Never saved you - 10
كان الفراش الذي شكلته مخلوقات اللافيل المتوهجة يبدو كحديقة زهور تطفو فوق البحر.
بدا اكثر لمعانا من النجوم التي تتلألأ في السماء . لذا كانت توقعات اوفيليا مرتفعة بشان خطتها .
حينما رأت اوفيليا المشهد البديع الذي صنعه المسحوق السحري الذي سكبه إيان و الذي كان كفراش براق يبدو من بعيد كجزء من حديقة صغيرة سالته اوفيليا :
– انت تسافر في البحر دائما ، لذا لا بد أنك شاهدت هذا المنظر كثيرًا . أليس كذلك ؟
_لا ، لم أر الكثير من لافيل أثناء سفري … فرؤيته تعتبر علامة مشؤومة.
– إنها مخلوقات جميلة .. فلماذا تعتبر رؤيتها علامة شؤم ؟
_ لان توهجهم يؤدي عادة الى ظهور كائنات اخرى تقوم لاصطيادهم . لذا من الأفضل توخي الحذر عند رؤية مثل هذا التوهج .
أصوات مغرية مشبعة بالمانا … لا تكتفي بصيد اللافيل ، بل تقوم أيضًا بإغراء العديد من البحارة لقيادة سفنهم إلى الشعاب المرجانية.
سيرين ،
الاسم الذي سمي به البرج ، والذي اعتبر رمزا له .
تحدثت أوفيليا بصوت خفيف و هي تراقب طائرا يطير بالقرب من الشاطئ .
– “الي ،قم بسحب المانا خاصتك . حتى يقتربوا إلى هنا “.
عند سماع كلماتها ، صنع الي وجها مستفسرا.
__” ما الذي سيأتي؟”
-“ما الذي تتوقعه ؟؟”
سياتي من سيساعدك على استعادة ذكرياتك .
* * *
كانت روايات البحارة تصف السيرين بطريقتين مختلفتين:
الاولى كوحش يمتلك صوتا مغريا و شكلا شبيه بالطيور ، أم الثانية ..
فهي انها تبدو كمخلوق له صوت مغري بقدر مظهره .
و حتى الاشخاص الذين رأوا وا السيرين بام اعينهم كانوا منقسمين في آرائهم حوال شكلها .
في حين كذب العديد من الناس وجودها و قالوا انها مجرد اساطير لا وجود لها .
لكن اوفيليا كانت تعلم انها موجودة .
و كان الفضل راجعا لحياتها السابقة .
بعد أن استعاد الي ذكرياته في الماضي ، اخبرها انه سيعود إلى البرج ، وقد كان من الطبيعي القيام بذلك لانه كان سيد البرج بعد كل شيء.
و لأنها كانت تعلم ان الي حاول بيأس استعادة ذكرياته ، لم تستطع أوفيليا التمسك به و منعه من المغادرة .
ومع ذلك ، كانت تتمنى لو ان بوسعها ابقاؤه بجانبها.
فقد اعتقدته في ذلك الوقت انها ستفقد صوتها مرة أخرى، اذا غادر الي . كما انها لا تمتلك شخص اخر الى جانبها ، فمن الذي تستطيع الثقة به غيره ؟ لذا شعرت كما لو أنها ستُتركت وحيدة وسط عاصفة ثلجية لا نهاية لها.
لكن كيف يمكنها ان تجرؤ على أن تكون جشعًة وتتمسك به؟
لذا وجدت حلا بديلا .
فبدل التشبث به و منعه من الذهاب ، قررت أوفيليا امضاء المزيد من الوقت معه قبل أن يغادر. فقد كانت تتجه الى غرفته في الكثير من الأوقات ، و تمضي جل وقتها هناك جالسة بجانبه أمام المدفأة ، و هن يتحدثون عن العديد من الامور ، و قد كانت راضية بشكل تام عن الوقت الذي قضته بجانبه .
و كانت هناك مرة ، عندما نجحت في خبز فطيرة البرقوق بشكل جيد لأول مرة. و لانها كانت تعلم ان الي يحب الحلويات ، وضعت في طبق شريحتين من الفطيرة و اتجهت لغرفته .
لكن قبل أن تطأ قدمها باب غرفته وجدت ان هناك ضيف اخر بالفعل .
شعر مجعد قصير جدًا لدرجة أنه لم يغطي نصف رقبته ، انطباع آسر حاد بما يكفي لجعل اي شخص يشعر بفقدان توازنه ، و جاذبية لا تُقاوم تجعل أي شخص يقع في الحب .
*”ديان. من هذه الأنثى؟ “
… و صوت وقح جدا.
