The mansion awaits spring - 5
***
نقر فيزن لسانه وهو يقلب أوراق التقرير.
لقد عملوا بجد لتدوين تفاصيل سخيفة، كزيادة متوسط عدد رمشات العين بمقدار 7 رمشات بعد الساعة [12:17]، أو تغير درجة الحرارة بمقدار درجة واحدة في الممر بكونها أعلى من درجة الحرارة داخل غرفة التحقيقات التي ظلت فيها أبريل.
التقط سماعة الهاتف الداخلي للشرطة وألقى بأوراق التقرير التي كانت في متناول يده على المكتب مخاطبًا المدير.
” هل مقر الشرطة هذا مجرد محطة استراحة لضباطٍ حان تقاعدهم؟ لا يوجد سوى ضباطُ كبار في السن وغير أكفاء “.
رد عليه رئيس المقر بتوتر بعد تلقيه للاحراج من قبله.
” لا تكن بهذه القسوة والتشدد “.
” هل تبدو كلماتي قاسية لأنها صادقة؟ إذا ما الذي تريد مني قوله؟ أليس هذا فرطًا في التراخي عن الواجبات؟ “.
كان رئيس مقر الشرطة في الأرشيدوقية كبيرًا في السن وأعلى رتبة من فيزن لكنه لم يستطع الرد على كلمات فيزن، لكونه ضابط شرطة تابع لمقر الشرطة الإمبراطورية، وقريب الدم الوحيد الذي تبقى للأرشيدوق.
أمسك فيزن بياقة أبريل من الخلف وهو مازال لم ينهي المكالمة عندما كانت على وشك السقوط من النافذة خلال مشاهدتها للخارج.
نظرت إليه أبريل بنظرات استياء من فعلته لكنه واصل الحديث دون الاكتراث بها.
” هل اتيت هنا للترفيه عن نفسي في رأيك؟ أنا شخص انشغل عن عائلته وأخذ في العمل كضابط شرطة إمبراطوري، عليك معاقبة أمثال هؤلاء الضباط، هذا كل مالدي، أشتري لي شَرابًا “.
أغلق فيزن الهاتف بعد قوله لكل ما أراد ملتفتًا إلى أبريل التي كانت تحدق فيه بغضب.
” ما الذي تعنينه بهذه النظرات؟ “.
” هل أنا طفلة بنظرك؟ لن أسقط! “.
” لا أحد سوى الأطفال قد يفكر بهذه الطريقة، لأن لديهم ثقة ليست بمحلها في أنفسهم “.
شعرت أبريل بالاستياء من معاملته لها كالطفلة و زادت لامبالاة فيزن في ردوده من استيائها أكثر فأكثر.
لتسخر منه قائلة.
” لم تتغير على الإطلاق، حتى لو قليلاً “.
” ولماذا علي أن أتغير؟ أنا رائع بالفعل كما أنا “.
حفزت وقاحته هذه الرغبة في الرد عليه لدى أبريل، لكنها خافت أن تخسر في الجدال الذي كانت ستدخل فيه معه لأنها لم تتحدث مع أحد منذ سبع سنوات مما دفعها لتدير رأسها ناحية النافذة.
سألته مدعيةً اللامبالاة معاودةً النظر الى ما كان في الجهة الأخرى من النافذة.
” وما رأي ميلر؟ “.
ليرد عليها فيزن بنفس نبرتها.
” يود أن تُحال قضيتك إلى الكنيسة بالطبع “.
” هل تعتقد أنني قد أقتل الأرشيدوق وزوجته؟ هل ترى أن لدي أي وسيلة لفعل ذلك “.
” لا أعلم، إن كنتِ ساحرةً حقًا فقد يكون ذلك ممكنًا “.
لتطلق أبريل تنهدًا لا أراديًا بسبب لامبالاة فيزن المقيتة.
لقد استمعت إلى قصة تلك الشائعة وبدأ الأمر غريبًا لها تلك هي الأخرى.
لأنها تعلم أنها استطاعت إضاءة جميع الأنوار في قصرها الكبير الذي انقطعت عنه إمدادات الغاز.
ولقد شاهدت ذلك الضباب المقصود في الشائعة والذي كان يظهر في ليالي الشتاء، لكنها لم تعلم بوجود ضحايا قد تسبب بمقتلهم ذلك الضباب.
أدركت أبريل أن لا سبيل لها لكي تثبت برائتها إلا بعدم وجود دليل يربط بين هاتين الواقعتين.
ولحسن حظها بدا أن العثور على دليل لمثل هذه الأحداث يستحيل حتى على ضباط الشرطة إيجاده.
كان من الأسهل بالنسبة لهم التعامل مع العصابات الاجرامية التي تهدد أمن البلد، أو القضاء على المهربين الذين يتمركزون عند الحدود الساحلية، حتى إلقاء القبض على الصيادين الغير مشروعين بدأ أقل تعقيدًا من البحث عن الحقيقة وراء قضيتها.
وينطبق الشيء ذاته على فيزن، لن يكون لديه اهتمام كبير بقضية أبريل التي ظلت محبوسة لسبع سنوات في عزلة عن العالم عوضًا عن تحقيق إنجازات ملموسة لتحسين فرصته في الحصول على ترقيات أكثر.
سألت أبريل فيزن بهدوء بعدما أقنعت نفسها بكونه لا يريد الانخراط أكثر في قضيتها.
” ذلك الضباب…….يظهر ثلاث مرات في الشتاء، أليس كذلك؟ “.
” صحيح، وفي بداية الشتاء أيضًا “.
” و العامل المختلف بينهم هم التواريخ وأيام الأسبوع المختلفة “.
