My Husband Was the Master of the Magic Tower - 143
عند عودتنا إلى ذلك المكان، ممسكين بيدي بعضنا البعض، لم يكن أمامي سوى وصف المشهد بكلمة واحدة: فوضى عارمة.
“…دانتي.”
“نعم؟”
“ما الذي يحدث هنا بحق السماء؟”
لم يكن ازدياد عدد الوحوش أمرًا مستغربًا، لكن وجود أشخاص جدد غير ليلي وإيفان جعل الأجواء أكثر ضوضاءً وتعقيدًا كانوا يرسمون شيئًا ما ويتمتمون بتعاويذ، ما أوحى إليّ بأنهم سحرة من برج السحر، لكن…
هل من المفترض أن تبدو طريقتهم في استخدام السحر بهذه الوحشية؟ هل هي مفرطة إلى هذا الحد؟
“إنهم فقط متحمسون.”
كان المشهد مربكًا بما يكفي لجعل أي شخص يذهل، لكن دانتي اختصره ببساطة محبطة.
“إنها فرصة نادرة لاستخدام السحر الذي لا يمكن استعماله إلا في المعارك الحقيقية، لذا فهم يستمتعون بها قد لا يبدو الأمر جيدًا، لكنه سيسرّع في إنهاء الوضع، فلا تقلقي.”
“…بدأتُ أقلق حقًا على مستقبل برج السحر.”
ماذا لو انتهى بهم المطاف مثل ذلك الرجل الذي ملأ مختبره بجثث الوحوش باسم البحث؟ كنت جادة تمامًا حين قلت ذلك، لكن دانتي ضحك وكأنني رويت له نكتة ممتعة.
“لن يفعلوا ذلك، فهم يخشون الطرد من البرج ثم إن حب السحر بجنون لا يعني التخلي عن إنسانيتهم.”
“إن كنت تقول ذلك، فأتمنى أن يكون الأمر كذلك.”
حسنًا، ربما ليس من السهل أن يجد المرء شخصًا آخر بتلك الدرجة من الجنون لكن حتى وأنا أحاول إقناع نفسي بذلك، لم أستطع إلا أن أنظر حولي بشيء من الاضطراب.
أما المدخل الذي خرجت منه الوحوش… فقد أخبرني دانتي أنه تحطم بالكامل بمجرد أن لمسته يدي ومع أن الركام الناتج عن انهياره زاد من فوضى المشهد، إلا أنه لم يعطِ أي شعور بأن الوضع تحت السيطرة.
لم يكن هناك جرحى على ما يبدو، فالجميع هنا يملكون ما يكفي من القوة لحماية أنفسهم، لكن ذلك لا يعني أن قتال الوحوش كان أمرًا سهلًا. رأيت بعضهم يتراجع إلى الخلف بعد أن نال منهم الإرهاق، وحتى إيفان كان يعيد ترتيب معداته في الجهة الأخرى.
رغم أن المدخل قد دُمِّر، إلا أن عدد الوحوش التي خرجت بالفعل كان كافيًا لإرهاق الجميع للحظة، راودتني فكرة: لماذا لا يتدخل دانتي؟ لكنني سرعان ما أدركت أن السبب كله يعود إليّ، فطردت تلك الفكرة من رأسي.
“بالمناسبة، ذلك الرجل قال إنه يعرف طريقة لاستعادة الوحوش.”
“حقًا؟”
“نعم، لكنه حاول استخدام ذلك كورقة مساومة ليحافظ على حياته، فوجدتُه مثيرًا للشفقة وتجاهلته.”
عند سماع ذلك، عبث دانتي بيدي المتشابكة مع يده، وكأنه يشيد بما فعلتُه وبينما كنت أشعر بلمسته، نطقتُ بالسؤال الذي راودني منذ أن ذكرت الأمر:
“لكن… هل كان علينا سؤاله عن الطريقة على الأقل؟”
“ما الذي يجعلك تفكرين بذلك، إي؟”
“لأنه، وبكل بساطة، لا تبدو هذه الفوضى في طريقها إلى الزوال.”
لو كنت قد وضعت مشاعري جانبًا واستفسرتُ عن الطريقة، لكان بإمكاننا على الأقل تقليل معاناة الجميع وربما كنا لنتمكن من تجنب وقوع أي ضحايا إن فشلنا في القضاء على جميع الوحوش.
