The mansion awaits spring - 3
***
كانت الإمبراطورية التي تدعى لاسا تتألف من اقليميّن شاسعَيّن، وكان الإقليم الشرقي ملكًا لدوقية ديوس الكبرى حاليا، ولكن قبل زمن، كانت تحدث صراعات بين كلٍ من الإقليم الشرقي والغربي اللذين كانا عبارة عن ممالك منفصلة في وقت من الأوقات، و كان السكان يقاتلون بشراسة بنية الدفاع عن أراضيهم.
ولكن قبل حوالي 100 عام، تمكن الملك لاسا حينها بالقيام بإخضاع ملك الإقليم الشرقي وجعل الاقليمَيّن عبارة عن دولة واحدة متحدة.
ولم يمتلك حاكم لاسا النفوذ الكافي ليجعل الإقليم الغربي تحت سيطرته التامة، فقام بإغتيال ملك الاقليم الغربي ومنح لقب الأرشيدوق لأصغر أبن من أبناء ملك الإقليم الغربي الذي كان عمره خمس سنوات حينها.
وبدأ في إدارة شؤون الإقليم و أطلق عليه اسم أرشيدوقية ديوس لتبدأ سلالته في إدارة المنطقة من بعده.
منذ ذلك الحين، بدأت سلالة عائلة ديوس عبر الزواج من الخطوط المباشرة للحكم في إمبراطورية لاسا.
وكان ولادة الطفلين من إمبراطورية لاسا لديهما أعين زرقاء و الشعر الأسود التي عرف فيهما جينات عائلة ديوس في الأراضي الغربية إثباتًا على صحة ذلك التاريخ.
شعر فيزن بالارتياح قليلاً بعد إنتهاء مهمته في القبض على المشتبه به في سلسلة جرائم قاتل الضباب الغامضة.
لكن كراهيته لأبريل التي حاولت قتل أخيه و زوجته لم تتغير أطلاقًا.
لذلك لم يكن لديه أي تردد في تحديد أبريل لونوس والقبض عليها كمشتبه به.
ومع ذلك، فإن المقال الذي تم نشره في جميع أنحاء أراضي الدوقية الكبرى بعد ذلك كانت مثيرة للقلق.
[ تم القبض على أبريل لونوس التي ارتكبت سلسلة جرائم قاتل الضباب الشهيرة الآن ].
[ منذ وصول أبريل لونوس إلى سجن العاصمة، كان الدم يملأ أرصفة الشوارع دون معرفة مصدره…….. ].
[ نظراتها المميتة تجعلك لا تصدق أنها كانت خطيبة الأرشيدوق في يومٍ ما…… نحن نرى الآن عطف سمو الأرشيدوق و حكمته و رحمة الأرشيدوقة ولطفها في منع هذه الشريرة من أن تصبح الدوقة الكبرى …….. ].
[ كان الفستان الأحمر الذي كانت ترتديه يبدو مثل الدم]…. كان الأهم من كل هذه الأقاويل هو السطر الأخير من هذه المقالة.
” هل هذا مقال أم دعاية؟ “.
عندها استقام أصغر شاب من الضباط الذي كان يدعى لوغان باسطًا يديه وكأنه يلقي اعلانًا قائلاً:
” أليس الغرض من هذه المقالات هو الترويج للارشيدوقية؟ “.
” هذا هو الوصف الأدق لهذه الترَهات “.
اجابه فيزن هكذا مما جعل لوغان يشعر بالفخر من إجابته فقام بول الذي كان يجلس بجانبه بدفعه بانزعاج ثم تصنع لوغان أنه يسقط بعيدًا من دفع بول له مما أثار ضحك بقية المتواجدين في الغرفة.
كانت قضية جرائم القتل المتسلسلة هذه هي أول قضية له بعد عودته مؤخرًا من مركز الإمبراطورية إلى الأرشيدوقية.
التي استلمها بالتزامن مع ترقيته الى رتبة مفوض تم تعيينه كرئيس لمكتب منشأ حديثًا يسمى بمكتب التحقيقات الخاص بالقضايا الخارقة للطبيعة التي بدت مستحيلة الحل.
