Seeking a Secret Sponsor for the Tyrant - 85
تصويت قبل القراءة~
الفصل 85
* * *
مّرَّ بعض الوقت، وأصبحت مُتعَبةً لدرجة أنني استندت إلى الحائط في أحد الزوايا.
‘يا إلهي، لقد تحدثت بجدية بعد مدٍّة طويلة، فأصبحت مرهقة.’
تذكرت تلك الأيام التي كنت أسعى فيها للحصول على لقب ملكة المبيعات، مُتنقلةً بين عدة أماكن في يومٍ واحد.
شعرتُ برغبةٍ شديدةٍ في العودة إلى المنزل.
‘أتمنى دعوتكِ إلى الإمارة يومًا ما.’
رغم كل شيء، كان هناك مكاسبٌ صغيرة وكبيرة، مما جعلني أشعر بالرضا.
علاوة على ذلك، مجرد إدراكي أنني لم أعد بحاجة إلى العمل لسداد الديون كان كافيًا لتخفيف تعبي قليلًا.
بينما كنت أرتشف الشمبانيا بسعادة، ظهرت أمامي ظِـلال.
رفعتُ نظري لأجد عينين خضراويتين عميقتين تحدقان بي من أعلى.
“…لين؟”
ضيّق جبينه برفقٍ وكأنه يبحث عن الكلمات المناسبة ليقولها.
كنتُ أعرف هذا التعبير جيدًا، فقد رأيتُه على وجهه من قبل.
كان ذلك الوجه يعكس تردّده في قول شيءٍ ما؛ كان يفكّر فيما إذا كان عليه قوله أم لا.
“هل-؟”
تردّد لينوكس لبعض الوقت، وحرّك شفتيه وكأنه سيقول شيئًا، لكنه بدا محبطًا وتنهّد بعمق.
راقبتُ تصرفاته بغرابة، وحين اقترب أكثر، همس بصوتٍ منخفض.
“هل يمكننا الانتقال إلى مكانٍ آخر نتحدث فيه على انفراد؟”
صوته المنخفض دغدغ أذني.
‘متى أصبح بهذا الطول؟’
عندما اقتربتُ منه، بدا جسده أكثر قوّة ورشاقة من تحت الزيّ الرسمي.
وفي اللحظة التي التقطتُ فيها رائحة عطرهِ الغني بالمسك، خـفق قلبي بشكلٍ غريـب.
حاولتُ قول أيّ شيء، لكن عـندها-
“يدخل الآن جلالة الإمبراطور وصاحبة الجلالة الإمبراطورة الأرملة!”
ساد الصمت في القاعة الصاخبة وكأنها غُمرت بالماء البارد.
بين الحشود، ظهرت ملامح الإمبراطور والإمبراطورة الأرملة.
وحين رأيتهما، شعرتُ بدهشةٍ حقيقية.
‘إنهما ليسا أخًا وأختًا، بل أُمًّا وابنًا؟’
رغم أن الإمبراطور بدا شابًا مقارنة بعمره، إلا أن الإمبراطورة الأرملة لم تكن مختلفةً عنه.
بجمالهما الذي يمكن أن يُخطئ المرء ويظنه جمال أخ وأخته، بقيتُ فاغرة الفم.
“يبدو أن جلالتَيّ الإمبراطور والإمبراطورة يزدادان شبابًا يومًا بعد يوم.”
“حقًا، ما هو سِـرُّ ذلك يا ترى؟”
لم أكن الوحيدة المذهولة، فقد كان جميع النبلاء يتهامسون باندهاشٍ وهم يراقبونهما.
سمعتُ تنهدًا قريبًا جدًا، فالتفتُّ لأجد لينوكس يعبس وكأنه منزعجٌ بشدة.
‘هل من المقبول أن يُظهر تعابير كهذه في مكانٍ كهذا؟’
شعرتُ بالحرج، وبدأت أنقل نظري بين لينوكس والإمبراطور.
عندما التقت نظرات الإمبراطور بي، اقترب لينوكس منه وركع.
“أُحيّي شمس سيريل.”
توجّهت كل الأنظار نحوهما.
ساد الصمت في القاعة بينما كانت تلك اللحظة بين السيّد وخادمه تحت الأضواء.
