My sisters are strange - 136
أومأتْ ليليانا وڤيولا برأسيهما.
من ردودِ فعلهمَا الهادئةِ، كان من الواضحِ أنهُما لم تفكّرا ولو للحظة في احتمال الوقوع في الفخ.
وعلى الجهةِ المعاكسةِ، كانت الأميرة بلير وحدها تبدو في حيرةٍ تامّة، غير قادرةٍ على استيعاب ما يجري، وقد ارتسمت على وجهها ملامحُ الذهولِ.
“لا، لقد قلتُ لكِ، هذا لن يُفتح!”
حتى عندما كرّرت كلماتها، ظنًّا منها أنّ الآخرين لم يدركوا خطورة الوضع، لم يُعرها أحدٌ أيّ اهتمام.
حوّلتُ نظري بعيدًا عن بلير، التي وجدتها مثيرةً للشفقة، ونظرتُ إلى أديليو.
“كيف ستفتحُه؟”
“إنه سحرٌ دفاعيٌّ. لكسرِ التعويذة، حسنًا، قد يستغرقُ الأمر يومين على الأقل.”
عند كلمات أديليو المتردّدة، نقرت ليليانا بلسانها مستاءة.
“ما خطبُه بحقّ الجحيم؟”
“حتى التظاهر له حدود…”
تمتمت ڤيولا وهي تعقد حاجبيها في انزعاج.
لم يُلقِ أديليو بالًا لردود فعلهما، بل ابتسم قليلاً.
“هذا المكان فوضويٌّ أصلاً، لذا القليل من الفوضى الإضافية لن تُحدث فرقًا، أليس كذلك؟”
“ربما لا.”
أجبتُه. أومأ برأسه كما لو كان قد فهم، ثم رفع قبضته.
“هاه؟”
قبل أن أتمكن حتى من استيعاب ما يفعله، لاحظتُ طاقةً سوداء تتجمّع في يده.
“لا يُعقل…”
وقبل أن أدركَ ما كان يفعله، دفعتنا، ڤيولا، أنا وليليانا، إلى الخلف. يبدو أنّها توقّعت ما كان أديليو على وشك فعله.
وبينما تراجعنا، ضرب أديليو الحائط بقبضته.
مرة، مرتين، ثم ثلاث مرات.
في البداية، تشقّق الحائط. وفي الضربة الثانية، بدأ يتفتّت. ومع الضربة الثالثة، انهار الحائط تمامًا، ذلك الحائط الذي بدا متينًا للغاية سقط بضربات ثلاث فقط.
نفض أديليو يده برفق وابتسم ابتسامة مشرقة.
“هل نخرج الآن؟”
“ك-كيف؟”
بلير، التي كانت تراقب الموقف بصمت، تحدّثت بصوتٍ حائر. وقد انهارت ثقتها التي كانت تبدو واضحة قبل قليل تمامًا، مثل ذلك الحائط.
ڤيولا، دون أن تُظهر أي تعاطفٍ مع حالة بلير، أمسكت بها وبدأت تجرّها إلى الخارج.
مهما حاولت بلير المقاومة، لم تتمكّن من التغلب على ڤيولا، وسرعان ما استسلمت، وقد أرهقها التعب.
التقطت ليليانا صندوقًا واحدًا فقط من الغرفة التي كانت مليئة بالصناديق وخرجت به.
“في الوقت الحالي، يكفي هذا كدليل. لندع فرسان القصر الإمبراطورييت يتولّون جمع الباقي.”
“يا للأسف. كنت أرغب في إحراق كلّ شيء على الفور.”
ضحك أديليو قليلاً على كلامي.
“حسنًا، لا يمكننا حرق عُشبة الشيطان، لكن يمكننا إحراق هذا المبنى.”
“ماذا؟”
“طالما أنّ عُشبة الشيطان سليمة، فهي كافية كدليل، أليس كذلك؟ ثم إنّكِ لن ترغبِ في أن يبقى هذا المكان المثير للاشمئزاز.”
“لا، لا تفعل–!”
قبل أن أنهي جملتي، وضع أديليو يده على الحائط.
وفي لمح البصر، امتدت طاقةٌ سوداءُ على سطحِ الحائط، صاعدةً إلى الأعلى قبل أن تختفي تمامًا.