بدا هذا المفوض الشاب والذي يعتبر الفرد الوحيد ذو صلة بعائلة الأرشيدوق بالتحقيق في مشكلة وفاة عشرات من الأشخاص في العاصمة أثناء فصل الشتاء عندما يغطي الضباب فجأة دوقية ديوس الكبرى.
يظهر القاتل المتسلسل في ضباب الشتاء.
لم يكن يترك أي دليلٍ خلفه مما يجعلك تظن أنك تشاهد مسرحية سُريالية وليست بجريمة قاتل.
[ t/b: السريالية هي نوع من الأدب الفني تهدف إلى التفكير الصافي اللامنطقي مع ميل صريح لإبراز الأحوال الخيالية و اللاشعورية وأبرز تشبيه لها هو حالتك أثناء الحلم عندما تكون مدركا ].
بعد التفكير في الأمر، كان من الطبيعي أن يتم القبض على أبريل كالمشتبه بها بعد الإنتهاء من التحقيق الأولي في القضية بأعتبارها الشخص الوحيد الذي تم التأكيد على امتلاكه لقوى خارقة للطبيعة.
فقد كانت هناك شائعة قد انتشرت في جميع أرجاء الإمبراطورية منذ مدة طويلة.
حتى مع إغلاق تمديدات أنابيب الغاز عنها، كان قصر أبريل لونوس المتهالك مضاءً طيلة تلك السبع سنوات دون انقطاع ولو ليومٍ واحد
وعندما بعث فيزن بأحد المحققين من المكتب لمراقبة القصر التي كانت تعيش فيه أبريل لونوس لوحدها على مدار عدة أيام.
تبين أن الإشاعة كانت صحيحة.
انتشرت شائعات بين الناس الذين لم يكونوا على مقربة من القصر أن أبريل كانت تشعل النار في القصر كل ليلة وادعوا رؤية شبح يرقص بين لهب النيران خلف الاعمدة.
لكن وفقًا لأقوال المحقق الذي عينه، لم يكن حريقا بل ضوء صادر من مصابيح الغاز، بالطبع، هذا لم يقلل من كونه أمرًا ” ساحرًا “ فحتى لو تم استخدام وقودٍ آخر غير الغاز، فمن المستحيل أن لا ينفذ بعد هذه الـ7 سنوات الطويلة.
إضاءة هذا العدد الكبير من المصابيح كل ليلة يتطلب كميات هائلة من الوقود، لكن بغض النظر عن جميع الحسابات التي حاول المحققون من القسم الثالث التابع لمكتب التحقيقات الخاصة لم تستطع تفسير شيء من الظواهر التي حدثت في جرائم القضية.
وبعد التأكد من صحة الشائعة، ألقت وحدة التحقيقات الخاصة بإلقاء القبض على أبريل لونوس.
وكان التشهير بعملية اعتقال أبريل لونوس أمام مواطني الدوقية الكبرى من أهم المهام التي أُوكلت لهم.
مما يبعث بالإرتياح في قلوبهم أثناء مشاهدتها تدخل عربة النقل التي تُقلها.
ومن رأي فيزن، أصبحت أبريل أطول قليلاً بعد انتهاء فترة المراهقة، لكنها لم تتغير كثيرًا.
مازال وجهها جميلاً كما كان، ولم تتغير شخصيتها عن السابق بتاتًا، سوى بكونها أصبحت تمتلك القليل من الجدية.
شعر بالارتياح لأن الأمور مازالت كسابق عهدها، إذ كانت قد تواجدت أي اختلافات مثير للشبهة في مثل هذا الوضع المثير للشكوك حين اعتقالها.
بعد إتمام مكتب التحقيقات الخاص الذي تم إنشاؤه بأمر إمبراطوري مهمتهم الرئيسية، وصلوا إلى مقر إقامة الأرشيدوق لإلقاء التحية على الأرشيدوق.
كان وقت اللقاء المحدد مع الأرشيدوق يقترب، لكن لم يدخل أيٌ من ضباط الشرطة إلى داخل القصر بمن فيهم فيزن أيضًا.