أنا أيضًا حبستُ أنفاسي وأنا أراقبهما.
لكن لم يكن توتّري نابعًا مما يحدث الآن، بل بسبب شيءٍ آخر.
‘في القصة الأصلية، هذه هي اللحظة التي…’
…حاول فيها لينوكس قتل الإمبراطور.
بقيتُ أُراقبهما، ناسيةً حتى التنفّس، لكـن-
“انهض، يا ماركيز بليك.”
نهض لينوكس ببطء.
وعلى عكس القصة الأصلية، لم يكن هناك أيُّ مشهدٍ دموي.
لكن عندما نظرتُ إلى وجهه، أدركتُ أنه يكتم شعورًا بالملل.
‘هذا المشهد مألوف…’
…ذكّرني بحفلة الشركة عندما كنتُ مُضطرّةً لعرض موهبة كجزءٍ من مراسم قبول الموظفين الجدد.
حتى لينوكس يخضع لقوانين المجتمع…
طالما أن بطل القصة لم يتحوّل إلى شرير، فليس أمامه سوى التكيّف مع مجتمعه.
قد يكون هذا الأمر مُحزنًا بالنسبة له.
للحظة، التقت نظرات الإمبراطور بي.
رغم أنها لم تستمرَّ طويلًا، إلا أنني شعرتُ ببرودة نظراته التي لم تكن ودّية.
‘…أأنا ضيفةٌ غير مرغوبٍ فيها هنا؟’
لم أكن مُهتمةً لذلك، لذا واصلتُ شرب الشمبانيا بهدوء.
مع دخول الإمبراطور والإمبراطورة الأرملة، تغيرت الموسيقى في القاعة.
أصبحت موسيقى فالس، فالتفت الجميع نحو ساحة الرقص.
كانت الرقصة الأولى دائمًا من نصيب الإمبراطور، ولم يكن لأحدٍ أن يبدأ الرقص قبله.
لكن الإمبراطورة قد فارقت الحياة منذ أكثر من عشرين عامًا.
بعد ذلك، مدّ الإمبراطور يده بشكلٍ طبيعي إلى الإمبراطورة الأرملة التي ملأت مكان الإمبراطورة الراحلة، فأجابته بابتسامةٍ أنيقة وأمسكت بيده.
‘شخصٌ في منتصف العمر وآخرٌ على مشارف الشيخوخة… ومع ذلك يبدوان كأنهما شابٌّ وشابّة.’
بالتدقيق أكثر، بدا أن مظهر الإمبراطور أصبح أكثر شبابًا مما كان عليه قبل خمس سنوات.
انتهت تلك الرقصة الغريبة لكن الجميلة بين رجلٍ وامرأة.
حوّل الإمبراطور نظره نحو لينوكس.
وعندما التقت نظراتهما، توجّه لينوكس، مع محاولته الواضحة للتحكّم في تعابير وجهه، نحو شخصٍ آخر.
‘لينوكس، أرجوك، حاوِل التحكّم في تعبيرات وجهك…’
ورغم أنني لم أعد معنيّةً بشؤونه، إلا أنني لا أزال أشعر بالقلق في كل مرّةٍ يتصرف هكذا، خشية أن تحدث مشكلة.
في نهاية الطريق الذي سلكه، وقفت سيّدةٌ نبيلةٌ مجهولةٌ بالنسبة لي وهي تحمل مروحةً مفتوحة.
كانت السيدة النبيلة ذات شعرٍ أشقر طويل وترتدي فستانًا فضيًا.
كانت ملامحها البريئة واللطيفة تجعلها تبدو كأنها جنيّةٌ صغيرة.
مدّ لينوكس يده إليها.
لم أستطع سماع ما كانا يقولانه لأن المسافة كانت بعيدة، لكن من الواضح أنه كان يطلب منها رقصة، وبدت سعيدةً وهي تمسك بيده.
“إنهما ثنائيٌّ مثاليّ، أليس كذلك؟”
لم أُفاجأ هذه المرّة عندما سمعت الصوت المزعج مجددًا بجواري.
“شريكته هي فيرونيكا إيريس. إنها من عائلةٍ ذات مكانة قوية، وتُلقب بزهرة المجتمع الراقي نظرًا لتأثيرها الكبير.”
