Sister, I'm The Queen In This Life - 82
- الصفحة الرئيسية
- جميع القصص
- Sister, I'm The Queen In This Life
- 82 - الفصل الثّاني و الثّمانون: أنتِ تثيرين اشمئزازي
82- أنتِ تثيرين اشمئزازي
كانتْ أريادن متوتّرة. ماذا لو اختلقتْ لوكريزيا عذرًا ، قائلةً بأنّها كانتْ تحاول فقط تنظيف الفوضى التّي تسبّبتُ فيها في غرفتي؟
هذه الأيّام ، سادتْ قوّة محقّقي الكنيسة في الخارج. كانوا يطاردون المذنبين و يحقّقون معهم. و كان الكاردينال أحد أعلى رجال الدّين مكانةً في مكتب الكرسيّ الرّسوليّ** و يشرف على كاثدرائيّة إيركول و أبرشيّة سان كارلو. لكنّ هذا الحادث السّخيف قد حدث في مقرّ سكنه الرّسميّ. إذا كان لأريادن علاقة به بطريقة ما ، مهما كان صغر الدّور الذّي لعبتْه ، ستقع في ورطة كبيرة.
** الكرسيّ الرّسوليّ: في الواقع، هو كيان سياسي قانوني معترف به دوليا يرأسه «أسقف روما» أو رأس الكنيسة الكاثوليكية، المعروف عموما باسم بابا روما. وتمثل الإدارة البابوية الرومانية الحكومة المركزية في الكرسي الرسولي وهي تمثل مجموعة من الإدارات والهيئات الكنسية والتي يرأسها البابا. وُيعتبر الكرسي الرسولي المتحدث باسم الكنيسة الكاثوليكية، أما في عالم هذه الرواية، فهو مشابه تقريبا للتعريف السابق باستثناء أن من يرأسه يسمى البابا فقط و هو في قمة التسلسل الهرمي للهيكل الديني في جميع بلدان القارة الوسطى.
لكنّ لوكريزيا كانتْ جاهلةً للغاية لتتوصّل إلى عذر و توقعها فيه.
حسنًا ، بشكل أكثر دقّة ، لم يكن الأمر أنّ لوكريزيا لم تكن ذكيّة بما يكفي لكي لا تستطيع إيجاد عذر. كان فقط أنّ الأمر كان واضحًا للغاية بأنّها المذنبة.
”عندما أخبرني نيكولو بما كان يحدث ، اعتقدتُ بأنّه كان يقول نكتة فظيعة!“ زمجر الكاردينال بذهول.
كانتْ خادمة لوكريزيا المخلصة جيادا قد حرّضتْ سيّدتها لهذا العمل. و مع ذلك ، عندما أدركتْ أنّ سيّدتها جادّة حول تأدية السّحر الأسود في المنزل ، جَبُنَتْ. لذلك ، ذهبتْ إلى نيكولو ، نسيبها** ، للوشاية بلوكريزيا بينما تتظاهر بطلب يد العون. و مع ذلك ، حاولتْ أن تلفّ و تدور في الحديث حتّى أتى يوم تنفيذ سحر لوكريزيا الأسود. لم تستطع جيادا تحمّل الأمر أكثر و وشتْ بالسّرّ. مباشرةً قبل أن تمارس لوكريزيا الفنّ الأسود ، أخبرتْ نيكولو بكلّ شيء ، باستثناء الجزء الذّي شاركتْ هي فيه.
** بشكل دقيق، زوج أختها.
بعد أن سمع كبير الخدم بكلّ شيء ، قرّر بأنّه لا يجب أن يكتم السّرّ لنفسه. لذلك ، أبلغ على الفور الكاردينال دي ماري بما سمعه.
لو كان الكاردينال قد صادر كلّ الموادّ المتعلّقة من غرفة لوكريزيا قبل أن يحدث كلّ هذا ، كان تصرّفها المؤمن بالخرافات ليتوقّف ، و كانتْ هذه القضيّة لتُغلق بسلام. لم يكن ليُؤدّى سحرها الأسود المدبّر ، و كان ليُترك دم الضّفدع الميّت في القنّينة غير مستعمل. لم يكن دم الضّفدع المتعفّن ليُنثَر عبر السّجّاد العاجيّ لغرفة أريادن ، و كان الجميع ليضحك على الأمر. بعد كلّ شيء ، كان الموقف سخيفًا للغاية ليكون حقيقة.
