Regressed baby refuses to be nursed - 1
حين أعدت فتح عينيّ، وجدت نفسي تحت سقفٍ قد غطته خيوط العنكبوت.
أخذت أُخفض بصري ببطء، وفي وجهي ذهولٌ كبير.
كانت الجدران والأرضية قد غُطيتا بخربشات شتى، والألعاب متبعثرة هنا وهناك، وأوانٍ مكسورة متناثرة فوق الطاولة.
ثم إذا بصوت مألوف يتردد في أذني قائلاً: “هيا، يا أطفال. لنبدأ الدعاء.”
رفعت بصري لأرى امرأةً تقف مبتسمة بوداعة.
“نشكر الله الذي رزقنا اليوم طعاماً يكفي لعائلتنا في دار الأيتام إيفهيل…”
فجأة بدأت أستوعب المكان الذي أنا فيه.
كنت جالسًا حول طاولةٍ مستديرةٍ كبيرة، مع أطفالٍ آخرين قد أغمضوا أعينهم بشدة وضموا أيديهم.
‘… لحظة.’
طفل؟
انفتحت عيناي على وسعهما، ووقعت على لوحةٍ خشبية معلقة على الحائط.
كانت اللوحة متسخة، وقد تآكلت أطرافها بفعل الزمن.
[دار الأيتام إيفهيل]
“آه…”
تنفست تنهيدةً لم أستطع كتمانها.
“أنيلِيا، ما بكِ؟”
سألتني المرأة المقابلة، لكن لم يكن بمقدوري الرد.
لقد عرفت هذه المرأة حق المعرفة.
“ليا؟”
دون إرادة مني، بدأ رأسي ينحني ببطء.
ثم، قطرة إثر قطرة، بدأت بقع الرطوبة تتساقط على سروالي.
“هـ… هـ…”
ليس حلمًا.
ولا هي هلوسة أو خيال.
اسمي أنيلِيا.
أظن أنني عدت إلى الماضي.
وحين أجهشت بالبكاء، حملتني المرأة ودخلت بي إلى غرفةٍ أخرى.
وكنت قد خفضت بصري لا شعوريًا، إلا أنني سرعان ما جمدت في مكاني.
‘… كما توقعت.’
الجسد الذي كان أمامي كان غريبًا للغاية.
جسد صغير جدًا.
أصابع قصيرة، وأظافر ضئيلة أشبه ما تكون بأوراق رقيقة ملتصقة.
‘كم كان عمري حين عدت؟’
بما أنني ما زلت في دار الأيتام، فأنا أصغر من الخامسة، وهو السن الذي تبنتني فيه عائلة لونغتون.
‘هل عدت حقاً إلى الماضي؟’
نظرت إلى المرأة خلسة، وسرعان ما بدأت الحيرة التي تملكتني تتلاشى.
نعم، لا يمكنني أن أنسى هذا الوجه أو أخطئ فيه.
‘بلا ريب، إنها المعلمة آن.’
المعلمة آن، التي كانت قد احتضنتني في حياتي السابقة عندما كنت يتيمة، وربتني في هذا الميتم الصغير الواقع على أطراف المدينة، حتى بلغت الخامسة من عمري، قبل أن تتبناني عائلة نبيلة ذات مجدٍ عريق.
‘أنيلِيا، عيشي حياةً سعيدة، فأنتِ قادرة على ذلك.’
ما زلت أذكر تلك الكلمات التي نطقت بها المعلمة عند مغادرتي هذا المكان.
في ذلك الوقت، كنت أؤمن بتلك الكلمات بكل ما أوتيت من قوة.
لأنني لم أكن أعلم بما يخبئه لي القدر.
تنفست بعمق وأخذت أرتب أفكاري.
في حياتي السابقة، كانت عائلة الدوق لامبرت لونغتون، إحدى ركائز إمبراطورية تارانتيا، هي التي تبنتني. وكانت تلك العائلة معروفة بسمعتها العريقة بين سائر العائلات النبيلة.
