Never saved you - 69
الفصل التاسع و الستون :
كانت هذه الفرصة نعمة انعمها الرب الكريم عليها . فقد كانت فرصة لتغيير مصيرها!
بمجرد تلقي كاديليا للرسالة ، ركضت نحو والدها و تشبثت به مخبرة اياه ما وصلها من اخبار.
“جلالتك ، ارجوك امنحني فرصة أخرى ! فحينها سيتمكن جلالتك من الوفاء بوعده لي ، و في نفس الوقت ، سأكون ذات فائدة لميليست ! اعدك بانني لن اعود من هناك الا و انا مسيطرة بالكامل على قلب دوق رونين الاكبر . انا متأكدة من قدرتي على فعل ذلك!”
” دوق رونين الاكبر ليس بالرجل السهل. ألن تجعلي من نفسك أضحوكة اكثر مما انت عليه الآن اذا ما ذهبت إلى لادن ولم تتمكني من إقناعه؟ “
عندما بقي الامبراطور مترددا ، خرجت كاديليا التي نفد صبرها بعذر على عجل.
فالرسالة التي أرسلتها لها جاسوستها المخلصة لم تتحدث فقط عن تحطم سفينة الدوق الأكبر.
فبجانب اخبار ليليث لكاديليا بوجوب قدومها لمقابلة الدوق الأكبر لرونين ، فقد عددت لها مجموعة من الاعذار المعقولة لكي تستعملها عند الحاجة.
“لا داعي للقلق ، يا جلالتك . أليست لادين بعيدة عن الأنظار ؟ علاوة على ذلك ، فهي لا تمتلك معبدا . لذا يمكننا فقط أن نقول أن العائلة الإمبراطورية تستعد لبناء معبد في تلك الإقطاعية. لذا ، فإذا ما اصطحبت بعض الكهنة برفقتي و توجهت الى هناك بامر من جلالتك ، فلا احد سيرى عيبا في هذا العذر. ”
“… لقد خططت لهذا الامر جيدا ، يا كاديليا. إذا كان الامر مهما بالنسبة لك لهذه الدرجة ، فسأعطيك فرصة واحدة و وحيدة “.
منحها الإمبراطور إذنه بسهولة أكبر مما تخيلت – ربما يكون ذلك راجعا الى شعوره بالذنب إزاء فشله في الوفاء بالوعد الذي قطعه لابنته العزيزة.
نعم. كانت الامور تسير بسهولة حتى ذلك الوقت.
بل و جرت بسلاسة كذلك ، عندما كانت تستعد للذهاب إلى لادين بأمر من الإمبراطور.
بالطبع كانت كاديليا تشعر بين الحين و الآخر بنوع من الاضطراب بسبب وجود أوفيليا هناك ، لكنها لم تكن غاضبة منها.
و لولا الرسالة التي حملها الحمام الزاجل مرة اخرى اليها ، قبيل مغادرتها إلى لادن ، لكانت قد بقيت على حالها.
لم تكمن المشكلة في جلب الحمام الزاجل للرسالة ، بل في ما جاء فيها.
و قد كان ما قيل في الرسالة –
「… سبب أرسال هذه الرسالة لك . هو انني قد رأيت الدوق الاكبر لرونين رفقة صاحبة السمو أوفيليا في الشاطئ في وقت متأخر من الليل. 」
كانت تفاصيل اللقاء غامضة لعدم قدرة ليليث على الاقتراب منهما ، لكن مجرد سماع انهما التقيا كان كافيا لإثارة غضب كاديليا.
و بالإضافة الى هذا ، فقد كانت هناك بعض الكلمات المكتوبة في أسفل الرسالة.
「 ان دوق رونين الاكبر يُظهر اهتمامًا مستمرًا بسموها. و نظرا لانها تمتلك لقاءات سرية متكررة و اجتماعات مشكوك في امرها تستمر لساعات متأخرة من الليل ، فمن المريب أن سموها قد سمحت له بدخول غرفتها بكل وقاحة. 」
أثناء قراءة التقرير المفصل الذي وصلها حول ما كانت أوفيليا تفعله في هذه الأيام ، أصبحت مشاعر كاديليا ملتوية و مضطربة.
لا يسعني ان اصدق ان دوق رونين الاكبر مهتم بأوفيليا!
كان هذا ما أفزع كاديليا.
‘ لابد أن أوفيليا قد قامت بهز ذيلها مرة أخرى! ‘
خلاف لهذا ، فان الامر مستحيل.
لقد سبق و أن اعترضت أوفيليا طريقها في القصر الإمبراطوري ، أهي تحاول تكرار هذا في لادين الآن ؟
‘لم أتوقع حدوث هذا ، كيف لك ان تفعلي ذلك مرة أخرى؟’
كانت قبضتا يدي كاديليا المشدودتين ترتجفان من الغضب.
