The sinister 's wise retirement plan - 141
الفصل 141
‘هل جننت تمامًا؟!’
شعرت بوجهي يحترق في لحظة واحدة.
أسرعت بإسكات شقيقي الثاني، واضعة يدي على فمه وهمست بغضب:
“أخي! هل فقدت عقلك؟”
“تبا!”
لكن شقيقي الثاني أبعد يدي بعنف، وزادت حدة غضبه.
“في البداية، ظننت أنكِ فقط لم تستطيعي نسيان حبكِ الأول. لكن بعد مرور ست سنوات كاملة وأنتِ لا تزالين مهووسة بذلك الصغير، هل تعلمين كم انهار قلبي بسببكِ؟!”
“لا، أيها الأخ المجنون. اهدأ أولًا-“.
“ليلي”.
أمسك شقيقي الثاني بكتفي فجأة، وكانت عيناه الزرقاوان المضيئتان تعكسان تصميمًا لا يتزعزع.
“عليكِ أن تصبحي الإمبراطورة. خذي ما تريدين، ولا تتنازلي عنه لأي أحد.”
عجزت عن الرد للحظات.
“لأن التنازل ليس من طبعكِ.”
“…”.
رفعت عينيّ إليه بنظرة مذهولة.
“إنكِ تحبينه! … تحبينه!”
كانت تلك الكلمات تتردد في رأسي دون توقف.
الحب؟ أنا؟
أحب ذلك الصغير الذي يصغرني بعشر سنوات إذا ما قسنا الأمر وفقًا لعمر الروح؟
ذلك الصغير الذي كان يردد دائمًا أنه يريد أن يكبر؟
إيدن؟
… أنا؟
“تصبحين على خير، ليلي. أحلامًا سعيدة.”
عندما تذكرت صوته وهو يهمس تلك الكلمات قرب أذني، بدأت دقات قلبي تتسارع.
وضعت يدي على صدري في محاولة لفهم هذه الاستجابة الغريبة من قلبي.
فكرت في الأمر. متى بدأت دقات قلبي تتسارع بشكل غير طبيعي كلما كنت معه؟
مع هذا الإدراك، زادت سرعة نبضاتي، وبدأ تنفسي يزداد صعوبة.
“خلل في الاستجابة الجسدية. اضطراب في النظام الهرموني. فقدان السيطرة العقلية…”
لو كان جسدي آلة، لظهرت الآن رسالة تحذير باللون الأحمر:
ليليان سيرجينيف: معطلة.
خلل. خلل!
بينما كنت أرتجف، أطلق شقيقي الثاني تنهيدة عميقة.
“لماذا تضطرين وحدكِ لتحمل هذه الأمور؟ أين هو؟ أين ذلك الصغير؟”
دون وعي، تذكرت آخر ليلة رأيته فيها. حرارة أجسادنا المتلاصقة تمامًا وصوته المألوف الذي همس في أذني.
خجلًا من هذه الذكرى الجريئة، انخفض رأسي فجأة.
“… لا أعلم. آخر مرة رأيته كانت قبل أسبوع.”
“في الليل؟”
تجمدت نبرة صوت أخي للحظة، وسرعان ما أضفت تفسيرًا ميكانيكيًا:
“لا تقلق، لم يحدث شيء خارج غرفتي.”
“في غرفتكِ؟”
بدت تعابير أخي وكأنها توقفت عن العمل.
“تلتقيان ليلًا؟ في علاقة سرية؟ …منذ متى؟”
بدأ يتمتم بسرعة لدرجة لم أفهمها، ثم فجأة انفجر ضاحكًا بجنون.
“هاه؟ هكذا؟! كنتُ أتدخل بلا سبب؟”
“ما هذه النبرة؟ أنت تُخيفني.”
كانت نبرته مرعبة لدرجة أنني استعدت وعيي قليلاً.
بينما كنت أتحرك للخلف بحذر، أمسك ذراعي فجأة.
“أين ذلك الفتى الآن؟ بصفتي ولي أمركِ، يجب أن أراه فورًا-“
ثم توقف.
“لحظة. قلتِ أنكِ لم تريه منذ أسبوع؟”
“صحيح.”
