My sisters are strange - 138
“من أجلِ سلامِ الإمبراطورية، أرى أنه سيكون من المثاليِّ أن نتزوج. سأصبحُ أنا الإمبراطور، وأنتِ الإمبراطورة. إذا أصبحت القديسةُ الإمبراطورة، فإنَّ اتحادَ العائلةِ الإمبراطوريةِ مع المعبدِ سيُسعِدُ جميعَ مواطني الإمبراطورية.”
ليسَ كلُّ ما يُقالُ يُعدُّ كلامًا منطقيًّا.
شدَّدتُ قبضتي محاولةً كبحَ نفسي عن إظهارِ احتقاري للأميرِ رينارد، الذي كان يتفوهُ بتلك السخافات.
“الإقدامُ على الزواجِ مباشرةً قد يتطلبُ منكِ بعضَ الوقتِ للاستعدادِ النفسيِّ. ربما تكونُ الخطوبةُ خيارًا أفضل، أليس كذلك؟”
“ليس لديَّ أيُّ نيةٍ للموافقة.”
اضطررتُ إلى عضِّ شفتيَّ منعًا لنفسي من التفوهِ بأيِّ كلماتٍ قاسية.
ومع ذلك، لم أتمكنْ من منعِ التعبيرِ العابسِ من الظهورِ على وجهي، لكنَّ رينارد، غيرَ مبالٍ بذلك، استمرَّ في قولِ ما يراهُ مهمًا.
“قد تُغيِّرينَ رأيكِ قريبًا. لا بدَّ أن اقتراحي كان مفاجئًا، لذا سأمنحُكِ بعضَ الوقتِ للتفكير.”
وكان هذا هو ختامُ كلامهِ.
غادرَ رينارد دونَ أن يلتفتَ للخلف، تاركًا وراءه كلماتٍ مثيرةً للغضب.
حدثَ ذلكَ تمامًا عندما كنتُ أغادرُ قصرَ چيوفانا، وقبلَ أن أركبَ العربةَ مباشرةً.
“هممم.”
كان أديليو، الذي كان يقفُ كحارس، يُحدِّقُ ببرودٍ إلى المكانِ الذي اختفى فيهِ رينارد، بنظرةٍ باردةٍ حادة.
شعرتُ بخطورةِ تلكَ النظرةِ، فخفضتُ صوتي وهمستُ له.
“لا يُمكنكَ قتلهُ الآن.”
“أنا مدركٌ لذلك.”
“لا تكتفِ فقط بالإدراك، بل تأكدْ من ألَّا تتحركَ بناءً عليه.”
“لكن ألن يكونَ من الأفضلِ لو ماتَ الأميرُ الأولُ فجأةً؟ سيختصرُ ذلكَ الكثيرَ من العناء.”
قالَ أديليو كلماتٍ خطيرةً بوجهٍ هادئٍ كما لو كانت أمرًا عاديًّا.
“حسنًا، ليسَ ما تقولُهُ خاطئًا.”
بحلولِ ذلكَ الوقت، كانَ رينارد قد ابتعدَ لدرجةٍ لا يمكنُ رؤيتُه.
لم تعُد هناكَ حاجةٌ لخفضِ صوتي.
“أليسَ من الأفضلِ أن نحطِّمَ سُمعتَهُ التي بناها؟ لا يُمكن أن يكونَ موتُهُ بسهولةٍ عادلاً بعدَ أن جعلَ ليليانا تُعاني كثيرًا.”
“كما هو متوقَّع، أنتِ عبقريةٌ بلا شكٍ، يا ديزي.”
ابتسمَ أديليو، مرتديًا تعبيرًا وكأنَّهُ توصلَ للتوِّ إلى إدراكٍ مهمٍّ، وبدأ بمدحي.
“دعينا نضعُ خطةً خطوةً بخطوة! سأحرصُ على أنْ أجعلهُ يُعاني بأقصى قدرٍ ممكن.”
“نعم، إذلالُهُ تمامًا سيكونُ ممتعًا. إذًا، ماذا عليَّ أن أفعل؟”
نظرتُ إلى أديليو بتعمُّق.
إنهُ شيطانٌ خلفَ ابتسامةٍ ودودة، لا يُمكنُ التنبؤُ بما قد يفعلُه.
إذا أمرتُهُ بالبقاءِ ساكنًا، فقد يتصرفُ حسبَ أهوائِه مجددًا.
‘في هذهِ الحالةِ، من الأفضلِ أن أُبقيهُ قريبًا.’
كان هذا هو الاستنتاجُ الواضح.
