My sisters are strange - 134
بلير أودڤيليا.
الأميرةُ الوحيدةُ للعائلةِ الإمبراطوريةِ، والمحبُوبةُ بشدةٍ من قِبَل والدِها الإمبراطور.
كانتْ بلير من ضمنِ الأشخاصِ الذينَ يعشقونَ المتعة، وكانتْ معروفةً بين النبلاء حيثُ كانوا يتحدثونَ عنها من خلفِ ظهرها.
لأجل مُتعتها، لم تترددْ في فعلِ أيِّ شيء، حتى أنها ارتكبتْ أفعالًا قاسيةً دون تردد.
بينما كان العديد من النبلاء على علم ٍبحياتها السرية، إلّا أن القليل فقط هم من شاهدوا ذلك بأعينهم.
وهذا لأن حُضورَ حفلاتها المليئةِ بالمتعة يتطلب دعوةً خاصة، ولا يُسمح بالدخول إلّا لمن يحملها.
ومعَ ذلك، لم يَكنْ من الصعبِ علينا دخولُ الحفلةِ، حيثُ كانتْ ڤيولا بجانبنا، وهي تعرفُ كلَّ شيءٍ عن الأميرةِ بلير.
عندما طلبتُ مساعدتها، وافقتْ ڤيولا بكلِّ سرورٍ وأخذتْ تبحث في ذاكرتها.
“الأشخاصُ الذين يحصلون على الدعوات ….”
ومع ذلك، لم تستطعْ إخفاءَ قلقها وترددتْ قبلَ أن تُكمل.
“المخدراتُ هي عنصرٌ أساسيٌ في حفلات بلير… ولكن لستُ متأكدةً من وجود عشبة الشيطان.”
يبدو أن حتى ڤيولا لم تكُن على درايةٍ كاملة عن امتلاك بلير لعشبةِ الشيطانِ.
‘بالطبع، أختي لم تكن تعرف عن عشبةِ الشيطانِ أساسًا.’
سألتني ليليانا بوجهٍ جاد،
“مع احتراقِ جميعِ مَزارعِ عشبةِ الشَيطانِ، هل تظنينَ أن الأميرةَ ستعرضها في حفلتها؟”
“لقد أصبحتْ أكثرَ ندرةَ من ذي قبل. ستَعرضها فقط لترى النبلاء وهُم يفقدونَ صوابهم من أجل هذه العشبةِ.”
“لكن لا يمكننا القبض على الأميرةِ بناءً على مجرد تخمين.”
لم تبدُ ليليانا مرتاحةََ لفكرةِ التسلل إلى حفلة بلير.
“نحتاج إلى دليلٍ ملموسٍ وقوي والقبضُ عليها متلبسةً. التسلل وحده قدْ لا يكونُ كافيًا.”
رَفعَ أديليو يدهُ قليلًا ليلفّتَ انتباهِ الجميع إليهِ.
“إذا كنتنَّ بحاجةٍ إلى فرسان، يمكنني إحضارُ الفرسان المقدسين إلى هناكَ.”
رغم نبرة صوته المرحة، عبس الجميع باستثنائي.
“الشيطانُ يقولُ مثل هذا الكلام ……”
“حقًا، يبدو أن العالمَ يقتربُ من نهايتهِ.”
رغم تذمر ليليانا وڤيولا، لم تتلاشَ ابتسامةُ أديليو.
“ما رأيكِ يا ديزي؟”
“الفرسانُ المقدسون خيارٌ جيدٌ، ولكن … أعتقدُ أن الفرسانَ الإمبراطوريون سيكونونَ خيارًا أكثرَ موثوقيةً، أليس كذلك؟”
وافق الثلاثة على اقتراحي وهزوا رؤوسهم.
وكان هناكَ شخصٌ واحدٌ فقط يستطيعُ توفيرَ تلكَ المساعدةِ.
حين استدعينا چيوفانا، وافقَ على التعاونِ حتى قبلَ أن أُكملَ شرحي.
“سأنتظر الإشارة، وعندما يحينُ الوقت، سآخذ الفرسانَ إلى الداخلِ.”
“في هذه الحالةِ، سأدخل أنا وأديليو متخفيين.”
لم تستطعْ أختيَّ إخفاء القلق عن وجهيهما بعد سماعِ قراري.
شدّدتُ قبضتي وتحدثتُ بحزمٍ:
“لقد وُهِبْتُ هذه القوة لأستخدمها في مثل هذه الأوقات.”
علاوةً على ذلكَ، كانت دعواتُ بلير دائمًا تُشجّعُ المدعوين على المجيءِ مع شريك، مما جعلني أنا وأديليو الاختيارَ المثالي.
