في اليوم التالي للزفاف، اختفى زوجي || The Day After Wedding, My Husband Disappeared - 23
عندما التفتُّ، رأيت رونا وقد غطّت رأسها بقطعة قماش.
وعندما اقترحتُ عليها أن نتسلل إلى المبنى الرئيسي، أجابت بأن التنكر أمر لا غنى عنه في مثل هذه المهمات.
“الجميع يساهمون بجهودهم لمساعدتكِ، سيدتي ليريبيل”
“مساعدتي؟”
أومأت رونا برأسها تأكيداً لسؤالي.
“لم يبقَ الآخرون صامتين خوفاً من أن يطردهم االسيد إردان لمجرد تقديمهم العون لكِ”
“وما الذي تعنينه بهذا؟”
“إذا تم طرد كل من يهبّ لمساعدتكِ، سيدتي ليريبيل، فستجدين نفسك وحيدة هنا، بلا نصير في هذا المكان”
“…”
“الجميع يدرك هذا، ولهذا فضلوا التزام الصمت ليتمكنوا من مساعدتكِ بطرق غير مباشرة”
شعرت حينها بأن كلمات رونا ثقيلة على صدري.
“الجميع يعلمون جيداً كم بذلتِ من جهد في إدارة هذه الأراضي، سيدتي ليريبيل، ويقدّرون مساعيك كزوجة لسيد القصر”
لم أعتبر نفسي يوماً زوجة مثالية أو قائدة بارعة.
لطالما رأيت أن ما أقوم به هو مجرد واجب فرضته عليّ خياراتي، ولذا تحملته بصمت.
لكن فكرة أنهم ينظرون إليَّ بعين التقدير، بل ويتطوعون لمساعدتي بهذا الشكل، كانت شيئاً لم أتوقعه أبداً.
“…”
إذاً، لم تكن السنوات التي قضيتها هنا بلا جدوى…
شعرت بوخزٍ خفيف في أنفي.
“لذا لا تقلقي، وثقي بنا تماماً”
عند كلمات رونا، خفضتُ بصري وأومأت برأسي.
نعم، دعيني أثق بالسنوات التي قضيتها هنا.
تماماً كما وثقت بـرونا.
“لِنَعُد”
“نعم، لنعد”
تركتُ وراءي المبنى الرئيسي الصاخب وعدت إلى الجناح الفرعي.
على الرغم من أنني كنت قد خططت لجمع الأدلة حول علاقة إردان بـ إيلوديا، بدا أن الأمر لم يعد له أهمية في ظل الظروف الحالية.
فالأشخاص الذين أرسلتهم العائلة الإمبراطورية سيتكفلون بتوريط إردان وإظهاره كزوج خائن.
لنراقب الوضع قليلاً.
في الحقيقة، كنت أرغب بشدة في تجنب مواجهة إردان قدر الإمكان.
فرغم عزيمتي الصارمة على قتله، ورغم الغضب الذي يجتاحني كلما فكرت فيه، إلا أن فكرة مواجهته وجهًا لوجه تثير قلقاً في داخلي.
فمهما بلغت رغبتي في الانتقام منه، كان من الطبيعي أن أتجنب مواجهة شخص حاول قتلي.
ومع ذلك، إن اضطررت لمواجهته، فلن أتراجع أو أهرب.
ولكن، لم أكن أرغب في المبادرة إلى تلك المواجهة.
“هممم”
عندما عدت إلى غرفتي في الجناح، جلست على مكتبي وأمسكت بقلم الحبر.
كنت أنوي كتابة رسالة شكر للإمبراطور، والتي كنت قد نسيتها تماماً بسبب ظهور إيلوديا المفاجئ.
ما الذي يسعى إليه الإمبراطور؟ تساءلت وأنا أكتب.
هل هو على معرفة بذلك الرجل؟ أم أنه تلقى طلباً؟ أم أنه يخطط لشيء ما؟
توقفت يدي عن الكتابة فجأة.
أم أنه، على عكس أباطرة الروايات الأخرى، إمبراطور عادل حقاً؟
فبمجرد أن أدرك الظلم الذي تعرضت له، قرر أن يتدخل لمساعدتي في العاصمة.
ربما الرجل الذي أنقذني كان يعلم بعدالة الإمبراطور، ونصحني باللجوء إليه.
قطبت جبيني وأنا أنظر إلى الرسالة التي كتبتها.
كانت الرسالة رسمية وجافة، تحمل طابع المجاملة البحتة.
وبعد أن تأملتها قليلاً، مزقتها واستبدلتها بورقة جديدة.
يجب أن أكتب الرسالة من القلب، بمشاعر صادقة.
إذا كان الإمبراطور حقاً عادلاً ولم يتجاهلني بل قدم لي المساعدة بنوايا طيبة، فإن إرسال رسالة جافة كهذه سيكون تقليلاً من شأن لطفه واهتمامه.
بغض النظر عن نواياه الحقيقية، المساعدة تبقى مساعدة، والامتنان يبقى امتناناً.
ويجب أن أعبّر عن ذلك بإخلاص.
بهذا التفكير، كتبت رسالة من 29 صفحة تمدح الإمبراطور، وأرسلتها إلى العائلة الإمبراطورية.
توقفت عند هذا العدد لأني شعرت بأن تجاوز الثلاثين صفحة قد يبدو مبالغاً فيه.
***
“لقب البارونة ‘فيليس’ “
قال إردان الذي كان يجلس أمامي فجأة.
“سأمنحكِ هذا اللقب كنفقة”
بارونة فيليس، كان هذا لقبي.
