My sisters are strange - 142
“طبعًا من أجلِ إيقافِ هذه الحرب السخيفة.”
حاولتُ سحبَ معصمي من قبضة ثيودور، لكنه لم يتركني.
كنت في عجلةٍ من أمري، فنظرتُ إليه بقلق، وكانت تعابير وجهه متصلبة.
“هل تظنين أن ذلك ممكن؟”
“ماذا تقصد؟ بالطّبع…”
“إنّه شيطان.”
لم يعد صوته مليئًا بالغضب كما كان من قبل.
بهدوءٍ واتّزانٍ، عبّر عن رأيه بعقلانيّة.
“أنا أتفهم أنّكِ وهو تثقان ببعضكما وتجمعكما مشاعرُ جيّدة، لكن بعيدًا عن ذلك؛ هو شيطان، وأنتِ إنسانة.”
شيطانٌ وإنسانة.
بدت تلك الكلمات وكأنّها حُكمٌ يُصدَر بحقّي.
“أنا أدرك أنّه يستطيع السّيطرة على باقي الشّياطين والوحوش. ولكن، ماذا لو غيّر رأيه؟”
“ماذا تريد أن تقول؟”
كان صوتُ ثيودور مليئًا بالتّوتّر.
يبدو أنّه كان يتخيّل أسوأَ سيناريو في رأسه.
البشر والشياطين، الحرب، وشجرةُ العالم.
قال لي أديليو إنّ بإمكاننا تغيير العالم معًا، ولكن إذا غيّر رأيه، سيغرقُ العالم مجدّدًا في فوضى أكثر مأساويّةً ويأسًا من الكارثة الّتي شهدتُها قبل أن أعود بالزمن إلى الوراء.
كان من الصّعب عليّ الحفاظُ على هدوئي.
لكن بما أنّني قرّرت الوقوف بجانب أديليو، كان عليّ أن أثق به.
أردتُ أن أثق به.
حتّى وإن جلب لي هذا القرارُ الانتقاداتِ والاحتقارَ من الآخرين، عليّ تحمّلُ المسؤوليّة.
نعم، حتّى لو كان ذلك يعني تقبّلَ احتقارِ صديقي العزيز ثيودور.
تردّد ثيودور للحظة قبل أن يسأل بصوتٍ مليء بالحزن:
“إذا حدث ذلك، هل ستتمكّنين من التّحمّل؟”
لكن على عكس توقّعاتي، لم يُصدر أيَّ لومٍ أو شتائم.
“ماذا؟”
“أنا قلقٌ عليكِ. إذا خذلكِ ذلك الشّخص الذي تُحبّينه، لن تتمكّني من التّحمّل.”
كان كلّ ما يقلقه هو أن أتأذّى.
“أنا فقط لا أريدكِ أن تحزني.”
لقد كان قلقًا بشأن أن أتعرّض للخيانة من الشّخص الّذي أحبّه.
‘إنّه لا يريدني أن أتأذّى…’
ولهذا، حتّى في مثل هذا الوضع الطّارئ، تمسّك بي ليبوح بمشاعره.
“…بصفتي صديقكِ، من الطّبيعي أن أقلق عليكِ بهذا القدر.”
رغم عزيمتي، ارتسمت على شفتيّ ابتسامةٌ لا إراديّة.
“شكرًا لكَ، ثيودور.”
رغم أنّ الموقف لم يكن يدعو للابتسام، لم أستطع منع نفسي.
ارتعش ثيودور لرؤية ابتسامتي.
وضعت يدي الأخرى على يده التي كانت تمسك معصمي بلطف، وأبعدتُها برفق.
“لا تقلق. الأمور الّتي تخشى حدوثها لن تحدث. سنُوقف الحرب.”
“…سيكون ذلك صعبًا.”
“لكن علينا القيام بذلك. لا ينبغي أن يعاني النّاس بسبب مجرّد صراعٍ على السُّلطة. وإذا لم نتمكّن من إيقافها، فعلينا إيجاد طريقةٍ أخرى.”
“هل تعتقدين أنّه يشعر بنفس الشّيء؟”
“إذا لم يكن كذلك… فسأجعله يشعر بنفس الشّيء.”
بالتّأكيد، أعاد أديليو الزمن للوراء وعاد إلى هنا من أجلي، وأنا عازمةٌ على أن أثق به حتّى النّهاية.
ابتسمتُ بثقة وأنا أمسكُ بيد ثيودور كي لا يقلق.
“سأنجح! لذا، لا تقلق كثيرًا. أنتَ ابذل جهدك بطريقتك، وأنا سأفعل ذلك بطريقتي.”
“أنتِ فعلًا ثابتةٌ على موقفك.”