“ما الذي فعلتَه؟”
رغم صوت ليليانا الحاد، نظر أديليو إليّ بابتسامةٍ سعيدة، وكأنّه ينتظر المدحَ مني.
وفي اللحظة ذاتها، بدأت النيران تلتهم الحائط.
انتشرت ألسنة اللهب بسرعة، ولكن الغريب أنّ الصناديق بدت محميّةً وكأنها تحت تأثير تعويذة؛ لأن النيران لم تمسّها.
وحده المبنى بدأ يحترق!
“هذا سيّئ.”
علّق أديليو وهو يتفادى ألسنة اللهب المرتفعة واقترب منّي.
“النيران تنتشر بسرعةٍ أكبر مما توقّعت. هل نهربُ أولاً؟”
قبل أن أتمكّن من الرد، حملني أديليو بين ذراعيه. ثم، وهو ينظر للخلف، أشار للآخرين أن يتبعوه.
“هل هذا الرجل لا يعرف حدوده أبدًا؟”
تذمّرت ڤيولا وهي تحمل بلير، وبدأت ليليانا بالجري بجانبنا.
كلّما صعدنا من الطابق السفلي، كانت النيران تتسارع في انتشارها نحونا.
بدأت النيرانُ تنتشرُ في جميع أنحاء المبنى.
وعندما اقتربت من السطح، تردَّدت صرخاتُ الناس في كلِّ مكان.
“آه! إنه حريق!”
وسطَ الفوضى، بدا أنَّ البعضَ أدركَ الخطرَ وبدأ يحاولُ الفرار، مدفوعًا بصيحاتِ الخادماتِ المذعورات.
بالطبع، كان أغلبُهم ما زالوا يزحفون على الأرضِ تحت تأثير المخدِّرات، لكنَّ ما كان واضحًا هو أنَّ الوضعَ قد ازدادَ سوءًا وفوضويةً عمَّا كان عليه قبل قليل.
“لقد بالغتَ، أديليو.”
“لكنِّي كنتُ غاضبًا أيضًا. هل نسيتِ كم عانيتِ بسببِ تلك النبتة؟”
“هل تفتحُ موضوعًا من الماضي الآن…؟”
“لن أنسى ذلكَ أبدًا.”
ردُّهُ الحازمُ أفقدني الكلمات.
بالطبع، لم أشعر بالاستياءِ لأنَّه فعلَ ذلكَ لأجلي، لكنَّني لم أستطعْ منعَ نفسي من القلقِ قليلًا.
‘آملُ ألا يبدأَ في المستقبل بضربِ الناس نيابةً عني.’
على أملِ ألا يحدثَ شيءٌ من هذا القبيل، شددتُ ذراعيَّ حولَ عنقِ أديليو غريزيًا.
لابدَّ أنَّه كان سعيدًا، لأنني سمعتُ ضحكةً خافتةً تأتي من فوق.
“المَخرجُ مغلقٌ. ماذا سنفعل؟”
كما قالَ أديليو، كان المدخلُ مكتظًّا بالناس.
الخدمُ الذين تشبَّثوا بالأبوابِ التي لا تتحركُ وهم يئنُّون لم يرتكبوا أيَّ خطأ، لكنَّهم ظلوا محاصَرين مع ذلك.
“هل أكسرُهُ مجددًا؟”
كان همسُ أديليو مقطوعًا بصراخِ ليليانا من الخلف، وهي تأمره بأنْ يهدأ.
كانت بسرعةٍ تُزيحُ الناسَ عن طريقها، وتبحثُ بعينيها عن مخرجٍ محتملٍ للهروب.
“ليليانا، انبطحي!”
وعندما اقتربت من النافذة، صاحت ڤيولا باتجاهها.
بعد لحظاتٍ، تهشَّمت النافذةُ فوقها، وظهرَ الفرسانُ وهم يقفزونَ عبرها.
أزالوا الناسَ الذين كانوا يسدونَ البابَ المغلقَ بإحكام، وكشفوا أخيرًا عن مخرجٍ للهرب.
بمجردِ أن زالَت العوائق، فُتح البابُ بعنف، وكان يتقدَّم الفرسانَ چيوفانا وثيودور.
“اقبضوا على الخونة!”