“يعني أنه لم يأتِ لرؤيتكِ طوال أسبوع؟”
عبست قليلًا كإجابة. كان هذا صحيحًا. لم أتمكن من النوم جيدًا منذ أسبوع، ولم أنم إطلاقًا منذ ثلاثة أيام، لذلك كان من السهل حساب الأيام.
حينها، بدا أن أخي قد فهم، فتحولت تعابيره إلى برودة قاسية.
“لماذا؟”
“كيف لي أن أعرف؟”
“لا تعرفين؟ يعني أنه اختفى فجأة دون أي كلمة؟ بعد أن كان يأتي كل ليلة لرؤيتكِ؟”
عندما لم أجب، تجهم وجه أخي بغضب.
“…يا إلهي، هذا جنون.”
شينغ!
خرج السيف من غمده بصوت مريع.
نظرت إلى أخي الذي استل سيفه فجأة، وعيناه بلا تركيز، وهو يقول:
“يجب أن أراه.”
“بسيف؟! هل جننت؟ هذا يُعد خيانة!”
“خيانة؟ لقد فعلتها مرة، ولا بأس بفعلها مرتين!”
كانت كلماته منطقية لدرجة لم أستطع الرد عليها.
سحبت كمه وأنا أصرخ:
“لا تذهب. كنت على وشك الذهاب لمقابلته الآن!”
“حقًا؟”
“…نعم. سأتعامل معه بنفسي، لذا رجاءً، لا تتدخل!”
“ليلي…”
ظهرت على وجهه تعابير شخص مجروح، كأب يقف أمام باب ابنته المراهقة الذي أُغلق بقوة.
أبعدته بالقوة، وهرعت بخطوات سريعة، خائفة من أن يمسك بي.
وجهتي كانت قصر الأمير.
* * *
حين استنشقت هواء الخارج، شعرت بأن عقلي أصبح أكثر صفاءً بقليل.
‘ليليان سيرغينيف تحب إيدن فانتيهوب.’
لا أعرف إذا ما كان هذا القول حقيقة أم كذبة، لكن الشيء الوحيد الذي كنت متأكدة منه هو:
‘ليليان سيرغينيف لا تريد مشاركة إيدن فانتيهوب مع أي شخص آخر.’
الإمبراطورة، التحالف الزوجي، أو أي سبب آخر… لا يهم.
السبب وراء عجزي عن ترشيح الآنسة زيلين كمرشحة لمنصب الإمبراطورة هو أنني ببساطة لا أريد أن أفقد مكانتي بجانب إيدن لأي أحد، سواء كانت زيلين أو غيرها.
لأن إيدن…
ذلك الفتى كان:
‘يخصني.’
لقد كنت مالكته.
أنا من كسرت اللعنة التي أصابته.
أنا من منحته حياة خالية من الألم.
كنت أعرفه قبل أن يعرفه الآخرون، قبل الآنسة زيلين وقبل أي أحد آخر.
لقد كان دميتي الخاصة.
لهذا السبب، لم أستطع تحمل فكرة مشاركته مع الآخرين. لا أريد أن أتقاسم وجوده مع أحد.
المحبة.
الرغبة في التملك.
الحنين…
كانت تتراقص في رأسي كل تلك الكلمات ذات الطابع الغامض والمُرهِق.
ما اسم هذه المشاعر؟
هل توجد كلمة واحدة تستطيع وصف هذا الكم من التعقيد؟
أنا وإيدن…
ما الذي أريده منه؟ ما الذي أسعى إليه؟
“تبا.”
عضضت شفتي بقوة.
لطالما كانت المشاعر بالنسبة لي مسألة صعبة.
خصوصًا هذه الأنواع من المشاعر.
حتى في حياتي السابقة، لم أختبر شيئًا كهذا مطلقًا.
إن لم أتمكن من الشعور حتى بالحب الأساسي الذي يأتي من الوالدين، فكيف لي أن أفهم مشاعر الآخرين؟
فهم ما لم أتعلمه قط هو أمر شبه مستحيل.
‘هل سأجد الإجابة بمجرد أن أراه؟’
لست متأكدة.
الشيء الوحيد الذي أعرفه هو أنني بحاجة لرؤية ذلك الفتى الغامض، الآن وفورًا، لأحل هذا اللغز الذي يعصف بي.
“آنسة ليليان؟”
بمجرد أن دخلت جناح الأمير، رحب بي الخدم بوجوه يملؤها الذهول.