في النّهاية، أطلق ثيودور ضحكةً خفيفة.
“حسنًا، لنبذل جهدنا. اذهبي الآن.”
رغم ما قاله، لم يتمكّن من ترك يدي بسهولة.
يبدو أنّه لا يزال يرغب في منعي، إذ تشبّث بيدي بنظرةٍ تحمل أسفًا قبل أن يحرّرها ببطء.
“حتّى لو اندلعت الحرب، لن تُصابِي بأيّ أذًى. أنا، أو بالأحرى… نحن جميعًا سنحميكِ.”
“حسنًا! وأنا أيضًا سأحميك، ثيودور!”
“نعم، نعم.”
لوّح لي ثيودور بيده بخفّةٍ وتركَني أرحل.
بينما أدرت ظهري لأبحث عن أديليو، أشار لي بعينيه أن أسرع بالمغادرة.
✲ ✲ ✲
أثناء مشاهدته ديزي وهي تغادر مبتسمة، شدّ ثيودور يده التي لا زالت دافئة.
‘عليّ أن أتوقف.’
كان هناك شعورٌ تسلّل إليه دون أن يُدرك ذلك، ولم يعِهِ إلّا بعد فوات الأوان. وبحلول ذلك الوقت، كانت ديزي بالفعل مع شخصٍ يبادلها نفسَ المشاعر.
لم يكن شخصًا يروق له، لكنّه كان خيار ديزي، وكان شخصًا قد ضحّى بالكثير من أجلها.
رغم رفضه الغريزي، لم يستطع إنكار أنّهما كانا يناسبان بعضهما البعض.
بصفته صديقها المقرّب، كان هذا أقصى ما يمكنه فعله.
‘مع ذلك، لا أريدكِ أن تتأذّي.’
ترك ثيودور ذلك الأمل المُلِحّ وراءه واستدار دون ندم.
إيقاف الحرب سيكون صعبًا.
وفي هذه الحالة، عليه أن يركّز على ما يجيد فعله.
‘القائدة لن تدَع الأمر يمرّ.’
أطلق ثيودور ضحكةً باهتة وهو يغادر المعبد.
على الأقل، كان يتمنّى أن يكون هو من يحميها في ساحة المعركة.
✲ ✲ ✲
أين يمكن أن يكون أديليو؟
بمشاعر مضطربة، تجوّلت في المعبد المركزي، لكنني لم أتمكن من العثور على أديليو في أيِّ مكان.
‘هل من الممكن أن يكون قد ذهب إلى معبدٍ قريب؟’
هل غادر لفترةٍ وجيزة بسبب واجباته كفارسٍ مقدس؟ أم أنه قد سمع أخبار الحرب وغادر للمشاركة فيها؟
‘توقفي عن التفكير بشكلٍ سلبي!’
صفعتُ خديَّ برفق ورفعت رأسي بعزيمة.
عليّ أن أجد أدِليو بسرعة وأتحدث معه لأتمكن من التخلص من هذا القلق.
وبعد الكثير من الجهد والبحث، استطعت أخيرًا العثور عليه.
‘لا عجب أنني لم أستطع العثور عليه، فقد كان خارج المعبد المركزي!’
كان يقف في زقاقٍ بالقرب من بوابة المعبد المركزي الأمامية.
ظهره مستندٌ إلى الجدار، وذراعاه مطويتان، وعيناه مغلقتان وكأنه غارقٌ في التفكير.
بعد أن سألت عدة كهنة، علمتُ أنه خرج وعاد للتو، وبفضل ذلك تمكنت من العثور عليه.
“أديليو!”
“آه، ديزي.”
استقبلني أديليو بوجهٍ هادئ كعادته.
“كنتُ أفكّر فيكِ.”
وكما هو الحال دائمًا، ابتسم وسحبني بين ذراعيه.
بعد أن تأكدت من عدم وجود أحدٍ حولنا، دفنتُ وجهي برفقٍ في صدره.
من هدوء تصرفاته، كان من الواضح أنه لم يسمع الأخبار بعد.
‘من أين أبدأ؟’
كنتُ أحاول ترتيب أفكاري لأتمكن من شرح الأمر بوضوح، عندما قال قبل.
“كنتُ أظن أنني قد أضطر للمغادرة دون أن أراكِ.”
“ماذا؟ مغادرة؟ عن أيِّ شيءٍ تتحدث؟”
“مع بدء الحرب، حان الوقت لأعود إلى مكاني.”
هل سمعتُه بشكلٍ خاطئ؟
قرصت خدي برفق، لكنني شعرت بالألم.
“ليس حلمًا، ولم تخطئي السمع.”
“أديليو، هل أنتَ…؟”
لا، لا يمكن أن يكون.
نعم، بالتأكيد لا يجب أن يكون.