“سننفذُ الأوامرَ!”
وعلى أمرِ چيوفانا، قاد ثيودور الفرسانَ إلى داخلِ المبنى.
العزفُ البغيضُ كان قد توقَّفَ منذ فترةٍ طويلة، والإضاءةُ المزعجةُ قد انطفأت، وأضاءت الأضواءُ الساطعةُ القاعةَ المخصَّصةَ للحفلة.
المكانُ الذي بدا قصرًا فخمًا كان تحت الأضواءِ الساطعةِ يبدو خرابًا أكبر.
بدأت الفوضى بالانحسارِ مع اعتقالِ الفرسانِ لكلِّ من كان يفرُّ أو يهاجمُ أو ممدَّدًا على الأرضِ عاجزًا عن الحركة.
“النيرانُ تزدادُ انتشارًا، أسرعوا في إنقاذِ الجميعِ وإخلاءِ المكان!”
على أمرِ ثيودور، ازدادت حركةُ الفرسانِ تسارعًا.
عندما التقت عيناه بعينيَّ، هزَّ رأسَهُ بسرعةٍ وكأنَّه يطلبُ مني المغادرة.
أما أديليو، فقد عبسَ عمدًا عندما التقت أعيننا، لكنَّه ضحكَ بخفَّةٍ قبل أنْ يتوجَّهَ نحوَ البابِ المفتوحِ بخطواتٍ واسعة.
“أنزلني الآن.”
“ما زالَ الوضعُ فوضويًا هنا.”
“قد يكونُ هناك أشخاصٌ أُصيبوا بسببِ الحريق.”
“وهل ستُعالجينَ أولئكَ الأشخاصَ؟ إلى أيِّ مدى ستستمرُّين في لطفكِ هذا؟ إذا كنتِ تظنينَ أنني سأسمحُ لكِ بإرهاقِ نفسِكِ مجددًا، فأنتِ مخطئة.”
تحدَّثَ أديليو بامتعاضٍ واضحٍ.
ومع ذلك، أنزلني بحذرٍ على الأرض.
“سير أديليو، هل أسأتَ فهمي؟”
وبمجردِ أنْ لامستْ قدماي الأرض، ابتسمتُ له.
“عليكَ أنْ تسرعَ وتُحضرَ المُصابين. فأنتَ فارسٌ مُقدَّسٌ يا سير أديليو!”
من قالَ إنَّني سأفعلُ ذلكَ بمفردي؟
ومع ارتباكهِ من إيماءاتي باتجاهِ القصرِ المشتعلِ، رمشت عيناهُ الكبيرتان بدهشة.
“ماذا تنتظر؟ ألن تنضمَّ إليهم؟”
“أنا أيضًا؟”
“بالطبع. ألا تُعدُّ فارسًا مقدسًا؟”
“لكن…”
“لا تُوجد أعذار. علينا تقليلُ الخسائرِ في الأرواحِ، تحرَّك بسرعة. يجب ألا يموتَ هؤلاء الناسُ هنا.”
بدأ الفرسانُ الذين كانوا بالداخلِ بإخراجِ المُصابين إلى الخارج. حتى ڤيولا، بعد أنْ خلعتْ تنكُّرها، كانت بينَ المجموعةِ تُساعدُ في الإنقاذ. فوجودُ أديليو بمفردهِ مكتوفَ الأيدي أمرٌ غيرُ مقبول.
تنهدَ أديليو وهو يُشاهدُ المشهدَ أمامه.
“كان عليَّ إشعالُ حريقٍ أصغر.”
ثمَّ خطا إلى الأمام، واندمجَ مع حركةِ الفرسانِ السريعةِ.
بينما كنتُ أشاهدُهُ يتحوَّلُ إلى فارسٍ مُتحمِّسٍ ومليءٍ بالشغف، شعرتُ بفخرٍ واستأنفتُ دوري.
“أحضِروا المُصابين إلى هنا!”
وهكذا، لم ألاحظْ.
“يبدو أنَّها تتحكمُ بهِ تمامًا…”
كانت ليليانا تتمتمُ بصوتٍ منخفضٍ وهي تراقبُ الموقفَ من بعيد.
✲ ✲ ✲
قُبِضَ على الأميرةِ على الفورِ.
