My sisters are strange - 137
“هل تمكّنتَ من التعاملِ مع الأمر بنجاح؟”
في مكتبٍ فاخرٍ مزخرفٍ بسجادةٍ حمراء، كان فيلهلم جاثيًا على ركبةٍ واحدة، مُطأطئًا رأسه بكل ولاء.
كانت نظرته مثبتةً على رينارد، الأمير الجميل والحكيم الذي يُمدَح من الجميع.
“لقد سحبتُ البركة المقدسة التي وُضِعَت على الأميرة.”
لقد تناولت الأميرة بلير كميةً مميتةً من “أعشاب الشيطان” حتى الآن. ورغم ذلك، فقد تمكنت من الحفاظ على عقلها وعلى حياتها بفضل البركة المقدسة التي منحها إياها فيلهلم، الكاهن رفيع المستوى.
وفي الليلة الماضية، وبناءً على أمر رينارد، سحب فيلهلم تلك البركة من بلير.
وعندما زالت البركة، اهتزَّ جسدها من الألم، ثم جاءت آثار التسمم من عشبة الشيطان مرةً واحدة، فماتت على الفور.
وعندما سمع رينارد الخبر، أومأ برأسه وهو مبتسم راضيًا.
“أخيرًا، تخلَّصنا من بلير. بصراحة، لم أتصوَّر أبدًا أنك ستتفاوض مع تلك المرأة. كنتُ دائمًا أتساءل لماذا لم تمُت على الرغم من تناولها كل هذه الجرعات.”
كان صوته يحتوي على ضحكةٍ خفيفة، وكأن اللغز قد تم حله. كانت تلك الضحكة موجهةً إلى بلير التي ماتت، ولإظهار الفرحِ بالنجاح الذي حققه.
“أشعر بالاطمئنان لوجودك بجانبي.”
قوة فيلهلم المقدسة كانت تسمح له بأن يمنح البركة لشخصٍ واحد فقط في المرة الواحدة.
وبما أنه سحب البركة من بلير، أصبح بإمكانه منحها لشخصٍ آخر، ولم يفوّت رينارد هذه الفرصة.
“أود أن أتلقى البركة التي كانت تُبقي بلير على قيد الحياة.”
وعندما سمع فيلهلم هذا الطلب، أجاب على الفور.
“أنا لا أطلب الكثير. موت البابا، وأن أكون مكانه في المنصب، فهذا كافٍ.”
كان الطلب صريحًا وواضحًا، فابتسم رينارد ابتسامةً مرضية.
“من الآن فصاعدًا، ستعمل تحت إمرتي. هل تعتقد أنني سأدعك تعيش طوال حياتكَ كمجرم؟ لا تقلق، بما أننا سنعمل معًا، يجب أن تتسلق المناصب العُليا أيضًا.”
كانت هذه الكلمات تذكيرًا لــ فيلهلم بحالته الصعبة. في الوقت ذاته، كانت تعني أن أي رغبة لــ فيلهلم يمكن أن تتحقق إذا ما ساعده رينارد.
‘لا مجال للرجوع الآن.’
لقد ماتت الأميرة بلير بتلك الطريقة البائسة.
لو أن فيلهلم لم يغادر تلك الحفلة المقرفة أولًا بسبب الاشمئزاز، لكان قد تم القبض عليه أو لربما لقي حتفه في الفوضى التي تلت.
أومأ فيلهلم برأسه بكل ولاء، وبعد لحظاتٍ، امتلأت الغرفة بضوءٍ مقدس.
ابتسم رينارد بابتسامةٍ هادئة، وهو يشعر بالامتلاءِ الداخلي.
‘كل شيء يسير كما أريد.’
الخطوة التالية هي إضعاف المعبد، وعندما يحدث ذلك، سيتعرفُ الإمبراطور على إنجازاته وسيُجلسه في مكانه كأميرٍ للعرش.
‘چيوفانا؟ لا فرصة له.’
حتى وإن نجح في القبض على بلير، فهو مجرد أمير من أصلٍ متواضع. لا يليق به أن يجلس على العرش.
‘نعم، شخصٌ مثلي هو من يستحقُ أن يجلسَ في المنصب الأعلى.’
