My sisters are strange - 145
“هل… هل أنتِ جادة؟”
وسط ذهول الجميع، تمكّن أحدهم بشجاعةٍ من طرح السؤال بصوت مرتعش.
وبدون أي تردد، أومأت برأسي.
“نعم، لقد قلت إنني سأذهب.”
“و-ولكن…”
امتلأت الخيمة، التي كانت صامتة، بأصوات الهمهمة فجأة.
“حتى لو قالت القديسة إنها ستذهب، أليس ذلك معسكر الشياطين؟”
“وإذا حدث أيُّ مكروهٍ للقديسة …..”
“كفى، يا سير بينتون! كيف تجرؤ على قول مثل هذا الكلام الغبي!”
راقب رينارد الموقف من المقعد الأعلى، مرتكزًا على يديه.
وبينما كان الناس يتبادلون الآراء بصخب، رمقهم بنظرةٍ حادة قبل أن يستقر نظره عليّ. كانت نظرته مستمرة وكأنّه يحاول معرفة نيّتي الحقيقية.
“اصمتوا جميعًا الآن.”
عند أمر رينارد، خيّم الصمت على الجميع.
“حقًا، كم هذا مثيرٌ للشفقة. هل إمبراطورية أودڤيليا مسكنٌ للجبناء؟”
نقر بلسانه وأطلق تأنيبًا شديدًا.
“لا أستطيع حتى أن أرفع وجهي في المعبد بعد الآن!”
خفض الجميع رؤوسهم بخجلٍ أمام كلماته القاسية.
“بعد كل هذا الكلام، ولا أحد يتقدّم؟ يا للعار.”
نظر إليّ بوجه صارم وسأل.
“يا قديسة، ألا تشعرين بالخوف؟”
“لو قلت إنني لست خائفة لكان هذا كذبًا. ولكن هل هناك أيُّ سبب يمنعني من المخاطرة من أجل الإمبراطورية والسلام؟”
“إخلاصكِ للإمبراطورية يفوق إخلاص أيِّ شخصٍ هنا، وأنا أقدّر ذلك.”
وقف رينارد فجأةً من مكانه.
“أُعلن أنّ القديسة ستذهب كمبعوثة إلى معسكر الشياطين لعقد اتفاقية سلام. سأختار حرسها بنفسي، وأيُّ شخصٍ يرفض هذا الأمر سيواجه عقوبةً شديدة!”
“تحت أمرك!”
ترددت أصوات الحشد، وتلاقت نظراتي مع رينارد. على الرغم من أنّنا تبادلنا الابتسامات كأننا راضون، إلا أنّ أعيننا حملت حذرًا خفيًا.
✲ ✲ ✲
تقرّر أن يعبر الوفد، بمن فيهم أنا، إلى معسكر الشياطين قبل الظهيرة في اليوم التالي.
وبهذا، انتهى الاجتماع، وبينما كنت على وشك الخروج مع الآخرين لتجهيز القوات، أوقفني رينارد.
“لا تخبريني أنكِ قمتِ بكل هذا لتتوقعي مني أن أمنعكِ؟”
ما هذا الكلام الفارغ!
كانت الخيمة الآن خاليةً.
“لقد أخبرتكَ بالفعل، إنني أعني كلَّ كلمةٍ بصدق.”
حاولت تقليد الابتسامة الهادئة التي أظهرها رينارد أثناء الاجتماع.
“حسنًا. بفضلكِ، اكتشفتُ أن إخلاصكِ للإمبراطورية صادق، بغض النظر عن شعوري نحوكِ. بصراحة، لقد فوجئت. لم أتوقع أن تتقدمي بنفسكِ.”
قال رينارد كلامًا عقلانيًا بشكلٍ غير متوقع.
“ستكون السير ڤيولا الحارسة الأكثر موثوقيةً لكِ، إلّا أنّها يجب أن تبقى هنا لحماية هذا المكان من أيِّ هجوم مفاجئ من الشياطين.”
“نعم، أفهم ذلك.”
“سأعيّن أفرادًا أكفاء بنفس الكفاءة ليكونوا حراسًا لكِ. وهذا شيءٌ أريد أن أقدمه لكِ بدافع الاحترام الحقيقي، لذا لا ترفضي.”
مدّ رينارد يده ليُقدّم لي خنجرًا ذهبيًا.
“إنّه أحد كنوز العائلة المالكة. سيفٌ خاصٌ مصنوعٌ من ذهبٍ مبارك، ومليءٌ بقوةٍ سحرية لحماية صاحبه.”