قام باسكال رئيس الخدم الذي قام بتربية الأخوين في طفولتهم بسؤال ضابط الشرطة الشاب لوغان الذي جاء رفقة فيزن.
” لماذا لا تدخلون؟ “.
ابتسم لوغان المرح بابتسامة شبابية وقال.
” كما ترى، هنالك مدخنون شرهون هنا “.
” يمكنكم تدخين السجائر لاحقًا، أليس كذلك؟ “.
” بالطبع، لكن المفوض العام ليس لديه سبب لذلك”.
” ماذا تقصد بكونه لا يملك سببًا؟ “.
” السبب الذي يجعله يؤجل تدخين سيجارته من أجل الأرشيدوق بالطبع “.
نظر باسكال بعدما فتح عينيه على مصراعيها بسرعة إلى لوغان ونقر لسانه دون قصد.
يعلم أي شخص من إقليم الأرشيدوقية كان عبارة عن أمة منفصلة مثل إقليم الدوقية الكبرى، ولكن على الرغم من اختلاط نسل عائلة ديوس بالعائلة الإمبراطورية لم يتغير شيء يذكر.
ومع ذلك، فقد أصبح فيزن رجلاً إمبراطوريًا بالكامل، ضابط شرطة إمبراطوري جاء إلى هنا بناءً على أوامر الأمبراطور.
بدأت حياة فيزن المهنية في الشرطة الإمبراطورية عندما بلغ السادسة عشرة من عمره، ومن ثم، كان من الصعب توقع أي احترام منه تجاه الأرشيدوقية.
بينما كان الجميع ينتظر بهدوء، تذكر فيزن للحظة أبريل التي كان يعرفها عندما كان صبيًا.
أبريل، الوريثة الوحيدة لعائلة لونوس فاحشة الثراء، كانت فتاة عاشت برفاهية تفوق الوصف.
لم تكن هناك فتاة بجمالها في الإقليم الشرقي.
أمرت عائلة لونوس جميع خدمها بتنظيف الشوارع التي كانت تمر فيها ابنتهما، وقاما بإنشاء عدة حدائق خلابة كانت تشذب بشكل دوري أمام غرفتها لكي تطل النوافذ عليها.
كان من البديهي لأكثر فتاة حصلت على الدلال أن تصبح الدوقة الكبرى المستقبلية.
عندما عرضت أرشيدوقية ديوس عرض الزواج لأول مرة، رفضتهم عائلة لونوس فورًا بسبب فارق العمر بينهما الذي يبلغ عشر سنوات.
ومع ذلك، وبحلول تقديم هذا العرض للمرة الثانية، كانت أبريل مغرمة تمامًا بميلّر ديوس، الذي كان حينها شابًا يافعًا مثل زهرة متفتحة، مما جعلهم يوافقون على هذه الخطبة.
لكن في ذلك الوقت، كان لدى ميلّر ديوس امرأة يحبها بالفعل، هايدي ڤاسانتا، ابنة مربيته التي نشأت معه منذ طفولته.
ومع ذلك خاصةً بالنسبة إلى خليفة ديوس، كانت هذه الشراكة شيئًا لا مفر منه.
كان السبيل الوحيد لتجنب هذا الزواج بموت أحد الطرفين أو سقوطه.
بدأت أبريل التي وقعت في حبه بمضايقة هايدي منذ اللحظة التي أدركت فيها وجودها.
شعر فيزن بالأسى على أخيه الذي كان محصورًا في خطوبة لم يردها ولهذا السبب بدأ يكره أبريل، ولكن الآن بعدما أصبح ناضجًا، أدرك أن حبه لهايدي نمى من كراهيته لأبريل أيضًا.
وبعد التفكير في الأمر الآن بعد ذلك الوقت، انحاز الوضع لصالح ميلّر أنذاك بشكل مذهل حقًا.
أنهارت عائلة لونوس العظيمة بشكلٍ مفاجئ.
وبفضل عملية الاغتيال تلك استحوذ ميلّر على الأرشيدوقية بالكامل وعلى الحب الذي كان يتمنى الحصول عليه.
