Never saved you - 3
قبل ان تقفز اوفيليا بلحظات راودتها فكرة مشوشة ‘ ماذا لو كان الامر ليس عبارة عن هلوسة او حلما ؟ ماذا لو كنت قد عدت حقا للماضي ‘
لم تكن قلقة من الالام التي ستصيبها جراء السقوط ، كما انها لم تأبه اذا كان ذلك سيؤدي الى موتها . فلقد ابتلعت ميزان الحورية لكي تتمكن من الموت ، لذا فان القفز من هنا لن يخيفها ابدا .
الشيئ التي كانت خائفة منه … هو احتمال حصولها على فرصة جديدة للحياة ، كانت خائفة من ان تخونها مشاعرها اذا التقت بأيان مرة اخرى .
فمهما كانت متعبة وتعيسة ، فان المرء ليتردد اذا عرضت عليه فرصة اخرى .
فايان كان و مازال بكل بساطة حبها الاول ، فقد كان اول شخص يقدم لها الاهتمام و الحظ ، فلو انها لم تتمسك و تتزوج به ، لكانت ربما قد بيعت في زواج سياسي تم ترتيبه من طرف والدها .
اذا تعرضت لنفس ذلك الموقف هذه المرة ، افلا تسطيع حقا قبوله ؟
كيف امكنها ان تفكر في شيء احمق مثل هذا الان …
لم تكن اوفيليا واثقة من مقدرتها على رفضه ، فهي لا تزال تتذكر اليوم الذي اعترف فيه لها بحبه ، لم تتمكن نسيان ذلك ابدا . فقد المرة الاولى التي تعجب فيها بشخص ما .
في ذلك الوقت تحدث الجميع عنهما ، فقد كانت تلك فضيحة هزت العالم الاجتماعي، و قد قال الجميع انه لابد ان تكون هي من اعترفت له اولا ، لقد ظنوا ذلك لانهم لم يعرفوا ابدا حقيقة ما حدث بينهما .
بعد ان انقذته اوفيليا ، عينت كحاسة له لانه كان مريضا ، لكنها قد قامت بتجاهله و الابتعاد عنه لمدة طويلة ، فقد كانت على علم بالشائعات المتداولة بينه وبين اختها غير الشقيقة و قد علمت انه اذا رآها احد ما معه ونقل الامر الى مسامع الناس لانتهت حياتها . لذا قامت بما فعلته طوال حياتها و هو الاختباء و العيش في الظل ..
ولكن في ذلك اليوم استسلمت اوفيليا مشاعرها.
…كان ذلك في الليل نعم ،
نعم في ليلة هادئة على ذلك الساحل ذو الرمال البيضاء النقية، نظر ايان الذي يجلس على الشعاب المرجانية إلى الخلف و حين رآها ، ناداها بصوت خافت و هادئ كهدوء صوت الامواج في تلك الليلة .
“اوفيليا”
كان شعره يتطاير مع عليل نسيم البحر ، وقد كانت عيناه مركزتين عليها بالكامل ،و قد بدا وكأن هالة فضية تحيط به تحت ضوء القمر البديع ، اما بالنسبة لاوفيليا فقد بدا كما لو انه مصدر النور الخاص بها .
مشت في اتجاهه حاملة مصباحا في يدها بدون ان تجيبه .
عندما اقتربت منه ، ظهر منحنى جميل تحت عينيه وهو يبتسم. كان مظهره انذاك يبدو افضل و اكثر لمعانا مما راته عليه لاول مرة ، فقد كان يبدو كرجل شجاع لا يهاب شيئا وهو يقف على مقربة من الأمواج التي هددت حياته ذات مرة .
_” لقد ظننت انك ستاتين للبحث عني ، اذا بقيت هنا ”
-” بالطبع ، فقد مررت لإطفاء الانوار ، لكنك لم تكن متواجدا في غرفتك لذا خرجت للبحث عنك ”
_” كيف علمتِ بوجودي في هذا المكان “
-” لقد كان جلالتك يعلم بوجود حظر تجول داخل القلعة ، لذا فانت لن تذهب لمكان اخر ، و اذا لم اجدك هنا لكنت قد اعلمت الحراس غدا بخروجك .”