“هل يمكنني حقًا أخذ شيءٍ ثمينٍ كهذا؟”
“إذا واجهتِ خطرًا، ستحتاجين إلى سلاحٍ على الأقل لحماية نفسكِ. لا ترفضي.”
نظرت إلى الخنجر الذي كان يحمله رينارد، ثم فتحت فمي.
“كمبعوثة سلام، فإنّ حمل سلاحٍ مثل الخنجر قد يجعل من الصعب كسب حسن نيتهم. ومع وجود الفرسان الرائعين الذين ستعيّنهم لي، لن أشعر بالخوف.”
ثم انحنيت بخفة كإعتذار.
“ولكنني سأقبل هذا الخنجر كنوعٍ من الاحتياط بناءً على حسن نيتكَ. ومع ذلك، نظرًا لأنني لست خبيرةً باستخدام الأسلحة، أرجو أن تأمر أحد الفرسان الموثوقين بحمله بدلًا مني.”
‘هذا يكفي.’
“همم. كلامكِ منطقي. حسنًا، سأعطيه لشخصٍ أثق به وأأمره أن يسلّمه إليكِ إذا لزم الأمر.”
“شكرًا جزيلاً لك.”
اختتم رينارد الحديث بضحكة صاخبة.
“اذهبي واستريحي الآن. غدًا لديكِ رحلةٌ طويلة.”
خشية أن يغيّر رأيه، سارعت إلى الانحناء والخروج من الخيمة.
تحت شجرةٍ كبيرة قريبة، كانت ڤيولا تنتظرني بوجهٍ ممتلئ بالقلق.
بينما كنت أتوجّه نحوها، أحاطني فجأة الفرسان.
“يا قديسة!”
كان هؤلاء فرسان الفرقة الثالثة.
“ما الأمر؟”
نظرًا لأنهم لم يأتوا بحثًا عني من قبل، شعرت بالقلق للحظة أن شيئًا ما قد حدث.
“هل صحيح أنكِ ستذهبين إلى معسكر الشياطين؟”
“يا قديسة، هذا خطيرٌ جدًا!”
“هذا صحيح! دعينا نذهب بدلًا عنكِ. من فضلكِ ابقي هنا!”
لدهشتي، هؤلاء الفرسان الذين كانوا لا مبالين في الماضي كانوا الآن قلقين عليّ جميعًا.
“يا قديسة، أنتِ بركة الإمبراطورية. إذا حدث لكِ أيُّ مكروه—”
“هيه، ألّا تعرف كيف تتحدث بطريقةٍ لائقة أمام القديسة؟”
“على أيّ حال! يا قديسة، دعينا نذهب. لذا من فضلكِ…”
رؤية قلقهم الصادق جعلتني أبتسم رغمًا عني.
‘لم أكن أتخيّل مثل هذا المشهد من قبل.’
في الماضي، كان هؤلاء الفرسان أنفسهم قد خانوني وتركوني أموت.
ولكن الآن، لم يكن هناك أيُّ أثرٍ للخداع في عيونهم.
لسببٍ ما، كانت ابتسامتي تزداد اتساعًا.
“شكرًا لكم جميعًا على قلقكم، حقًا. ولكن هذا شيءٌ يجب عليّ القيام به.”
‘هؤلاء أيضًا يريدون السلام.’
هناك أشياءٌ كثيرة يجب حمايتها.
لهذا السبب يجب أن أذهب.
ولطمأنتهم، ابتسمت بفرح.
“أعدكم بأن أعيدكم جميعًا إلى دياركم سالمين. لذا ثقوا بي وانتظروني.”
من تحت الشجرة، التقت عيناي بعينيّ ڤيولا.
كانت تبتسم برفقٍ بينما كانت تنظر إلينا.
“سأعود سالمة، أعدكم.”
ليس فقط من أجلهم.
بل لأعود إلى المنزل مع ڤيولا.
إلى حيث تنتظرنا عائلتنا.
✲ ✲ ✲
“فيلهلم، هل أنت هنا؟”
“نعم، يا صاحب السمو.”
تقدم فيلهلم الذي كان يقف بصمتٍ بين الحاضرين.
بعد أن أرسل رينارد الجميع بعيدًا، انفجر فجأة في الضحك بصوتٍ عالٍ.
“إنّها امرأةٌ غريبةٌ حقًا.”