بالطبع ، كانت تمتلك وجه فاتن جدا بوسعه ان يفسح لها المجال لمغازلته.
لكن ، لم تجد أن ذلك يناسبها كما انها لم تكن تعلم اذا ما كانت تملك الامكانيات اللازمة لفعل ذلك !
‘حتى و إن كانت أوفيليا تملك الدوق الأكبر ، فإن حياتها ستبقى في الحضيض .’
لا ينبغي أن تكون هي . لذا ، فان كان هناك شخص يجب أن يتنحى عن الطريق بشكل طبيعي ، ألا يجب أن يكون ذلك الشخص أوفيليا؟
لم تعد تستطع تحمل هذا . لقد تملكها غضب شديد بسبب أن تلك الفتاة القذرة غير الشرعية المليئة بالجشع لم تكن تعرف مكانها ، بل و انها تطاولت و تجرأت على تمني ما هو لها. لذا فبمجرد أن دخلت الى لادين ، ركضت كاديليا عبر القلعة.
ثم ، قامت بصفع أوفيليا.
عندما رأت كيف اتجه رأس أوفيليا إلى الجانب الآخر ، شعرت كما لو أن العقدة الموجودة في معدتها قد ارتخت قليلاً. و أن التوتر الذي جعلها في حالة مزرية طوال الطريق ، قد اختفى حينها.
هاها ، فتحت كاديليا شفتيها مطلقة العنان لضحكاتها.
لكن ، صوت اوفيليا ، كسر ذلك الصمت الثقيل.
“… لا أعلم إن كان بوسعي أن اتغاضى عن هذا يا كاديليا.”
“ماذا؟ تتغاضين عن هذا ؟ الجميع في العاصمة يعلم أنك من تجرأت على الطمع بجلالة الدوق الأكبر! “
“انت تتحدثين عن العاصمة التي تنتشر فيها الشائعات لمجرد تبادل القليل من الكلام “
بصقت أوفيليا هذه الكلمات ببرود ، ثم أدارت رأسها الى الامام ببطء.
“بالإضافة إلى ذلك ، فليس خطئي أن الدوق الاكبر كان بحاجة للانقاذ . لماذا قد تفعلين هذا بي وأنت على علم بهذا ؟ “
” لأنك تطمحين لشجرة يجب عليك ان لا تتجرئي على تسلقها! ليس لدي أدنى فكرة عما تخططين للقيام به هنا ، ولكن – “
“حقًا ، يا له من قول غير عادل . لا أعرف من أين سمعت هذا ، لكن هل تعتقدين أنك ما زلت في القصر الإمبراطوري؟ “
رتبت أوفيليا شعرها ببطء ، ثم قامت شيئا فشيئا بتعديل وضعية وقوفها.
و قد بلغ الضغط الذي خلقته اشده عندما رفعت بصرها الى مستوى عيني كاديليا . مما جعلها تتلعثم دون أن تدرك ذلك.
“م- ماذا؟”
مستحيل – أنا اتعرض للترهيب من قِبَل أوفيليا؟
سرت القشعريرة على طول عمودها الفقري عندما جابت هذه الفكرة عقلها دون سابق إنذار .
هذه هي نفسها أوفيليا التي لم تستطع التحدث معها بشكل صحيح أثناء وجودهم في القصر الإمبراطوري. و التي كان الاستهزاء و السخرية من فساتينها الرثة و من عدم امتلاكها لداعمين بمثابتة روتين يومي لكاديليا.
كيف لها أن تخسر أمام أختها غير الشقيقة التي لطالما استهزأت بها ؟
و كما لو كانت تسخر من انقباضة جسد كاديليا في هذه اللحظة ، استدارت أوفيليا على مهل مبتعدة عن المكتب ثم اقتربت من كاديليا. و قد كان صوت خطواتها حادًا مثل الصقيع.
وضعت أوفيليا يدها على كتف كاديليا.
“أختي الصغرى العزيزة.”
“…ماذا؟ من التي تنادينها ب-“
أثناء سؤالها عمن تناديه باختها ، حاولت كاديليا رفع يدها مرة أخرى ( لصفع اوفيليا ) . لكنها فشلت.
لم تستطع تحريك جسدها كما لو انها قد جُمِدت.
بل و لم تستطع حتى تحريك أطراف أصابعها ، كما لو انها قد تحولت لتمثال من الطين ، و كلما كافحت أكثر ، كلما شعرت بأن جسدها ازداد صلابة.
همست أوفيليا بصوت بارد.
“سأشرح لك الامر ببطء حتى يتمكن عقلك البطيء من فهمه بشكل صحيح. استمعي . قبل أن ننظر الى الدوق الاكبر على انه رئيس اقطاعية رونين ، فيجب ان نعترف بانه مجرد مسافر غير شرعي في لادين لم يقم بتقديم اي وثائق قبل دخوله إلى هذه الأرض. لذا فانا لم استطع إرسال شخص في مثل وضعه مباشرة إلى العاصمة “.
