My Wish Is Two Separate Beds - 2
تحطمت كأس الكريستال على الأرض.
توقفت جوليا، التي كانت تمسك بالقلم بلا مبالاة، والطبيب الذي كان يحاول كسر حدة التوتر بسؤاله، وحتى إنديميون، الذي نهض من كرسيه بعنف، كان في ذهول.
نظرت جوليا إلى زوجها الذي غضب بشكل مباشر لأول مرة منذ توليه العرش، وهي تفتح فمها قليلًا من الصدمة. التقت أعينهما، وكانت عيناه الزرقاوان مليئتين بالارتباك. وقبل أن تتمكن جوليا من قول أي شيء، أدار وجهه بعيدًا وقال ببرود:
“لا.”
“م-ماذا؟”
بدا أن إنديميون لم يشعر بأي تعاطف مع الطبيب المرتبك، شد قبضة يديه بشدة وقال بحزم:
“لم يحدث أن فكرت في الملكة بهذا الشكل.”
ارتبك الطبيب من رده العنيف، وحاول تهدئة الموقف بسرعة:
“أعتذر، جلالتك! لم أقصد سوى أن أؤكد على العلاقة الجيدة بينكما. لم يكن هناك أي نية للسخرية من جلالتك!”
حاول الطبيب، الذي أدرك انزعاج الملك، تبرير كلامه، ثم توجه إلى الملكة بحثًا عن الدعم:
“كانت نيتي فقط الإشارة إلى أن هذا أمر طبيعي جدًا للشباب. نفس الأمر ينطبق على النساء! مولاتي، هل سبق لكِ أن شعرتِ بشيء مماثل تجاه جلالة الملك؟”
ردت جوليا بلا مبالاة وهي تميل رأسها قليلاً:
“أعتقد أنه لم يحدث. ميون أشعر بأنه مثل صديق. لم أشعر بمثل هذا تجاه أي رجل من قبل.”
بالنسبة لجوليا، التي كانت تعرف إنديميون منذ أن كانا في السابعة من العمر، كان زوجها أقرب إلى العائلة أو الصديق منه إلى الرجل.
رغم هدوئها، كانت جوليا فتاة شابة تبلغ من العمر ستة عشر عامًا تفتقر إلى المهارات الاجتماعية. كانت تؤمن بالصدق المطلق، وهو ما جعل الطبيب يصاب بالذهول من إجاباتها العفوية.
“آه، حسنًا.”
أدارت جوليا رأسها لتجد إنديميون ينظر إليها بنظرة غامضة. قال جملة واحدة فقط قبل أن يغادر الغرفة بسرعة:
“غريب، لكنني شعرت بذلك تجاه النساء.”
بانغ!
بذلك انتهى الدرس، ومنذ ذلك الحين، بدأ كل منهما يتلقى دروس التربية الجنسية بشكل منفصل.
—
مشكلة عابرة بين الملكين الشابين.
كادت شائعات الخلاف بين الزوجين الملكيين الشباب أن تنتشر، لكنها انتهت بسلام بفضل جوليا، التي طلبت من الطبيب إبقاء الأمر سراً، وهو ما وافق عليه الطبيب بامتنان بعد موقفه المحرج.
وفي تلك الليلة، اعتذر إنديميون لجوليا قائلاً إنه يشعر بالأسف لأنه أساء إليها، وتقبلت جوليا اعتذاره بسخاء. عاد الاثنان إلى سريرهما كالمعتاد، وقضيا ليلة هادئة كما كان الحال دائمًا.
—
“لم يحدث أن فكرت في الملكة بهذا الشكل.”
“لكنني شعرت بذلك تجاه النساء.”
‘إذن، لديه فتاة يحبها. ولم أكن أعرف ذلك.’
نظرت جوليا إلى وجه زوجها النائم الذي بدا جميلًا كزهرة، وأخذت تفكر:
‘هذا يفسر لماذا كان متحفظًا جدًا في حديثه. بالتأكيد، لو كان قد تعرض لمثل هذا سوء الفهم، فقد يشعر بالإهانة.’
