Sultan’s Love - 1
لمست أشعة الشمس الدافئة بشرتها. لم تستطع حتى تذكر كم من الوقت مضى منذ أن شعرت بذلك.
شعرت بألم، كما لو أن كيانها بأكمله تعرض للضرب أو شيء من هذا القبيل. لقد أحبت الرائحة التي جاءت من الوسائد الناعمة. فجأة، شعرت بألم حاد وهي تمد يديها لسحب البطانيات التي غطت جسدها. لقد نامت دون أن تعرف ذلك.
كانت ساي، التي فتحت عينيها، أول ما وجدته هو الدفء من الشمس على السرير.
كانت غرفتها القديمة في مكان الحريم عبارة عن دمار، حيث لم يصل إليها ضوء الشمس.
لم تكن هي صاحبة هذه الغرفة التي كانت أكبر بعشر مرات من غرفتها.
نظرت حولها لكنها لم ترى أحدا.
“أوه……”
شعرت بوخز من الألم في راحة يديها مرة أخرى. نظرت إلى يديها ووجدت أن كلاهما كانا مضمدتين.
لم تكن هناك حاجة لمعرفة ما حدث. آخر شيء يمكن أن تتذكره هو القيء على كتف الأمير كاينر. هذا كل ما يمكنها تذكره. لم تكن هناك طريقة ممكنة لمعرفة كيف تسير الأمور ولماذا كان الحريم هادئا جدا بينما عادة ما يكون محتدما بالنشاط في هذا الوقت.
كان هناك طائر صغير يغني على السور.
أدركت ساي، التي سمعته، أن هذه ليست غرفتها مرة أخرى .
ومع ذلك، وقفت من على السرير.
بمجرد أن وقفت على السجادة الناعمة، شعرت بألم في قدمها اليمنى. يبدو أنه لم يسلم جزء واحد من جسدها من أي وجع. كتفيها وساقيها وفي كل مكان – يمكن أن تشعر بهم ينبضون بالألم. ثم تذكرت أيضا السلطان الذي لمس جسدها.
كانت ليلة تشبه الكابوس.
عندما فتحت باب غرفة النوم وخرجت، كان كل ما رأته هو الفراغ. المكان الذي كان مليئا ذات مرة بالنساء اللواتي يرتدين ملابسهن ويضحكن دائما فارغا الأن. كانت ساي الشخص الوحيد هنا وليس هناك أي شخص آخر.
بقيت عينا ساي لفترة وجيزة على غرفة النوم الكبيرة التي أقامت فيها كما لو كانت نادمة على تركها.
على وجه الدقة، ستندم على مغادرة المكان الذي تشرق فيه الشمس.
“وداعًا.”
ودعت الطائر الصغير الذي لا يزال جالسا على درابزين النوافذ وأغلقت الباب وراءها.
عندما اعتادت على آلام جسدها، شعرت بالجوع الذي نسيته. في الليل، كانت في السابق تلتقط وتأكل بقايا الطعام في غرفة استقبال الحريم التي كانت تستخدمها جميع المحظيات وتشبع جوعها به. نظرا لأنها كانت شخصا لم يفضله السلطان، لم يخدمها أحد.
لكن الآن، لم يكن لديها شيء.
نظرت ساي حول غرفة الاستقبال النظيفة وأمسكت بطنها الجائع قبل العودة إلى غرفتها الخاصة الحقيقية.
عندما فتحت باب غرفة النوم القديمة. كانت مساحة مظلمة حيث لا يمكن رؤية بقعة ضوء واحدة تنتظرها
مكانها المألوف.
المكان الوحيد الذي أبقاها في الظلام، هو نفسه المكان الذي ابتلعها بالكامل.
لقد مر وقت طويل منذ أن استخدمت السرير. كلما اجتاح البرد جسدها، تشعر بالخوف لأنها كانت وحدها في الظلام.
ذهبت ساي إلى زاوية الغرفة والتفت حول نفسها.
“لا أريد أن أفتح عيني مرة أخرى.”
كانت تصلي كل يوم.
كلما أغلقت عينيها ونامت، أرادت ألا تستيقظ مرة أخرى. إذا لم تستطع الخروج، كانت تأمل ألا تفتح عينيها مرة أخرى في مكان مثل هذا، مكان لا يعرفها فيه أحد.
* * *
تعكس عيون كاينر نظرات حادة. أولئك الذين ألقوا نظرة فاحصة على تلك العيون انحنوا على الأرض لطلب المغفرة.
