The sinister 's wise retirement plan - 128
الفصل 128
رفعت رأسي ببطء.
كل ما رأيته كان الظلام.
ظلام عميق وممتد، كثيف لدرجة تجعلك تكاد تختنق.
لكن، وسط هذا الظلام، ظهرت بوضوح صورة شخص ما، وعينان ذهبيتان تنظران نحوي مباشرة…
كل هذا جعلني أشك فيما إذا كان ما أراه مجرد حلم.
هل هذا هو اللاوعي؟
ربما جسدي الآن مدفون في مكان ما تحت الأرض، وأنا فاقدة للوعي تمامًا.
مددت يدي ببطء.
ملامسة أطراف أصابعي شعرت بدفء ناعم ومخملي يشبه ملمس جلد الإنسان.
فتحت شفتي بصعوبة وهمست:
“إيدن؟”
إن لم يكن هذا حلمًا، فأعطني دليلًا.
لكن لم يأتني أي رد.
كررت طلبي، ونبرتي مليئة بالتوتر:
“أجبني.”
كانت كلماتي تحمل أمرًا واضحًا، يملؤه القلق.
ومع ذلك، ظل الصمت يلفني.
هل كنت أتوهم؟
في اللحظة التي بدأت أفقد فيها الأمل، اقتربت الصورة المغطاة بالظلام نحوي فجأة.
كان اقترابها مفاجئًا ومباغتًا، جعلني ألتقط أنفاسي دون وعي.
من هذا الشكل القريب، انبعثت رائحة غريبة.
لم تكن رائحة طفل ناعمة وبريئة، بل كانت شيئًا غريبًا ولكنه مألوف في ذات الوقت… ومع ذلك، كان فيها لمسة معدنية خفيفة.
اقترب الشكل، وانحنى حتى لامس عنقي، واستنشق بعمق، وكأنه يملأ رئتيه برائحتي.
لم أتمكن حتى من تحريك أطراف أصابعي. مجرد اقترابه مني جعل جسدي يتصلب كفريسة أمام صيادها.
وأخيرًا، سمعت صوته:
“مرحبًا.”
قبضت على أسناني بقوة.
لم يكن الصوت الذي أعرفه.
ولكن، لم يكن غريبًا تمامًا أيضًا.
“هل… هل هذا حقًا أنت؟”
كان صوتي مملوءًا بالتوتر، وكأن الكلمات تخرج بصعوبة.
لم يُجبني الشكل الغامض مباشرة. كانت عيناه الذهبية المتوهجة تراقبني وكأنها تبتسم بسخرية.
زاد قلقي إلى أقصى حدوده.
لم أعد أستطيع الصبر أكثر. حركت يدي بسرعة.
كنت بحاجة إلى النور. إلى أي شيء يثبت إن كنت في حلم أو في واقع.
استخدام السحر دون حجر الطاقة كان خطرًا يهدد حياتي، لكنني لم أكن أهتم.
مع ذلك، لم يتمكن السحر من الانطلاق.
غطت يدي يد دافئة وكبيرة، أوقفتني.
رفعت رأسي في دهشة، وقد نسيت تمامًا السحر الذي كنت أحاول استخدامه.
بدأت عيني تتأقلم مع الظلام، وأصبحت الصورة أكثر وضوحًا.
الشخص الذي أمامي كان أطول مني بشكل ملحوظ.
معالمه، رغم ضبابيتها، كانت مألوفة بشكل لا يُصدق.
“إن لم تجبني الآن، سأغضب.”
اهتز صوتي بالكاد، وكأن صبري قد وصل إلى نهايته.
“هل… هل هذا حقًا أنت، إيدن؟”
بدلًا من الإجابة، أطلق تنهيدة عميقة.
ثم قال بصوت منخفض:
“مرة أخرى.”
“ماذا؟”
“اسمي.”
الصوت المنخفض كان كالعسل، ناعمًا ودافئًا، لكنه حمل بين طياته طلبًا غريبًا.
قلبي خفق بشدة.
كان ذلك الطلب بحد ذاته بمثابة إجابة.
بصوت مرتعش، نطقت مجددًا:
“إيدن…”
سمعت صوت استنشاق عميق مرة أخرى.
“غريب… لم أحب هذا الاسم أبدًا.”
لكن عندما تنطقينه… يبدو مثاليًا.”
كان صوته العذب مملوءًا بشيء مظلم وغريب، جعلني أشعر بالقشعريرة.
رفعت نظري، أراقب إيدن الغارق في الظلام.
حتى في هذه اللحظة، كان دفء ذراعيه يمنحني شعورًا بالراحة.
أخيرًا، تأكدت.
رغم تغير صوته، ورائحته، وارتفاع قامته، إلا أنني كنت متيقنة…
الشخص الذي أمامي هو إيدن، الشخص الذي كنت أبحث عنه طوال هذه السنوات.
وفور أن تيقنت، تفجرت داخلي مشاعر متضاربة.
“أين كنت طوال هذه المدة؟!”
صرخت بغضب، ووجهت قبضتي نحوه.
بوم!
أصدرت اللكمة صوتًا قويًا.
لم أتوقف، استمررت بضرب كتفه بقبضتي.