من الطبيعي أن يكون حضور دروس التربية الجنسية بين زوجين يشعران وكأنهما أشقاء أمرًا محرجًا. خاصة وأنهما تزوجا في سن السابعة، ولم يعرف أي منهما الجنس الآخر سوى بعضهما البعض بالنسبة لجوليا، كانت ترى هذه الدروس مجرد مادة دراسية، لكنها لاحظت كثيرًا أن إنديميون لم يكن مرتاحًا لهذه الدروس.
في البداية، ظنت أن عدم راحته كان بسبب حضورهما الدروس معًا، لكن يبدو أن السبب الحقيقي هو أنه كان يحب فتاة أخرى. فكون هذه الدروس موجهة للزوجين الملكيين جعل غايتها واضحة.
‘بالطبع، بالاعتماد علي روايات رومانسية، فإن البطل يكون دائمًا قريبًا جدًا من الفتاة التي يحبها.’
هناك أزواج من النبلاء أنجبوا أطفالًا في سن أصغر منهما بكثير. فلم يكن عمر 16 عامًا سنًا صغيرة لدرجة الجهل الكامل. ومع تلقيهما لدروس التربية الجنسية، لم يكن من الممكن أن يكونا جاهلين تمامًا. لكن مع ذلك، لم يحاول إنديميون حتى تقبيل جوليا ولو بشكل خفيف.
‘لو كان يراني كأنثى، لكان قد فعل شيئًا بالفعل. فنحن ننام في نفس السرير كل ليلة.’
ضحكت جوليا وهي تتخيل زوجها كبطل في إحدى الروايات الرومانسية التي قرأتها سرًا. فكرة تقبيل إنديميون جعلتها تشعر بقدر من الحرج أكثر من الإثارة، حتى إنها كادت تنفجر بالضحك.
بدافع الفضول، عرضت جوليا عليه كتابًا في اليوم التالي، وطلبت منه تخيلها مكان البطلة. عندها، تجمد وجه إنديميون ووضع يده على جبهته، مما جعلها متأكدة تمامًا.
إنديميون لا يراها كأنثى.
هذا الإدراك العميق أصبح كقاعدة ثابتة في ذهن جوليا منذ ذلك الحين. حتى مع بلوغها 19 عامًا واقتراب احتفالها بالبلوغ الملكي ومهمتها كملكة لإنجاب وريث، ما زالت تتذكر ذلك بوضوح.
…بالطبع، حقيقة أن إنديميون كان يضغط على الأغطية بتوتر كل ليلة ظلت سرًا تحتفظ به لنفسها.
—
سبب هذه الفوضى يعود إلى اليوم السابق، تحديدًا وقت شاي الصباح.
تلقت جوليا دعوة من الدوقة ميلدي، والدة إنديميون، للغداء معًا.
“والدتي؟ حسنًا، سأذهب قريبًا. أخبريها بذلك.”
ميلدي كانت والدة إنديميون. بعد وفاة زوجها، الملك السابق، أصبحت تحمل لقب “الدوقة الكبرى” وانتقلت للإقامة في القصر المنفصل.
في تقاليد مملكة “سيميل”، تحصل الملكة الأرملة على لقب “الدوقة الكبرى” عند اعتلاء ابنها العرش. الهدف من هذا التقليد هو تجنب أي تنافس على السلطة الملكية باسم الروابط الأسرية.
لحسن الحظ، لم تكن ميلدي شخصية تسعى إلى السلطة كما في الروايات، بل كانت امرأة منفتحة تميل إلى الاستمتاع بصحبة خدمها الوسيمين بدلاً من التدخل في شؤون المملكة.
حتى أنها عندما قبلت جوليا كزوجة ابن، بعد أن أُرسلت إليها كعروس في صفقة سياسية، عاملتها كابنة لها.
—
“سيميل” كانت مملكة قوية تقع في قلب القارة، بينما كانت مملكة جوليا، “أميتري”، مملكة حدودية صغيرة.
ملك قوي بفضل ثروات تاريخية وأراضٍ شاسعة وتجارة مزدهرة، مقابل أميرة من مملكة زراعية تعيش على تصدير المحاصيل. لم يكن هناك أي رابط واضح بين الاثنين.
ولكن عندما كانت جوليا في الخامسة من عمرها، ضرب القارة جفاف شديد ومفاجئ. رغم ثرواتها الكبيرة، كانت سيميل وغيرها من الممالك تعاني من آثار هذا الجفاف، وبدأت الدول تبحث عن أسباب هذه الكارثة.