لكنّ جيادا كانتْ متأخّرة بخطوة. عندما هرع الكاردينال دي ماري إلى لوكريزيا ، كانتْ زوجته بالفعل تمارس السّحر المحرّم.
عندما وضع قدمه في الغرفة ، وجد نجمة خماسيّة سخيفة ، لا معنى لها و لا يمكن تصديقها على أرضيّة منزله ، و بجانب الرّمز المشؤوم جلستْ زوجته رابضةً.
”هل فقدتِ عقلكِ؟“ سأل الكاردينال بذهول.
كان ما رآه أسخف بكثير من أن يُصدَّق. طغى الذّهول على غضبه.
”هذا هو مقرّ الإقامة الرّسميّ للكاردينال.“ استرسل بانذهال. ”و أنا أحد أعلى رجال الدّين مكانةً الذّين يخدمون أبانا المقدّس. أنا القائد الرّوحانيّ لسان كارلو ، أفضل أبرشيّة في إتروسكان ، و أحد التّلاميذ الثّلاثة عشر ، الذّين مكانتهم تقع مباشرةً تحت قداسة البابا.“
أشار إلى النّجمة الخماسيّة المرسومة بالدّم على الأرضيّة.
”لكن ما الذّي يفعله هذا الشّيء في منزلي؟ أتريدين أن تري جميع من في هذا المنزل يُحرقون أحياء أمام المحقّقين؟“
و هي ترتجف بشراسة من رأسها إلى أخمص قدميْها ، أدركتْ لوكريزيا أخيرًا ما كانتْ قد اقترفتْه و النّتائج التّي تنتظرها.
”لم أكن أنوي فعل ذلك يا قداستكَ…“ انخفض صوت لوكريزيا تدريجيًّا.
لكن كان من الظّلم أن تحمل لوكريزيا كلّ اللّوم. قُبض عليها متلبِّسة في هذا التّصرف الخاطئ لأنّ المنجّمة الغجريّة لم تعطها التّعليمات الملائمة بالتّفاصيل. ذلك يشرح سبب خربشتها للنّجمة الخماسيّة العملاقة باستهتار على الأرضيّة الخشبيّة للمنزل المقدّس.
كانتْ العرّافة الغجريّة قد أخبرتْها أن ”تضع الغرض المتعلّق بطقس التّطهير في مركز النّجمة الخماسيّة تمامًا ، ترسم النّجمة الخماسيّة بدم الضّفدع ، و تحرق البخور و المرّ في الشّعلات في كلّ زاوية لإبعاد الطّاقة الشّرّيرة“.
افترضتْ الغجريّة بأنّ لوكريزيا بشكل أكيد ”سترسم“ نجمة خماسيّة عملاقة بكلّ زاوية خارج مقرّ الإقامة الرّسميّ. إذا وضعتْ السّيّدة موقد الغاز المتنقّل أمام الإسطبل ، الثّاني في الزّاوية في الحديقة الخلفيّة ، الثّالث في أخد جوانب حديقة خضروات الخادم ، و هكذا دواليك ، سيكون احتمال القبض عليها أقلّ. لم يكن من الضّروريّ أن تكون كلّ زاوية من النّجمة الخماسيّة متّصلة ماديًّا بالدّم. كانتْ تلك الحقيقة بديهيّة بالنّسبة لممارسي السّحر الأسود.
إلى جانب ذلك ، لم يكن ”الحجر الكريم القيّم الملعون“ المزعوم ملعونًا في المقام الأوّل ، لذلك لم يكن هناك سبب أيًّا كان لتُرسم النّجمة الخماسيّة بدقّة. لم يكن مهمًّا لو كانتْ النّجمة الخماسيّة مائلة أو متفاوتة ، أو حتّى إذا رُسمتْ عن طريق الخطأ كنجمة سداسيّة ، لذلك لم تجد العرّافة حتّى حاجة لتخبرها عن كلّ تفاصيل الرّسمة.
و مع ذلك ، لم تكن لوكريزيا تعلم شيئًا عن السّحر الأسود و اعتقدتْ بشكل قاطع أنّه يجب رسم نجمة خماسيّة صغيرة دامية و الخزنة في المنتصف. كانتْ لوكريزيا تسترق النّظر إلى غرفة أريادن كلّما وجدتْ فرصة ، لكنّها لم تكن فارغة أبدًا. لكن كان اليوم هو اليوم الأخير لكوكبة الحوّاء. لحسن الحظّ ، كانتْ هناك لحظة وجيزة حيث لم يكن هناك أحد في غرفة دراسة أريادن. هرعتْ لتأدية السّحر المحرّم و أوقعتْ نفسها في هذه الفوضى.
