The sinister 's wise retirement plan - 135
<الفصل 135>
مشهد الرجل وهو يهاجم الوحش بدا كحاكم الحرب في الأساطير.
نسي الناس خوفهم وسُلبوا عقولهم بحركاته. مظهره المهيب وقوته الساحقة أضفيا شعورًا بعدم الواقعية على كل شيء.
“واااااااه!”
تعالت الهتافات من الحشود، حيث غمرهم إحساس مهيب بالإثارة كفيل بقهر خوفهم. لم يكن القوي منهم، بل الرجل فقط، لكنهم شعروا وكأنهم يعيشون مشهدًا أسطوريًا ينبض بالإثارة التي جعلت قلوبهم تخفق بشدة.
ثم، بعد بضع دقائق، أخيرًا:
“كرك… ككرك… لماذا…!”
دويّ!
ركع الوحش على ركبتيه الثقيلة، وجسده ينزف دمًا أزرق غزيرًا.
“لقد تخليت عن كل شيء لأصبح أقوى… ككرك… ولكن لماذا…؟”
دوووم!
سقط جسد الوحش بالكامل على الأرض بلا حراك.
لقد كانت هزيمة الرجل ساحقة وكاملة.
وقف الجميع في صمت وهم يحدقون بجسد الوحش المهزوم الذي كان يومًا ما مصدرًا للرعب الهائل.
“أ… مات؟”
“هل انتصرنا؟”
لم يجرؤ أحد على إصدار أي صوت خوفًا من استفزاز الوحش. واستمر الصمت المشحون لبضع ثوانٍ.
“لقد… لقد انتصرنا.”
كسر صوت شخصٍ هامس ذلك الصمت الغريب، وانتشرت الموجة كالنار في الهشيم.
“وااااه! انتصرنا، لقد انتصرنا!”
تعالت الهتافات الهستيرية في المكان. كانت فرحة البقاء على قيد الحياة أكبر من أي شيء آخر، حيث كان الوحش يُعتبر كارثة لا تُقهر.
“لقد نجونا! الآن نحن بأمان!”
“ذلك الوحش المل*ون! إلى الجحيم به!”
في كل مكان، اختلطت الصيحات بالتنهدات، وحلّت السخرية محل الرعب. وسط هذه الفوضى العارمة، بدأ الرجل يتحرك.
وعلى الفور، كتم الجميع أنفاسهم، مراقبين كل خطوة له.
أمسك الرجل بالسيف المغروس في الوحش وسحبه، ثم مسح نصله الملطخ بالدماء على جسد الوحش، وكأنما كان ينظفه من قذارة عالقة.
كان تصرفه هذا عاديًا للغاية، عابرًا وكأنه أمر يومي. كأنه قد قام بهذا مئات أو آلاف المرات من قبل، بلا اكتراث.
في مواجهة هذا الوحش العظيم، أبدى الرجل ردود فعل روتينية تمامًا، مما خلق تناقضًا غريبًا أربك الحشود.
في أذهان الناس، تكررت نفس الفكرة كأنها قد وُضعت فيها مسبقًا:
“من يكون هذا الرجل؟”
كان هذا هو المنقذ الذي أنقذهم من الكارثة، بطلًا بلا اسم أو وجه مألوف.
لكن مع مرور الوقت، بدأ شعور غريب يتسلل إلى قلوبهم وهم يحدقون فيه بحماسة.
ذلك الوحش الذي سقط أرضًا كان واحدًا من أولئك الذين عجزت عشرات أو مئات الفرسان عن التغلب عليه. ومع ذلك، قُضي عليه في دقائق معدودة.
“هل يمكن لإنسان أن يكون بهذه القوة؟”
ولكن ما أثار الفضول أكثر كان مظهر الرجل نفسه.
كان جميلًا كأنه خرج للتو من صفحات الأساطير، ولكنه بدا غريبًا بشكل مربك.
“ما خطب لون عينيه؟”
“هناك رموز غريبة على جسده…”
عينيه الغريبتين والرموز المنقوشة على جسده بدت وكأنها… علامات تدل على أنه قد قبل الشر.
“… هل هو حقًا إنسان؟”
لم يجرؤ أحد على التعبير عن شكوكه علنًا، بينما ارتعدت أجسادهم بخوف صامت.
لو كان الرجل قد ألقى كلمة بطولية واحدة، مثل “لا تخافوا” أو “هل هناك من أصيب؟”، لكانوا استعادوا حماسهم وهتفوا له.