وبعد استذكار فيزن لهذه الذكريات أنهى ما تبقى من سيجارته ودخل إلى القصر بهدوء.
كان الأرشيدوق يميل مسترخيًا على كرسيه، وكانت الأرشيدوقة تجلس جواره وهناك نظرات سعيدة تعلو وجهها.
قال الأرشيدوق بعد دخول فيزن.
” بقدومك إلى الأرشيدوقية، الم يكن عليك القدوم لتقديم التحية علينا، أوليس؟ “.
” ألم تفكرو أيضا بأحتمالية أن عليّ تفادي تقديم هذه التحية أيضًا؟ “.
” لماذا عليك فعل ذلك؟ “.
أجابهم فيزن بعدما أستدار بظهره لهم.
” لقد جئت كضابط للشرطة الإمبراطورية، لم أتي للحصول على الميزات التي سأحصل عليها بسبب صلة قرابتي منك “.
” أرائك مازالت متشددة “.
” عن ماذا تتحدث؟ “.
” أنا مرن جدًا من هذه الناحية، فما المشكلة؟ “.
كان فيزن الصغير، الصبي الذي ولد مؤخرًا، يشعر بالغيرة الشديدة من أخيه الأكبر الذي تمكن من جعل حبه الأول تقع في شباكه لانه كان بالغًا.
نظر فيزن الذي أصبح أطول بكثير من أخيه الأكبر بتمعن إلى الأرشيدوقة.
كانت الأرشيدوقة التي بلغت الثامنة والعشرين هذا العام جميلة كما كانت منذ أول لقاء بينها وبين فيزن، لم تتغير نظراتها اللطيفة التي كانت تتفحصه أيضًا.
هل هناك أشخاص في هذا العالم لا يريدون تذكر لطف أحدهم لتسببه بألم للآخرين؟.
فكر فيزن بذلك أثناء توجيهه لنظره ناحية أخيه الأكبر ميلر.
قال ميلر بعدها.
” ابدأ بإلقاء التحية على الأرشيدوقة أولاً “.
” لماذا علي فعل ذلك؟ “.
” ماذا تقصد بلماذا؟ “.
” ماذا تعني بلماذا؟ لان من دواعي سرورنا أن نرحب بالصبي الصغير الذي نعتز به بعد زمن طويل “.
ثم قامت هايدي بالنهوض لانتظاره.
” بالطبع، كم مضى منذ أخر لقاء دار بيننا؟ “.
” كلاكما ما زلتما تعتقدان أنني مازلت طفلاً “.
تذمر فيزن لكنه توجه بخطوات واسعة ناحيتهم بعد ذلك ودنى برأسه للأسفل بعد وصوله ناحية الأرشيدوقة وقال.
” هل تريدون التربيت على رأس الصغير الذي تهتمون بشأنه أيضًا؟ “.
رفعت هايدي رأسها لكي تستطيع النظر إليه بعد كلماته تلك، كانت رائحة السجائر الحارة و المركزة تنبعث منه، وظله الذي غطاها بعدما أيفع كالجبل.
كان ميلر الذي مازال لابثًا في مكانه يراقب هذا المشهد بصمت.
ضيقت هايدي عينيها وقالت بنبرة ماكرة.
” ما هذه النكتة؟ كيف لي أن أجرؤ على فعلها مع شاب ناضج مثلك؟ “.
” حسنًا، أليس هذا لأن الأرشيدوق مازال يظنني طفلاً صغيرًا “.
قال ميلر لفيزن الذي قال ذلك والابتسامة تعلو وجهه.
” دعونا نتناول الطعام أولاً. وبمناسبة عودتك أيضًا، علينا أن نعد احتفالا يمتد لخمسة أيام على الأقل، نحتاج للعثور على عروسة لك “.
” لستم بحاجة الى فعل ذلك “.
” لماذا؟ “.
” مازلت لم أنسى حبي الأول بعد “.
أصبح كلا من الزوجين عاجزين عن الكلام للحظات بعد سماعهم لكلمات فيزن التي تفوه بها بهدوء، ووجهوا نظراتهم إليه بعدها.
***
***