My sisters are strange - 144
حلّ يوم المغادرة أخيرًا.
“يجب أن تعودا سالمتينِ.”
بعد تبادل العناق الحار وكلمات الوداع مع والديّ، انضممتُ وڤيولا إلى صفوف الجنود الكثيرة.
‘أنا محظوظةٌ لأنني تعلمتُ ركوب الخيل.’
على الرغم من أننا كنا في وحداتٍ مختلفة ولم نستطع البقاء معًا، إلا أنني كنتُ قادرةً على الركوب بثقة خلال الانطلاق.
بينما كنتُ أشاهد الناس يلوّحون بالأعلام لتشجيع الجنود الشجعان، قبضتُ يديّ بإحكام.
في الليلة الماضية، بفضل دعم السيد غريتون وجدّي، قبل الإمبراطور اقتراحنا.
رغم أننا سنتحمّل جميع المسؤوليات الناتجة عن هذا الاقتراح، إلا أن ذلك لا يهمني.
‘لأنه لا يمكن أن نفشل بأيِّ حال من الأحوال.’
نظرة إلى هؤلاء الناس الذين نسوا خوفهم المرتجف من الماضي، وأصبحوا الآن يُصلّون من أجل النصر.
من أجلهم، يجب أن تنتهي هذه الحرب بسلام.
مهما كانت المصاعب، سأتغلب عليها.
في اليوم الأول من الانطلاق، أصبحت عزيمتي أقوى.
✲ ✲ ✲
في اليوم الذي سبق مراسم الانطلاق، شعر رينارد بالغضب الشديد عند سماعه بالاتفاق الذي تمّ مع الإمبراطور. ومع ذلك، لم يكن بيده كمجرد أمير أن يوقف أوامر الإمبراطور.
وبدلًا من ذلك، كرّس رينارد، بصفته القائد الأعلى، كل جهده لعزلي.
كانت الفرقة الأولى تستطلع خطوط العدو الأمامية، بينما دعمتهم الفرقة الثانية. أما الفرقة الثالثة فكانت تقوم بدوريات حول المخيمات، مع بعض الفرق الصغيرة التي شكّلت فرق استطلاع.
قام رينارد بتعييني ضمن الفرقة الثالثة، الأكثر خطورة.
زاعمًا بأن القدّيسة، التي يمكنها الشعور بطاقة الشياطين أفضل من أيِّ شخص آخر، هي الأنسب لدور الاستطلاع، رغم أن هذا الادعاء كان سخيفًا.
على الرغم من غضب ڤيولا من هذا القرار، إلّا أنني تقبلت الأمر بسعادة.
‘هذا يعني أنني سأتمكن من لقاء أديليو أسرع من أيِّ شخصٍ آخر.’
فقد كان يجب أن أكون أول من يلتقي به.
للأسف، كان مخيم الشياطين بعيدًا، ولم تكن هناك أيُّ تحركاتٍ بعد من جيش الشياطين.
وهكذا، كان لابد أن تطول رحلتنا.
‘إنها مرهقة، لكن عليّ أن أكون قوية.’
كلما اقتربنا من مخيم الشياطين، كانت تظهر وحوشٌ خارج السيطرة، مما دفعنا إلى التركيز والانتباه باستمرار.
على الأقل، لم يكن لدى رينارد نيةٌ لقتلي مباشرة، حيث قام بتعيين فرسان ماهرين بجانبي.
لكن المشكلة كانت أن هؤلاء الفرسان، الذين اختارهم رينارد بنفسه، كانوا يشبهونه في شخصيته إلى حدٍ كبير.
ولم يستغرق الأمر وقتًا طويلًا حتى كشفوا عن حقيقتهم.
“مـ… وحوش! هناك وحشٌ يقترب من الأمام!”
خلال مهمة استطلاع، صرخ أصغر الجنود خوفًا عند رؤية وحش ضخم يشبه العنكبوت.
كان فرسان رينارد، حتى في هذا الوضع الخطير، لا يتوقفون عن الاستهانة بي.
“ما المخيف في الوحوش؟ إنها مجرد مخلوقاتٍ وضيعة على أيِّ حال!”
“القدّيسة لا تستطيع القتال، لذا طالما أنها لا تعيق الطريق، فهذا يكفي.”
“بالضبط. لا تقلقي، قدّيسة. فقط ابقي خلفنا، وستحتفظين بحياتكِ على الأقل.”
ورغم أنهم أُمروا بحمايتي، إلّا أنهم لم يكلفوا أنفسهم عناء إخفاء احتقارهم.
تأثر الجنود بهم، وباتوا يظهرون نفس السلوك المتجاهل تجاهي، رغم احترامهم الأولي لي كقدّيسة.
كان واضحًا ما يريدونه.
‘إنهم يريدونني أن أفقد ثقتي بنفسي.’
كل أتباع رينارد كانوا على هذه الشاكلة.
لم أشعر بخيبة أمل لأنني لم أكن أتوقع شيئًا منهم أصلاً.
بينما كنتُ على وشك التراجع كما طلبوا، نظرتُ إلى الفرسان الذين كانوا يواجهون الوحش.
