The lady villain is a kingmaker - 1
تجت جبالٍ بيضاء مكسوة بالثلج المتلألئ، كانت امرأة تقف برصانة وهي ترتدي رداءً أبيضًا ناصعًا.
كان محيطها غارقًا في دماءٍ حمراء، منظرًا مروّعًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
لكنّ الدماء لم تكن لها.
كانت دماء أولئك الذين طاردوها محاولين الإمساك بها.
لحست بمهارة الدماء العالقة بأطراف أصابعها، ثم رفعت عينيها لتنظر إلى الرجل الذي كان يقترب منها.
شعره الذهبي يشع كأشعة الشمس، وعيناه الحمراوان تتلألآن كالياقوت. جسمه ذو البنية القوية يشع كاريزما لا تُضاهى، فيما كان ينظر إليها بنظرة ساكنة وهادئة.
ابتسمت ليليانا بنظرة مليئة بالثقة.
“لماذا تأخرت؟ شعرت بالملل حتى الموت.”
ردَّ عليها بصوت ثابت، ونظره يستعرض المشهد الفوضوي المحيط بها: “لا يبدو عليك الملل.”
“أنتظرك، لكن الحشرات استمرت في مضايقتي، فاضطررت إلى الاهتمام بها.”
تنهّد قائلًا: “يبدو أنك بالغتِ في ’الاهتمام‘.”
ضحكت ضحكة قصيرة، وقالت: “أرسلتهم بلمسة سريعة دون ألم. ألا يُعد ذلك رأفة؟”
أشهر سيفه باتجاهها، وانعكس الضوء الأبيض على نصله الباهر الموجه نحوها.
“لا حاجة للكلمات الآن.”
ضحكت ليليانا مجددًا: “كنت على يقين أنك مختلف… ولهذا اخترتك.”
أخرجت ليليانا سيفها السحري “ديكيون” ورفعته عاليًا.
“حسنًا، حاول التغلب عليّ هذه المرة، يا إستيفان.”
ردَّ قائلًا بثقة: “سأفعل.”
تدفقت طاقة ذهبية نحو سيف إستيفان، مُفعّلاً شفرة روحية لا يستطيع تفعيلها سوى ذوي المهارات العليا. بينما شفرات ليليانا كانت تتوهج بلونٍ أسود داكن، كظلال الليل.
بوم!
تطاير الشرر من اصطدام السيفين، مطلقين أصوات دويّ مخيفة تسببت في انهيار ثلجي حولهما. لكنهما واصلا القتال دون أن يأبها بما حولهما.
تبادلا عشرات الهجمات، وأخذت ليليانا تشعر بالضعف تدريجيًا. كانت قد استنزفت كثيرًا من قوتها للانتقام، وخاضت معارك عدة أثناء انتظارها لإستيفان، حتى باتت تعلم أن النهاية قريبة.
سيف “ديكيون” السحري كان يستنزف طاقتها بلا رحمة، بل ويستهلك حتى حيويتها للإبقاء على شفرته الروحية.
بدأت تتراجع نحو حافة الجرف.
قال إستيفان بصوت ثابت: “انتهى الأمر.”
ابتسمت ليليانا قائلة: “سأستجيب لك بكل سرور.”
وجه إستيفان سيفه نحو قلبها، وفي اللحظة التي اخترق نصله صدرها، تخلت ليليانا عن قبضتها على سيف “ديكيون”، مما أصابه بالدهشة.
قال متفاجئًا: “أنتِ…”
أمسكت ليليانا بالنصل بكلتا يديها وابتسمت ابتسامة مؤلمة: “مبروك عليك البطولة، يا إستيفان.”
بآخر ما تبقى لها من قوة، دفعت سيف إستيفان بعيدًا، واندفع الدم من جرحها، لتسقط منحدرةً نحو أسفل الجرف.
شعر إستيفان باضطراب شديد، فقد احتفظت بابتسامتها وهي تهوي، وبقيت صورتها المبتسمة منطبعةً في ذهنه.
أغمض عينيه بعمق، وشعر بمرارة لا توصف تجاه اختيارها الأخير. وبعد أن قدم تعازيه، استدار للمغادرة.
ولكن، في تلك اللحظة، أضاء شعاع باهر من أسفل الجرف، ابتلع النور إستيفان، ثم تلاشى فجأة.
* * *
في صباح صافٍ، كانت ليليانا مستلقية على عشب ندي، تتأمل السماء الزرقاء بنظرة هادئة، بينما كانت تعضّ ورقة شجر بفمها.
‘لقد عدت إلى الماضي.’
استفاقت لتجد نفسها جالسة على طاولة الطعام مع والدها وشقيقها الأصغر سيدريك، الذي كان يوبخها بلطف لالتقاطها قطع الجزر من طبقها، مما جعلها تصاب بالدهشة.
كان الأمر كحلم، لكن مع الوقت أيقنت أنه واقع حقيقي. الدفء الذي شعرت به حين عانقت سيدريك، وابتسامة والدها الحنونة، كانا أبعد من أن يكونا مجرد ذكرى أو حلم عابر.
