The Obsessed Tyrant in the Fairy Forest - Chapter 2
تحت ضوء القمر البارد، وقف “لوكريثيان” عند حدود دائرة السحر التي تلمع بهدوء غريب، وكأنها تتحدى وجوده. على الجانب الآخر، وقفت الجنية، تنظر إليه بتعبير يحمل مزيجًا من الحذر والتحدي. شعرها يتألق بنور خافت، وملامحها تبدو كلوحة حية من أسرار الغابة.
قالت بصوت هادئ ولكنه صارم:
“لو كنت عاقلًا، لما اقتربت. هذا ليس مكانك.”
ابتسم لوكريثيان ابتسامة جافة، عيناه الداكنتان تتألقان بشيء مقلق، مزيج من الغضب والسيطرة.
“أنتِ تظنين أن بإمكانكِ منعي؟ أنتِ محبوسة هنا داخل قوانينكِ الهشة، بينما العالم كله ملكي.”
تقدمت خطوة، حافتها بالكاد تلامس حدود الدائرة. لم تظهر خوفًا، لكنها كانت حذرة.
“لستَ ملك شيء هنا، لوكريثيان. هذه الغابة لا تنحني لإرادتك.”
قهقه بهدوء، خطوته التالية جعلت الفجوة بينهما تكاد تتلاشى.
“الغابة؟ لا يهمني أمر الغابة. أنا هنا لأجلكِ. وسأجعلِكِ ترضخين لي، كما رضخ الجميع.”
التفتت الجنية بعيدًا للحظة، وكأنها تحاول كبح انفعال داخلي. ثم عادت لتنظر إليه بعينيها الثاقبتين.
“لو كنتَ تعتقد أنني مثل الآخرين، فأنت لا تعرفني حقًا. أنا لستُ لعبتك، لوكريثيان.”
توهجت الدائرة فجأة، كأنها تتفاعل مع حديثهما. مد لوكريثيان يده، محاولًا اختراق الحاجز السحري، لكنه تراجع حين اشتعل الضوء عند أطراف أصابعه.
“ألا تفهمين؟” قال بصوت خافت لكنه مشحون بالغضب. “ما أريد، أحصل عليه دائمًا. وستكونين لي، سواء برغبتك أو بغيرها.”
في تلك اللحظة، ظهرت فراشات متوهجة تدور حولهما، وكأن الغابة تحاول تهدئة الصراع المتصاعد. لكنها لم تفعل سوى إشعال المزيد من التوتر.
قالت الجنية، بنبرة أشبه بالهمس:
“هذا هو مشكلتك، لوكريثيان. لا تعرف سوى التملك. لكن هناك أشياء لا يمكنك إجبارها على أن تكون ملكك.”
تقدم خطوة أخرى، عينيه مظلمتان بالعزم.
“لا تختبئي خلف كلماتكِ الكبيرة. أنتِ تعرفين أنكِ تخصيني. منذ البداية… كنتِ تخصيني.”
اتسعت عينا “إيفيريل” للحظة، لكنها سرعان ما استعادت رباطة جأشها، تقاوم التأثير الساحق لحضور “لوكريثيان”. رفعت يدها بهدوء، مشيرة إلى حدود الدائرة التي تحميها.
“هذه الغابة هي بيتي، ولن أدعك تدنسها بمساعيك الأنانية. أنت لا تفهمني، لوكريثيان، ولن تفهم أبدًا.”
ضحك بصوت منخفض، ضحكة أشبه بالهمس المسموم.
“بيتك؟ أنتِ حبيسة هنا. الغابة قيد، وليست حرية. وأنا الوحيد الذي يمكنه كسر هذا القيد، سواء أعجبك ذلك أم لا.”
وقبل أن تتمكن من الرد، استدار فجأة وابتعد عن الدائرة، وكأنه قرر أن اللعبة تحتاج إلى مرحلة جديدة. قال دون أن يلتفت إليها:
“لن أبقى هنا إلى الأبد، يا إيفيريل. لكنني سأعود، وستعترفين بحقيقتكِ. ربما ليس اليوم… ولكن قريبًا.”
اختفت خطواته بين الظلال، تاركًا وراءه جوًا متوترًا وثقيلًا. شعرت “إيفيريل” بأنفاسها تتسارع رغم محاولتها الحفاظ على هدوئها. كانت تعرف أن لوكريثيان لم يكن رجلاً يستسلم بسهولة، وكانت تدرك أن مواجهتها معه لن تنتهي هنا.
نقطة الانتقال:
بعد أيام قليلة، وفي قصره المظلم المزين بالرخام الأسود والشموع المتوهجة، جلس لوكريثيان في قاعة العرش، يفكر في إيفيريل. عيناه مثبتتان على خريطة قديمة تظهر الغابة وما يحيط بها. بجانبه، وقف أحد مستشاريه المخلصين، منتظرًا أوامره.