لم يستطع رينارد منع نفسه من إطلاق ضحكةٍ صغيرة وهو ينظر إلى خارج الخيمة.
“هل هي بريئة، أم غبية، أم أن ذلك حقًا تصريحٌ نابعٌ من ولاءٍ حقيقي؟”
رؤية ديزي، التي كانت تعود إلى خيمتها محاطةً بالفرقة الثالثة بكلِّ هدوء، رسمت ابتسامةً على وجهه.
لم تكن تعلم أنها ستموت قريبًا.
أخرج رينارد السيف الذي كان ينوي إعطاءه لديزي من غمده.
داخل هذا السيف الذي يبدو عاديًا كانت تكمن طاقةٌ شريرة وخبيثة لدرجة أن حتى البابا نفسه لم يستطع تطهيرها.
“ومع ذلك، يبدو أنها تعرف كيف تضمن بقاءها.”
كان يخطط لإهداءها السيف، على أمل أن تستخدمه ديزي بنفسها وتلقى حتفها.
لكن رفضها اللبق دفعه إلى التفكير في خطة جديدة.
“على أيِّ حال، تلك المرأة مقدَّر لها أن تموت هنا. هل تعرف ما عليك فعله؟”
“…أنت تطلب مني أن أقتل القديسة بيدي.”
“هل هناك شخصٌ أكثر ملاءمةً لهذه المهمة؟ تنكّر كفارس مقدس. طالما أنك ترتدي خوذة، فلن يتم كشف هويتك.”
“……”
“ما الأمر؟ هل بدأت تتردد الآن عندما حان وقت قتلها؟”
هزّ فيلهلم رأسه.
“لو كنت سأندم على هذا، لما بدأت الأمر من الأساس.”
“سأتدبر أمر أحد الفرسان المقدسين. عليك أن تأخذ مكانه.”
ردد رينارد لحنًا خفيفًا بينما كان يملأ كأسًا شفافًا أمامه بسائلٍ ذهبي. وبعد أن ارتشف منه، بدا أكثر سعادةً من ذي قبل.
“سأرسل مجموعةً منفصلة لملاحقة القديسة. انتظر الفرصة لعزلها، واغتنم اللحظة لقتلها.”
“ألن يسبب ذلك فوضى؟”
“بالطبع ستعم الفوضى. إذا تجرّأت الشياطين على قتل القديسة، فإن الانتقام سيكون أمرًا طبيعيًا. انتقامٌ مليءٌ بالدماء، أليس كذلك؟”
فهم فيلهلم المعنى الكامن وراء كلماته.
القديسة، التي ذهبت إلى معسكر الشياطين من أجل اتفاقية سلام، ستُقتل بوحشيةٍ على أيديهم.
غضب الناس سيصل إلى عنان السماء لمقتل الطفلة المباركة التي خاطرت بنفسها من أجل السلام، ما سيُشعل حربًا مقدسةً ضخمة كعقابٍ سماوي.
“في هذه الحالة، لن يتمكن المعبد ولا ليڤيان من إيقاف الحرب. بل إنهم سيقفزون إلى ساحة المعركة بحماس، ولا شيء سيسعدني أكثر من ذلك.”
أعاد رينارد ملء كأسه الفارغ. السائل الذهبي، الذي يشبه الذهب المنصهر، كان لديه رائحةٌ عطرة.
خفض فيلهلم نظراته بعمق، متجنبًا النظر إلى رينارد.
‘أن يُفكّر في استخدام عشبة الشياطين لصنع الكحول. هل يجب أن أقول أنه ذكي؟’
مثل هذه الطريقة، التي لن يجرؤ أحد حتى على تجربتها، لا يمكن أن يفهمها إلا شخصٌ مثل فيلهلم.
‘يكفي. عليَّ فقط أن أركّز على مهمتي.’
القديسة ستموت على يد فيلهلم غدًا.
كخادمٍ للحاكم، قتل الطفلة المباركة التي أُرسلت كهديةٍ للبشرية كان يُثقل ضميره بشدة، لكن لم يعد هناك طريقٌ للعودة الآن.
‘في النهاية، عليَّ فقط تأمين موقعي. حتى منصب البابا سيكون قريبًا ملكي.’
فكّر بأنه سيُقيم لها مراسم تذكارية حقيقية فيما بعد.
دفن فيلهلم شعوره بالذنب عميقًا.
وهكذا، كانت شمس يومٍ جديدٍ تشرق.
[ يُتبع في الفصل القادم ……. ]
ترجمة خلود