نهض رينارد من مكانه وقال:
“من الآن فصاعدًا، ستُقيم في قصري. استمتع بوقتكَ هنا، وسأستدعيك إذا احتجت شيئًا.”
“فهمت.”
نظَرَ إلى رأس فيلهلم المنخفض، ورفع رينارد زاوية شفتيه مبتسمًا ابتسامةً شريرة. الآن بعد أن تم حل معظم الأمور، تذكّر العائلة التي تسببت في تعقيد الوضع.
‘عائلة ليڤيان اللعينة.’
لو أنهم لم يُعلنوا فجأةً عن دعمهم لــ چيوفانا، لما كان رينارد اضطر إلى التحرك بسرعة أو للتحالف مع الكاردينال فيلهلم.
بينما كان يكبح غضبه، ظهرت في ذهنه صورةٌ امرأةٍ ضعيفةٍ للغاية.
شعرها الذي يمتلكُ لون القمحِ الفاتحِ الذي كان يتمايل كالخيوطِ الحريرية، وعيناها اللامعتانِ باللون الأحمر
القاني، كانتا تتلألأان عندما ينعكس عليهما ضوء الشمس.
بشرتها النقية التي لم تكن تحتوي على أيِّ شائبة، وابتسامتها الناعمة.
حتى عندما تذكّر تعبير الخوف على وجهها وهي تنظر إليه، لم يستطع أن يمسح ابتسامته.
‘رغم أن مظهرها بسيط، إلا أنني أعتقد أنها ستكون مطيعة.’
على الرغم من أنها ليست من مستواه، إلا أن وضعها كقديسة يجعلها مؤهلة للوقوف إلى جانبه. كانت أكثر جاذبية بالنسبة له من ليليانا ليڤيان، التي كان يكرهها بشدة.
‘ربما من الأفضل أن أحتفظ بها بمفتاحٍ آخر كاحتياط.’
أخفى رينارد نواياه الشريرة، ثم رسم على وجهه ابتسامةً وديّة.
كانت تلك ابتسامة الأمير الطيبة المعتادة.
✲ ✲ ✲
عقدٌ مع الشياطين، وتهريبُ عشبة الشيطان.
الحادثةُ الكبيرةُ التي زلزلت الإمبراطوريةَ انتهت بمقتلِ بلير أودڤيليا.
عند كلماتِ چيوفانا، اجتمعنا جميعًا، غير قادرين على إخفاءِ تعبيراتِ الغضبِ التي ملأت وجوهنا.
“لا يمكننا أن ندعَ الأمرَ ينتهي هكذا.”
قالت ليليانا وهي تُحكِمُ قبضتَها بشدة، مُفرغةً مشاعرَها العنيفة.
كان هناك شخصٌ آخر، إلى جانبِ بلير، متورطٌ في العقدِ مع الشياطين وإمدادِ عشبةِ الشيطان.
“رينارد أودڤيليا.”
رجلٌ يُثير اسمه عبوسَ الوجهِ تلقائيًا.
إنه الشخصُ الذي دبّر مقتلَ الأميرةِ بلير، مُقنعًا إياهَا بالانتحارِ خوفًا من أن تكشفَ اسمه.
‘نعم، لا يمكننا أن نتركَ الأمرَ يمرُّ هكذا.’
رينارد كان سيفعل أيَّ شيءٍ ليستولي على العرشِ.
لذلك، كان يجب علينا أن نوقفَه قبلَ فواتِ الأوان.
‘لن أتركَه يُفلتُ بسهولة.’
لم أردَ لهُ دينه للإهانةِ التي أظهرها لي ولعائلتي.
“أليسَ هناك دليلٌ على أن مقتلَ بلير كان جريمةَ قتل؟”
هزَّت ڤيولا رأسَها نفيًا.
لم يُعثر على أيِّ دليلٍ في السجنِ، ولم يبقَ سوى جثةِ بلير التي عانت من ألمٍ فظيعٍ قبلَ موتِها.
“بالمناسبة، سمعتُ أن أخي سيُمثّل العائلةَ المالكةَ في المهرجانِ المقدّسِ هذه المرة.”
تحدث چيوفانا بصوتٍ مملوءٍ بالاستياء، غير راضٍ عن مجرياتِ الأمور.