ضحك الرجل. ضحكت قوية كافية لتحريك رمال الشاطئ ، كان يضحك بصوت عالٍ وحنين.
_ “لقد كان من المستحيل مقابلتك بمفردكِ طوال هذه الفترة ،لذا تتسلل هكذا لاجذبك الى هنا و اتمكن من رؤيتك . انت حارستي ، فلماذا لا تهتمين بي أكثر و تتفرغين لمقابلتي ؟”
-” اولا لقد اصبحت حارسة لك فقط لانني امتلك اعلى مكانة من بين الموجودين هنا ، و ثانيا اليس من الافضل ان يعتقد جلالتك انني مشغولة لدرجة انني لا اجد وقتا لنفسي ، بدل ان تظن انني اقوم بتجنبك ؟”
_ اتساءل ان قمت حقا بتجنبي عمدا ؟
– ..اذا كنت تعتقد ذلك ، فهل ستبقى في مثابرتك لرؤيتي ؟
_ نعم ، سأستمر في فعل ذلك .
اختفت ابتسامته مع هبوب النسيم ، بعد ان انهت اولفيا كلامها جلس ايان بالقرب من البحر و وضع ذقنه على ركبته ، و قد بدا وجهه خاليا من المرح . عندئذ ازاحت اوفيليا بنظرها إلى البحر واخذت تشاهده في هدوء .
_ اوفيليا ، هل شاهدتي البحر من قبل في الليل .
– لا، لم افعل .
فقد كانت المرة الأولى التي رأت فيها أوفيليا البحر هي عند قدومها الى لادين. غير متفاجئ بما قالته ، فتح إيان قبضته التي كان قد أغلقها في وقت سابق.
_ لقد علمت ذلك ، لذا بقيت بانتظارك هنا ، كنت متأكدا من انك لم تريْ شيئا كهذا من قبل .
عنما فتح يده طار شيء مثل بذور الهندباء من بين يديه واتجه نحو البحر.
ثم بدأت تلك الاشياء ، بالتوهج واحدا تلو الآخر تحت الماء.
سرعان ما انتشرت أضواء متوهجة في البحر و قد بدت كفوانيس مضيئة .
_”لا يمكن رؤية هذا المنظر إلا في هذا الوقت من العام. فهذه الكائنات تتفاعل مع مسحوق الحجر السحري ، مما يجعل الامر يبدو وكأن هناك فراشا منيرا على شكل زهرة على سطح البحر و من حسن الحظ فالجو اليوم صافي لذا فقد جميلة بشكل واضح “.
بدا تعبير وجهه محرجا إلى حد ما. لاحظت أوفيليا ذلك لكنها لم تقل أي شيء.
لانها لم تستطع إظهار رد فعل ، لا ، بل لانه لم يكن يجب عليها أن ترى تعبيره هذا في الاصل.
اغلقِ عينيك. غطِ أذنيك. لا تفتحٍ قلبك لاحد. لا تعتمدٍ على اي شخص . هكذا عاشت أوفيليا حياتها.
لكن و في بعض الأحيان ، و مهما كان الانسان قادرا على السيطرة على مشاعره و عدم اظهارها فانه قد يفقد تلك السيطرة .
خاصة اذا تم منحه فراش لزهرة بيضاء تنير فوق الأمواج الزرقاء. او اذا تعرض للطف لم يتوقعه من قبل .
_ “أردت أن أريكِ هذا.”
-“لماذا ؟”
سالت اوفيليا و قد حاولت ان لا تغير من نبرة صوتها العادية ، لكنها قد ندمت مباشرة بعد سؤالها .
_ ” لماذا تظنين انني قد افعل هذا ؟”
وقبل ان تتمكن من ابتلاع ندمها ، تاثرت بابتسامته المتوترة .