‘يبدو أنهم في خطر.’
على عكس ما كانوا يصرخون به بثقة، كانوا يمسكون سيوفهم بخوف ويرفعونها بارتباك.
للأسف، لم يكن هناك أيُّ تهديدٍ يُذكر من الوحش.
ربما، كما قالوا، لا أستطيع القتال. وربما سأكون عبئًا.
ربما كان بإمكاني البقاء مختبئةً لضمان سلامتي.
لكن هذا ليس السبب الذي جعلني هنا.
أكثر من ذلك، هناك شيءٌ مهم تجاهلوه.
“إذا كنتم تخافون الوحوش لهذه الدرجة، فلن تكونوا قادرين حتى على رفع سيوفكم أمام الشياطين. من أجل حياتكم، ارفعوا أسلحتكم.”
لقد تجاهلوا أنني مررت بحروبٍ طويلةٍ في حياتي الماضية.
“إذا لم تستطيعوا القتال، انسحبوا! أفعالكم الحمقاء قد تعرض الآخرين للخطر! على الأقل ابقوا في مواقعكم!”
كما أنهم لم يدركوا أنني تعلمت البقاء هادئةً مهما كانت الظروف.
“لا تقلقوا جميعًا. على الأقل، سأضمن عودتكم إلى منازلكم سالمين!”
اندفع تيارٌ كبيرٌ من القوة المقدسة من داخلي، ليحيط بالمكان كله.
الوحش، الذي لم يستطع تحمل قوتي، اختفى على الفور. بينما كان أفراد فريق الاستطلاع، الذين وقفوا بارتباك يحملون سيوفهم، يحدقون مذهولين.
وبفضل ذلك، عاد فريق الاستطلاع، الذي كان يتألف من عشرة أفراد بمن فيهم أنا، سالمين ودون أيِّ إصابات.
بعد ذلك، تغيّرت مواقف الفرسان الذين كانوا يستخفون بي، وأصبحوا يؤدون واجباتهم بحماسة.
أعلم أن هذه التغييرات الصغيرة يمكن أن تتراكم لتصنع معجزاتٍ عظيمة.
‘هل تظن يا رينارد أنني سأدع الأمور تسير كما ترغب؟’
شعرتُ بالفخر وأنا أنظر إلى الجنود والفرسان المتغيّرين.
بينما كنتُ أقف خارج خيمتي المؤقتة، وأنا راضيةٌ بمراقبة أفراد وحدتي، اقترب ثيودور، الذي ينتمي إلى الفرقة الثانية، مني.
“الأجواء ليست سيئة، أليس كذلك؟”
بدت الدهشة على وجهه وهو يتحدث عن تحسّن الأجواء.
“كنت سأقول لكِ أن تستخدمي هؤلاء كطُعمٍ إذا ساءت الأمور، ولكن حتى الآن لم يُصب أحدٌ بأذى منذ أيام.”
“أنت ميؤوس منك. يمكنني حماية نفسي، كما تعلم.”
“… يبدو أن قولي أنني سأحميكِ أصبح محرجًا الآن.”
“سأبذل جهدي حتى لا يحدث ذلك. لذا، كن حذرًا أيضًا، ولا تجعلني أحتاج لإنقاذك!”
ارتسمت على وجهه ابتسامةٌ طفيفة، وكأن التوتر الذي كان يشعر به قد بدأ يخف.
لكن حتى في هذه اللحظة، نظر حوله بحذر، وترك تعليقًا مهيبًا وهو يغادر:
“إذا حاولوا التمرّد، أخبريني. سأقطع رقابهم بنفسي.”
سمع بعض الجنود هذا التعليق، فأصبحت وجوههم شاحبة، فانحنوا سريعًا وغادروا المكان بهدوء.
بعد رحيل ثيودور، عادت الأجواء إلى هدوئها.
ومع ذلك، لم أتمكن من طرد الشعور المتزايد بالوحدة.
‘هل أنا الوحيدة التي تشتاق إليه؟’
تسللت مشاعر الحزن إلى نفسي.
مددتُ يدي ببطء لأربّت على ذراعي، ثم دخلت إلى خيمتي.
كانت الخيمة فارغة، مما منحني فرصةً للتعبير عن مشاعري دون أن يراني أحد.
أخرجت قلادة الــ ليڤي وبدأتُ أمرر أصابعي عليها بلطف.
النصف الآخر من الــ ليڤي.
كلّما مررت يدي على الــ ليڤي، كلّما فكرت فيه.
‘أنا أفعل ما أستطيع، تمامًا كما قلت.’
لذا عليك أن تثق بي وتكون معي.
وضعت شفتيّ بلطفٍ على قلادتي التي باتت دافئةً.
‘دعنا نلتقي قريبًا.’
حاملةً معها أمنيةً صغيرة.
✲ ✲ ✲
مرّ أسبوعٌ آخر.
عندما اقتربنا من محيط معسكر الشياطين، انضم فرسان المعبد المركزي، الذين كانوا ينتظرون مسبقًا، إلى الجيش.