لكن ما إن رفعت رأسي لأكمل حديثي، حتى أدركت أن قلقي لا محل له ذلك لأن ابتسامة دانتي كانت تزداد عمقًا، وكأنها تقول لي إنني كنت مخطئة في تفكيري.
لقد أدرك ذلك قبلي، لكنه لم يحاول السخرية مني، بل تحدث إليّ بصوت دافئ:
“فكري مرة أخرى، إي.”
“بشأن ماذا؟”
“هل تعتقدين حقًا أن هناك شيئًا يستطيع فعله، ولا أستطيع أنا فعله؟”
لا يمكن أن يكون ذلك صحيحًا.
وصل صوته الخفيض إلى مسامعي بنعومة، حتى أنني كدت أبتعد خطوة للخلف دون أن أدرك، لولا أنه كان ممسكًا بيدي.
لابد أنه شعر بارتباكي، ومع ذلك، لم يُظهِر أنه لاحظ شيئًا بل أكمل كلامه ببساطة:
“لذا لا تلومي نفسك على عدم استخراج أي معلومة منه.”
“مم، كلامك لطيف، لكن بالنظر إلى أنك لم تفعل أي شيء حتى الآن، فأنا لا أستطيع تصديقك تمامًا…”
“هل تشكين بي؟”
كان من المستحيل أن أجد ردًا على هذا السؤال.
وبينما كنت أرتب كلماتي لأدافع عن نفسي، أزاح دانتي نبرته المزاحية أخيرًا وقال بجدية:
“غالبًا، كان يقصد استعادة الوحوش عبر إعادة استدعائها إلى حيث جاءت ولتنفيذ ذلك، نحتاج إلى الوسيط الذي استُخدم في استدعائها أول مرة.”
“الوسيط؟ لا تقل لي إنك تقصد…”
اتجهتُ بنظري إلى حيث أشار، لأجد كومة من الحجارة المحطمة، التي لم يبقَ منها شيء يمكن أن يُطلق عليه حتى اسم “حجر”.
… أي أن تلك الطريقة لم تعد ذات جدوى على الإطلاق.
“حسنًا، على الأقل لست بحاجة للشعور بالذنب الآن…”
“لذلك، تبقى أمامنا ثلاث طرق أخرى.”
“ثلاث؟!”
حدقت به بريبة، لكنه لم يبدُ متفاجئًا من نظرتي، بل تابع حديثه بثقة، وكأنه كان يتوقع رد فعلي تمامًا.
“أولًا، يمكننا الانتظار حتى تتم تصفية جميع الوحوش.”
“هذا ليس خيارًا جيدًا.”
“ثانيًا، يمكننا تسوية هذا الجبل بالأرض.”
”…….”
“بغض النظر عن مدى قدرة هذه الوحوش على التجدد، إن دفناها تمامًا، فلن تتمكن من الخروج، أليس كذلك؟”
حدقت في وجه دانتي، متسائلة عمّا إذا كان يمزح، لكن ابتسامته الوقحة ظلت على حالها، مما جعلني أتنهد وأسأله عن الخيار الثالث.
“ما هي الطريقة الثالثة؟”
“الخيار الثالث هو… ببساطة، إهدار المال.”
كان وجهه يعكس يقينًا بأننا سنختار هذا الخيار على أي حال، مما جعله يبدو مزعجًا.
“إنفاق قدر هائل من أحجار المانا بلا تردد.”
C1.
“كاثرين، ساعديني في دعم الدائرة السحرية!”
“حاضر، سينباي!”
في منطقة اجتمع فيها عدد أكبر من الوحوش مقارنةً بأي وقت مضى، حاولت كاثرين جاهدة كبح خوفها أثناء مساعدة أحد كبار السحرة ذلك الساحر الذي كان قد أغراها بالقدرة على الحصول على جثة وحش سليمة، لم يعد يهتم الآن إلا بإطلاق التعاويذ الهجومية بكل حماس.
أن يكون الأساتذة متحمسين لهذا الحد، فذلك ليس أمرًا مهمًا، لكن… إن استمرت المعركة بهذه الطريقة، فسينهكون عاجلًا أم آجلًا.