كان للدوق ثلاثة أبناء، وكلهم أحبوني حباً يفوق حبهم لأفراد عائلتهم الحقيقيين.
حتى بلغت الثانية عشرة من عمري، قبل أن تعود ابنته الحقيقية هيانا.
سويت ملامحي ورفعت رأسي، ثم قبضت بشدة على طرف ثوب المعلمة، وقلت بصوت مبحوحٍ من البكاء:
“معلمتي…”
“نعم، أنا هنا يا صغيرتي.”
“ليا… أريد أن أرى التقويم.”
“ماذا؟”
بدت المعلمة في حيرةٍ من أمري.
لكن لم يكن أمامي خيار آخر.
‘يجب أن أعرف أولاً في أي زمانٍ نحن.’
“هل يمكنني رؤية التقويم؟ أريد رؤية التقويم، معلمتي.”
ترددت المعلمة للحظة، ثم أخرجت شيئًا من على الرف.
كان تقويمًا مصنوعًا من ورقٍ سميكٍ مربوط بخيط، تمامًا كما أردت.
ولكن ما إن استلمته…
“يا ليا الصغيرة، هل كنت تودين لقاءه بهذه السرعة؟”
ابتسمت المعلمة وكأنها لا تصدق.
“هل تشتاقين لمقابلة الدوق لونغتون، أليس كذلك؟ الرجل الذي سيصبح والدكِ.”
فتحت فمي قليلًا ثم أسرعت في إخفاض رأسي، كي أُخفي وجهي الذي شُحب من شدة الهلع.
“آه، نعم…”
كما توقعت.
لم يعدني القدر إلى لحظة مواتية كما ينبغي.
[السنة الإمبراطورية 1287، شهر فبراير]
في ليلة غشي فيها النوم على الأعين، كنت أحدق في التقويم بين يدي، معتمدة على ضوء الشمعة المتراقص.
لكن، مهما أمعنت النظر، لم تتغير الأرقام المسجلة على أوراقه.
كانت الأيام الاثنا عشر الماضية مشطوبة بعلامة (X).
وغدًا سيكون الثالث عشر.
“آه…”
تسللت من أعماقي تنهيدة محمومة.
‘كيف لي أن أصدق أن ما تبقى من الزمان لي أسبوعين فحسب؟’
كان من المقرر أن يأتي الدوق لونغتون إلى دار الأيتام بعد خمسة عشر ليلة من الآن.
وكان ذلك بالطبع لأجل تبنيي.
“لن أسمح بحدوث ذلك أبدًا.”
قبضت بيدي على التقويم بشدة، ثم زحفت إلى تحت الأغطية.
كان صوت دقات قلبي يملأ أذني بصدى مدوٍ.
‘لن أعود إلى ذلك المنزل مرة أخرى. لا، لن أستطيع.’
ولكن كيف لي أن أهرب؟
بدا أن ذهني قد عجز عن التفكير السليم بسبب جسدي الصغير.
‘أأهرب من دار الأيتام؟’
لكن سرعان ما هززت رأسي نفيًا.
كان الهروب بهذا الجسد الصغير ضربًا من المحال، لا سيما وأن الشتاء لم يزل قائمًا، فماذا سأفعل إذا خرجت؟
‘كما أنني لا أملك القوة لأمنع الدوق لونغتون من القدوم.’
لقد كان التبني مقررًا من قبل.
ومهما حاولت الإصرار على عدم الذهاب، من سيصغي إلى طفلة في الرابعة من عمرها؟
لكن إن قُدّر لي أن أدخل ذلك المنزل مرة أخرى، فإن مصيري المحتوم سيكون جليًا.
لقد جربت ذلك في حياتي السابقة.
‘الذهاب إلى عائلة الدوق… أن أصبح فردًا من تلك الأسرة كان مقبولًا.’
اهتزت عيناي بشدة في الظلام.
في حياتي السابقة، كنت عبقرية يعترف بها الجميع.
ولذلك، كنت أظن أنني سأتمكن من تحقيق كل ما أريد.