رينارد كان مستاءً للغاية من ذلك، لكن بما أن المعبد، الذي كان يعارض الحرب، تطوّع لتقديم دعمٍ عسكري، لم يكن لديه مبررٌ لرفضهم واضطر للقبول.
قوات الشياطين لم تُظهر أيَّ بوادرٍ للحركة بعد.
بدا أنهم قاموا بتمركز قواتهم بالقرب من حدود معسكرهم، لكن النهر الواسع الذي يفصل بيننا جعل إرسال الكشافة للحصول على معلومات عن قرب أمرًا. صعبًا.
وبدون فهمٍ واضحٍ للعدو، كان الهجوم المفاجئ أمرًا مستحيلًا.
وبالتالي، لم يكن أمامنا سوى عقد اجتماعاتٍ إستراتيجية طوال الأسبوع دون اتخاذ أيِّ إجراء.
وفي كل اجتماع، كان رينارد يفرغ غضبه تجاه الشياطين، وكأنه محبط لأن الحرب لم تشتعل كما كان يتخيل.
“لو لم تأتي الشياطين وتبدأ زراعة عشبة الشيطان، لما اندلعت هذه الحرب من الأساس. انظروا إلى حالتهم المثيرة للشفقة الآن، مختبئين في أراضيهم بعد أن تسببوا في كل هذه الفوضى!”
كانت الاجتماعات تنتهي فقط عندما يتدخل چيوفانا للتوسّط.
“أخي، من فضلك اهدأ. الآن الأهم هو أن نخطط لخطواتنا القادمة بدلاً من إلقاء اللوم عليهم. أليس من الضروري أن تكون لدينا إستراتيجيةٌ مناسبة؟”
“إستراتيجية؟ أيُّ إستراتيجية؟ طالما أنهم كالأحجار الثابتة، فما الخيارات المتاحة لدينا؟ إن كانت لديك فكرةٌ جيدة، لماذا لا تعرضها أولاً؟”
كالعادة، لم يكن رينارد يُفوّت فرصةً لإظهار كرهه لــ چيوفانا، وكانت كلماته قاسية للغاية.
في الظروف العادية، كنت سأنتظر بهدوء حتى ينتهي الاجتماع، لكن الوقت قد أُهدِر بالفعل بشكلٍ كبير.
‘لا يمكنني السماح بمزيد من إهدار الوقت.’
رفعت يدي بهدوء، ما جذب انتباه الجميع نحوي.
“لقد مر الآن أسبوع ونحن لم نفعل شيئًا. الشياطين لم تتحرك قيد أنملة وتراقبنا عن كثب.”
رينارد، وقد طوى ذراعيه وارتسمت على وجهه ملامح الاستياء، أشار لي بيده كي أواصل الحديث.
“من خلال مراقبة تحركاتهم، لا أستطيع إلا أن أتساءل هل من الممكن أنهم ليس لديهم نيةٌ لشن الحرب من الأساس؟”
“كلامٌ فارغ. لو كان الأمر كذلك، لما نشروا قواتهم.”
“قد يكون دفاعًا فقط لأن العدو أمام أبوابهم. أعتقد أنه ينبغي علينا أن نفهم نواياهم أولاً.”
أونأت ڤيولا برأسها موافقة.
“صحيح. بسبب النهر، يصعب تحريك القوات بكثافة، وبالمثل، لن يكون من السهل عليهم شن هجوم. إذًا، لماذا لا نحاول التفاوض أولاً؟”
ضحك رينارد بسخرية.
“وعلى ماذا سنفاوض الشياطين؟”
“يمكننا العودة إلى سبب هذه الأزمة. يمكننا أن نطالب بمعاقبة الشياطين الذين تعاقدوا مع البشر للمساعدة في زراعة عشبة الشيطان، أليس كذلك؟”
دعمني في ذلك چيوفانا، مضيفًا مزيدًا من الثقل إلى الاقتراح.
“هذا كلامٌ منطقي. يمكننا أيضًا السعي لحظرٍ كامل على إدخال عشبة الشيطان إلى الإمبراطورية، والتفاوض بشأن شروط التعاقد مع الشياطين.”
“يا للسخرية. حسنًا، لنفترض أنني وافقت على اقتراحكم. إذًا، من الذي سيعبر النهر ويتوجه إلى معسكر العدو للتفاوض؟”
ألقى رينارد بنظره على الجميع في قاعة الاجتماع.
“إذا كان هناك من يملك الشجاعة ويقبل المخاطرة بحياته، فسأعطيه جائزةً عظيمة.”
من الواضح أنه لم يكن ينوي تنفيذ ذلك، وكان يتوقع ألّا يتطوع أحد.
“انظروا إلى ذلك. لا يوجد أحد. لا أحد على الإطلاق…”
“أنا سأذهب.”
منتظرةً هذه اللحظة بالذات، وقفت فجأة.
“ماذا؟”
رينارد والعديد من الحاضرين رفعوا أنظارهم إليّ بوجوهٍ يملؤها الذهول.
وضعت يدي على صدري وتحدثت مرة أخرى بثقة لا تتزعزع.
“قلت إنني سأذهب إلى معسكر الشياطين.”
[ يُتبع في الفصل القادم ……]
– ترجمة خلود