“أخبرني، هل وصلت قافلة الجنود إلى حدود الغابة؟” سأله لوكريثيان بصوت منخفض لكنه يحمل نبرة التهديد.
أومأ المستشار سريعًا. “نعم، سيدي. هم ينتظرون أمرك للتقدم.”
ابتسم لوكريثيان ابتسامة خبيثة.
“لا حاجة للتسرع. دعها ترى ما يمكن أن يحدث إذا حاولت الوقوف ضدي.”
في تلك الأثناء، كانت إيفيريل تقف على قمة تل صغير داخل الغابة، تشعر بشيء غريب يتسلل عبر الحدود. أدركت أن وجود لوكريثيان لم يكن مجرد صدفة أو لقاء عابر. كان يحمل في جعبته خطة، وقد بدأت بالفعل.
في قصر “لوكريثيان”، كانت القاعة الرئيسية واسعة ذات سقف مرتفع، مزينة بأعمدة سوداء من الرخام المرصع بالذهب. الشموع العملاقة المنتشرة على طول الجدران تلقي بظلال مرتعشة، مما يزيد من هيبة المكان وكآبته. على عرشه المزين بمخالب منحوتة من العقيق الأسود، جلس لوكريثيان بثوبه الداكن المصنوع من حرير ثقيل، تتخلله خطوط فضية تبدو كأنها شرايين متشابكة. كان عباءة طويلة تغطي كتفيه، وتنتهي بأطراف ممزقة كأنها ألسنة من الظلام.
وقف إلى جواره مستشاره الشخصي، رجل قصير القامة يرتدي سترة عسكرية رمادية مزخرفة بأزرار معدنية، تعكس شخصيته الانضباطية.
“إيفيريل لن تنحني بسهولة، يا مولاي،” قال المستشار بصوت هادئ، لكن عيناه تومضان بالخوف.
رفع لوكريثيان كوبًا ذهبيًا إلى شفتيه، يرتشف شرابًا داكن اللون. ابتسم بسخرية، وقال:
“لن أطلب منها أن تنحني. سأجعلها تدرك أن الغابة التي تحتمي بها ليست حصنًا لا يُخترق.”
أشار إلى الخريطة الموضوعة على طاولة طويلة أمامه. كانت تُظهر الغابة بتفاصيل دقيقة، مسجلة كل ممر سري وكل نهر صغير. عند أطراف الخريطة، كانت هناك إشارات ترمز إلى قواته التي تحاصر المكان تدريجيًا.
“سنبدأ بالضغط على حدودها. قطع الموارد، إشعال الخوف بين سكان الغابة. سنرسل إشارات بأن العالم الذي تحاول حمايته سيتحول إلى رماد إذا لم تقبل… شروطي.”
“وماذا عن الجنية نفسها؟” سأل المستشار.
ضحك لوكريثيان، عيناه الداكنتان تومضان بلمعان خطير.
“إيفيريل ليست مجرد هدف. إنها التحدي. وكما تعرف، أنا لا أترك التحديات دون أن أكسرها.”
في الغابة:
بينما كان الليل يُلقي بردائه الثقيل على الغابة، وقفت إيفيريل على حافة نهر ضيق، تراقب انعكاس النجوم على المياه. كانت ترتدي فستانًا بسيطًا من الحرير الأخضر الداكن، يلتصق بجسدها كأنه جزء منها. الأكمام الطويلة تنتهي بأطراف شفافة، بينما خصرها مزين بحزام فضي رفيع يعكس أضواء القمر.
كانت الغابة هادئة، لكن هذا الهدوء لم يكن طبيعيًا. كان الهواء مشحونًا بشيء غير مرئي، وكأن الظلال نفسها تحمل تحذيرًا.
اقترب منها أحد مخلوقات الغابة، مخلوق صغير له جناحان شفافان وعيون لامعة. قال بصوت قلق:
“شيء يتحرك على الحدود، سيدتي. أشجار الغابة بدأت تهمس بالخطر.”
ضاقت عيناها وهي ترفع يدها بلطف، تلمس إحدى الأشجار المجاورة. شعرت بارتعاش في أطراف أصابعها، وكأن الشجرة تحاول إيصال رسالة.
“إنه لوكريثيان…” تمتمت بصوت خافت.
نظرت نحو الأفق، حيث تلوح في البعيد أنوار خافتة تتحرك كأنها شعلة جيش يقترب. قبضت على قلادة صغيرة كانت معلقة حول عنقها، همست بكلمات بلغة قديمة، وأحاط بها ضوء خافت للحظة.
“إذا كان يعتقد أن بإمكانه السيطرة على هذه الغابة، فهو لم يعرف بعد قوة الطبيعة.”