“لقد خرجنا قليلا، ثم………”
“أنت تقول بإنكم جميعا غادرتم هذا المكان؟”
ثلاثة أيام.
تم أمر هؤلاء الأشخاص بحمايتها ومراقبتها، لأن السلطان كان يعتقد أنها ستستيقظ بعد فترة وجيزة من فقدان الوعي، ومع ذلك تركوها سرًا وذهبوا لتناول الطعام معا.
ما رحب بهم عند عودتهم إليها هو غرفة نوم فارغة. حاولوا على عجل البحث عنها قبل أن يكتشف السلطان الجديد، لكن كاينر كان أسرع من ذلك
“يا، يا صاحب الجلالة…”
“اقطع كل حناجرهم.”
الكلمات الباردة التي خرجت من فمه جعلت الخدم يطلبون المغفرة باستماته
“اعفوا عنا ، مرة واحدة فقط يا جلالتك!”
“سنجدها! سنذهب للعثور على…”
“أنا من سيبحث عنها، لذا اغسل خطاياك بموتك.”
بهذه الكلمات، استدار كاينر وغادر. بينما يقود الحراس الذين بجانبه الخدم الباكين خارج الحريم.
“حسن .”
“أجل يا سلطان.”
ركع حسن، رئيس الحراس وصديقه والشخص الذي كان دائما بجانبه، في انتظار أوامره
“إذا لم يغادر أحد الحريم، فهي بالتأكيد لا تزال هنا. ابحث عنها.”
“نعم.”
خلاف ذلك، كان رجاله يفتشون الحريم بأكمله. كبير أو صغير، كان هناك حوالي مائة وخمسين غرفة داخل الحريم.
“هل الشخص المسؤول عن الحريم ليس هنا بعد؟”
لقد مرت ثلاثة أيام منذ صعود كاينر السلطان، إلى العرش.
الحقيقة هي أنه في كل مرة يأتي فيها سلطان جديد، يتم استبدال جميع المسؤولين. و بمجرد أن علم كاينر أن ساي قد اختفت، استدعى الشخص الذي كان مسؤولا سابقا عن الحريم، والذي كان محبوسًا في الزنزانة.
“لقد وصلت يا صاحب الجلالة!”
قدم الخادم نفسه على عجل أمام كاينر وركع أمامه
“لدي شيء لأطلبه منك.”
“نعم يا صاحب الجلالة.”
“ساي. أين هي الغرفة التي تستخدمها؟”
لا يزال الخادم مُنحني ووجهه لأسفل، فكر الخادم -من هي ساي؟- لم يكن من الخطيئة الكبيرة أن يحصد الابن نساء والده. عندما استدعاه الأمير، الذي أصبح الآن السلطان
رأى فرصة لاستعادة منصبه كرجل مسؤول عن الحريم. تساءل عما إذا كانت هناك محظية يحبها. واحدة تلو الآخرى، حاول أن يتذكر النساء اللواتي يفضلهن السلطان السابق بسبب جمالهن، لكنه لم يستطع التفكير في امرأة تدعى ساي بغض النظر عن مدى صعوبة محاولته. وكان الحريم يحمل عددًا كبيرًا أكثر مما كان يعتقد.
“هل ستكون الذراع كافية لاستعادة ذكرياتك؟”
سأل كاينر بغضب.
“لا، على الإطلاق، يا سلطان! أظنني أتذكر الآن!”
تذكر الآن، كان هناك محظية تدعى ساي. لطالما رآها ترتدي الحجاب لتغطية شعرها، وتتسلل وتأكل في الليل عدة مرات.
“الغرفة، الغرفة في الجناح الشمالي! الغرفة في نهاية الجناح الشمالي!”
أجاب بسرعة، وشكر ذاكرته على تذكرها. مر كاينر ورجاله من جانبه، متوجهين إلى الغرفة في الجناح الشمالي للقصر.
لفت انتباه كاينر مقابض البيبان القديمة أثناء مروره بالعديد من الغرف حتى وصل إلى الغرفة عند الزاوية.
عندما فتح الباب ببطء، رحب به الظلام فقط، مما جعل من الصعب التمييز بين الأشياء التي أمامه.
“سأعيدها يا صاحب الجلالة.”
دون أن يلاحظ ذلك، حاول حسن، الذي كان إلى جانب كاينر، المرور من جانب السلطان لكن قيدته يد كاينر. عندما فتح الباب على مصراعيه، ومر الضوء الخارجي من بين يده وأضاء الغرفة من الداخل بطريقة ما.