في تلك الأيام، كنت غارقة في أحلام وردية، غير مدركة لما يخبئه لي المستقبل.
كنت أقدم العديد من التعاويذ السحرية والوصفات الطبية لعائلة لونغتون.
وكنت أشعر بسعادة غامرة عندما كان الدوق وإخوتي الثلاثة يعترفون بقدراتي.
ولكن بعد عودة هيانا، كل ذلك أصبح بلا قيمة.
‘في النهاية، كل شيء أصبح ملكًا لها.’
كانت هيانا قد تأخرت في لقاء عائلتها بسبب وجودي في مكانها.
بسببي، تأخر اجتماع الأسرة الذي كان من المفترض أن يحدث منذ زمن.
بعد عودتها، كنت أعيش في شعور دائم بالذنب.
كنت دائمًا أقوم بواجباتها المدرسية، وأعطيها تصميمات التعويذات السحرية الجديدة التي طورتها.
وفي يوم من الأيام، بفضل تلك التعويذات، اجتاحت هيانا كافة مسابقات السحر في القارة.
بالطبع، لم يكن أحد يعلم أن تلك التعويذات التي تنسب لها كانت في الأصل من بنات أفكاري.
‘لماذا تعيشين هكذا يا آنسة؟ ألا تخافين على موهبتك؟’
ثم تذكرت… كان هناك شخص واحد فقط يعلم الحقيقة.
‘إذا احتجتِ إلى مساعدة، فابعثي لي برسالة. سأكون عونًا لكِ دون أي مقابل، يا آنستي.’
اتسعت عيناي.
نعم، ذلك الشخص.
تذكرت الختم الذي أعطاني إياه قبل رحيله.
‘موهبتك مرغوبة دائمًا لدينا.’
كان الختم يحمل صورة أسد، يرمز للقوة والشجاعة، وتحته سيفان متقاطعان.
كانت الحروف القديمة المحفورة على شفرات السيفين ما زالت محفورة في ذاكرتي.
“لا تقلقي، ليا. سيأتي بعد ستة عشر ليلة فقط. ليا الذكية تعرف هذا، أليس كذلك؟”
كان كلام المعلمة آن يتردد في أذني منذ النهار.
“ستة عشر ليلة ستمر بسرعة، بسرعة الأرنب.”
وكما قالت المعلمة، فإن ستة عشر ليلة ليست طويلة.
وهذا هو مكمن المشكلة.
‘إذا كان لديّ خمسة عشر يومًا فقط لتغيير المستقبل…’
‘إذا احتجتِ إلى مساعدة، فابعثي لي برسالة.’
تداخلت صورة الختم مع الظلال المتراقصة.
في كل مرة شعرت فيها بالعزلة أو الرغبة في الهروب من قصر الدوق، كنت أخرج الختم وأتأمله.
حتى أنني حفظته عن ظهر قلب.
‘في حياتي السابقة، لم أستخدمه حتى يوم وفاتي…’
“لكن ليس هذه المرة.”
خرجت من تحت الأغطية بسرعة، واندفعت نحو الخارج.
* * *
『 مُحتوى الرسالة 』
...إن وعدتني بعدم طرح أي أسئلة، فسأكون عونًا كبيرًا لعائلة إبنر.
ولدي أيضًا بعض المعلومات الثمينة جدًا التي لا يعرفها أحد.
وأنا بارعة في اصطياد الفئران أيضًا.
إن كنت تشك في كلامي، تحقق من الشاب العامل في محل الخياطة بنهاية الزقاق الثاني، في مقر الجمعية البحثية لشباب منطقة إيفهيل.
وأيضًا، ابحث عن عامل الفاكهة في محل هانز.
سأنتظر قدومكم لأخذي.
(أعلم أنني من المفترض أن أزوركم شخصيًا، ولكنني لا أستطيع لأنني في الرابعة من عمري).
ملاحظة: إذا تأخرتم، فقد يأخذني لامبرت لونغتون أولاً!
وداعًا.