أمسكتُ بطرف معطف أديليو بقوة ونظرتُ مباشرةً في عينيه.
“هل تخطط للذهاب إلى الحرب هكذا؟”
“إذا كان هذا هو واجبي، فلا بد أن أقوم به.”
“…كيف يمكنك أن تقول ذلك بهذه البساطة؟”
لم يمضِ وقتٌ طويلٌ منذ أن وقفنا أمام شجرة العالم وتعهدنا معًا بتغيير العالم.
كنتُ أرغب في الحفاظ على تعابيرٍ هادئة، لكنني لم أستطع السيطرة على نفسي.
بصوته الهادئ المعتاد، سألني أديليو وكأن شيئًا لم يحدث:
“ديزي، هل ستقفين في المقدمة مرةً أخرى لحماية الجميع ومعارضتي؟”
“…هل هذا هو المهم الآن؟”
“بالطبع، إنه مهم. فأنا لا أريدكِ أن تذهبي إلى ساحة المعركة.”
“إذا لم تحدث الحرب في المقام الأول، سيكون ذلك ممكنًا.”
“همم.”
على الرغم من كل ما قلته، كان جوابه يجعلني أشعر بالذهول أكثر.
“هل تعتقدين أن بإمكانكِ منع الحرب بمفردكِ؟”
“هل إندلاع الحرب لا يهمك؟”
“لقد كانت ستحدثُ على أيِّ حال.”
“…….”
بصراحة، شعرتُ بخيبة أمل.
شعرت وكأن الوعد الذي قطعناه لم يكن له أيُّ قيمةٍ بالنسبة له.
شعرت بالمرارة وكأنني الوحيدة التي تحمل هذا الشعور.
لكن أكثر ما كرهته هو أنني في هذه اللحظة بدأت أزرع بذور الشك في قلبي تجاه أديليو.
“على الرغم من أننا قد لا نلتقي لبعض الوقت، لا تقلقِ كثيرًا. سأعود إليكِ كما أفعل دائمًا.”
طريقته في الحديث عن المغادرة دون تردد أشعرتني بالأسى.
وفي الوقت نفسه، سيطر على ذهني تفكيرٌ واحد.
‘هل ما زال أديليو يريد غزو عالم البشر؟’
هل كان متمسكًا بهذا الحلم ويستغل هذه الفرصة لتحقيقه؟
كنت أعلم أن مشاعره نحوي صادقة.
لكن ماذا لو، بالرغم من ذلك، كان ينتظر هذه اللحظة لغزو عالم البشر؟
“الآن، وقد أُعلنت الحرب، لا يمكنني تجنبها. أولئك الذين أحكمهم سينتظرونني.”
“…….”
نعم، طلب إيقاف حربٍ معلنة كان طلبًا غير واقعي.
كنت أعرف ذلك جيدًا.
وأديليو ليس مجرد شيطانٍ عادي.
إنه الحاكم المطلق الذي يُسيطر على الشياطين.
في أعماقي، كنتُ آمل أنه إذا تدخل أديليو، فربما نستطيع إيقاف الحرب.
“إذا طلبتُ منك ألا تذهب….”
على الرغم من أنني فهمتُ ذلك، إلا أنني تفوهت بكلماتٍ حمقاء.
شددت قبضتي على معطفه، غير قادرةٍ على تركه كما لو كان سيختفي بمجرد أن أفعل ذلك.
“إذا طلبتُ منك ألا تذهب، هل ستبقى؟”
“هل هذا ما تريدينه، ديزي؟”
إذا كان الأمر كذلك، سأبقى.
كانت نظراته تقول ذلك.
كنتُ على وشك أن أقول “نعم”، لكن الكلمات لم تخرج.
عندما لم أستطع الرد لفترة، ابتسم أديليو بخفة وقبّلني.
دفعتُه بعيدًا على الفور.
انفصلت شفاهنا بسرعةٍ كبيرةٍ جدًا.
لمسَ أديليو شفتيه بأسف وأمال رأسه وكأنه لا يفهم.
“ليس وكأننا سنفترق للأبد. أنتِ تعرفين ذلك، أليس كذلك؟”
ربما كان ينتظر هذه اللحظة طوال الوقت، لكن براءته أرهقتني لدرجة أنني لم أعد قادرةً على الحديث أكثر.
“نحتاج فقط إلى أداء واجباتنا في أماكننا المختلفة، ثم سنلتقي مرة أخرى.”
لذا، لم أستطع قول أيِّ شيء في المقابل.
“أراكِ قريبًا، حبيبتي.”
حتى اللحظة التي اختفى فيها بعد كلماته الأخيرة.
[ يُتبع في الفصل القادم …… ]
– ترجمة خلود