“ابقَ بجانبي تمامًا.”
“هل عليَّ ذلك؟”
احمرَّ وجهُه كأنه كان ينتظرُ هذهِ الكلمات، وكانت ابتسامتُهُ صادقة.
المزاجُ السيئُ الذي أثارهُ حديثُ ذلكَ الرجلِ الحقير تبددَ فجأةً وكأنه لم يكن.
“سأتبعكِ في أيِّ شيءٍ تفعلينه يا ديزي. لا تترددِ أو تتوقفِ من أجلي. تصرَّفي كما تفعلينَ الآن.”
“هممم، هل هذا تشجيع؟”
“حسنًا، من يدري؟”
كانَ تعليقهُ الساخرُ مُزعجًا بما يكفي لدرجة أنني ضغطَتُ شفتيَّ برفقٍ على شفتيهِ.
ولأنني لم أُظهرِ أيَّ تعبيرٍ عن المودةِ في الأماكنِ العامةِ من قبل، اتسعتْ عينا أديليو أكثرَ من أيِّ وقتٍ مضى.
ضحكتُ بخفةٍ على تعبيرِهِ المتجمدِ، وصعدتُ إلى العربةِ دونَ انتظارِ مرافقتِه.
“ديزي…”
كنتُ أتوقعُ أن يتبعني فورًا، لكنهُ، على غيرِ المتوقع، بقيَ في مكانِه دونَ حراك.
هل كانَ يحاولُ إخفاءَ خديهِ المحمرَّتين؟
غطَّى وجههُ بيديهِ الكبيرتين، وبدا في حيرةٍ من أمره بشكلٍ لطيف.
“لقد فعلنا أشياءَ أكثرَ من التقبيلِ، فلماذا أنتَ متفاجئٌ هكذا؟”
نبرتي المازحةُ بدا أنها أعادت إليهِ وعيَه، وابتسمَ ابتسامةً واسعةً.
“لستُ متأكدًا لماذا. غريبٌ، أليسَ كذلك؟”
“ليسَ غريبًا على الإطلاق.”
“لا، إنه غريبٌ بالتأكيد. ربما عليَّ أن أُجرِّبَها مرةً أخرى لأعرفَ السبب.”
صَعِدَ أديليو بسرعةٍ إلى العربة، وجذبني بلطفٍ لأجلس على ركبتيه، ثم ضغط شفتيه برفقٍ على جبيني. ترك ملمس شفتيه الناعم ينزلق ببطءٍ إلى أسفل، ليمرَّ بأنفي قبل أن يصل في النهاية إلى شفتي.
بعد لحظاتٍ، بدأت العربة تتحرك بهدوء.
✲ ✲ ✲
بعد أن استمتعتُ بقبلاتِ أديليو وقضيتُ الوقتَ في دفءِ حضنه، وصلنا أخيرًا إلى قصرِ الدوق. كان المكانُ يبدو مذهلًا وهو يكتسي بظلالِ الشفقِ القرمزي على خلفيةِ الشمسِ الغاربة.
بينما كنتُ أتأملُ المنظرَ، راودني تساؤلٌ غريبٌ.
“أليس من الغريبِ أننا وصلنا اليومَ في وقتٍ متأخرٍ عن المعتاد؟”
“يبدو أن السائقَ شخصٌ سريعُ البديهة. سيكون من الجيدِ أن يرافقَنا مجددًا في رحلاتِنا القادمة.”
كان تعليقُه الخفيُّ عن السائقِ البارعِ كافيًا لجعلِ وجهي يحمرُّ خجلًا، لكن هذا الشعورَ لم يدم طويلًا بمجردِ أن دخلنا إلى القصر.
لكن صوتًا غريبًا لم أكن قد سمعتُه من قبلَ رحَّب بنا.
“يا سيدي، هذا غيرُ لائقٍ للغاية.”
“تنحَّ عن طريقي!”
“أرجوك، امتنع عن هذا التصرُّف. سيكون من الأفضلِ أن تنتظرَ في غرفةِ الاستقبال.”
“ألم تسمعني؟ قلتُ لكَ ابتعد!”
كان هناك ضيوفٌ غرباءُ قد وصلوا إلى القصر، ويبدو أن كبيرَ الخدمِ كان يحاولُ تهدئتَهم أثناء مشاجرتِهم.
“آه، لقد وصلتِ أخيرًا!”
لاحظنا أحدُ الرجالِ أخيرًا، وارتسمت على وجهِه ابتسامةٌ عريضة. سرعان ما ثبَّتت أنظارُ الجميعِ علينا.
