المصير - 9
كانا لا يزالان فى السابعة عشرة
أطفال هم
فرح و كامل
لقد عرفا بعضهما بالصدفة عن طريق السوشيال ميديا تلك المعرفة التى بدأت بطلب صداقة لحب المحتوى ثم بتبادل بضع كلمات ثم إعجاب ثم تبادل كلمات أكثر ثم غرام ثم وعود
كمال كان من ميت غمر على أطرافها فى الغرب وفرح كانت من زفتى على أطرافها فى الشرق هذا لسوء الحظ بالطبع فلما أدركا هذا عرفا أن الحظ دومًا عثر عند العاشقين
على الأقل تحتاج لساعة مشيًا وهو لساعة مشيًا كى يصلا لمكان الجسر فكانت اللقائات قليلة وقصيرة لكنها كانت لطيفة نظرات فرح لكمال و إبتسامة كمال لفرح كانتا اللطافة بعينها فهذان الشابان مكانهما شاشة السينما لا الواقع
يقول: فرح هى اللطافة و الجمال وعلى شىء من الخجل وقليل من الجرئة لما ألكزها تصدر صوت آهٍ كعروس لعبة تفهمنى وتحاورنى تعشقنى وتجاورنى
وتقول : كمال هو سيد الفتيان هو الخشونة و اللين فى آن واحد و من الجرئة و الخجل فى آن آخر ولما أمسك ذراعه أستشعر القساوة فيقبض قلبى لأنى أعلم أنه يحمينى يفهمنى ويحاورنى يعشقنى ويجاورنى
كان مقدرًا لهما أن يلتقيا يوم 1 يونيو أى قبل إمتحانات الثانوية العامة بتسعة عشر يومًا لأسباب كتجديد الوصال و شحن الشغف و ملىء القلوب بالحب أشياء لا يعرفها انا و أنت عزيزى القارىء الجميل اللطيف أشياء خاصة بالعاشقين الذين لسنا نحن هُم ، على أى حال كان اللقاء المتفق هو عند الساعة الرابعة فيقتنصان منها ساعة الا ربع او نصف ساعة ثم يفر كل واحد منهما يجر أذياله على بيته
تعلل كمال بعلل لوالديه بينما تعللت فرح بعلل مشابهة وفى النهاية تقابل كل منهما على الجسر تقريبًا عند منتصفه فتبّسم كل منهم للآخر إن بعض الخجل يتمكن من المرء بعد قطع الوصال لأكثر من شهر بعد كل شىء
لكن شيئًا فشيئًا تلامست الأيادى ثم الكفوف ثم كان هناك عناق دافىء أدفىء حتى من صيف يونيو عناق لم ننله لا أنا ولا أنت عزيزى القارىء ،
تحدثا عن الدراسة قليلًا وتحدثا عن حياتهما الخاصة التى لم تكن الأفضل تشاركا بضع مقاطع موسيقى إكتشفاها بالمصادفة وتبادلا الضحكات الصاخبة أمام المارة القليلين
_ فرح أتعرفين أين يقبع كنز على بابا
_ماهذا السؤال؟ لكن لا لا أعرف أين يقبع؟
_ بين شفتيكٍ
فقالت فرح وهى تضحك:
_يا ولاااا أراكَ تلمح لشىء ما
_ ويقال أنه لفتح المغارة و الحصول على الكنز يجب على شفاه أخرى ملامسة شفاهك
_أهذا ااكلام عندها يا حبيبى تزوجنى أولًا لنر هذا الموضوع
فضحك كمال بشدة ثم نظر لها فى هيام و أمسك يدها وقال: لأفعلن ذلك حتى لو حالت بيننا كل وحوش الأرض
فقالت فرح بصوت عال رقيع على غرار الست كوريا من فيلم عسكر فى المعسكر:’ يادكرررررري
فضحكا هما الإثنان بينما لا يزالان يتمسكا الأيادى و الغروب من حولهما يخضب الأفق باللون البرتقالى ويطَّرى نسمات الهواء التى راحت تغلفهم أنفاسهما الحارة وفرح طفقت تستند على كتف كمال وكمال طفق ينظر نحو الغروب
فى شعور لن يعرفه أنا ولا أنت عزيزى القارىء
لكن من خلفهما كان هناك صوت وكأنه صوت زجاج يتكسر أو مرآة تتهشم لم يعيرا الأمر إنتباهًا فى البداية لكن بعد ثوان صار صوت التكسير أعلى فإلتفتت فرح وتبعها كمال وليتهما لم يفعلا
يد مخلبية خضراء و عملاقة تخرج من الأفق ثم يتبعها رأس سمكة مرعب وجسد ليس هو بجسد حيوان أعرفه فأصفه لك لكنه كان سرياليًا و أخضر اللون ذاك الخضار القبيح وبدون سابق إنذار وسط الشُدُوه و الرعب بين فرح وكمال فتح الوحش فمه ثم فتحه أكثر فإنشق وزأر
زأير يطغى على القلب و العقل و لثوان تجمد كمال وفرح قبل أن تصرخ فرح فى رعب بينما تخرج قلمًا فى حقيبتها وتغرز جزء منه فى عين كمال اليمنى وتبتعد فيصرخ كمال هو الآخر لكن من الآلم ثم يخر على ركبتيه بينما فرح تنظر له نظرة إشفاق ممزوجة بالرعب ثم تتحول هذه النظرة المشفقة لسيل من البكاء وتقول: كمال أأأأنا خائفة
يقاوم كمال الآلم ويقترب منها قليلًا ويقول: ل ل لا تخافى
ثم مد يده يحاول أن يحصل على يدها أن يمتلكها أن يمسها فقط فشىء ما فى قرارة نفسه يقول له أنهما سيموتا
فرح ستموت
مدت فرح يدها وراحت تقترب بينما تقاوم ألا تسقط على الأرض
لكن قبل أن تمس يده صرخت مرة أخرى وجرت نحو السور
و قفزت فى الماء!
صرخ كمال بإسمها بينما خرَّ تمامًا على وجهه ومن عينه إنتزع القلم ثم بحركة واحدة كان قد إخترق حنجرته
تحشرج وتلجلج نزت منه الدماء فلطخ بها إصبعًا وكتب على أرضية الجسر
” أنقذو حبيبتى إنها فى الأسفل” و رسم سهمًا يشير نحو المياه
وبعد عدة ثوان كان كامل قد لفظ أنفاسه الأخيرة
عالمًا أنه لن يرى فرح مرة أخرى
النهاية
فصول جانبية مأساوية: من رواية المصير الفصل9.1