” حتى أنتِ تعلمين كل ما توصل إليه هؤلاء الذين يدعون أنهم ضباط شرطة “.
كانت كلمات فيزن مليئة بالسخرية من ضباط الشرطة في مقر الأرشيدوقية، بادعائهم في التحقيق في القضية وهم لم يقوموا بشيء سوى جمع أقوال الناس التي يعرفها الجميع، حتى أبريل التي ظلت في عزلة في ذلك القصر لسبع سنوات لم يتمكنوا من إثبات إدانتها.
لتسأله أبريل.
” هل سبق لك وان شاهدت ذلك الضباب؟ “.
” ليس بعد، لكنِ سأراه قريبًا “.
لقد قضى فيزن وقته دائمًا في العاصمة، حتى وإن جاء الأرشيدوقية لم يسبق له وأن أتى في فصل الشتاء عندما يكون الجو فيها الأكثر برودة من جميع مناطق الإمبراطورية.
لكنه الآن يعلم أن الليلة التي ستظهر فيها ساحرة ضباب الليل على وشك القدوم.
التقط فيزن معطفه الجلدي الذي علقه بعشوائية بخشونة بعدما تأكدت من عدم فائدة ذلك التقرير في تقدم التحقيقات وقال.
” هيا اخرجي “.
تذكرت أبريل أن هذه المعاطف تحوي جيوبًا خفية مخصصة لحمل السلاح داخلها، وعلى الرغم من عدم حمله للسلاح في الوقت الحالي إلا أن رؤيتها لمكان ذلك الجيب كان كافيًا لبث الخوف في قلبها.
لتتمسك بحافة النافذة بشدة وتقول.
” لا أريد “.
فيقول لها فيزن مجيبًا لها وهو يغلق ما تبقى من أزرار معطفه و يثبت حزامه.
” إذن ابقي في مكانك، سأذهب للتحقيق في مقر عائلة لونوس السابق “.
” منزل عائلة لونوس؟ هل تعني بأنك تعيدني إلى المنزل؟ “.
” إلى أين كنتِ تنظيني ذاهبًا؟ “.
” إلى الكنيسة “.
ضحك فيزن من ردة الفعل التي قدمتها أبريل التي مزجت بين الحذر والراحة.
” لن أجعلك تُحالين إلى الكنيسة، شئتِ أم أبيتِ، إن قمت بإحالة قضيتك إلى الكنيسة سأجرح كبريائي كشرطي “.
بعدنا قال ذلك أخذ في النظر الى أبريل ليجدها ترتجف، أصبح وجهها شاحبًا وأخذت شفتاها ترتجفان أيضًا وبدت على وشك الانهيار في أية لحظة، بدت خشيتها من إحالتها إلى الكنيسة واضحة.
ليخرج فيزن بخطىً واثقة الذي قرر اصطحابها معه إلى منزل عائلة لونوس لتحاول أبريل اللحاق به بسرعة بعد أن استعادت رشدها.
خرجت أبريل ليقابلها وابلٌ بالحصاة الصغيرة قام بالقائها بعض المواطنون عليها بعد تتبعهم للعربة التي كانت تنقلها.
عندما قطبت بين حاجبيها بعبوسٍ جعلهم يرتدون في خطواتهم الى الخلف.
وكان من ضمن هذا الحشد هناك من يبكون و ينوحون لفقدهم لأحبتهم بسبب ساحرة ضباب الليل.
” لماذا لا تُحِيلون القضية إلى الكنيسة؟! “.
” السحرة ليسوا بمشكلة يمكن للشرطة التعامل معها! “.
وبعد تسببهم بهذه الجلبة حاول البعض منهم جر أبريل التي لم تستطع مواكبة خطى فيزن من ملابسها.
وفي تلك اللحظة أيضًا، دوى صوت طلق ناري فغطى الجميع اذانهم و توقفو عن الحركة.
حتى أبريل أبدت مثل ردة فعلهم لترى أن ذلك الصوت كان مصدره مسدس فيزن.
من المؤكد أنها رأت جيب معطفه فارغًا منذ برهة؟ فكيف وأين أخفاه؟.
لقد غدا ذلك الطفل ضابط شرطة الآن على أية حال.
حاوطها فيزن بجسده وأخذ يتجه بها ناحية العربة بينما ظلت أبريل تفكر بلا اكتراث لما حدث.
تمكنت أبريل من دخول العربة بعدما ظل الباب الذي كان مفتوحًا في انتظارها.
لم تستشعر الراحة إلا بعد أن شقت العربة طريقها بين تلك الحشود.
لتضع أبريل يدّيها المرتجفتين على وجهها.
لقد شعرت بالحزن والخوف، لكن كل ما كان يغمرها هو الغضب.
اشتعلت تلك الرغبة الجامحة في جوفها لاستعادة شرف عائلة لونوس، تلك الرغبة الجامحة التي كانت تغمر كل احاسيسها بدون كللٍ أو ملل.
لكن، هل يمكنني فعلها؟.
لم أستطع رؤية بصيص أمل في تحقيق هذا الحلم. مما جعلها تشعر بالتشتت في الضياع.
هل سأعيش بقية حياتي احمل هذا الغضب على عاتقي؟ هذا الغضب التي لم تستطع تحمله لكنها واصل التمسك به.
كادت دموعها أن تنفجر للخروج منها بسبب ثقل هذا الغضب على كاهلها.
لم تكن تريد من احد ما رؤيتها تبكي، لن تسمح لاحد ما برؤيتها في هذه الحالة، لن يرى أحدُ خوفها ولا أيٌ مما تشعر به.
[ملحوظة: التنزيل عشوائي].
***
***