“يبدو أن لدينا ضيوفًا غيرَ مرحبٍ بهم.”
تمتم أديليو بصوتٍ مليءٍ بالانزعاجِ، دون أن يحاولَ إخفاءَ ضيقه.
“مرحبًا بعودتِكِ، آنستي.”
اقترب الخادمُ، الذي كان يحاولُ ترتيبَ ملابسِه التي بدت في حالةِ فوضى، ليحييني بانحناءةٍ خفيفة. سرعان ما ساد الهدوءُ.
“يبدو المكانُ صاخبًا اليومَ.”
أثار صوتي الباردُ شعورًا بالذنبِ لدى الخادمِ، فأحنى رأسَه معتذرًا.
“أعتذر، آنستي.”
“لا بأسَ، لكن من هؤلاء الأشخاص؟”
شعر الزوارُ بسعادةٍ غامرةٍ عندما وجَّهتُ إليهم اهتمامي، وبدأوا في التعريفِ بأنفسِهم على الفور.
“يسُرني أن ألتقي بكِ، سيدتي القديسة. أنا أڤكينا بوليتا، الكونت المسؤولُ عن منطقةِ بوليتا.”
“إنه لشرف لي أن أراكِ، سيدتي القديسة. أنا رايان كاري، الفيكونت المسؤولُ عن أراضي كاري.”
“وأنا داميـان بيستيو، البارونُ من منطقةِ ڤيستيو.”
الكونت بوليتا، والفيكونت كاري، والبارون بيستيو.
على الرغمِ من أنني لم أتعرّف على وجوههم، إلّا أن أسماؤهم كانت مألوفة بالنسبة لي.
‘إنهم أتباعُ الدوقِ ليڤيان.’
لماذا أتى النبلاءُ الذين يبقونَ عادةً في أراضيهم بدلاً من العمل في العاصمة فجأةً إلى هنا؟
“لم أتلقَ أيَّ إشعارِ بقدومِ زوّارٍ اليومَ.”
“نعتذرُ بشدةٍ على هذه الزيارةِ غيرِ المتوقعةِ.”
قال البارون بيستيو بنبرةٍ مليئةٍ بالأسفِ، محاولًا تبريرَ موقفهم.
“بغض النظرِ عن السببِ، لا أعتقدُ أن هذا التصرفَ يتناسبُ مع آدابِ وأصولِ أَتباعِ أسرةِ الدوقِ. هل أبلغتَ والدي بوصولهم؟”
حوّلت نظري نحو الخادم.
“نعم، آنستي. بمجردِ أن عَلِمَ بالخبرِ، قال أنهُ سيعودُ برفقةِ الدوقةِ الآن.”
كم هو مؤسفٌ أن يتمَ إزعاجهما في هذه اللحظة النادرة التي خرجا فيها معًا بسببِ هؤلاءِ الزُوارِ غير المرغوبِ فيهم.
“اصطحبهم إلى غرفةِ الاستقبال.”
بالتأكيد، هم مُدركونَ للفرقِ بين كلماتي وكلمات الخادم.
بدت على الرجال الثلاثة علاماتُ الاضطرابِ وهم يتبادلونَ النظرات فيما بينهم.
“سببُ زيارتنا له علاقةٌ بكِ، سيدتي القديسة.”
قال البارون بيستيو، وهو الأصغر سنًا بينهم، وهو يتقدمُ بخطوةٍ إلى الأمامِ.
“كيفَ ذلك؟”
“لقد اكتشفنا مؤخرًا وصيةً جديدةً تخصُ الدوقةَ الراحلة.”
“…وصيةُ جدتي؟”
ما الذي يمكن أن يكون مكتوبًا فيها ليأتوا إليَّ؟
“هذا ليسَ المكان المناسبَ لمناقشةِ مثل هذه الأمورِ.”
لاحظَ أديليو القلق الذي ظهر على ملامحي، فتقدّم ليمنعهم بلطف.
“ربما سيكون من الأفضلِ أن نواصلَ هذا الحديثَ في غرفةِ الاستقبال؟”
دفء يده التي أمسكت بيدي بلطفٍ كان كفيلًا بتهدئة مخاوفي.
✲ ✲ ✲
لم يكُن الوقتُ الذي قضيتهُ جالسةً في غرفةِ الاستقبالِ مع الرجالِ الثلاثةِ طويلاً.
بدا أنهم يرغبونَ في التحدثِ إليّ، ولكن في كلِ مرةٍ حاولوا فيها فَتْحَ أفواههم، كان أديليو يعطيهم نظرةً باردةً، مما جعلهم صامتين.