كان يوجد سوء فهم بينهما و بين الغجريّة ، ممّا أوقعها في هذه المصيبة ، لكنّها لم تستطع شرح موقفها بشكل صحيح للكاردينال ، و حتّى إن تمكّنتْ من فعل ذلك ، فلن يهدأ غضبه.
أشعل صمتها حنقه ، و الآن أدار غضبه عليها على أشدّه.
”سينتهي أمرنا بهذا. سنكون ميّتين! و ما الذّي سيحدث لشرفي؟“
كان الكاردينال دي ماري قد كرّس حياته لتسلّق سلّم التّسلسل الهرميّ ، الذّي بدأ منذ أن كان يتيمًا يعيش في قرية بجوار شاطئ البحر. كان صبيًّا نحيلاً كالعصا في الثّانية عشر من عمره ، لكنّه لم يتوقّف أبدًا عن التّسلّق إلى هذا اليوم ، و كان الآن رجلاً كهلاً يصلع ذو تجاعيد عميقة حول عينيْه.
”ما الذّي سيحدث لسيمون دي ماري ، عالم اللاّهوت المحترم…؟!“ عول الكاردينال.
لم يكن لدى الكاردينال أحد ليثق به غير نفسه في هذا العالم ، لكنّه تمكّن من إنجاح مسيرته بصعوبة. كانتْ أقوى قوّة دافعة لشرفه هي سمعته الرّفيعة كطالب و باحث في العلم اللاّهوت. رُغم أنّ ذكاءه قد ذبُل قليلاً مع تقدّمه في السّنّ ، كانتْ قوّته في شرح أفكاره قويّة. دافع عن أفكار باخوس و علم اللاّهوت المعرّف بالمنطق العقلانيّ. كان قد أقنع الهيكل الدّينيّ بأنّ مطاردة السّاحرات ، السّحر الأسود ، الشّعوذة ، محاكم التّفتيش ، و أيّ شيء من ذلك القبيل هو أوهام عاطفيّة. و بالتّالي ، يجب عليهم أن يصلوا إلى الإله المقدّس عن طريق المنطق و العقلانيّة.
لكنّ الكاردينال سيمون دي ماري يمتلك نجمة خماسيّة شيطانيّة في منزله ، سيُنكّت النّاس.
”هذا يعارض كلّ ورقة و أطروحة كتبتُها!“ صاح الكاردينال.
يا له من أمر لا يُصدَّق! أكثر رجل معروف بتقواه و حكمته يعبد الشّيطان.
”و سيقول النّاس ”السّبب وراء معارضة الكاردينال سيمون دي ماري للمحقّقين هو أنّه لم يرد أن يُقبَض عليه“!“
لم يستطع فهم ما كانتْ تفكّر فيه زوجته. ”ما الذّي كنتِ تفكّرين فيه بحقّ خالق الكون لتفعلي شيئًا مجنونًا كهذا؟“ تساءل.
كانتْ الدّموع تنهمر على خدّيْ لوكريزيا. ”أ-أنا…“ تمتمتْ متلعثمة.
”ماذا؟“ سأل.
”أنا فعلتُها من أجل عائلتنا…“ أجابتْ. ”فعلتُها لأفيد كلّ شخص في عائلتنا…“
رُغم أنّ لوكريزيا لم تعتبر أريادن جزءًا من ”العائلة“ ، لم يصل الكاردينال إلى مدى لومها على ذلك.
و هي تبكي بشراسة ، استرسلتْ لوكريزيا. ”قالتْ العرّافة… بأنّ إيزابيلا انتهى بها الأمر هكذا بسبب قوّة شرّيرة في المنزل… بأنّ طقس التّطهير سيحلّ كلّ شيء…“
”كيف يمكنكِ تصديق ذلك يا أيّتها المرأة الجاهلة!“ زأر الكاردينال.
كان هياجه مبنيًّا جزءًا على الانذهال و جزءًا على الغضب. كان من المؤلم للغاية له أن يتكلّم مع شخص أبله. لم يعلم حتّى أين يبدأ. كيف يمكنه أن يقنع لوكريزيا بأنّ ما فعلتْه غير معقول؟
و ألمّتْ به حقيقة وخيمة و غير قابلة للتّغيير. هذه المرأة ، التّي كان قد عاش معها لأكثر من عشرين سنة ، كانتْ جاهلة تمامًا و بشكل ميؤوس منه.