مع وجودِ أدلَّةٍ دامغةٍ وشهودٍ كُثُر، بقيَ چيوفانا ثابتًا في موقفِه، ورفضَ الإمبراطورُ العفوَ عنها.
استَمرّتْ بلير في الادعاءِ بأنها مظلومة، مؤكِّدةً على براءتِها باستمرارٍ، لكن توسُّلاتها لم تلقَ قبولًا.
لم يستطعْ الإمبراطور أن يستوعبَ كيفَ تَجرأتْ على نشرِ عشبةِ الشيطانِ سرًّا للاستمتاعِ بحفلٍ سَخيفٍ، وذكّره هذا الفعل بذكرياتٍ من الماضي أثارتْ غضبهُ الشديدَ.
وقيلَ إنه قدْ أشادَ بــ چيوفانا بشدةٍ.
وعلى الرغمِ من أن الإمبراطور عرضَ منحهُ مكافأةً كبيرةً، إلا أن چيوفانا هزَّ رأسهُ رافضًا.
“لقد فعلتُ ما كانَ يجبُ أن أفعلهُ فحسب، من أجلِ الإمبراطوريةِ.”
كلماته أثَّرتْ في قلبِ الإمبراطور، وانتشرَ خبرَ أنه أخرجَ حجرًا سحريًّا ثمينًا من خزينةِ القصرِ الإمبراطوري وأعطاه لــ چيوفانا كمكافأة.
وبفضل ذلك، ازدادت شهرةچيوفانا أكثر فأكثر.
وبدعم الإمبراطور كقاعدة، بدأ چيوفانا دون تردد في استئصال كل من له علاقةٌ بالأميرةِ بلير.
وسقطت القوى الموالية لــ بلير في لحظة.
النبلاء الذين كانوا يحيطون بها، والتجار الذين كانوا يدعمونها، وحتى ما تبقى من عشبة الشيطان، اختفوا جميعًا وكأنهم لم يكونوا موجودين يومًا.
لم يُظهر چيوفانا أيَّ رحمةٍ لأولئك الذين حاولوا إيذاء جدّه من جهة والدته.
وأصبح اسم چيوفانا محفورًا في أذهان الكثيرين.
لم يعد ذلك الأمير الوضيع، بل أصبح فجأةً أحدَ أفرادِ العائلةِ المالكة المحبَّبين والمفضلين لدى الإمبراطور.
مع رؤية بلير تُطرد، وصعود چيوفانا كمرشحٍ لمنصب ولي العهد المقبل، اعتقد البعض أن الأمورَ لن تظلَّ هادئةً هكذا.
لكن لم يتوقع أحدٌ أن يأتي رد الفعل بهذه السرعة.
استدعى چيوفانا الجميع على وجه السرعة.
ڤيولا، التي كانت مشغولةً بواجباتها، وليليانا، التي كانت في القصر الملكي، وأخيرًا أنا. جميعنا تجمعنا.
عندها فقط، فتحَ چيوفانا، وهو يُظهر تعبيرًا جادًّا، فمه وتحدث.
“بلير ماتت.”
كان سبب الوفاة جرعةً زائدةً من عشبة الشيطان.
صرخت ڤيولا.
“هذا مستحيل! تلك المرأةُ حريصةٌ جدًّا على التحكم في جرعاتها بحيث لا تصل إلى حد الجرعة القاتلة. يجب إجراء تحقيق!”
لكن چيوفانا هزَّ رأسه.
“جلالته لا يرغب في أن تُكشف المزيد من فضائح العائلة المالكة.”
كانت نبرة حديثه تشير إلى أن الإمبراطور يريد إغلاقَ هذه القضيةَ بهدوء، وبدا على چيوفانا الغضبُ الشديد.
نعم، كل من كان حاضرًا شعر بالغضب أيضًا.
حتى دون كلمات، كان بإمكان الجميع تخمين هوية الجاني.
ليليانا، التي ارتسمت على وجهها علاماتُ الغضبِ أكثر من أيِّ شخصٍ آخر، فتحت فمها أخيرًا.
وبصوتٍ باردٍ، نطقت باسم الجاني.
“رينارد. إنه من فعلها، أليس كذلك؟”
[ يُتبع في الفصلِ القادمِ ……]
– ترجمة خلود