“ذلك الشخصُ الذي لم يكن يُبدي أيَّ اهتمامٍ بالمعبدِ عادةً… إنه أمرٌ غريب. حتى لو عاد البابا، لم أظنَّ أنه سيتحرَّكُ بنفسِه.”
الإغلاقُ المتهاونُ للتحقيقِ، بالإضافةِ إلى منعِ فرصةِ مقابلةِ جدّي رسميًّا، كان كافيًا لإثارةِ الغضب.
“فجأةً، بدأَ بفعلِ أشياءٍ لم يعتدْ فعلَها.”
“أشياءٌ لم يعتدْ فعلَها….”
شعرتُ وكأنني أغفلُ عن شيءٍ ما.
بينما كنتُ أفكرُ وأمسّدُ ذقني، التقتْ عيناي بعينيّ أديليو.
ابتسمَ ابتسامةً خفيفةً وكأنه يعلمُ ما الذي أغفله.
“لماذا يبتسمُ ذلك الرجلُ بتلك الطريقةِ المزعجة؟… آغغه، لا يهمُ.”
أدارَ ثيودور رأسَه، ورأى ابتسامةَ أديليو، وكادَ أن يبدأَ بالشتمِ علنيّةً لكنه بالكادِ كبحَ نفسه.
“لقد كنتُ أبتسمُ فحسب. هل فعلتُ شيئًا خاطئًا؟”
“الابتسامُ بشكلٍ مزعجٍ يُعتبرُ خطأً بالتأكيد.”
“ولكن ديزي تُحبُّ ابتسامتي.”
ردَّ أديليو بسهولةٍ على استفزازِ ثيودور.
بينما وقفَ ثيودور عاجزًا عن الكلام، وفتحَ فمَه بدهشة، تدخلت ڤيولا لتسويةِ النزاع.
“كلاكما، هذا يُعدُّ عدمَ احترامٍ بحقِ صاحبِ السموِّ الأمير.”
وبمجردِ انتهاء التوترِ، تذكرتُ ما كنتُ قد أغفلته.
“…الكاردينال فيلهلم.”
“ماذا؟ ما الذي قلتِه، ديزي؟”
سألتْ ليليانا مرةً أخرى، غير قادرةٍ على سماعِ همهمتي بوضوح.
ابتسمَ أديليو وكأنه يؤكدُ أنني توصلتُ إلى الإجابةِ الصحيحة.
“…الكاردينال فيلهلم هربَ بالتأكيد إلى العاصمةِ، بحثًا عن حلفاء. إذاً، هناك احتمالٌ كبيرٌ بأنه فاوضَ الأميرةَ بلير أو الأميرَ رينارد.”
“مفاوضة؟ كيف؟”
سألَ چيوفانا بسرعةٍ، وبدا أكثر توترًا من المعتادِ بسببِ الأمرِ المتعلقِ بحياةِ جدّي.
“أهدافُهم متشابهة. الكاردينال فيلهلم يريدُ إخفاءَ خطاياه واستعادةَ مكانتِه، بينما يرغبُ رينارد وبلير في إضعافِ سلطةِ المعبد.”
كانت هذه مجردَ فرضيةٍ، لكنني كنتُ واثقةً من صحتِها.
أديليو، لتعزيزِ وجهةِ نظري، فتحَ فمَه وقال،
“إذا كان الكاردينال فيلهلم، فلن يكونَ من الصعبِ عليه العبثُ بدواءِ البابا. وإذا كان كذلك، فمن المؤكدِ أنه كان يعرفُ الأشخاصَ الذين كانوا يزرعون عشبةَ الشيطانِ منذ زمنٍ بعيد.”
“من المحتملِ أن الكاردينال فيلهلم حاولَ الاتصالَ بالأميرةِ بلير أولًا. فهي كانت تديرُ مزرعةً سرية، لذا لا بدَّ أنهما كانا على اتصالٍ مسبق.”
ومع ذلك، لم يتم العثورُ على الكاردينال فيلهلم خلال التحقيقِ في الحادثة.
“علينا أيضًا أن نأخذَ في الاعتبارِ أولئك الذين غادروا القصرَ قبلَ تدخلِنا. قد يكونُ الكاردينال فيلهلم بينهم.”