رغم أن ليليانا وڤيولا بدتا غير راضيتين، إلّا أنهما لمْ تستطيعا معارضة اقتراح چيوفانا بتوفيرِ زيِّ خدمٍ لهما، فهزّتا رأسيهما في النهايةِ على مضض.
بفضلِ ذكريات ڤيولا وجُهودِ أديليو خلفَ الكواليس، حصلنا على دعوةٍ من الأميرة بلير.
والآن، قَبلتُ أنا وأديليو الدعوة بكل هدوء ودخلنا إلى مكان الحفلة السرية المشهورة.
كانت قاعة الحفلات مظلمةً كــ ليلةٍ بدون قمر، مع أضَواءٍ أرجوانيةٍ منتشرةٍ هنا وهناكَ، مما خلقَ أجواءًا غامضةً ومريبة.
كان الضيوف المقنعون متجمعينَ في مجموعاتٍ صغيرة، يضحكون ويتبادلون الأحاديث.
أثار هذا المشهدُ توتري ودفعني للوقوف بشكلٍ مستقيمٍ أكثر.
“هل تشعرين بالتوتر؟”
لاحظ أديليو حالتي، فأمال رأسه قليلًا وهمس في أذني.
عندما نظرتُ إليه، رأيت ابتسامةً لطيفةً تحت قناعهِ الأبيضِ.
ربما كانت تلك الابتسامة ما جعلني أشعرُ بالراحة، إذ أنَ توتري إختفى في لحظة.
“مع شخصٍ مثلكَ بجانبي، كيف لي أن أشعرَ بالتوتر؟”
ضحك أديليو وهو يغطي فمه ثم همسَ مرةً أخرى،
“هذا المكان مثيرٌ للاهتمام. رؤيةُ هذه الوجوه القبيحةِ التي تُطلق على نفسها نخبةَ الإمبراطورية… البشر والشياطين لا يختلفون كثيرًا، أليس كذلك؟”
رغم حدة نقده، لم أستطع سوى الاتفاقِ معهُ.
فكما هو واضحٌ الآنَ، كان الناس هنا مشغولين بالانغماسِ في الترفِ والإنحلالِ من كلِّ الجوانبِ.
تحتَ ستار الأقنعة التي تخفي وجوههم وتضمنُ لهمْ إخفاءَ هويتهم، جلبوا العبيد، وانغمسوا في الشربِ، وتعاطوا المخدراتِ، ولعبوا القمارَ.
كانت مشاهدَ مروعةً بحقٍ وكانت تحدثُ في كلٍّ مكانٍ هنا.
بعضهم كان يُبعثرُ المال دون تمييزٍ بين رجلٍ أو امرأة، وآخرون يضحكون أو يبكون وهم يلتقطونه.
وفي المقاعدِ المرتفعةِ، جلستْ الأميرةُ بلير بابتسامةٍ متراخية، كقطةٍ مدللة، وهي تُشاهدُ كل شيءٍ من الأعلى.
لقد كان مشهدًا مثيرًا للاشمئزاز.
كلما تعمقتُ في قاعة الحفلات هذه، أصبحتْ المشاهدُ أكثر بشاعة.
لولا القناع الذي يُخفي وجهي، لربما كان تعبيرُ الصدمةِ على ملامحي كافيًا لفضحي.
عبستُ وسألتُ أديليو،
“ما الذي تعتقدُ أنه يجعلُ مكانًا كهذا يستمرُ بكلِّ هذا الهدوءِ؟”
“أليسَ بسببِ الرعايةِ القوية؟”
“هل تعتقدُ أنه الإمبراطور؟”
“الإمبراطورُ ليسَ مرجَّحًا. ولكن حتى بدونِه، لا يزالُ أفرادُ العائلةِ الإمبراطوريةِ موجودين. هل يُعقلُ أنَّ بقيةَ أفرادِ العائلةِ الإمبراطوريةِ لا يعرفونَ عن هذا؟”
لا يُمكنُ أن يكونَ رينارد غافلًا عن حفلةٍ يعرفُ عنها چيوفانا.
“إذًا، هل يعني هذا أن رينارد وبلير كانا في صفٍّ واحد، لكنَّهما تفرّقا الآن بسببِ مسألةِ اختيارِ وليِّ العهد؟”
“هذا الاحتمالُ كبيرٌ جدًا.”
“إذًا، أليسَ من الأفضلِ أن نتوخَّى الحذرَ أكثرَ في مثلِ هذا الوقت؟”
“لو كانت تلك المرأةُ تهتمُّ بهذا النوعِ من الأمور، لما أقامتِ الحفلةَ أساسًا.”