وجه خجول أحمر قليلاً. ابتسامة خفيفة جعلته يبدو وكأنه عابس ، و عينان ركزتا عليها بالكامل .
_ ” لانني احبك “
جرفت تلك الكلمات كل جهود أوفيليا لتجنبه.
عند تلك اللحظة ، تمكن إيان من فتح الباب الذي فصلت أوفيليا به نفسها عن العالم ، الباب الذي كافحت بشدة لإبقائه مغلقًا بإحكام طوال تلك السنوات.
هل أدرك إيان في ذلك الوقت؟ ما مدى صعوبة فتح ذلك الباب بالنسبة لها ، ربما لم يعرف ذلك فقد كان من السهل له التخلي عنها في المستقبل.
كان من الأفضل لو لم يقل لها أي شيء عن الحب.
فهي لم تشك ولو للحظة واحدة في حقيقة مشاعره انذاك .
تلك المشاعر …
كل ما تتذكره هو أنها كانت متعلقة بها بشدة .
و لهذا السبب.
تمنت أوفيليا أن يكون كل هذا حلما. أو وهم .
و قد كان الامر سيكون افضل لو انها فتح عينيها على كابوس لا نهاية له تسقط فيه دوما في الهاوية لتموت ثم تعود بدل ان تفتح عينيها علىهذا الحلم الواقعي .
فإذا كان ماتراه الان ليس حلما ، فمن الافضل لها أن تسقط الان وتموت. فسبب تناولها لميزان الحورية هو رغبتها ان تموت بهدوء و ليس لانها ارادت العودة الى الماضي.
و لكن بعد ان قفزت من الشرفة، فهي لم تشعر باي الم جراء سقوطها ، لكن ذلك لم يكن لانها تحلم ، بل لان جسمها لم يلمس الارض ، فقد وقعت بين يدي شخص ما .
اليدلن اللتان امسكتا بها كانتا دافئتين ، و كان قلب ذلك الشخص الذي يحملها ينبض بشدة .
ادى خفقان قلبها المؤلم جراء السقوط الى تنبيهها باها كانت على وشك الموت .
لكنها مزالت حية .
_ “طوال حياتي ، النساء اللواتي اتين لي سقطن من السماء …”
رفعت راسها لتنظر لصاحب الصوت لكن الوجه الذي راته ارجع الى ذهنها خليطا من الذكريات القديمة .
ظهرت ملامح الدهشة على وجه اوفيليا عندما تعرفت على صاحب الوجه .
– لماذا انت هنا؟
لقد كانت متاكدة بانها رأته لاول مرة في لادين . نطقت باسم الرجل الذي حملها
-الاي…
عندها دهش و ارتفع حاجبيه و قال :
_ ماذا، هل تعرفين من انا ؟
– ربما..
كان ذلك الرجل هو الذي اخبرها عن ميزان الحوريات .
كانت قد قابلته لاول مرة في لادين . و قد كان الساحر الذي يعمل مع الدوق الأكبر لرونين .
خلال حياتها المنعزلة في رونين ، كان هو الشخص الوحيد الذي اقترب منها و ساعدها هناك .
الاي ، لماذا انت دائما …
__ لقد اخبرتك ، اوفيليا ستندمين اذا فعلت ذلك …
لماذا تظهر دائما امامي كلما اردت ان اموت .
__ الدوقة الكبرى ، انت لست بحاجة لانهاء حياتك . ليس عليك ان تخسري حياتك من اجل هذا الشيئ (ميزان الحورية )
نعم ..
لقد كنتٓ محقا في النهاية .
في اللحظة التي رات فيها وجهه ، اقرت اوفيليا في نفسها ان ما فعلته كان خطأً .
عندما ادركت انها على قيد الحياة حقا ، و ان هذا ليس حلما او وهما بل هو حقيقة ..
عندها شعرت اوفيليا بالراحة .
هي لم تكن تريد الموت ، هي لم ترغب فقط ان تعيش في ذلك البؤس .