ولكن الغريب أن مملكة جوليا،” أميتري”، كانت استثناءً.
المملكة التي كانت تُعتبر صغيرة وغير ذات أهمية لدرجة التجاهل، حققت موسم حصاد وفير بشكل غير متوقع. بل إن الحبوب كانت أكبر حجمًا، والثمار أكثر حلاوة. وبلا قصد، شهدت صادرات المحاصيل الزراعية في أميتري نجاحًا ساحقًا.
والد جوليا، الملك، اعتبر ذلك حظًا سعيدًا وأظهر فرحه البريء، لكن تلك السعادة لم تدم طويلًا.
بدأت بعض الممالك التي كانت تسعى لفهم أسباب الكارثة في اللجوء إلى الكهانة، وسرعان ما انتشرت شائعة مفادها أن “الابنة الوحيدة لملك أميتري تحظى بمحبة الحاكم”. قيل إن هذه البركة الإلهية هي السبب في نجاة أميتري من الكارثة التي حلت ببقية الممالك.
انتشرت هذه الشائعة بسرعة بين الممالك الأخرى التي كانت تبحث عن فرصة للنجاة، وفجأة اندلعت الأزمة.
– “خطبة؟! ابنتي لا تزال في الخامسة من عمرها!”
– “وما المشكلة في ذلك؟ لا تقلق، إذا تفضلتم بإعطاء الأميرة كزوجة، سيقدم مولاي الملك لكم الكثير من الذهب والفضة.”
– “جلالتنا سيمنحكم أراضي تساوي عشرة أضعاف حجم أميتري!”
بهذه الطريقة، تحول الأمر إلى فوضى عارمة. كانت الوفود تتدفق، كل منها تطلب يد جوليا الصغيرة كعروس.
ملك أميتري، الذي كان يعتز بابنته الوحيدة التي رباها بدون أم، رفض بشدة. لكن الممالك القوية بدأت تتصارع فيما بينها للاستيلاء على الأميرة.
بل إن بعض الدول لجأت إلى التهديد العسكري للضغط على أميتري. ورغم أن المملكة صمدت لمدة عامين بفضل التجارة الزراعية، إلا أن الملك كان يواجه مأزقًا خطيرًا.
مع استمرار الضغط من القارة بأكملها، أصبحت الأميرة التي يُقال إنها محبوبة الحاكم عبئًا يتذمر منه شعبها.
– “أبي، سأقبل بالزواج.”*
في النهاية، شعرت جوليا الصغيرة بالذنب، رغم أن الأمر لم يكن ذنبها، وقررت التضحية بنفسها. الملك، بقلبه الطيب، بكى بحرقة، لكنه لم يكن لديه خيار آخر. كان رفض تزويج ابنته يعني انهيار المملكة بالكامل.
اشترط الملك أن تختار جوليا زوجها بنفسها، وحصل على تعهد بعدم اعتراض أي طرف على قرارها.
– “سأختار ولي عهد سيميل.”
– “لماذا؟ لماذا سيميل تحديدًا؟ يا عزيزتي، تلك المملكة بعيدة جدًا عن مملكتنا. ماذا عن مملكة تايلجراند المجاورة؟”
– “ماذا لو تزوجت من دولة ضعيفة ووقعت أميتري في خطر مجددًا؟”
– “آه، ابنتي الحكيمة….”
حتى يوم مغادرتها، كان الملك يعتذر ويبكي بشدة، بينما كانت جوليا تربت على كتفه وتبتسم بخجل.
‘في الواقع، السبب أنه الأصغر سنًا.’
رغم ذلك، كان هناك الكثير من الملوك البالغين الذين أرادوا الزواج من الأميرة ذات الخمس سنوات. معظمهم كانوا رجالًا في منتصف العمر أو أكبر، تخلوا عن زوجاتهم السابقات من أجل الحصول على بركة الحاكم
لكن “سيميل”، أقوى ممالك القارة، كانت الوحيدة التي أرسلت صورة لولي عهد صغير السن.
بين رجال في أعمار 52، 47، و39 عامًا، كان الطفل ذو السبع سنوات، الذي يساويها عمرًا، يبرز كالنجم.