قال إردان إنه يريد التحدث معي، فجئت لمعرفة السبب.
“نعم.
وبما أنكِ تحملين لقب البارونة، فإن زواجكِ مني سيؤدي إلى اندماج عائلتكِ تحت لواء الماركيزية.
وقد رأيت أن هذا قد يسبب تعقيدات”
عندما تزوجت إردان، تم استيعاب لقبي النبيل ضمن الماركيزية التي ينتمي إليها.
والآن، كان إردان يعرض علي إعادة اللقب كجزء من تسوية الطلاق، مما يعني بوضوح أنه إذا رفضت، فلن يعيده لي أبداً.
إنه لا يريد بأي حال من الأحوال منحي المال.
ولهذا، لجأ إلى هذا التصرف الصغير والمتعمد، متجاهلاً جميع الأدلة التي تؤكد قانونية عملي.
بل إنه حاول قتلي.
“هذا يجب أن يكون كافياً”
قال إردان بينما مد يده، فناوله جيلبرت الوثائق.
ذلك اللص الحقير.
جيلبرت، الذي سبق أن ضبطته وأنا أطرده بعد تورطه في جرائم، بدا سعيداً وهو يراني أطرد من دون أن أحصل على فلس واحد، وكان يبتسم ابتسامة ساخرة.
“لننهي هذا الأمر هنا”
عندما نطق إردان بهذه الكلمات وهو يسلم لي الوثائق، توقفت عن النظر إلى جيلبرت وحولت نظري نحو إردان.
كانت ملامحه شاحبة.
هل كان ذلك بسبب ضغط المحققين الإمبراطوريين؟ أم لأنه كان يسهر ليالٍ متواصلة محاولاً إيجاد طريقة للتخلص مني قبل أن يُحمّل مسؤولية الطلاق ويخسر حقه في تقديم الدعوى؟
“إلى أين تذهبين؟”
سألني إردان بعبوس عندما وقفت.
“ليس لدي أي نية لقبول هذه التسوية أو الطلاق”
هل تتوقع مني قبول الأمر لمجرد أنك أمضيت ليالٍ طويلة قلقاً؟
لقد كان الأمر مثيراً للشفقة أن هذه كانت أفضل إجابة تمكن من الوصول إليها.
“يبدو أنكِ غير مهتمة باللقب”
“بالطبع لا.
أنا متمسكة به كثيراً”
أجبت بابتسامة واثقة.
امتلاك لقب النبيلة قد يجعل حياتي أكثر سهولة قليلاً.
وهذا هو حجم اهتمامي به.
لو كنت مهووسة باللقب لهذه الدرجة، هل كنت سأوافق على الزواج منك بهذه السهولة؟
“لكنني لا أرغب في أن أكون رهينة لك بسببه”
أطلق إردان تنهيدة طويلة، وكأن صبره بدأ ينفد.
“هل تظنين أنني سأحتفظ بكرامتي إذا طلقت امرأة أهدرت أموال الإقطاعية وأفرغت المخازن؟” نظر إلي بنظرة مليئة بالاستنكار.
“إذا كنتِ تملكين أي عقل، فعليكِ أن تنسحبي.
لقد قدمتُ تنازلات بالفعل”
تنازلات؟ أي نوع من التنازلات هذا؟ ضحكت في سري بسخرية.
“هل تريدين مني أن أسجنكِ وأعاقبكِ؟ إذا كان هذا ما تسعين إليه، يمكنني القيام بذلك”
قال إردان بنبرة مشدودة وهو يرى سخريتي.
حتى لو حاولت إنكار التهم، فإن الوثائق التي تركتها خلفي تم التخلص منها بالفعل، وإردان ليس الشخص الذي سيعترف ببراءتي.
“أموال الإقطاعية كانت مستنزفة بالفعل، والمخازن كانت فارغة أصلاً”
لكن هذا لا يعني أنني لا أملك ما أقول.
“لقد أعدتُ ما كان مستنزفاً وفارغاً إلى حالته الطبيعية.
فما المشكلة إذن؟”
عندما توليت إدارة الإقطاعية لأول مرة، كانت غارقة في الفساد، ولم يكن هناك أي أموال متاحة.
الضرائب التي جُمعت بعد طرد المسؤولين الفاسدين تم توجيهها بالكامل لإعادة الإدارة وترميم الأضرار، ولذلك لم يكن هناك مال في ذلك الوقت، ولا يوجد مال الآن.
“لم أفسد الإقطاعية التي أهملتها؛
لقد حافظت على وضعها وأعدتها إليك كما كانت.
فما مشكلتك؟”
لم يستطع إردان الرد.
فبما أنه تخلص من جميع الوثائق المتعلقة بالدخل، لم يكن بمقدوره أن يسألني أين ذهبت الأموال.
“حسناً”
بعد فترة من الصمت والتحديق، نطق أخيراً:
“هل تريدين المال، رغم علمك التام بوضع الإقطاعية؟”
“نعم”
“هاه.
امرأة كانت تدير الإقطاعية وتدّعي النزاهة، لكنها لا تبالي بالإقطاعية على الإطلاق؟”
أملت رأسي وكأنني لا أفهم ما يقصده، ثم قلت بلهجة هادئة:
“ألا توجد ثروة خاصة للماركيزية؟”
“…ماذا؟”
“الثروة التي جمعتها الماركيزية على مر العصور أثناء إدارتها لهذه الإقطاعية الشاسعة”
ابتسمت بينما كان ينظر إلي بملامح حائرة وكأن تساؤله:
“كيف عرفتِ ذلك؟”