اقترب كاينر ببطء من السرير القديم في منتصف الغرفة. نظر إلى السرير المترب الذي من الواضح أنه لم يستخدمه أي شخص من قبل
“إنها ليست هنا. دعنا نبحث في مكان آخر……”
لم يكن هذا مكان من الممكن أن يعيش فيه احدُ ما. مكان بدون بقعة من الضوء؛ لم يكن هذا مكانا لها للبقاء فيه. بمجرد أن كان على وشك قلب خطواته لمغادرة هذا المكان القديم والعفن، لمست عينا كاينر زاوية الغرفة.
لاحظ شخصًا صغيرًا نائمًا بعمق كالكرة اللولبية في الزاوية.
“جلالتك، سأفعل ذلك.”
دخل حسن الغرفة حينما احتضن كاينر ذلك الشخص بعناية ورفعها.
“شش، اظنها نائمة”
تراجع حسن عن السلطان؛ بدا كما لو كان قلقا من أن المرأة التي تنام بين ذراعيه ستستيقظ فجأة
“مم…”
عندما خرج كاينر من الغرفة بينما يحتضن ساي
فتحت عينيها وهي تخرج أنين منخفض عند ملامسة الشمس لوجهها. تم الكشف عن عيون رمادية داكنة من خلال رموشها الفضية المتلألئة.
للحظة، ابتلع كاينر ضحكته وهو يحدق في وجهها الصغير الذي كان يحدق فيه دون فهم الوضع.
“صاحب السمو ، الأمير؟”
“الآن، أنا السلطان”
صحح كاينر كلمات ساي وفتح باب المكان الذي كان من المفترض أن تكون فيه في المقام الأول. ثم وضع ساي على السرير بنفسه وركع أمامها.
“جلالة الملك، كيف يمكنك فعل ذلك!”
“جميعًا، أغلقوا الباب واخرجوا.”
سرعان ما غادر الأشخاص الذين شعروا بالحرج من سلوك سلطانهم كاينر الغرفة وبعد أن طردهم حسن. بالنظر إلى الباب المغلق بإحكام، رفعت ساي البطانية مثل السلاح وسحبتها إلى رقبتها.
“لماذا أنت راكع……”
“ألن استطيع مقابلة عينيك بشكل أفضل عندما أفعل هذا؟”
كما لو كان الأمر طبيعيا، انحنى كاينر أكثر قليلا إلى الأمام نحو ساي وواجهها.
“جلالتك….”
في تلك اللحظة، عبس كاينر فجأة، ظنت ساي بأنها فعلت شيئا خاطئا، و اخفضت نظرها على عجل بعد اتصالها بالعين معه.
“لقد فُتح جرحكِ الذي عالجته بأقصى ما لدي مرة أخرى.”
أصبحت حواف البطانية حمراء، ربما من مدى شدة إمساكها بها.
عندها فقط أدركت من نظراته حقيقة أن ضماداتها كانت غارقة بالدماء وتركت البطانية.
“آه….”
“هل يؤلمك الآن؟”
لم تكن تعرف كيف أصبحت في مثل هذا الوضع. لماذا كان كاينر، ولماذا يتحدث معها بحنان هكذا؟
“حسن!”
عندما صرخ كاينر، دخل حسن، الذي كان يقف خارج الباب على الفور.
“أحضر بعض القماش النظيف.”
أمر السلطان بذلك بينما يأخذ يد ساي، ونظر إلى قطعة القماش التي أصبحت حمراء. أجاب حسن.
“سأدعو الطبيب”
“أحضر القماش. سأفعل ذلك بنفسي.”
تصلب وجه حسن. كاينر لم يعد أميرًا . كان السلطان، السلطان الذي كان يحكم هذه السلطنة. “الملك”، الذي كان يعتني مباشرة بإصابة مجرد محظية.”
ولكن بأمر من السلطان الذي كان يخدمه، غادر حسن بهدوء مرة أخرى. ثم عاد بعد فترة وجيزة، وسلم قطعة قماش بيضاء إلى كاينر.
“ألا يؤلم؟”
“أنا بخير.”
قالت ساي، وهي تهز رأسها.
لم تشعر حتى بالألم في الوقت الحالي. لكن لم يكن كاينر ليتركها
بنفسه أزال قطعة القماش الملطخة بالدماء وغطى إصابتها بقطعة قماش نظيفة، ساي، التي كانت تحاول رفع يدها عن يده.