”ألم تعلمي؟ ألم تعلمي ما الذّي سيحلّ بنا إذا صدف و اكتشف المحقّقون هذا؟“ عول.
”أنا آسفة… سامحني…“ توسّلتْ لوكريزيا.
لاحتْ العشرون سنة الماضية أمام عينيْ الكاردينال. كان قد بذل قصارى جهده ليقود هذا المنزل. اعتقد بأنّه يستطيع الاعتماد على زوجته لدعمه و عائلته ، لكن لا. بالتّفكير في ذلك ، لم تكن شيئًا غير مصدر للإزعاج. كانتْ قد استجدتْ به كعلقة ، و أحضرتْ المزيد من العلقات التّي سمّتْها ”عائلة“.
كان قد أخطأ في لوكريزيا على أنّها زوجة مخلصة ، لكنّ جانبها من العائلة كان دائمًا يأتي أوّلاً.
أدرك ذلك للمرّة الأولى عندما أيّدتْ زانوبي. كانتْ ابنته اللّقيطة المرتبطة به بالدّم أكثر جدارة من زانوبي الأبله ذاك. و كان يجب على زوجته ، التّي يُفترض بها أن تكون نصفه الثّاني الموثوق ، أن تقف في صفّه. لكن عندما دُفعتْ إلى الحدّ الأقصى ، اختارتْ أن تنقذ زانوبي بدلاً من أريادن.
شعر الكاردينال دي ماري بقلبه يفتر كقطعة جليد. ”انظري ، يا لوكريزيا. أعتقد بأنّني قد كنتُ سخيًّا بما يكفي. لقد حصلتِ على العديد من الفرص.“
تغيّر موقف الكاردينال اتّجاه لوكريزيا ببراعة. كان عادةً يناديها ”عزيزتي“ أو ”حبيبتي“ ، لكن الآن ، ناداها باسمها فقط.
”أنتِ سيّئة لعائلة دي ماري.“ ختم. ”أنتِ تدمّرين عائلتي.“
اتّسعتْ عينا لوكريزيا الجمشتيّتان للغاية ، لدرجة أنّ بياض عينيْها قد برز للغاية. كانتْ تعرف زوجها بأكمله للغاية. ”لا ، لا. لا…!!“ عولتْ.
”أنتِ تثيرين اشمئزازي. انتهى الأمر بيننا.“ قال الكاردينال ببرود كالثّلج.
تحطّم!
صدى صوت تحطّم آنية الفخّار بصخب في أرجاء غرفة أريادن. كانتْ أرابيلا قد تسلّلتْ إلى مدخل غرفة دراسة أريادن ، لكنّها أسقطتْ الدّمية الفخّاريّة من يديْها. سقطتْ الدّمية على الأرضيّة الرّخاميّة و تهشّمتْ بصوت صاخب.
عندما وجدتْ لوكريزيا أرابيلا الصّغيرة ، زحفتْ على ركبتيْها باتّجاه ابنتها كما لو أنّ حياتها تعتمد على ذلك. رمتْ نفسها تقريبًا على ابنتها الصّغرى و احتضنتْها بإحكام.
كانتْ أرابيلا متفاجئة من احتضان والدتها المفاجئ و مشهدها مغطّاة بدم الضّفدع المتعفّن. خطتْ خطوة إلى الجانب لتجنّب حركة والدتها اليائسة ، لكنّ لوكريزيا حجزتْ أرابيلا بإحكام أكبر حتّى من صدرها.
”نيافتكَ!“ عولتْ لوكريزيا. ”أنا والدة أطفالكَ. لقد أنجبتهم!“
كانتْ لوكريزيا تعلم كم يمكن للكاردينال دي ماري أن يكون باردًا ، لذلك وضعتْ كلّ طاقتها في المناشدة من أجل المغفرة. اليوم ، قرّر زوجها أن يهجرها. و حالما يفعل ، ستكون في عداد المنسيّين.
”لقد أنجبتُ ثلاثة… ثلاثة أطفال! و عشنا معًا لاثنيْن و عشرين سنة! لا يمكنكَ رميي هكذا! فكرّ في أبناءنا!“
لكنّ الكاردينال لم يحرّك جفنًا. ”أنا أفعل هذا من أجل أبنائي.“ قال بهدوء.
لمعتْ عيناه الخضراوتان القاتمتان كمعدن و هو ينظر إلى لوكريزيا. حدّق في عينيْ المرأة الجاهلة الجمشتيّتيْن لوقت طويل. كانتْ عيناها آسرتيْن ، لكنّه لم يفهمهما أبدًا حقًّا.