بينما كنا نتحدثُ بجديةٍ، شعرتُ فجأةً بأنظارٍ مُسلَّطةٍ علينا.
حتى الخدمُ المنتشرونَ في قاعةِ الحفلةِ كانوا يرتدونَ الأقنعةَ. ومن بينِهم، توقَّفت إحدى الخادماتِ التي كانت تمرُّ، واتجهت نحونا دونَ تردد.
‘ما هذا؟’
هل بدا علينا أننا مُثيرونَ للشبهة؟ أم أنَّ حديثَنا كانَ بصوتٍ مرتفعٍ جدًا؟
بينما كنتُ أفكرُ إذا ما كنا قد تهاونَّا كثيرًا نظرًا لانشغالِ الجميعِ بغمرِ أنفسِهم في الملذات، سمعَت أذناي صوتًا مألوفًا.
“هل ترغبانِ في كأسٍ من الشامبانيا؟”
النبرةُ المُنخفضةُ المُتعمدةُ بدت وكأنها محاولةٌ للتخفي، ولكنها ظلت مُفعمةً بالسحرِ والجاذبية.
دونَ أن يردَّ بكلمةٍ، أخذَ أديليو كأسينِ من الشامبانيا من الخادمةِ وناولني إحداهما.
الخادمةُ، التي بدا عليها الاستياءُ، عضَّت شفتها قليلًا ثم رحلت بسرعةٍ.
“كما توقعت، ليليانا دقيقةٌ جدًا. عندما وافقتْ بسهولةٍ على التنكرِ كخادمة، تساءلتُ عن السبب. الآن عرفت. هذا المشروبُ نظيف.”
على الأرجح، كانت تلك الخادمةُ قبل قليلٍ ليليانا.
“كلُّ الطعامِ هنا يحتوي على المخدراتِ على الأرجح. من الأفضلِ ألا تأكلِ شيئًا.”
“حتى لو أكلتُ، يمكنني تطهيرُه.”
“ثقتُكِ رائعة، لكنكِ تعرفينَ أن عليكِ توخي الحذر، أليس كذلك؟”
عند كلماتِ أديليو، أومأتُ برأسي مرتين قبلَ أن أقبلَ كأسَ الشامبانيا الذي قدَّمه لي.
فجأةً تغيَّرَ الجوُّ في قاعةِ الحفلة.
الإضاءةُ البنفسجيةُ الناعمةُ تحوَّلت بشكلٍ مفاجئٍ إلى اللونِ الورديِّ الساطعِ.
والموسيقى الهادئةُ تغيَّرت إلى لحنٍ ثقيلٍ ومشحونٍ بجوٍّ حسيٍّ.
كما لو أنَّهم اعتادوا على هذا، بدأ الضيوفُ بالرقصِ الثنائيِّ، معانقينَ بعضهم.
وسطَ الأجواءِ الفوضوية، تجمدتُ في مكاني من الدهشة، ولكنني شعرتُ بذراعٍ تلتفُّ حولَ خصري.
دونَ ترددٍ، سحبني أديليو نحوهُ، واضعًا يدَه بقوةٍ على خصري ليبقيني بالقربِ منه.
وفي نفسِ الحركة، انتزعَ الكأسَ من يدي، إلى جانبِ كأسِه، وسلَّمهما إلى أحدِ الخدمِ المارين. ثم بدأ بخطواتِ رقصٍ خفيفةٍ وسلسة.
رغم أننا كنا وسطَ الحشد، إلا أنَّ حركاتِه الرشيقةَ حرصت على ألا يلمسَني أحدٌ سواه. بالكادِ استطعتُ منعَ فمي من أن ينفتحَ دهشةً من سلاسةِ حركاتِه.
كانَ أديليو يبدو وكأنه يستمتعُ بالوضعِ، يدهُ على خصري، يرقصُ بفرحٍ واضحٍ.
بينما كانَ الآخرونَ يترنحونَ كالسكارى بفعلِ المخدرات، لم يكنْ هو كذلك، إلا أن لمساتِه كانت مليئةً بالإغراء.
يدُه التي لم تكنْ على خصري داعبتْ راحةَ يدي، ثمَّ لامست أذني برفقٍ.
شعرتُ بالدغدغة، فهززتُ كتفي وارتجفتُ قليلًا، وضحكتُه الخافتةُ ترددتْ بجوارِ أذني.
“هذا ممتعٌ حقًا.”
هل يقصدُ ردَّةَ فعلي؟ أم أنَّه يتحدثُ عن الموقفِ نفسه؟
ارتسمَت على شفتيه ابتسامةٌ ناعمة.
“لكن هذا يزعجني قليلًا أيضًا. الجميعُ ينظرُ إليكِ.”
