Seeking a Secret Sponsor for the Tyrant - 82
الفصل 82
وقعتُ للحظةٍ في سحر ابتسامته الساحرة، قبل أن أدرك فجأة أن كلامه يحمل شيئًا غريبًا.
“ماذا؟”
“طالما أنكِ لم تقرري بعد، ضعي اسمي ضمن الخيارات.”
أمسك بيدي وقبَّلها بحركةٍ أنيقة للغاية.
رغم لمسته الحذرة، كان بريق عينيه الخضراء العميقة يعكس شدّة تعلّقه.
“أنا من الأشخاص الذين لا ينسون المعروف أبدًا.”
ارتسمت على شفتيه ابتسامةٌ بطيئةٌ وجذّابة.
كانت تلك الابتسامة مليئةً بالإغراء، وطبيعته الهادئة وتناسق أفعاله كانا مذهلين لدرجة أنني لم أستطع حتى توجيه أي تعليق.
‘ما الذي يجري هنا فجأة؟’
بينما كنتُ أفكّر بارتباكٍ في كلماته، عاد صدى صوته إلى ذهني.
“ألا أُعتبر الآن مفيدًا بعض الشيء؟”
“مفيد؟…”
فجأة، عادت إلى ذاكرتي محادثةٌ جرت منذ خمس سنوات، عندما أعرب عن رغبته في الانضمام إلى شركة “تارا للنقل”.
‘إذا كنتُ غير مفيد، فسأبذل قصارى جهدي لأكون شخصًا مفيدًا. بكل سرور.’
‘حتى حينها كان يتحدث عن كونه مفيدًا.’
فتحتُ فمي هذه المرة لأخبره بما لم أتمكّن من قوله في الماضي.
“منذ ذلك الحين وحتى الآن، لم تكن بالنسبة لي مجرد شيءٍ له فائدة.”
تغيّرت ملامح عينيه بشكلٍ طفيف وكأنهما تجمدتا.
“إذًا، ما زلتُ غير قادر على أن أكون كذلك؟”
“أنتَ لست شيئًا أو سلعة… أنتَ بالنسبة لي…”
كان هناك الكثير من الديون التي لم تُسد بعد، والذكريات التي طُمست، وحقيقة كونه البطل في القصة الأصلية.
بالنسبة لي، كان مزيجًا من الامتنان والإرباك.
تداخلت الكلمات داخل عقلي وعجزتُ عن النطق بها.
لكن لينوكس استمر في النظر إليّ بصمت، وكأنه عازمٌ على سماع إجابتي مهما كلّفه الأمر.
وكأن كل شيءٍ مهمٍ يعتمد على ما سأقوله.
“أنتَ… كنتَ الفتى الذي شعرتُ بالشفقة عليه.”
دون قصد، خرجت مني هذه الكلمات الصادقة أمام نظراته الحادة.
“حقًا، هكذا إذن.”
أطلق ضحكةً خافتةً مع ملامح تحمل شيئًا من خيبة الأمل.
“لكن، ما العمل الآن، ذلك الفتى المسكين لم يعد موجودًا.”
“أجل، هذا صحيح.”
لم يعد هناك وصفٌ يبتعد عنه أكثر من كلمة “مسكين”.
في الواقع، ربما أصبحتُ أنا الآن أكثر استحقاقًا لهذا الوصف.
‘يا للعار.’
بينما كان مسترخيًا على الأريكة، رفع بصره ببطء وألقى نظرة مسحٍ على غرفة الاستقبال.
ما إن تابعتُ نظراته حتى شعرت بحرارةٍ تتصاعد إلى وجهي.
كانت الغرفة أبسط بكثيرٍ مما يُتوقع من قصرٍ كبير، فقد بعتُ كل ما له قيمة لسداد الديون.
‘لطالما كنت أُظهر أفضل ما عندي.’
لكن بعد خمس سنوات، ها هو يعود ليجدني في هذا الوضع المُحرِج.
بدأت ملامح وجهه تتصلّب تدريجيًا أثناء تفحصه المكان.