”أفضّل ألاّ أمتلك سيّدة في هذا المنزل على امتلاك امرأة لا يمكن السّيطرة عليها تنادي نفسها أمًّا.“ قال برعب. ”تريدين من إيزابيلا أن تتزوّج؟ كيف يمكنها الحصول على رجل مناسب بينما أمّها ممسوسة من طرف الشّيطان؟“
قال الكاردينال كلّ شيء في ذهنه و هو ينظر إلى عينيْها طوال الوقت.
”تريدين أن يكبر إيبوليتو ليحضى بمسيرة ناجحة؟ أجل ، صحيح! كيف يمكنه أن يصبح موظّفًا حكوميًّا باهرًا ، جنديًّا ذا سمعة رفيعة ، أو رجل دين تقيّ بينما هو يمتلك أمًّا جاهلةً مثلكِ؟“
حُشرتْ أرابيلا بين والديْها ، الذّيْن كانا يشنّان حرب أعصاب. كافحتْ لتخرج من بين صدر لوكريزيا ، لكن لا الكاردينال و لا والدتها قد اهتمّا بأمان ابنتهما.
”من الأفضل عدم امتلاك أمّ على امتلاك أمّ مثلكِ.“
وقف الكاردينال دي ماري و نظر إلى كبير الخدم نيكولو ، الذّي كان ينحني بتوتّر في الزّاوية مع أريادن.
”انظر. خذ هذه المرأة على الفور إلى فيرجاتوم.“ أمر الكاردينال. ”خذها إلى الغرفة الصّغيرة في فيرجاتوم ، و لا تدعها تحصل على أيّ رُفقة.“
انحنى كبير الخدم بعمق و قال. ”سأفعل كما تأمر يا نيافتكَ!“
بسماعها لتلك الكلمات ، زعقتْ لوكريزيا. حضنتْ أرابيلا بإحكام أكبر و هزّتْ ابنتها.
”قولي شيئًا!“ ناشدتْ لوكريزيا. ”قولي شيئًا لوالدكِ!“
جفّ الدّم من وجه أرابيلا. بدا الأمر كما لو أنّها قد تسمّرتْ في مكانها. لم تستطع قول كلمة و ارتجفتْ من الخوف فقط.
”أنتِ ابنتي! أنا والدتكِ البيولوجيّة! قولي شيئًا! قولي شيئًا من أجلي!“ كانتْ زعقات لوكريزيا عالية بما يكفي بالكاد ليسمعها الحيّ المجاور.
هزّ الكاردينال رأسه بهلع و ذهب باتّجاهها. ”توقّفي عن هذا. هذه ستكون لحظتكِ الأخيرة معها. لا تحرجي نفسكِ.“
أمسك بيد لوكريزيا اليسرى. على ذلك ، حُرّرتْ أرابيلا أخيرًا من احتضان والدتها الخانق. هربتْ على عجل من صدرها.
سحب نيافته بقوّة الخاتم الذّهبيّ العملاق من يد لوكريزيا اليسرى. كان الخاتم الذّي سحبه الكاردينال يرمز إلى أنّ الشّخص الذّي يرتدي الخاتم هو سيّدة عائلة دي ماري. ”دي ماري“ ، اسم عائلته ، قد اُكتُسِب و هو يتسلّق سلّم التّسلسل الهرميّ ، من يتيم دون اسم عائلة إلى راهب ، كاهن ، ثمّ أسقف. اسم عائلته ، الذّي يدلّ على البحر و المكتسب من خلال العرق و الدّم ، كان منقوشًا على الخاتم من أجل السّيّدة.
و منذ أن صنع الخاتم ، كانتْ لوكريزيا ترتديه حتّى الآن. بعد أن استرجع الخاتم ، أمر كبير خدمه. ”خذها بعيدًا.“
بدا نيكولو مضطربًا و لكن أومأ بالإيجاب. أرشدها إلى الباب. ”أنا آسف. أنا أخشى أنّه يجب أن نذهب.“ قال نيكولو بتوتّر.
نظرتْ لوكريزيا إلى زوجها و عولتْ. ”أرفض الذّهاب!“
لكنّ الكاردينال بدا أنّه قد محاها من ذاكرته. نظر إلى الجانب الآخر و تظاهر بعدم رؤيتها. كان يتجنّبها عمدًا.