بعيونها المستديرة ذات اللون البنفسجي وشعرها الأشقر اللامع، كانت تشبه كلبًا لطيفًا، وهس عكس تمامًا ولي عهد سيميل،” إنديميون”
بعيونه الزرقاء الحادة وشعره الأسود الداكن، كان إنديميون أشبه بقطة متحفزة. صحيح أن شخصيته بدت مخيفة، لكن مجرد كونه في عمرها كان كافيًا ليجعله خيارًا مثاليًا.
‘بالطبع، كان وسيمًا أيضًا.’
لم تكن جوليا مهووسة بالمظاهر، ولكن اختيار شاب وسيم يشبه التماثيل بين مجموعة من الرجال الصلع في منتصف العمر كان أشبه بحقيقة لا جدال فيها، حتى لو كان الحاكم نفسه يؤيدها.
وهكذا اختارت جوليا “إنديميون”، وأقيم حفل الزفاف مباشرة بعد ذلك.
بشكل مفاجئ، وبمجرد أن أصبحت ولية عهد سيميل، حققت المملكة موسم حصاد وفير في نفس العام. كان الأمر أشبه بمزحة قدرية. سرعان ما بدأت القارة تتعافى من سنوات الجفاف، واستعادت السلام بسرعة.
أصبح من الواضح للجميع أن الأميرة جوليا، أميرة أميتري وولية عهد سيميل، كانت محبوبة من الحاكم.
لكن جوليا كانت تشعر في أعماقها وكأنها ليست سوى” غنيمة حرب”. لم تكن شريكة حقيقية لإنديميون بقدر ما كانت رمزًا يعزز من عظمة سيميل.
كان هذا الشعور منطقيًا. فمنذ صغره، كان إنديميون يُعتبر الزوج المثالي للعديد من الأميرات والنبلاء، كونه ولي عهد أقوى مملكة في القارة.
قبل اختيار جوليا له بفترة قصيرة، كان الحديث يدور حول خطبته لابنة أحد دوقات العائلات الملكية في إحدى الدول المجاورة. ورغم أن الخطبة لم تكن رسمية بعد، إلا أن تلك الفتاة كانت تعشقه بشدة،و كان الزواج شبه محسوم.
لكن بمجرد اختيار جوليا لإنديميون، انتهى كل شيء.
بفضل هذا الزواج “الاستثنائي”، أصبحت جوليا ملكة تتألق ككأس براق، لكنها لم تكن الزوجة المثالية. فرغم مكانتها كمحبوبة الحاكم، لم يكن لعائلتها أي نفوذ يدعم زوجها أو مملكته.
لحسن الحظ، كان والد إنديميون يرى أن قوة سيميل الساحقة تجعل ضعف مكانة أسرة جوليا أمرًا غير مهم. كان يحب جوليا كثيرًا لشخصيتها الهادئة والبريئة، ولم يتردد في التباهي بها أمام الملوك الآخرين كلما سنحت الفرصة، مؤكدًا فخره بكونها جزءًا من عائلته.
وكانت ميلدي، زوجة الملك الثانية التي خلفت الملكة الأولى الراحلة، تشارك الملك في رأيه.
رغم أنها كانت في الأصل محظية بسيطة، إلا أنها أصبحت ملكة بعد ولادة إنديميون. لذلك، لم تضطهد جوليا كونها أميرة من مملكة ضعيفة. لم تكن مثل الحموات التقليديات، بل رحبت بجوليا، التي كانت فتاة خجولة ومتواضعة في السابعة من عمرها، وعاملتها كابنتها.
أعطتها الثقة، وأثنت عليها ووبختها حين تطلب الأمر، وساعدتها على النمو لتصبح شابة سعيدة وبريئة.
ورغم كل هذا الحب والدفء الذي حصلت عليه، كانت جوليا لا تزال تشعر أنها’غنيمة حرب”. وكان هناك سبب لهذا الشعور، ولكنه لم يكن مرتبطًا بوالد زوجها، أو والدته، أو حتى بزوجها نفسه.
“جوليا، هل أتيتِ؟”
“نعم، أمي. كيف حالكِ؟ هل كنتِ بخير طوال هذه الفترة؟”
ابتسمت جوليا بينما كانت تدخل إلى الحديقة الجميلة المزدهرة بالأزهار في قصر الدوقة الكبرى.
سِـــراج