كانت هذه هي المرة الأولى التي أزور فيها هذا المكان بنفسي.
على الرغم من غضبي من إيدن لأنه لم يأتِ لرؤيتي، لم أفكر يومًا في الذهاب إليه.
ربما كنت أتجاهل مشاعري العميقة التي تتربص بداخلي.
لكن في النهاية، الهروب ليس من طباعي.
“اصطحبوني إلى الأمير.”
ترددت الخادمة قليلاً، ثم قالت بارتباك:
“أعتذر، آنسة ليليان، لكن الأمير غير موجود حاليًا.”
“حسنًا.”
أومأت برأسي بخفة.
“سأنتظر.”
بدت ملامح الخدم أكثر ارتباكًا، وتبادلوا النظرات فيما بينهم وكأنهم يخفون شيئًا.
“ما الأمر؟”
سألتُ وأنا أقطب حاجبيّ.
عندها تحدث أحدهم بصوت متردد:
“آنسة ليليان، الأمير… غائب منذ أسبوع.”
“ماذا؟”
اتسعت عيناي في صدمة.
أسبوع؟
“آخر مرة رأيته كانت قبل أسبوع تمامًا…”
هل يمكن أن تكون هذه مصادفة؟
لا يبدو ذلك.
استدرت نحو الخادم وسألته:
“إلى أين ذهب الأمير؟”
رد متلعثمًا:
“لا… نعرف بالتحديد.”
ضغطت على شفتي وأنا أشعر بانزعاج شديد.
لم يعجبني شيء من ذلك. لا المراوغة التي أظهرها الخدم، ولا الشعور الغريب الذي يتسلل إلى صدري.
كنت على وشك توبيخ الخادم ليدلي بمعلومات إضافية عندما سمعت فجأة صوتًا مكتومًا.
“دوي!”
رافقه اهتزاز خفيف للأرض تحت قدمي.
حدّقت إلى الأسفل، وعيناي متسعتان.
“الصوت أتى من الأسفل… من القبو.”
حين تمتمت بهذه الكلمات، لاحظت الخدم يبدون علامات ذعر جليّة.
* * *
رؤية رد الفعل هذا أكد شكوكي.
هناك أمر يحدث في القبو.
لقد سبق وواجهنا حادثة غير محببة في قبو القصر الإمبراطوري. استحضرت تلك الذكرى، فتلبدت ملامح وجهي.
“أرشدوني إلى أقرب مدخل يؤدي إلى القبو من هنا. حالاً.”
بوجه متوتر، قال أحد الخدم:
“آنسة… أعتذر بشدة، ولكن لا يمكنكِ النزول إلى هناك!”
تجرأ على مخالفة أمري رغم الخوف الذي بدا عليه.
نظرت إليه بعيون متحفزة وقلت:
“أنت تعلم شيئًا، أليس كذلك؟”
تردد وقال بصوت منخفض:
“الأمر هو…”
تركته وراء ظهري واندفعت مبتعدة.
كان لدي شعور سيئ للغاية. إذا كان هناك شيء يحدث مجددًا في القبو، وإذا كان لإيدن علاقة بما يجري، فلن أضيع ثانية واحدة.
“آنسة! الأم… الأمير!”
صرخ أحد الخدم خلفي، محاولاً منعي، وأخيرًا نطق بما كان يخفيه:
“قال الأمير ألا تنزلِ إلى القبو مهما كان الصوت الذي تسمعينه! وإلا… ستلقين حتفكِ!”
“ماذا؟”
اتسعت عيناي في صدمة.
في مكان يعبق برائحة الدماء الكريهة، كان الهواء الرطب يحمل أنينًا حزينًا.
“لا… لا… أخاف… أخاف.”
كان صوتًا متهدجًا يخرج من كائن ضخم يملأ الغرفة بالكامل.
كان الكائن المتلوّي أسيرًا مقيدًا في القبو، ينتمي إلى سلالة العائلة الإمبراطورية، وكان ذات يوم ولي العهد.
بابتسامة متسلية، قال إيدن:
“مم تخاف بالضبط؟”
وأضاف وهو يدفع يد ولي العهد، التي كانت ممسكة بسيف، ليغرسها أكثر في جسده:
“ها أنت تحصل على القوة التي كنت تتمناها دائمًا.”