“ما الذي حدث خلال السنوات الخمس التي غبتُ فيها؟”
كانت عيناه الخضراوتان تنظران إليّ بحدّةٍ وكأنهما متجمدتان، وكأنه في حالة صدمةٍ شديدة.
‘ما الذي حدث؟’
لم أستطع إخباره بأن الأمر سببه رفضه لقب الكونت، مما اضطرني للاقتراض من الدوق.
سيبدو الأمر وكأنه إلقاء اللوم عليه.
‘وأيضًا، كبريائي لن يسمح بذلك.’
فأجبته بثبات.
“لا داعي لأن تقلق بشأن هذا. إنه شأني الخاص.”
خيّمت نظرةٌ مظلمةٌ على عينَيّ لينوكس الخضراويتين.
نهض من مكانه سريعًا، وكأن الاستمرار في الحديث بات بلا جدوى.
“إذا لم تكوني تنوين إخباري بأي شيء، فرجاءً فكّري جيدًا في اقتراحي اليوم. فيما يتعلق بالآداب، أنا لستُ أقل شأنًا من غيري.”
راقبتُ رحيله، وأخذت أتمعّن في كلماته الغامضة التي تركها خلفه.
‘لستُ أقل شأنًا في الآداب؟’
بدا وكأن عبارته تستهدف شخصًا ما.
لكن من المستبعد أن يكون لينوكس قد علم باقتراح ألفيو بأن يكون شريكي.
‘إذًا، هل يعني أنه أكثر إلمامًا بالآداب مني؟’
…هذا أمرٌ يجرح كبريائي بشكل غريب.
والأسوأ من ذلك، أنه ربما يكون على حق، ولا أملك ما أقوله لدحض ذلك، مما يزيد من شعوري بالإهانة.
* * *
بعد رحيله، عمّت الفوضى في القصر.
“مع من ينبغي أن تذهبين؟”
“بما أنها حفلة القصر الملكي، أليس من الأفضل الذهاب مع الأمير؟”
“أعتقد ذلك أيضًا.”
“آه، لكنني لا أطيق جوّه الكئيب! أعتقد أن لين خيارٌ أفضل.”
تجاهلتُ النساء الأربع اللواتي كنَّ يتهامسن خلفي.
كيف لهن أن يقررن شريكي لحفل القصر الملكي؟
ألا يُحترم رأي الطرف المعني بالأمر هنا؟
سرعان ما لاحظت ليزا نظراتي، فتقدمت نحوي بابتسامةٍ لطيفة.
“سيدتي، مع من تودين الذهاب؟”
“لا أعلم.”
بصراحة، لم يكن أي الخيارين مريحًا.
أحدهما يخفي نوايا غامضة، والآخر يجعلني أشعر بعدم الارتياح.
‘لينوكس لم يعد الفتى الذي كنت أعرفه.’
عاد لينوكس كشخصٍ بالغ لا أعرفه.
رغم أن طريقته في الحديث ما زالت مهذبة، إلا أن كل شيءٍ آخر فيه تغيّر.
ولهذا السبب، لم أعد أعرف كيف أتعامل معه.
مجرد التفكير فيما حدث للتو يجعل جسدي يتصلّب تلقائيًا.
‘على الأقل لم يستعد ذكرياته.’
نعم، ليس الوقت مناسبًا للتفكير في هذا.
الآن وقد تأكدتُ من أنه لم يستعد ذكرياته، هناك شيءٌ آخر ينبغي عليّ فعله.
“ليزا، تعالي معي إلى المكتب.”
“حاضر~.”
في المكتب، فتحتُ خريطةً أمام ليزا.
“هنا، أريدكِ أن تذهبي إلى الأماكن التي قمتُ بتحديدها على الخريطة وتُسجلي لقطات باستخدام كرة تسجيل المشاهد. سيذهب معكِ رسامٌ مختصٌّ في رسم المناظر الطبيعية.”
حان الوقت لدفع عجلة العمل الجديد إلى الأمام.
* * *
عندما عاد لينوكس إلى قصر بليك، بحث على الفور عن إنزو.
إنزو، الذي أُنقذت حياته خلال لقائهما الأول في ساحة المعركة، قدّم نفسه كأفضل عضوٍ في نقابة المعلومات.