نظرًا لأن الحفلةَ كانت تُقامُ بسريةٍ، كان من الصعبِ تتبعُ من غادروا مبكرًا.
المضيفةُ، الأميرةُ بلير، ماتتْ، ومعظمُ الحاضرينَ الباقين كانوا في حالةِ سُكرٍ شديدٍ بسببِ عشبةِ الشيطانِ، فلم يكونوا في وعيِهم.
“إذًا، الكاردينال فيلهلم اختبأَ مع الأميرةِ بلير، ثم هربَ من المشهدِ أثناءَ الحادثةِ، متجنبًا أنظارَنا؟”
عندما انتهت ڤيولا من حديثِها، لخصت ليليانا الموقفَ بتعبيرٍ جاد.
“الأمرُ منطقيٌّ تمامًا. من المرجَّحِ أن الكاردينال فيلهلم هو من خطَّطَ لقتلِ قداسته. لا بُدَّ أنه كان يُدخِلُ عشبةَ الشيطانِ سرًّا لفترةٍ طويلة، مما جعلَ الأمرَ أسهلَ بالنسبةِ له للاقترابِ من الأميرةِ بلير.”
بدأت أجزاءُ اللغزِ تتّضح.
“لكن مع هذه الحادثةِ، تمَّ القبضُ على الأميرةِ بلير، والكاردينال فيلهلم، الذي كان يائسًا للبقاءِ على قيدِ الحياة، على الأرجحِ لجأَ إلى الأميرِ رينارد طالبًا دعمه.”
عندَ كلامي، أومأت ليليانا برأسِها موافقةً.
“من المؤكَّدِ أن حلفاءَ الأميرِ رينارد قد أبرموا عقودًا مع الشياطين. لا يُعقلُ أن الكاردينال فيلهلم لم يكن يعلمُ بذلك. لا بُدَّ أنه قد سمعَ بمثلِ هذه التفاصيلِ من الأميرةِ بلير.”
في النهاية، كان هذا يعني أنَّه للحفاظِ على حياتِه، تحالفَ مرةً أخرى مع هؤلاءِ الأشخاصِ الأوغادِ.
“لكن الأمرَ ليس مؤكدًا.”
“أجل، الأمرُ ليس مؤكدًا. ربما تحالفَ مع الأميرِ رينارد من البدايةِ بدلًا من الأميرةِ بلير.”
على الرغمِ من ظهورِ العديدِ من الفرضياتِ، بقيت الخلاصةُ كما هي.
الكاردينال فيلهلم هربَ على الأرجحِ إلى أحضانِهم.
“إذاً، فلنُلاحِق أيَّ شخصٍ مشتبَهٍ به داخلَ القصرِ الملكي يُمكن أن يكونَ الكاردينال فيلهلم.”
كان ذلك اقتراحَ چيوفانا.
أومأت ڤيولا موافقةً.
“سأُرسلُ فرسانَنا لتفتيشِ العاصمةِ بأكملِها.”
سُرعان ما وُضِعَت خطةُ الإمساكِ بمن حاولَ اغتيالَ البابا.
“والآن، لم يتبقَّ سوى الأميرِ رينارد.”
“سيكون من الصعبِ إسقاطُه. فهو من النوعِ الذي يستخدمُ الآخرينَ ليحافظَ على سمعتِه نقيةً بلا شائبة.”
جعلتني كلماتُ ليليانا أشعرُ وكأننا عدنا إلى نقطةِ البداية.
“أتمنى فقط أن تُتاحَ لنا فرصةٌ تُلطِّخُ سمعتَه وتُوقعُه في الفوضى.”
وفي تلك اللحظة، لم أكن أعلم.
لم أعلم أنَّ هذا اليومَ سيكون اليومَ الذي يتحققُ فيه ذلك القرار.
“يا أيتها القديسةُ، تزوّجيني.”
نعم، لأنني لم أكن أتوقعُ أبدًا أن يتفوَّهَ الأميرُ رينارد بمثلِ هذا الهراءِ السخيف.
[ يُتبع في الفصلِ القادمِ …..]
ترجمة: خلود