عبس الي ووبخ ذلك الشخص على الفور.
__ “أخبرتك أن لا تقول هذا ، سانتي.”
* “لما لا؟ لا أعتقد أنها ذكر “.
__ “أنا لا أتحدث عن جنسها … على أي حال ، بامكانك الدخول ، أوفيليا.”
– “…آه.”
عندها استيقظت أوفيليا من حلمها الخيالي. هذا الرجل الرائع – حسنًا ، لم تكن متاكدة من انه رجل ، لكن بالحكم على صوته ، فقد يكون كذلك . و عندما نظرت اليه عن قرب لم يكن يبدو كامراة ايضا .
نظرت إلى الشخص المسمى سانتي ، ثم التفت إلى ألي.
– “لديك ضيف. هل لا يزال بإمكاني الدخول؟ “
__ “لا بأس. سيغادر قريبا. سانتي ، لا تقم بأي شيء غريب “.
* “ما هو الشيء الغريب الذي تتحدث عنه . لكن هل تعتقد حقًا أن الامر سيكون على ما يرام إذا تركتني بمفردي ؟ “
عند سؤال سانتي ، قام ألي بتضييق عينيه ، وبدا كما لو أنه يفكر بعمق.
لكن تفكيره لم يطل كثيرا .
__ “أنتَ … قبل أن تقوم بأي شيء غريب ، دعنا نخبرها الامر مقدمًا. أوفيليا ، هذا الشخص ليس بشريًا “.
* “نعم ، لقد فعلت شيئا حكيما “.
__ “سانتي ، هو ممثل للسيرين .”
* “نعم, سيرين .”
_ “… توقف عن التلاعب بالكلمات .”
* “ولكني اقول الحقيقة.”
لم تتمكن أوفيليا من استيعاب ما يتحدثون عنه. ربما كانت ستكون اكثر تركيزا لو أنها وضعت على الأقل طبق فطيرة البرقوق الطازجة .
لذا شعرت بأنها بحاجة إلى ادراك الوضع.
– “هل تقصد … انه من البرج؟”
انفجرت بعد ذلك ضحكة قوية . فقد قهق سانتي بصوت عالٍ لدرجة أنها كادت ستسقط الأطباق التي كانت تحملها .
احس الي انه مسؤول عما يحدث ، لذا قام بلطف باخذ طبق فطيرة البرقوق التي كانت تحمله أوفيليا ، ثم تحدث و هو يبدو محرجا إلى حد ما .
_ ” اظن ان شرحي السابق كان غير كاف فقد قاطعني هذا الشخص عدة مرات، على أي حال ، انا لم أكن أتحدث عن البرج . بل عن جنس سيرين الذي تم تسمية البرج باسمهم “.
– “… اذن هذا ما قصدته بعبارة” ليس بشرًا “.
__ “حاولت أن أقول لك الامر مباشرة ، لكن شرحي أربكك فقط ، انا اسف لذلك .”
– “الامر على مايرام ، لقد فهمت اذن هو من جنس السيرين “.
لحسن الحظ ، ادركت أوفيليا الموقف بسرعة ، لذا ظهرت ملامح الراحة على وجه الي.
و بعد هدأ سانتي قليلا ، تمكن الي من مواصلة شرحه.
نظرًا لأن السيرين يمكنهم التنكر على هيئة الطيور والبشر ، فغالبًا ما كان يطلب منهم البرج مساعدتهم في التواصل . و في المقابل ، سيقوم البرج في مساعدتهم على ايجاد مكان لافيل.
و سانتي هو الرئيس الحالي للسيرين .
بعد الاستماع لشرحه المبسط ، كان لدى أوفيليا سؤال واحد فقط .
– “هل من المقبول إخباري بهذا؟ نظرًا لأنه من جنس مختلف ، فلن يدعه البشر يعيش بسلام “.
ماذا لو اخبرت احدا ما بالخطأ و عرضت بذلك سانتي للخطر؟
ضحك سانتي بصوت عالٍ مرة أخرى لانه فهم ما كانت تعنيه بسؤالها ، لكن هذه المرة كانت ضحكته اكثر هدوءا و جاذبية من القهقهة التي أطلقها حين ظنت اوفيليا انه احد سحرة البرج.
سألت اوفيليا عن سبب ضحكه ، لكن لم يجب احد منهما .
لكنها اكتشفت ذلك لاحقًا.
ففي الحقيقة ، كان السيرين محميين بعدة طبقات من السحر الوقائي الذي يضعه البرج عليهم ، و بالاضافة الى ذلك فان السيرين تعتبر سلالة متفوقة على البشر . عكس ما ظنت اوفيليا ، فقد كان السيرين هم الذين يصطادون البشر من أجل المتعة.
