أرجوكَ قُمْ بإنقاذِ طفلتي - 3
“رينا أنظري إلى هذا!”
عادت رينا فجأة إلى رشدها بعد أن انغمست في الذكريات القديمة.
بجانبها، كانت فتاة جميلة ذات شعر أبيض تبتسم بشكل مشرق.
“الآنسة آستل.”
رفعت آستل عينيها عن الكاكاو واشارت لجبل المارشميلو. لم يتمكن جميع الخدم من إخفاء تعبيراتهم الودودة و المحبة عند هذا المنظر.
“أتساءل عما إذا كانت المارشميلو تطفو لأنها خفيفة، إنه أمر مثير للاهتمام.”
“اذا دخلتي في الكاكاو ستطفين فيه أيضاً.”
“يا إلهي، لاا. لقد كنت آكل كثيرًا منذ أن وصلت إلى هنا، انا متأكدة من أنني سوف أغرق.”
“أنتِ لا تزالين نحيفةً جداً.”
آستل وينترنايت.
أميرة اختفت بعد وقت قصير من ولادتها مع دوقة وينترنايت.
-“احضر خادمةً يمكنها رعاية الطفلة.”
قبل بضعة أشهر، أحضر الدوق طفلةً ذات شعر رمادي أشعث.
عندما بحث الدوق عن خادمة يمكنه أن يعهد بالطفلة إليها، فكر كبير الخدم على الفور في رينا.
وذلك لأن رينا كانت حالياً الخادمة الوحيدة في القلعة التي تربي ابنة صغيرة.
وبعد لحظات قليلة ظهرت رينا.
ابتسمت بحنان و لطف للفتاة الصغيرة، دون أن يرف جفنها.
“اسمي رينا.ماذا عنكِ أيتها الانسة الشابة؟”
“وايت … … “
“معذرةً….؟”
“اسمي وايت هير … ….”
“… … “
عندما قدمت الطفلة نفسها على أنها وايت هير ، ظلت رينا عاجزة عن الكلام لفترة طويلة.
في ذلك الوقت، بصوت منخفض، تلا الدوق كلمة واحدة.
“آستل.”
“… … ؟”
الكلمة التي نطق بها الدوق كانت “آستل”.
لم تفهم وايت هير ما تعنيه هذه الكلمة، ولكن عندما سمع الجميع تلك الكلمة، نسى الجميع أن يحنوا رؤوسهم و نظروا إلى المشهد بعيون واسعة.
“اسمكِ آستل ، وليس وايت هير.”
لم تسأل رينا كيف تم جلب هذه الطفلة ذات الشعر الرمادي والوجه القاتم أو لماذا أطلق عليها الدوق اسم آستل.
لقد كان قراراً اتخذه مالك هذا القصر، لذا لم يكن تدخلها ضرورياً.
توجهت رينا أولاً إلى الحمام في قلعة الدوق مع آستل.
“هل درجة حرارة الماء جيدة؟”
“نعم… … “.
“وماذا عن الوخز من الشرارة الكهربائية سابقاً؟.”
“لا بأس…….”
“ربما يكون السبب في ذلك هو أن الطقس جاف ، تحصل الشرارات الكهربائية أحياناً.”
عندما كنت أخلع ملابس الطفلة لوضعها في الماء الدافئ، شعرت بشرارة كهربائية لقد تفاجئ كلاهما من الإحساس الغريب بالوخز عندما تلامستا، لكن رينا كانت منشغلةً جداً بخشونة جسد الطفلة لدرجة أنها نسيت أمر الشرارة منذ وقت سابق.
‘مالذي فعلوه بحق خالق السماء…؟’
كادت رينا أن تتجهم أمام آستل، متسائلة عن سبب وجود مثل هذه الندبات على جسد طفلةٍ صغيرة و نحيفة.
ومع ذلك، حاول الحفاظ على تعبير ودود وبدأت في غسل جسدها النحيف بجد.
وحتى لا تشعر آستل بالحرج، واصلت التحدث معها بكلمات عادية.
غرقت الطفلة في حوض الاستحمام المصنوع من العاج والذهب ونظرت حولها إلى الحمام الرائع.
“هاه؟”
كنت أغسل شعر آستل بعناية.
وبينما كنت على وشك أن أسألها إذا كان الأمر يؤلمها كثيراً، بدأ اللون الرمادي يتساقط من شعرها.
**للتذكير لون شعر آستر اصلاً ابيض و ليس رمادي
في البداية، اعتقدت أن السبب هو الغبار، فحركت يدي بقوة. ولكن بدلاً من أن يقل، بدأ اللون الرمادي يتساقط بشكل أكثر كثافة.
“… … أوه!”
شعرت آستل بالحرج الشديد وحاولت النهوض، لكنها سقطت في الماء في حوض الاستحمام.
