشعة الشمس الساطعة في يوم صيفي، ثم راحت تزحف نحو يوري دون أي تردد، بسرعة لم يكن ليضاهيها سوى أفراد القوات الخاصة في وضعية الزحف المنخفض.
كانت يوري مصدومة للغاية، تكاد لا تتنفس، وبدأت ترتجف، لكن إيميليا لم تتوقف عن التقدم. كانت تزحف على السرير المريح برشاقة، كما لو كانت تمثل ملكة التماسيح الزاحفة عبر مستنقعها، حتى اقتربت جدًا، لدرجة أن أنفها كاد يلامس وجه يوري.
حينها، فتحت الطفلة الصغيرة فمها بحذر وقالت:
“أتيتِ لتصبحي أمي، صحيح؟”
“لا، ليست كذلك!”
هزّت يوري رأسها بيأس، ووجهها على وشك البكاء. مجرد التفكير بأنها ربما تورطت مع رجل لديه طفلة بهذا العمر كان كافيًا ليجعل رأسها يدور.
‘ما نوع الحياة التي يعيشها هذا الرجل؟’
على عكس يوري المذهولة، كانت عينا إيميليا تتلألآن بفرح، كحجرين كريمتين تعكسان الضوء. لم تزل نظرتها مثبتة على يوري، فيما تفتح شفتاها الوردية كبرعم ورد يتفتح ثم ينغلق مجددًا.
“هل أتيتِ راكبةً على ظهر اللقلق؟”
سألت إيميليا، وابتسامتها تملأ وجهها البريء، بينما يتمايل شعرها الوردي مع كل إيماءة، شبيهًا ببتلات الزهور.
“اللقلق ليس وسيلة تنقل.”
تنهدت يوري بخفوت وهزّت رأسها، متأثرةً بخيال الطفلة الخصب، لكنها لم تستطع أن تبعد عينيها عن شعر إيميليا. كان لونًا ورديًا لا يمكن تحقيقه بصبغة عادية، ما جعل عقلها يغرق في التساؤلات.
“إذًا، هل أتيتِ من حقل الكرنب حقًا؟”
“لم أزر حقل كرنب في حياتي.”
ردّت يوري بلا تفكير، ثم فجأة، خفضت رأسها. لم تعد تفهم حتى الكلمات التي تخرج من فمها.
“آه! هل أنتِ بخير؟”
رفعت يوري رأسها عندما شعرت بيد صغيرة، دافئة وناعمة كأوراق القيقب، تلامس جبهتها بقلق. كان دفء تلك اللمسة كافيًا ليبعث في قلبها بعض الطمأنينة.
كان الأمر غريبًا. لكن، بفضل مواساة إيميليا، شعرت يوري بشجاعة مفاجئة. رفعت رأسها ونظرت إلى الفتاة الصغيرة، وفكّرت:
‘إذا حصلت على مساعدة هذه الطفلة، فقد أتمكن من مغادرة هذا المكان دون أن يلاحظني أحد!’