لكن عيناه الباردتان كانت تمسح الحشود بلا اكتراث، وكأن الناس حوله لا يختلفون عن الوحش أو حتى عن نملة تزحف على الطريق.
ثم اخترق الصمت صوت شخص هامس:
“لقد… قال إنه شيطان…”
تجمدت أجساد من سمعوه على الفور.
نعم، لقد صرخ الوحش بتلك الكلمات أثناء قتاله مع الرجل.
“أيها الشيطان الوغد، المريع!”
تردد شاب بتعبير قلق، وقال بصوت منخفض:
“من… من تكون؟!”
أدار الرجل رأسه ببطء.
وبمجرد أن التقت نظراته بنظرات الشاب، تجمد الأخير في مكانه بالكامل. ومع ذلك، لم يكن بإمكانه الاختباء، إذ كانت أنظار الجميع معلقة عليه، فتابع صراخه قائلاً:
“تلك العينان… ه-هل من الممكن أنك خادم للشيطان؟!”
مثل غالبية سكان العاصمة، كان الشاب يؤمن بالحاكم ويكره الشيطان بشدة.
وتذكر، أو هكذا ظن، أنه قرأ ذات مرة في أحد كتب القصص الخيالية في طفولته أن الشيطان دائمًا ما يكون عكس الإنسان، وحتى عينيه تعكسان ذلك بانقلاب بياض العين وسوادها.
تسبب صراخه الذي استنزف آخر قواه في تجميد الجميع في مكانهم، وكأنهم في مواجهة موت محتم.
أما الرجل، أو بالأحرى “إيدن”، فاكتفى بالتحديق في الشاب بصمت.
كانت الكلمات التي تفوه بها هذا الشخص من العبارات التي لا يفضلها إيدن.
إذ ليست الحقيقة دائمًا مما يسر السماع.
“هل… هل هذا حقيقي؟”
“قال إنه شيطان؟ الآن وقد فكرت في الأمر… نعم، أعتقد أنني سمعت هذا الوحش يصرخ بذلك.”
“يا إلهي! هذا يفسر قوته الهائلة…”
“إذاً، ماذا سيحدث لنا الآن؟ نحن في ورطة كبيرة!”
بدأ سكان العاصمة يتهامسون بخوف، كما لو أن موجة من القلق اجتاحت المكان.
أما إيدن، فكان ينظر إليهم ببرود دون أن يبدي أي اهتمام أو رد فعل.
قبل لحظات فقط، كانوا يهتفون بحماس يملأ الأرجاء. والآن، انقلبت مشاعرهم إلى خوف وكره، كما لو أنهم لم يكونوا أنفسهم منذ قليل.
‘لم يتغير شيء.’
فكر إيدن في نفسه.
كان قد شاهد هذا النوع من السلوك مرارًا وتكرارًا أثناء حياته في الأحياء الفقيرة.
لم يكن هناك فرق كبير بين هؤلاء الأشخاص وأولئك الذين عاش معهم في الماضي.
برغم اختلاف الطبقات الاجتماعية والثروة، ظل جوهر البشر ثابتًا.
‘البشر حقًا مخلوقات حمقاء.’
لم يغضبه ذلك، ولم يشعر بخيبة أمل. كان فقط تأكيدًا جديدًا لما عرفه بالفعل.
‘هل أقتلهم؟’
مال رأسه قليلاً كما لو كان يتساءل بجدية.
‘ربما بضعة منهم فقط.’
تذكر فجأة مصطلح “سياسة الرعب” الذي سمع عنه في العالم البشري.
هؤلاء الناس في النهاية سيخضعون لحكمه، مثلما فعلت الكثير من الأرواح في الجحيم.
التأديب في الجحيم يعني سحق الآخر، وكسر إرادته، حتى لا يجرؤ على التمرد.
بينما كان إيدن يراقب الناس الذين كانوا ينظرون إليه بخوف، غرق في التفكير.
‘كم عدد الذين يجب أن يموتوا لتلقين البقية درسًا؟’
لم يكن لديه إجابة واضحة، إذ لم يتعلم هذه الأمور من قبل.
لكنه اعتقد أنه سيعرف ذلك مع مرور الوقت.
كان قد وضع يده مجددًا على قبضته حين سمع فجأة صوت صرخة:
“آآه! ليلي!”