ومنذ ذلك الحين، تعلّق بلينوكس مدعيًا أنه يريد رد الجميل.
لكن، عندما يتعلق الأمر بالمعلومات الأكثر أهمية، فإنه لم يشاركها معه.
“إنزو.”
عندما لمح إنزو وجه لينوكس البارد، الذي كان يشبه الجليد، انتفض واقفًا على الفور بعدما كان يتسكع في الحديقة.
“متى بدأت أسرة الكونت جاكلين تعاني من الانهيار؟”
“ذلك حدث قبل فترة، ربما منذ خمس سنوات؟”
تجمّدت نظرات لينوكس، التي أصبحت أكثر برودة، وسرعان ما شعر إنزو بقشعريرةٍ تسري في جسده، مما جعل شعره يقف من شدة التوتر.
“ولم تخبرني بهذا حتى الآن؟”
تحت نظرة لينوكس الحادة، أخذ إنزو بسرعة يراجع خيارات الهروب، ثم رد محتجًا.
“لقد طلبت مني فقط جمع المعلومات عن علاقات الكونت جاكلين الاجتماعية، أليس كذلك؟”
قام إنزو برسم دائرةٍ بيده.
“أنا أعمل بما يُطلب مني. تلك هي تعليماتكَ أنت.”
ضحك لينوكس بمرارةٍ كأنه لم يصدق ما يسمعه.
“بما يُطلب منك؟”
“نعم، بالضبط.”
رد إنزو بابتسامةٍ متكلفة.
“كم المال الذي أخذته مني؟”
“أوه، هذا… لا أذكر بالضبط…”
“بالطبع لن تذكر. لأنك تلقّيجت مبالغ ضخمة!”
ضربة!
“آه!”
لم يكن لدى إنزو أي وقتٍ للتملّص، فركله لينوكس في ساقه، مما جعله ينهار على ركبتيه فورًا.
‘ما هذا؟ وكأن دبابةً حربيّةً اصطدمت بي!’
كان تأثير الركلة قويًا لدرجة أنه شعر وكأنه ضربه قطار.
“اجلب لي المعلومات خلال يوم.”
“أي… أي معلومات؟”
لم يرد لينوكس، بل ألقى نظرةّ باردة على إنزو، وكأنه يتساءل إن كان عليه توضيح الأمر بنفسه.
“لو كنتُ أعلم أنك بلا فائدة هكذا، كنت تركتك تموت في ذلك المكان.”
“هاهاها! السبب وراء انهيار أسرة جاكلين خلال الخمس سنوات الماضية، أليس كذلك؟”
“أخيرًا فهمت.”
بمجرد أن حدد إنزو المطلوب، خفّت برودة الجو المحيطة فجأة.
ومع ذلك، بعكس توقع إنزو أن يغادر لينوكس بعد إنهاء حديثه، بقي الأخير يحدق به.
“لكن لماذا تعمل تحت إمرتي؟”
“حسنًا، بسبب المال…”
“أعرف أن هذا ليس السبب الحقيقي.”
ارتسمت ابتسامةٌ جميلة على شفتي لينوكس، كانت مذهلة إلى حدٍّ يجعل إنزو، كرجل، يشعر بالانبهار.
لكن عينيه، على الرغم من ابتسامته، كانت حادة وباردة.
تحت هذا التناقض، ضحك إنزو بتوتر.
‘لقد أصبح أكثر رهبةً من ذي قبل.’
‘يجب أن أُخفي الأمر.’
في النهاية، لم يكن من شأنه أن يعرف لينوكس سرًا كهذا.
“آه، هناك شيءٌ آخر أيضًا.”
“نعم؟”
“تحقّق من الشخص الذي سيذهب مع كليمنس إلى الحفل.”
“…كيف سأعرف ذلك؟ أنا لستُ قارئًا للأفكار!”
“إن كنتَ قد أخذت كل ذلك المال، عليك حتى قراءة أفكار الآخرين.”
نظر إنزو إلى لينوكس بوجهٍ مليءٍ بالكثير من الكلمات التي أراد قولها، لكنه فضل الصمت خوفًا من تلقّي ركلة أخرى.