“كيف تجرؤ على الهرب لست سنوات كاملة، أيها الوغد!”
بوم! بوم! بوم!
لم أكن أتحكم في قوتي، ضرباته كانت كالصخر.
لكني لم أهتم. إذا كان يستطيع تحملها، فهذا أفضل!
“هل تعرف كم عانيت للعثور عليك؟!”
تابعت ضربه بعنف، لكنني سمعت صوتًا غير متوقع.
ضحكة منخفضة، قادمة من فوقي.
“أعرف.”
“ماذا؟!”
كان ذلك الاعتراف كافيًا لإشعال غضبي مجددًا.
“تعرف؟! ورغم ذلك، لم تفعل شيئًا؟!”
“نعم، كنت أراكِ، ليلي.”
كانت كلماته سلسة كالأغنية.
كان يراني؟!
“وكنت فقط تراقبني وأنا أعاني؟!”
قبل أن أستوعب، شعرت بذراعيه تشدّان علي.
“مهلًا…”
بدأت أفقد أنفاسي.
فقط حينها، أدركت أنني كنت في حضنه طوال الوقت.
“كل شيء.”
كان الصوت العميق الذي انساب إلى أذني كأنه يخدش الروح، مما جعل قلبي يهوي بعنف.
صوت رجولي ناضج، مليء بالخبرة والعاطفة. لم يكن هذا الصوت يشبه إيدن الذي كنت أعرفه.
“كم مرة كنت أتساءل عن الصور الأخرى التي تخفيها عني؟ تلك الجوانب التي لم ألمحها فيكِ قط؟”
شيء داخلي ألحّ بشعور بالضيق والغضب المكبوت.
بهدوء مصطنع، حاولت قمع ارتجافة قلبي وسألت:
“أشعل النور.”
حتى بعد أن اعتادت عيناي على الظلام، لم أستطع رؤية إيدن بوضوح.
“لا.”
جاء الرد حاسمًا، مختصرًا. شعرت بالغضب يتصاعد داخلي.
“لماذا؟”
لكن، ما السبب الذي يهمني؟ بإمكاني استخدام السحر لإضاءة المكان! إنه سحر بسيط لا يستنزف الطاقة.
مددت يدي نحو الظلام، محاولة تركيز قوتي السحرية، لكن صوته قاطعني:
“لا تفعلي.”
مرة أخرى، قبضت يده الدافئة على يدي لتثنيني عن فعل ذلك.
“لا تعبثي بجسدكِ بهذه الطريقة.”
نبرة صوته حملت برودة لم أعهدها فيه من قبل، برودة تخللتني وأجبرتني على التوقف للحظة.
في تلك اللحظة، استنشقت أنفاسي بعمق. كانت رائحته أقرب مما توقعت، لكنها لم تكن مألوفة.
رائحة غريبة، قريبة لكنها مُنفّرة.
“هذه ليست مجرد رائحة… إنها رائحة الدم.”
شعرت بقشعريرة تسري في جسدي، وأردفت:
“إيدن… هل أُصِبت؟”
رفعت نظري إليه، قلقة ومذعورة:
“رائحة الدم قوية… كم هو الجرح الذي أصبت به؟!”
لكن، مع الظلام الذي غلف المكان، لم أستطع رؤية أي شيء. شعرت بالإحباط يتسلل إليّ.
وفجأة، عبرت فكرة خاطفة ذهني:
ماذا لو لم يكن هذا دمه؟
“القاتل المأجور.”
تذكرت بسرعة. المخلوق الذي أربك قواتنا مؤخرًا. همست، بالكاد أسمع صوتي.
“أنت كنت المسؤول… عن تدمير القوى المعادية؟!”
لكن بدلًا من الإجابة المباشرة، جاءني بسؤال غير متوقع:
“هل قتل الناس يُعتبر ذنبًا؟”
ارتبكت من هذا السؤال الغريب، فعبست وقلت:
“هذا يعتمد…”
في هذا العالم، خصوصًا خلال أوقات الحرب، يكون القتل أحيانًا ضرورة، حسب الهدف والمبررات.
ردّ، بتلك النبرة الهادئة:
“أنا فقط قتلت من وقف في طريقي.”
كان رده تأكيدًا أكثر منه تفسيرًا. ثم، سألته بصوت محمل بالحذر:
“وما هو هدفك؟”
“العودة إليكِ.”
كان رده كالصاعقة. ظلت عيناي تتسع في الظلام، والشكوك تطاردني.
“أشعل النور!”
صرخت، لكن جوابه جاء هادئًا وباردًا كما كان دومًا:
“لا. ليس الآن.”
“لماذا؟”
ازداد إحباطي، وشعرت بأن إيدن يخفي شيئًا.
ثم قال، بنبرة تملؤها الرغبة والقليل من الألم:
“قريبًا، سأعود إليكِ… لكن ليس الآن. لستُ مستعدًا أن أكون ملكًا لكِ بهذه الحالة.”
وبصوت حنون لكنه حازم:
“عاهدت نفسي، لن أضع بين يديكِ سوى الأشياء النقية والجميلة.”
في تلك اللحظة، شعرت بقلبينا ينبضان كما لو كانا كيانًا واحدًا. شعور غريب، مزيج من الدفء والقلق، لفني تمامًا.