“إليَّ أنا؟”
“أنظارٌ مليئةٌ بالطمع. يعرفونَ بالفطرةِ من هو الشخصُ الأكثرُ تألقًا في هذا المكان. حتى وإن أرادكِ الجميع، لن أسمحَ أبدًا بأن يأخذَكِ أحدٌ مني.”
“هل يمكنكَ المزاحُ في موقفٍ كهذا؟”
بينما كنتُ أقولُ ذلك، سحبني فجأةً إلى صدرِه.
وفي نفس اللحظة، شعرتُ بصوتِ صفيرٍ خفيفٍ ونسمةٍ باردةٍ تمرُّ خلفي.
عندما التفتُ، رأيتُ رجلًا مترنحًا بالكادِ يستطيعُ السيطرةَ على جسدِه، وقد مدَّ ذراعَه نحوي قبلَ أن يسقطَ أرضًا.
“أرأيتِ؟ قلتُ لكِ إنهم يطمعونَ بكِ.”
“م-ماذا؟”
بينما كنتُ مرتبكةً ولا أفهمُ ما يجري، قالَ بصوتٍ خالٍ من المزاح.
“مهما حاولتِ كبتَ قوتِكِ المقدسةِ، إلا أنَّ ما هوَ فطريٌّ لا يمكنُ إخفاؤه. الناسُ يبحثونَ عن شخصٍ يمكنهُ تطهيرُهم بالفطرة.”
بالرغم من أنَّ الجرعاتِ الخفيفةِ يمكنُ معالجتُها، إلا أنَّني لم أتمكنْ من إخفاءِ استيائي وقلتُ بتذمرٍ.
“حتى لو طهَّرتُهم، سيعودونَ لاستخدامِ المخدراتِ مجددًا.”
“لهذا السببِ لن أسمحَ لكِ بأنّ تقدّمِ لهم أيَّ شيء. هؤلاء لم يستخدموا المخدراتِ مرةً أو مرتين فقط، لذا لن يكونَ تطهيرُهم أمرًا سهلًا. فلماذا ستُجهدينَ نفسَكِ بلا داعٍ؟”
بدأَ الضوءُ الورديُّ يومض.
في الإضاءةِ المتوهجةِ، أصبحت ابتسامةُ أديليو الناعمةُ أكثرَ حدة، متحولةً إلى لونٍ أحمرَ تحتَ الضوءِ القرمزيِّ الجديدِ.
وتوقفتِ الموسيقى التي كانت تملأُ القاعةَ فجأةً.
بدأَ الخدمُ يتجولونَ بسرعةٍ بينَ الحضورِ، حاملينَ صوانيَ مليئةً بكؤوسٍ من النبيذِ الأحمرِ.
وضعَ الحاضرونَ أيديهم على صدورِهم، مظهرينَ مزيجًا من الحماسِ والتوترِ، وأخذوا الكؤوسَ التي قدَّمها لهم الخدم.
ولم نكنْ نحنُ استثناءً.
“لا تشرباهُ.”
قالتْ ڤيولا، التي كانت متنكرةً كخادمة، وهي تمدُّ لنا بكأسٍ من النبيذِ وتهمسُ بسرعةٍ قبلَ أن تغادرَ المكان.
“رائحةُ عشبةِ الشيطانِ واضحةٌ هنا.”
تمتمَ أديليو، وبعدَ كلماتِه مباشرةً، انسحبَ الخدمُ الذين كانوا يوزعونَ النبيذَ بسرعةٍ من المكان، وكأنهم لا يريدونَ البقاءَ لحظةً أطول.
الأميرةُ، التي كانت تنظرُ بغرورٍ من الأعلى، وقفتْ فجأةً ورفعت كأسَها عاليًا فوقَ الجميع.
“هيا، لنشربْ كأسًا خفيفًا ونبدأ! هذه الليلةُ تبدأُ الآن!”
ترددتْ كلماتُ الأميرةِ بحماسٍ، ما دفعَ الجميعَ إلى الإشادةِ بها ورفعِ كؤوسِهم.
شربتِ الأميرةُ رشفةً صغيرةً من نبيذِها، وسرعانَ ما تبعها الجميعُ، وهم يحتسونَ النبيذَ بسرعةٍ.
في الوقتِ ذاته، عادتِ الموسيقى التي كانت متوقفةً، ولكن هذه المرة بنغماتٍ قويةٍ وعنيفةٍ تكادُ تنضحُ بالعنف.
وكأنَّ الحاضرينَ قد اندمجوا تمامًا مع الموسيقى، بدأوا يتحركونَ من جديدٍ.
[ يُتبعُ في الفصلِ القادم ……]
– ترجمة خلود