ربما لم تتألم لأنها كانت في الماء، لكن آستل كانت تسعل بشدة كما لو أنها شربت الماء.
“كح كحح!”
“آنستي! هل أنتِ بخير؟”
الطفلة، التي كان وجهها أحمراً للغاية لدرجة أنها لم نتمكن حتى من فتح عينيها لأن الصابون دخل فيهما، لوحت بذراعيه العظميتين لتطلب من رينا ألا تقترب منها.
“أوه، لا! لن أغتسل!”
يبدو أن شعر الطفلة الابيض تم تلوينه بالصبغة لإخفائه. وكانت الصبغة صبغة رخيصة الثمن ومنخفضة الجودة وكانت تنبعث منها رائحة قوية.
ربما كان الصابون المستخدم في دار الأيتام ذا نوعية رديئة، لهذا الصبغة لم تزل حتى الآن، لكن الصابون المستخدم في قصر الدوق كان ذا نوعية جيدة، لذا فقد تساقطت الصبغة مثل الثلج.
‘من المستحيل أن يستخدم أي دار ايتام صابوناً مثل هذا.’
الزهور والعسل وجميع أنواع الفواكه الحلوة.
رائحة عطرة تتناقض مع رائحة صبغة الشعر الرهيبة ملأت الحمام.
بدت آستل محطمة عندما رأت ماء حوض الاستحمام تحول إلى اللون الرمادي القذر.
عند هذا المنظر، ربتت عليها رينا وفتحت فمها.
“آنستي، هل أنتِ بخير؟”
“أنا . … انا … … “
عندما فتحت آستل عينيها أخيراً، رأت بعض الشعرات البيضاء.
‘آه، انتهى الأمر الآن.’
ظهرت فكرة بائسة غير لائقة لطفل في ذهن آستل.
ومع ذلك، خلافاً لمخاوف آستل، سألت رينا إستل بصوت ودود.
“هل شربتِ أي ماء؟إذا شربتِ الماء والصابون، فسيكون ذلك مضراً لصحتكِ.”
كما لو أنها لم تر الشعر الأبيض، أخرجت رينا منشفة كبيرة، ولفتها حول آستل، و عانقتها بين ذراعيها.
ثم نادت الخادمات في الخارج وطلبت منهن تفريغ حوض الاستحمام وإعادة ملئه بالماء، ثم قامت بمواساة الطفلة.
“هل أنتِ بخير؟.”
“… … “
“انتِ هي الانسة العزيزة الي يعتز بها السيد.لا يوجد أحد في هذا القصر سيكرهكِ.”
“حتى لو كنتُ ذاتَ شعرٍ أبيض…؟”
“… … “
رداً على سؤال آستل الحذر، نظرت رينا إلى شعر آستل. كانت تتسأل عن سبب تسميتها بوايت هير رغم أن شعرها كان رمادياً، وكان هذا هو السبب.
**شعرها كان مصبوغ بالرمادي
“انتِ لستِ وايت هير، انتِ آستل.”
ترددت آستل عندما علمت أن اسمها آستل.
“أليس اسم آستل لا يناسبني … … ؟”
هل يجوز لشخص ذو شعر أبيض الذي هو رمز الشؤم أن يكون له اسم يعني “النجمة”؟
عندما تمتمت الطفلة بشيء من هذا القبيل. أدركت رينا بذكاء ما كانت الطفلة قلقةً بشأنه.
“يا آنسة، كنت أعيش في مكان يتمتع بإطلالة واضحة على سماء الليل.”
بعد سماع التقرير بأن المياه ممتلئة، ذهبت رينا إلى الحمام بمفردها مرة أخرى مع آستل.
وضعت الطفلة بعناية في ماء حوض الاستحمام مرة أخرى وتحدثت بهدوء.
“كان المكان هادئاً ومظلماً لدرجة أنني كنت خائفةً من السير في الشارع ليلاً.”
“أنا اخاف من الظلام أيضاً…. “
“حقاً؟ انا و انتِ متشابهتان.”
قامت رينا بتكوين فقاعات صابون في الماء النظيف وحوّلت انتباه الطفلة إلى أماكن مختلفة.
“في ذلك الوقت، عندما نظرت إلى السماء ليلاً، كانت هناك نجمةٌ جميلةٌ جداً.عندما نظرت إلى تلك النجمة، شعرت بالاطمئنان وظننت أنني مازلت بخير”.
“نجمة؟”
“نعم.لا يهم إذا كان الشتاء بارداً أو الصيف الحار، لطالما كانت هناك نجمةٌ بيضاء وحيدة تسطع في السماء المظلمة.”
همست رينا وهي تضع الرغوة بلطف على رأس آستل.