كانت فرحتها لا توصف.
في الماضي، خانها الأمير ميكائيل الذي أحبته، وصديقتها المقربة إليشيا. وبعد أن أصبح ميكائيل إمبراطورًا، ألصق بتهمة الخيانة بعائلتها، وأصدر أوامر قضت على أسرتها بالكامل، بعد أن حمّلها زورًا تهمة محاولة اغتياله.
الحقيقة أنها شاهدته وهو يقتل الإمبراطور بنفسه، لكن حبها له جعلها تحتفظ بالسر، ثم اكتشفت كيف استغلها ليغطي جريمته.
أرسل جنوده ليبيدوا عائلتها؛ قاوم والدها وشقيقها سيدريك حتى الموت، فيما قامت خادمتها الوفيّة آنا بتضليل الجنود لتضمن هروبها.
تنقلت ليليانا بين أرجاء العالم، بحثًا عن القوة، حتى حصلت على السيف الملعون “ديكيون” وأصبحت زعيمة “القط الأسود”، إحدى قوى الظلام، لتنهي انتقامها وتثأر لماضيها.
ثم، في معركتها الأخيرة، قررت أن تضع نهاية لحياتها على يد إستيفان، لكن القدر منحها فرصة أخرى، حيث وجدت نفسها تعود إلى الماضي، إلى سنها الثامنة عشرة، قبل وقوع تلك الكوارث بعامين.
نظرت ليليانا إلى سوارها الأسود المحيط بمعصمها، المصنوع من خرزات داكنة يتوسطها شكل سيف، إنه “ديكيون” المتحوّل، في شكله الذي اختارته ليبقى معها باستمرار.
مدت ليليانا يدها في الهواء، فانطلقت طاقة مظلمة هائلة حولها، ثم سحبتها مجددًا إلى جسدها، لتضيء “نواة المانا” المنقوشة في صدرها ببريق ساطع.
همست لنفسها: “يبدو أنني عدت بجسدي الشاب فقط، بينما قوتي بقيت كما هي.”
المشكلة تكمن في أن السيف الملعون بيدي الآن. إن كنت قد عدت إلى الماضي، فالأجدر أن يكون السيف مختومًا أيضًا، أليس كذلك؟
وجود السيف الملعون معي يعني احتمال أن يكون هو من أعادني إلى الماضي.
أغمضت ليليانا عينيها، مستغرقة في أعماق نفسها.
‘غير موجود.’
لم تجد جوهر القوة المظلمة.
جوهر القوة كان الإرث الذي تركه سيد الظلام، كارتل، ليكون دعمًا لخليفته. أما الآن، فذلك الجوهر ليس موجودًا داخلها.
‘وجود السيف الملعون معي، وغياب الجوهر…’
يعني أنني بحاجة لاستعادة الجوهر من جديد.
لا تعلم ليليانا السبب الذي دفع السيف لإعادتها إلى الماضي، لكنها متيقنة من شيء واحد…
‘بإمكاني أن أبدأ من جديد.’
إذاً، لا مشكلة في ذلك.
نهضت ليليانا، ونفضت الأتربة عن ملابسها، ولاحظت اتساخ حاشية تنورتها قليلًا.
“ستقوم آنا بعمل جلبة إذا رأت هذا.”
كيف لا، وهي ابنة دوقية ديان، إحدى أرقى دوقيتين في الإمبراطورية، ملقاة على العشب هكذا. خادمتها الوفيّة آنا لن تتردد في توبيخها مجددًا.
آنا، التي عاشت مع ليليانا منذ الطفولة، ليست مجرد خادمة، بل هي صديقة مخلصة ضحت بحياتها لأجل ليليانا في الماضي. وكانت ليليانا دائمًا تشعر تجاهها بالامتنان والأسى.
“مولاتي، ها أنتِ هنا مجددًا؟”
كما يُقال: “اذكر النمر، يظهر فورًا”، فبمجرد أن تذكرت آنا، ظهرت أمامها.
“كنت أتوقع هذا منك. ما هذا الذي ترتدينه؟”
انحنت آنا لتزيل الأتربة العالقة بتنورتها.
“ألم أقل لكِ…”
“بأنني وجه دوقية ديان ويجب أن أحافظ على هيبتي؟”
عندما كررت ليليانا كلمات آنا المعتادة، تنهدت آنا وأومأت برأسها.
“نعم، صحيح. لماذا تفعلين هذا وأنتِ تعلمين؟”
“هل لي ببعض الحرية في المنزل على الأقل؟”
“كلا، لا يمكنكِ.”
كانت تتوقع هذا الجواب الحازم.
“كيف تجدينني دائمًا بهذه السهولة؟”
“كل مكان تقصدينه محفور في ذاكرتي.”
“كان يجب أن تصبح آنا مسؤولة في الدولة، وليس خادمة لي. خسارة.”
“لا تقولي هذا، مولاتي. فأنا لن أفارقكِ أبدًا.”
ابتسمت ليليانا برقة لهذا الرد، ولم تستطع منع نفسها من الضحك.