كنتُ قد سمعت باسم الآنسة النبيلة من عائلة إيريس، فهي ابنة عم الإمبراطور.
“حقًا؟ إذًا لماذا لا تطلب منها رقصةً بنفسكَ؟”
أجبتُ بلا مبالاة، فضحك ألفيو وكأنه تخيّل مشهدًا مُضحكًا.
“سأكون محظوظًا إذا لم تصفعني فيرونيكا على وجهي.”
“تتحدّث وكأنكَ تعرّضت لذلك من قبل.”
“كيف عرفتِ؟”
شهقت وأنا أشرب الشمبانيا، ثم نظرتُ إلى ألفيو بدهشة، لكنه قابل نظرتي بابتسامةٍ ذات مغزى جعلتني أشعر بشيءٍ غريب.
“هل كنتِ تتوقعين أن ترقصي الرقصة الأولى مع لين؟”
“ليس لدي أي توقّع. أبدًا. مُطلقًا. انتهى.”
أكّدتُ كل كلمةٍ بنبرةٍ صارمةٍ تعبيرًا عن رفضي، لكن ألفيو استمرّ في الضحك بشكل ساخر.
ثم مدّ يده قائلًا بابتسامةٍ ماكرة.
“ماذا عن رقصةٍ تجمع بيننا نحن المنبوذين؟ أنا أُجيد الرقص.”
“هممم…”
بينما كنتُ متردُدة، تغيّر تعبير ألفيو فجأةً إلى الجدية.
“هل تنوين تركي تحت رحمة القيود إلى وقت الرقص؟”
قيود؟ مَن يقيده؟ آه…
نظرتُ خلفي خلسةً.
كانت البروفيسورة ماكيرمان تبحث عن شخصٍ ما بنظراتٍ محددة.
كنت أعـرف ذلك التعبير جيدًا.
‘لقد ألقيتُ به كضحيةٍ بدلًا عني، ربما كان ذلك غير لائق.’
بالطبع كنت أشفق عليه وأردت مساعدته، لكن لا يمكنني إنكار أنني كنت آمل أن يقلّ اهتمام الأساتذة بي نتيجة لذلك.
“لدي ندرةٌ في مهارات الرقص أيضًا، كما تعلمين.”
“ندرتكَ هذه…”
ضحكتُ وحرّكت رأسي بالنفي ثم أمسكت بيده.
“حسنًا، لنرَ مدى تميّزك.”
بدأت مقطوعة فالس ثانيةً.
بدأ النُبلاء الشباب بالتوافد إلى ساحة الرقص.
‘إنه جادٌ فعلًا؟’
على عكسي، كان ألفيو جيدًا بشكل مدهش في الرقص، إذ كنتُ أنا من يعاني.
“آه!”
“هل كنتِ تفعلين ذلك عن قصد؟”
“آسفة.”
بعد أن وطئتُ قدمه للمرّة الثالثة، اضطررتُ للاعتراف.
أنا من كانت عديمة المهارة في الرقص.
لو لم يكن ألفيو ماهرًا في الرقص واستطاع تغطية أخطائي، لكان الجميع يظن أنني أرقص التاب دانس*.
(بلوفي: التاب دانس نوع من أنواع الرقص الذي يؤدّى باستخدام الأصوات الناتجة من ضرب الحذاء النقري للأرض لتصدر نوع من الإيقاع.)
كان ذلك مُحرجًا للغاية.
نظرتُ بجانبي فرأيتُ لينوكس والسيدة النبيلة من عائلة إيريس يرقصان برشاقةٍ كأنهما ماءٌ يتدفّق.
كانا يشكّلان ثنائيًّا مثاليًا من حيث المظهر، لكن الأهم من ذلك كان مهارتهما في الرقص.
لم يكن أيٌّ من حركاتهما يشوبها الخطأ، وكأنهما يتنفّسان ببساطة.
‘إنه عالمٌ مختلفٌ تمامًا.’
خاصّةً لينوكس، الذي بدا مثاليًا.
هل من يجيد استخدام جسده يكون جيدًا أيضًا في الرقص؟
‘ فيما يتعلق بالآداب، أنا لستُ أقل شأنًا من غيري.’
تذكّرتُ فجأةً كلمات لينوكس حين اقترح عليّ أن أكون شريكته.