“لماذا تفعل هذا لي؟”
سألت ساي، دون تفكير. لأنها كانت ستموت على أي حال. سواء كان ذلك قبل بضعة أيام أو الآن، فإن حقيقة أنها ستموت لن تتغير. لم تكن تعرف نوع النزوة التي بسببها أبقاها كاينر على قيد الحياة. فقط، في الوقت الحالي على أقل تقدير. كان الوضع برمته أكثر من اللازم بالنسبة لها ومرهقًا.
“أتساءل….”
كانت عيناه السوداوان تنظران إليها وهي منحنيتان بهدوء. عندما أدركت ساي أنها ابتسامة واضحة، ابعدت نظرها عن تلك العيون وأدارت رأسها عل عجل.
كان قلبها ينبض.
عرفت جميع النساء في الحريم هذا الأمير الرائع. الابن الذي يشبه كلمة ‘السلطان’ أكثر من غيره. لأنه مناسب في كل شيء حتى مزاجه، قال أحدهم إنه سيصبح السلطان التالي. ومع ذلك، من ناحية أخرى، قالوا أيضا إن ذلك سيقلب موضوع الأخذ بالأكبر في الخلافة (لأنه الإبن التاسع) وكان من المستحيل عليه أن يصبح السلطان.
عندما رأت الأمير الذي يشاع عنه على نطاق واسع في المكتبة اول مرة. لم تستطع إبعاد عينيها عنه. عندها فقط تمكنت من فهم معنى كلمات “رجل يصنع قلب المرأة حقا”.
لو كانت تلك العيون السوداء الحكيمة التي كانت تحدق في الكتب تنظر إليها، كان هناك وقت اعتادت فيه على مثل هذه الأوهام. كما هو الحال الآن.
“إذا احتضنتكِ، فهل سأكون قادرًا على تشتيت فضولك؟”
سأل كاينر، الذي أمسك بذقن ساي، وجعلها تواجهه.
ابتسمت ساي بدون حول او قوة على هذه الكلمات.
“أجل”
كان السلطان. لذا لم يكن عدم تحقيق رغباته موجودا في بلاده. كمحظية كل ما كان عليها فعله هو الاستلقاء على السرير وساقيها مفتوحتان مرة أخرى والانتظار حتى تمر الليلة الطويلة. ماذا سيحدث لها بعد تلك الليلة؟ هل ستكون قادرة على الخروج من هنا مثل النساء اللاتي غادرن الحريم؟
“ماذا تعني تلك الابتسامة؟”
“هذا يعني أنها إرادة السلطان.”
بدا أن ساي قد أخفضت رأسها باحترام.
لبعض الوقت، نظر كاينر إلى رأس المرأة الصغير الذي أجاب بأنها ستسمح له باحتضانها بطاعة. لم يستطع تخمين نوع الأفكار التي كانت في هذا الرأس الصغير. رفع كاينر يده ببطء وربت على رأسها.
“صاحب الجلالة؟……”
“إنه ناعم.”
تدفقت خصلات الشعر الفضية من بين أصابعه. ثم نهض وصعد إلى السرير.
ارتعدت ساي غريزيا وأغلقت عينيها بحزم. كانت الشمس قد بدأت للتو في الغروب. في نفس اللحظة التي قررت فيها أنها ستكون ليلة طويلة جدا، تم جرها إلى صدره.
“اليوم، أرجوكِ ارتاحي كما أنتِ فحسب.”
“عذرًا؟”
“كانت الأيام الثلاثة الماضية صعبة بالنسبة لي أيضا ألا يمكنني أخذ ليلة عطلة كهذه؟”
كانت مؤخرة رقبته أمامها. فكلما تنفست، تحركت البشرة المدبوغة الجميلة بلون القمح. حبست ساي أنفاسها.
سحب كاينر ساي بإحكام بين ذراعيه، ووضع شفتيه على جبهتها. شعرت ساي بالتنفس الدافئ الذي كان يسقط على جبهتها، وزفرت تدريجيا التنفس الذي احتجزته.
بعد ذلك بقليل، كسر صوت التنفس المتساوي الصمت في الغرفة. عندها فقط رفعت ساي رأسها، والتي كانت لا تزال مستلقية بصرامة بين ذراعيه، ونظرت إلى كاينر، الذي كان نائما.
لماذا يحتضنها؟