لم يتمَ كسرُ الجوِ المحرجِ إلّا عندما عاد َوالديّ. وعلى الرغمِ من انزعاجهم، استمرَ الرجال دون ترددٍ وأخذوا يتحدثون مباشرةً عنِ الموضوعِ.
ثم قالَ أبي ما لم يقلهُ أمامنا طوالَ حياتهِ، وهو السّبُ.
“اللعنة! ما هذا الجنون؟!”
“هدّئ من روعكَ، يا سعادةَ الدوقِ …..”
“أُهدّئُ من روعي؟ هل تطلبونَ مني الهدوءَ؟”
كانت وصيةُ جدتي مكونةً من ورقتين. وإذا لخصنا المحتوى الطويل باختصار …..
“إذاً، ما تقولهُ هو أن جدتي كانت تريدني أن أتزوجَ من الأميرِ الأولِ؟”
“ديزي!”
ربما لأنها لم تستطعْ تحمّلَ قولِ ذلكَ بصوتٍ عالٍ، أمسكت أمي بيدي بسرعةٍ.
“لا بأس! كلُّ ما سمعتِهِ ليسَ حقيقيًا. سنقومُ بحلِّ الأمورِ هنا، لذا اذهبِ إلى غُرفتكِ واستريحِ.”
“نعم، اذهبِ إلى الأعلى الآن.”
كان في أصوات والديّ بعضُ القلقِ. ربما كانوا قلقين من أنني سأتأذى مرةً أخرى بسبب هذه الوصيةِ.
‘هل هذه الوصيةُ حقيقيةٌ أم مزورة؟’
التوقيتُ مُثيرٌ للشكِّ بالفعلِ.
قبلَ هذا، تلقيتُ عرضًا غير متوقعٍ من الأميرِ الأولِ، والآن، جاءَ أتباعُ الدوقِ ليُقدموا لي وصيةَ جدتي؟
‘رُبما يكونُ هذا من فعلِ الأميرِ الأولِ.’
كُلما فكرتُ في الأمرِ أكثرَ، كُلما بدا لي أنَ هناكَ حيلةً ما.
إشتراكُ أتباعِ الدوقِ غريبٌ أيضًا.
‘همم…’
‘لقد خطرت لي فكرةٌ جيدة.’
رفعتُ زاويةَ فمي بابتسامةٍ خبيثة وقلتُ لوالديّ بصوتٍ مَرِح.
“يالهُ من توقيتٍ مثالي، كنتُ في الواقعِ أنوي إخباركُم برغبتي في استئنافِ موضوعِ الخطوبةِ مع سموهِ.”
“ديزي!”
تردد صوت أبي المصدومِ، وكان أتباعُ الدوقِ يضحكونَ بصعوبة، وكانت شفاههم ترتجفُ من الضحكِ المكبوتِ.
‘أيًّا يكُن، لن أفعلَ ما تريدونهُ.’
كان أديليو يبدو غيرَ مرتاحٍ جدًا. ولن أستغرب إذا حدث لأتباعِ الدوقِ شيءٌ في منتصفِ الليلِ.
“أعتقدُ أن إعلانَ الخطوبة يجب أن يتمَ في المهرجان المقدس القادم. سيكون من الرائع تَلقي التهاني من العديدِ من الأشخاص.”
“اختيارٌ ممتاز!”
لم يستطع الكونت بوليتا من أن يتمالك نفسه أخيرًا وانفجرَ بالضحكِ بشكلٍ عفوي.
“ومع ذلك، هناك شيءٌ محزن. لو كانَ المهرجانُ المقدسُ أكبر قليلًا لكان بإمكان المزيد من الناسِ معرفةُ أمرِ الخطوبة. سيكُون من الجيدِ لو كان لدينا مساعدةٌ من العائلةِ الإمبراطورية.”
تنهدت وأنا أتحدثُ بشكلٍ درامي.
وبما أن العائلة الإمبراطورية كانت في حالةِ فوضى في الآونةِ الأخيرة، لم أستطعْ إلّا أن أُظهرَ استيائي بشكلٍ واضح.
بفضلِ هذا الموقفِ تذكرتُ شيئًا رائعًا.
“لا داعي للقلقِ بشأنِ ذلكَ! الأمير سيكونُ مستعدًا لتقديم المساعدةِ المطلوبة.”
فكرةٌ رائعةٌ لإفسادِ خُططِ الأميرِ الأولِ.
[ يُتبع في الفصل القادم ….]
– ترجمة خلود