ليلي؟
تجمد إيدن في مكانه، ويده على السيف.
أدار رأسه ببطء محدثًا صوتًا أشبه بالصرير.
في لحظة واحدة، رآها: فتاة بشعر فضي مربوط لأعلى، تركض نحوه بسرعة.
كانت تجري نحوه باندفاع، متجاهلة محاولات شقيقها للإمساك بها ومنعها.
للحظة، شعر قلبه، الذي لم ينبض أبدًا، يغمره شعور بالطمأنينة.
ومع ذلك، لم توجه ليليان نظرها إليه، بل إلى جثة الوحش وإلى السكان الخائفين من إيدن.
كانت عيناها الزرقاوان العميقتان تعكسان سلسلة من الأفكار التي تتدفق في ذهنها بسرعة.
تنهدت وهي تقول بحزن:
“يا للأسف… صاحب السمو ولي العهد، لقد انتهى به الأمر إلى هذا المصير.”
أثارت كلماتها دهشة الجميع.
“ماذا قلتِ؟”
“صاحب السمو ولي العهد؟ تقصدين هذا؟”
“هذا مستحيل!”
رغم الإنكار، بدأ بعضهم يتذكر الطريقة التي تحدث بها الوحش.
برغم مظهره البعيد عن البشر، كان يتكلم بلباقة أرستقراطية، وكأنه وُلد ونشأ في بيئة نبيلة.
عندما كانوا يتبادلون النظرات المرتبكة، أشار أحدهم فجأة إلى مكان ما وهو يصرخ:
“انظروا إلى صدر ذلك الوحش!”
وعندما نظروا إلى حيث أشار، تسمرت أعينهم في مكانها.
على صدر الوحش، كان هناك قلادة تحمل شعار العائلة الإمبراطورية.
لم يكن من الممكن لأي شخص آخر غير أفراد العائلة الإمبراطورية ارتداء هذا الشعار.
وهكذا، أصبحت كلمات ليليان أكثر من مجرد افتراض.
“ولكن كيف لشخص أن يتحول إلى وحش؟ هل عقد صفقة مع الشيطان؟”
نظر العديد من الأشخاص إلى ليليان بأعين متلهفة، ينتظرون تفسيرًا لهذا الأمر الغريب.
قالت ليليان بصوت خافت:
“لقد كان يتوق إلى القوة إلى حد الهوس، وفي النهاية…”
كانت كلماتها القليلة كافية لإطلاق العنان لمخيلات الجميع.
“ليلي.”
تقدم إيدن بخطوات واسعة نحو ليليان، غير مكترث بالضجة من حوله، وكأن سلامتها هي الأمر الوحيد الذي يهمه.
أشارت ليليان إليه برأسها بحركة صغيرة وكأنها تحثه على الانتظار، وهمست بصوت منخفض:
“اصبر! الآن هو الوقت الحاسم!”
ثم قامت ليليان بالسعال الخفيف قبل أن ترفع صوتها بتأنٍ ورسمية، معلنة:
“بالإضافة إلى ذلك، أؤكد أنني عدت للتو من التحقق من وفاة الإمبراطور والإمبراطورة. لقد هربا بالموت بدلًا من دفع ثمن جرائمهما. نهاية جبانة حقًا.”
تسبب هذا الإعلان الصادم في صدمة عارمة، حتى كادت بعض الأنفس تفقد وعيها.
كيف يمكن أن يتحول ولي العهد إلى وحش، والآن يتضح أن الإمبراطور والإمبراطورة قد ماتا؟ وماذا تقصد بحديثها عن “ثمن الجرائم”؟
في خضم الفوضى، تقدمت ليليان مرة أخرى وتحدثت بنبرة واثقة:
“أنا، ليليان سيرجينيف…”
في تلك اللحظة، فتح إيدن عينيه على اتساعهما، مندهشًا.
رآها تركع على ركبة واحدة على الأرض دون تردد.
نظرتها الواثقة ثبتت عليه من موضع أدنى.
“بالنيابة عن الشمال، أعبر عن شكري لك لإنهاء الفوضى في العائلة الإمبراطورية ولتخليصنا من ولي العهد الذي سقط في هاوية الشر.”
كانت عيناها الزرقاوان الصافيتان تشعان بوضوح كالسماء في يوم مشرق، ثابتة على إيدن بثقة وجلال.
“صاحب السمو الأمير.”