لذا ادركت ان كل الشائعات التي سمعتها عنهم من قبل كانت صحيحة تماما .
كل شيء كان حقيقيا فالسيرين يقومون بالفعل باستدراج البحارة إلى الشعاب المرجانية وجعل سفنهم تغرق هناك ، كما انهم يمتلكون شكلا اشبه بالطيور و يمكنهم تغييره ليصبح على هيئة بشرية .
و سيكون من المستحيل ان يتمكن البشر من مطاردة السيرين ، لان مقابلة واحد منهم كانت شيئا خطرا للغاية.
*”عندما رأيتني لأول مرة ، كيف كنت أبدو لك ؟ أنثى؟ ذكر؟ كلاهما؟”
– ” اذن لهذا السبب بدوت لي كما لو انك تتالق ! حاول القيام بذلك مرة أخرى! فلترني اياه مرة اخرى!” ( يعني انه كان يحاول اغراءها بشكله )
حاولت أوفيليا تخيل السيرين بأشكالها الشبيهة بالطيور ، جالسة على شعاب مرجانية وأقدامها مغموسة في المياه.
بحسب ما فهمت من كلام الي ، فقد كانوا يشبهون الطيور من مسافة بعيدة ، ولكن كلما اقتربت منهم وجدت ان مظهرهم يتغير .
__ السيرين كائنات يقظة ، لكنها فضولية للغاية ، كما ان مزاحهم عنيف جدا . فبالنسبة لهم ، فإن قتل البحارة مجرد مزحة بسيطة . و الصعوبة لا تكمن فقط في الاقتراب منهم بل في ما سيحدث بعد ذلك .
_ ما الذي سيحدث اذا اقترب شخص ما منها؟
__إذا اقترب منها شخص عادي ، فان الامر سيكون خطيراً جدا . لان السيرين مخلوقات سريعة الملل كما انها ذات صبر محدود .
بعبارة أخرى ، إذا كنت لا تريد أن تموت ، فيجب عليك الابتعاد عنها .
كانت اوفيليا تتذكر كلمات الي التي اخبرها بها ذات يوم ، و هي تراقب بعض السيرين ذات الأحجام الصغيرة التي ظهرت بعد ان قام الي بسحب المانا من المحيط.
و قد بدت تلك المخلوقات و كانها بدأت تفقد صبرها على الرغم من انها ظهرت قبل مدة قصيرة .
“إذا لم تسرع و تظهر المزيد من اللافيل ، فسوف أغرقك في المحيط!”
“سوف أسحق رأسك على الشعاب المرجانية!”
حتى لو تكلموا بهذه الطريقة المخيفة ، فان تهديداتهم لم تكن مرعبة لاوفيليا ، التي كانت بجوار رجل بامكانه تحويل البحر إلى سماء مرصعة بالنجوم.
__ “أليس صوتها عاليا جدا ؟”
– “نعم ، انه مرتفع .”
بمجرد أن قال الي ذلك ، اُغلقت شفاه السيرين .
ان الامر افضل الان .
بينما كانت تنظر إليها ، تحدثت أوفيليا بنبرة خفيفة ، و هي تحاول ان لا تكون كلماتها حادة للغاية .
– ” ايتها السيرين . بامكاننا أن نضيء البحر بقدر ما تريدين اذا كان هذا ما ترغبين به “.
“أوه!”
– ” بمقدوري أن أظهر لك المزيد من الأشياء المدهشة ، كما يمكنني ان اريك المزيد من لافيل التي يمكنها أن تملأ معدتك .”
“……!” (صمت )
– “هل رأيت من قبل بحرا مضطربا يهدأ في لحظة؟ ماذا عن سقوط المطر بالعكس ؟ ام هل تريدين مشاهدة قاع البحر؟ إذا كنت تستطيعين مساعدتي ، فسأفعل أي شيء تريدينه “.
واصلت أوفيليا إغراءها بذكر الاشياء البراقة . وسرعان ما أصبحت السيرين عاجزة عن الكلام كما لو كانت ممسوسة بشيء ما .
إذا كانت هذه السيرين تشبه سانتي ، فان إقناعها كان سيكون صعبا للغاية. لكن و لحسن الحظ ، كانت هذه المخلوقات الصغيرة اقرب لكاديليا.
يمكن القول ان الحظ كان بجانبها ،
سألت أوفيليا مباشرة.
– “ماذا تقولين ؟ هل ستقومين بمساعدتي؟”
عندها حصلت على ثلاث اجابات بديعة .