“….!” _ صمت_
“كما انه ، و بناءً على أوامر جلالة الإمبراطور ، فقد تم تعييني كمسؤولة عن هذه المنطقة بالنيابة عنه . كاديليا ، سأغض الطرف عن عدم الاحترام هذا بسبب المودة التي أحملها لك. لكن،”
إذا ما تصرفت بوقاحة معي ، مرة اخرى.
“سأدعك ترين بوضوح – الأمور التي يمكن أن تحدث في هذا المكان البعيد عن اعين جلالته “
* * *
غادرت كاديليا باكية . غير قادرة على كبت الغضب الذي كان يعتريها.
طلبت منها وصيفاتها اللواتي تبعنها من القصر الإمبراطوري أن تخرج و ترى المنظر البديع للمحيط ، لكن و على الرغم من جميع المحاولات التي بذلنها ، الا أن كاديليا لم تستطع ان تشعر بالارتياح.
لسببين.
الاول ، هو غياب إيان عن القلعة . فقد قيل لها أنه قد ذهب مع الكهنة الذين أحضرتهم كحاشيتها لرؤية المعبد المؤقت.
اما الثاني…
‘ما الذي حدث حينها بحق السماء؟’
… فكان الإذلال الذي تعرضت له عندما كانت داخل مكتب أوفيليا.
عندما تذكرت ما حدث ، احست بالقشعريرة تسري في جسدها دون وعي .
لم تكن قادرة على تحريك جسدها ، بل و حتى التنفس أصبح صعبا.
شعرت كما لو أنها قد غُمرت تحت ذلك الضغط.
لكن هل شعرت حقا بمثل ذلك الضغط بسبب أوفيليا؟
‘هذا محال ‘
كانت الأشياء التي تنكر حدوثها تستمر في الحدوث كلما تورطت مع أوفيليا. بدا أن وجود أوفيليا في حد ذاته كان يلتهم كاديليا.
هذا الاحساس بالذل! و الإهانة! سوف تدفع ثمنها بالتأكيد.
مطمئنة نفسها بهذه الفكرة ، رفعت كاديليا رأسها ثم مسحت دموعها . و حينها لمحت عيناها شخصا يمر.
شعر فضي يتوهج كشعاع أبيض تحت اشعة شمس الظهيرة. عيون ذهبية مجوفة مليئة بالروعة . شفاه رقيقة رفيعة . وجه جميل من المحال نسيانه بعد رؤيته.
لقد كان الساحر الذي قام بنقل كاديليا عن بعد إلى مكان عشوائي داخل القصر الإمبراطوري.
* * *
تاك . لم تفتح ينيت شفتيها لتتحدث الا بعد أن أُغْلِق الباب و تأكدت من ابتعاد الخطوات تمامًا.
“… أم ، أوفيليا. هذه الفتاة التي كانت هنا الآن ، هل هي – “
” نعم ، انها أختي الصغرى غير الشقيقة . لقد قام والدانا بتدليلها كثيرًا ، لذا فهي لا تزال تجهل الكثير عن العالم. إنها تتحدث معي دوما بهذه الطريقة لكنني اعتز بها حتى و ان كانت لا تعلم ذلك ، لذا … بالمناسبة ، يبدو انك قد صدمت بعض الشيء. أنا آسفة.”
“لا عليك . بدلا من ذلك ، هل خدك بخير؟ “
“آه ، هذا لا شيء. ألم تقولي أن لديك شيئا تريدين اخباري به ، يا ينيت؟ “
اتجهت أوفيليا ببصرها نحو ينيت .
كانت تبدو هادئة جدا في هذه اللحظة لدرجة أنه من المستحيل تصديق أنها وبخت بشدة أختها الصغرى الحبيبة الآن فقط . كما اصبحت نبرة صوتها ودودة مرة أخرى.
إذا حدث هذا في وقت آخر ، لاشتبهت ينيت في هذا الاختلاف في شخصية أوفيليا. لكنها كانت قد غيرت رأيها في أوفيليا من نواحي عديدة ، منذ اللحظة التي ظهرت فيها كاديليا.
‘ لو كنت انا مكانها لما استطعت تحمل ذلك ‘
حتى أن أوفيليا قد سبق و أن طلبت من ينيت خدمة خاصة تتمثل في اصلاح الطريق من اجل أختها.
لكن ما الذي فعلت تلك الأخت بمجرد وصولها؟ صفعت الأخت الكبرى على وجهها وقالت مثل ذلك الهراء؟
بما ان أوفيليا قد استطاعت تحمل كل ما حدث بهذا الشكل ، فلا بد من أنها تجسيد للصبر واللطف.
و
ان كانت تملك شخصية كهذه ، فلا ضرر من تركها قريبة من اللورد أليخاندرو.
يتبع…..