“أنتِ تشبهين إلى حد كبير هذه النجمة. لذا ارجو أن تتأكدي من أن اسم آستل يناسبكٍ اكثر من أي شيء آنستي.
“… … “
بعد غسل آستل، ألبستها رينا فستاناً جميلاً أعده لها المساعد بيتر.
عندما رأى بيتر آستل، التي كانت مغسولة وناعمة، كان مقتنعاً بأنها الابنة التي كان الدوق يبحث عنها.
بدلاً من التركيز على رعب شعرها الأبيض الثلجي ، نظرت رينا إلى آستل بملابسها الفضفاضة وبدت قلقة.
“يبدو حجمها كبيراً بعض الشيء.”
“حقاً؟لقد قمت بإعداد الفساتين لطفلة تبلغ من العمر 6 سنوات تحسباً لذلك.”
كانت الملابس المناسبة لطفلة بالغة من العمر ست سنوات أيضًا فضفاضة بعض الشيء على آستل هذا وحده كان يحكي كثيراً عن ماضي الطفلة المحرومة.
كانت الطفلة التي كانت على وشك أن تنمو صغيرةً جداً لأنها تعرضت للجوع والإهمال.
غرق قلب رينا.
راقبت آستل بيتر ورينا يتهامسان لبعض الوقت، متسائلةً عن الخطأ الذي ارتكبته مرة أخرى.
اقتربت رينا من إستيل، وتواصلت معها بالعين، وسألت.
“آنستي، هل هناك أي طعام لا يمكنكِ تناوله؟”
هزت آستل رأسها نافيةً.
“هل لديكِ اذاً طعامٌ مفضل؟”
هزت آستل رأسها مرة أخرى.
نظرت رينا بمرارة إلى الطفلة مرة أخرى وطلبت من بيتر أن يعد وجبة تحتوي على شيء جيد لتأكله الطفلة.
وسرعان ما أعد الشيف عدة أطباق للطفلة.
نظراً لأنه كان لديه العديد من الأحفاد البالغين الآن وكان يعتني كثيراً ببونيتا، فقد كان قادراً بسهولة على إعداد مجموعة متنوعة من الوجبات الممتازة للأطفال.
شطيرة مع صلصة حمراء، بطاطا مقلية بالأعشاب، ريزوتو وسلطة اليوسفي مع الكثير من الكريمة.
أثناء الاستماع إلى شرح الشيف أنه قام بإعداد الحلوى للحلوى، أدركت راينا أنه قام بإعداد الطعام للطفلة بمجرد أن سمعت أن الشيف أحضر الفتاة الصغيرة.
**ريزوتو هو طبق إيطالي يقدّم عادةً كمقبّلات قبل تناول الطبق الرئيسي.
“إنها لذيذة!”
قطعت الطفلة الشطيرة إلى قطع بالشوكة وأكلتها مندهشة.
لقد استغربت من لذتها لدرجة أنها رفعت صوتها عالياً دون شعور، ثم احمرت وجنتاها وغطت فمها باليد التي لم تكن تمسك بالشوكة.
نظر جميع الخدم الموجودين الى آستل بابتسامات دافئة.
“يا آنسة، جربي هذا أيضًا.”
“آنستي، ماذا عن هذا؟.”
لقد كانت آنسةً صغيرةً ثمينة انتظرها الكثير من الناس لفترة طويلة.
بدت الانسة الصغيرة ذات الشعر الأبيض محرجة، كما لو أنها لم تتلقَ مثل هذا الاهتمام من قبل، وقبلت كل الطعام، غير قادرة على الرفض.
في هذه الأثناء، في المطبخ، بمجرد ورود أنباء عن أن آستل قد أكلت الشطيرة وأعجبت بها، بدأ الشيف في إثارة ضجة حول ما سيصنعه أيضاً.
كان هناك دجاجة مشوية كاملة كبيرة، وفطر مقلي في صلصة طماطم خاصة، وخضروات ملونة مشوية ومقدمة مع صلصة بيضاء، وسمكة بحرية كاملة مطهية على البخار كان من الصعب العثور عليها في دوقية وينترنايت.
كانت آستل غارقة في كل الأطعمة الغريبة.
“لا يمكنني أن أكل هذا القدر!”
ابتسم بيتر، الذي كان يقف بجانب آستل، بسعادة.
“لا بأس، يمكنكِ أن تبقي بعضاً من هذه الاطعمة.”
“حسنا، هذا سيكون هدراً……”
لقد عاشت آستل حياة جوع أكثر من حياة الوفرة، لذلك عندما طُلب منها ترك الطعام، تمتمت بهذا واحمرت خجلاً بسبب الأشخاص من حولها الذين لم يفهموا.
فقط آستل ورينا الشخصين الوحيدين في غرفة الطعام الكبيرة الذين فهموا معنى الجوع و أن تكون جائعاً.