لم يكن نيكولو يعلم ما يجب عليه فعله. أخفض صوته حتّى لا يسمع قداسته تشريفاته للوكريزيا.
متململاً ، حاول أن يهدّأها. ”مدام ، تعلمين أنّ نيافته لن يكون هذا لوقت طويل! أنا أخشى أنّ عصيانه لن يكون أفضل شيء لفعله. حالما يهدأ غضبه ، أنا متأكّد أنّه سيعيد النّظر. لكن في الوقت الرّاهن ، لا بدّ لنا من الذّهاب.“
أجبر كبير الخدم تقريبًا لوكريزيا على الخروج من الغرفة. استمرّتْ في النّظر إلى الوراء بندم و نيكولو يسحبها إلى الخارج.
فرك الكاردينال دي ماري خاتم السّيّدة برداء الكاهن خاصّته و سلّمه إلى أريادن.
”هيّا. هذا ملككِ.“ قال.
استلمتْ أريادن الخاتم الذّهبيّ اللاّمع بعينيْن متّسعتيْن. كان هذا الخاتم لسيّدة منزل دي ماري ، و بالتّالي منحها السّلطة للحفاظ على دفتر حسابات العائلة على كلّ الدّخل و المصاريف.
”اعتقدتُ بأنّني سأمرّر هذا الخاتم إلى كنّتي. لم أتخيّل حتّى في أحلامي أنّني سأعطيه إلى ابنتي.“ قال الكاردينال بغير تصديق.
كان لديه تعابير متصلّبة على وجهه لأنّه لم يستطع تصديق ما حدث للتّوّ. ابنته اللّقيطة تشابهه. كان من النّوع الذّي يتقدّم في الشّؤون حسب ما تخبره أفكاره العقلانيّة ، لكنّ عواطفه طغتْ عليه بشكل متأخّر.
”لقد قمتِ بعمل جيّد. أعتقد بأنّكِ تستحقّيم هذا الخاتم في الوقت الرّاهن.“
بعد أن نصّب الكاردينال أريادن السّيّدة ، بدا أنّ التّعب طغى عليه مرّة واحدة. تمايل و هو يغادر غرفة دراسة ابنته.
”اعتني بهذه الفوضى.“ أمر. ”أحتاج أن آخذ قسطًا من الرّاحة.“
زيّفتْ أريادن إخلاصها و انحنتْ وراء ظهر والدها و هو يغادر الغرفة. ”نعم يا والدي.“
”ليس القويّ من يفوز ، بل من يفوز هو القويّ.“ أدركتْ أريادن مدى صحّة هذه الكلمات من خلال تجربة اليوم. لم تفعل أيّ شيء ، لكنّ لوكريزيا حفرتْ قبرها الخاصّ.
“…”
ارتدتْ أريادن الخاتم الذّهبيّ في أصبع السّبابة الأيسر. لمع الذّهب المصفرّ الحيويّ بعنف. رُغم أنّ لوكريزيا كانتْ ترتدي الخاتم في أصبعها البنصر ، كانتْ أصابع الفتاة المراهقة هزيلة للغاية للخاتم. بالكاد بقى في وضعه متراخيًا في أصبعها السّبّابة.
”أرابيلا.“ نادتْ أرابيلا أختها الصّغرى ، التّي كانتْ ترتجف بجنون في زاوية الغرفة. قبّلتْ جبهة أرابيلا.
”اذهبي إلى غرفتكِ في الوقت الحاليّ.“ قالتْ أريادن بشكل مطمئن. ”و لا تخبري أحدًا حول ما رأيتِ اليوم. سآتي إلى غرفتكِ قريبًا.“
بعد أن أرسلتْ أرابيلا ، نادتْ جيادا.
”جيادا ، ستكونين لوحدكِ. نظّفي هذه الفوضى.“ أمرتْ أريادن.
كانتْ جيادا ترتجف في زاوية الغرفة لكنّها ابتسمتْ بابتهاج. أخيرًا ، كان يوجد شيء يمكنها فعله.
لم يكن بإمكان أريادن ترك أيّ خادمة ترى النّجمة الخماسيّة الفوضويّة المرسومة بدم حيوان ميّت في القصر المقدّس. بما أنّ جيادا قد رأتْ كلّ شيء ، من الصّحيح تمامًا أمرها بتنظيفها.
لكنّ أريادن لم تكن تخطّط لتركها تنجو دون عقاب.
”و نحن بحاجة للتّكلّم. تعالي إليّ بعد أن تنتهي من التّنظيف.“ أمرتْ.