حتى ذلك الفارس ذو الشعر الأحمر، الذي كان في المقدمة يقاتل بشراسة، بدأ الآن في إبطاء حركته لقد أدرك أن هذه المعركة لن تنتهي بسرعة، وأن النصر لن يكون للأقوى، بل لمن يستطيع الصمود أكثر.
لم يكن الوضع ميؤوسًا منه تمامًا، لكنه بدا كئيبًا، لا سيما لكاثرين، التي كانت دائمًا خائفة وسريعة البكاء.
بدأت تتمنى لو أنها تعود إلى البرج السحري الجديد، لكن بينما كانت ترفع رأسها وتتنهد بصمت، لمحت شيئًا يتلألأ في الهواء.
“هاه؟”
لم يكن لديها وقت لتفكر في ماهية هذا الشيء، أو لماذا ظهر فجأة في هذا الموقف.
بدا وكأنه بحجم عقلة الإصبع، ولم يكن بردًا أو ثلجًا، لكنه بدأ يتساقط ببطء… ثم، كما لو أنه كان مطرًا، بدأ ينهمر بغزارة.
كاثرين، التي كانت تراقب المشهد بذهول، فوجئت عندما شعرت بشيء يرتطم برأسها.
“أوه! سينباي، ما هذا…؟”
“م-مستحيل…”
”……؟”
لم تفهم كاثرين الوضع وسألت أستاذها، لكنه بدا مذهولًا مثلها، أو ربما أكثر لا، بل كان مذهولًا تمامًا.
“هذه… هذه كلها أحجار مانا؟!”
“أحجار مانا؟! ولماذا تسقط فجأة؟”
“هل يقوم أحدهم بنثرها عمدًا؟!”
“من قد يكون لديه المال والقدرة على شراء كل هذه الأحجار؟ من هو الموزع؟!”
“هناك شخص واحد فقط قادر على ذلك.”
ما إن قيلت هذه الكلمات، حتى ساد الصمت للحظة، قبل أن يُقطَع بضجيج الوحوش وهي تصرخ بألم.
أحجار المانا التي هطلت كالمطر حطمت نوى الوحوش واحدًا تلو الآخر، وبدأت تلك المخلوقات تتساقط أو تتلاشى كليًا.
في وسط هذا المشهد، حيث كانت الأحجار المتلألئة تملأ الهواء، وحيث بدأت الوحوش تضعف وتنهار، ساد إحساس غريب لكنه جميل.
بقي السحرة واقفين مذهولين لثوانٍ، لكنهم سرعان ما تفرقوا، يحاولون جمع أكبر عدد ممكن من الأحجار لأنفسهم.
لقد بدوا أكثر حماسًا من ذي قبل، وكأنهم كانوا ينتظرون هذه اللحظة طوال الوقت.
أما كاثرين، فقد بقيت تحدّق في المشهد بصمت، غير قادرة على التحرك.
لم تكن تعرف سبب هذا الشعور، لكنه كان يشبه إحساس انتهاء حدث عظيم.
… حتى وإن لم يكن هذا نوعًا من الأمور التي يفترض أن يشعر المرء بالراحة حيالها.
وبينما كانت تحاول استجماع أفكارها وتحريك رأسها لتخرج من حالة الذهول، شعرت بيد توضع على كتفها من الخلف.
“كاثرين.”
”…اختي إي؟”
لم تكن تتوقع رؤيتها هنا أبدًا، خاصة بعد لقائهما المفاجئ اليوم.
ظهرت أمامها ملامح صديقتها القديمة، بشعرها البني القصير ووجهها الهادئ كما كان دائمًا.
كيف وصلت إلى هنا؟ تساءلت كاثرين وهي ترمش في ارتباك، لكن “إي” لم تجب عن أسئلتها غير المعلنة.
بدلًا من ذلك، همست بشيء بدا غريبًا تمامًا عن الوضع الحالي.
بهدوء شديد، لدرجة أنه بدا وكأن العالم لم يعد يحتوي سواهما.
“الشخص الذي فجّر قريتنا… مات.”
”…….”
“آسفة، كان ذلك مفاجئًا، أليس كذلك؟”
“لكنني أردت أن أخبركِ أنتِ أولًا.”
أضافت هذه الكلمات وهي تسحب يدها عن كتف كاثرين، لكن الأخيرة تجمدت تمامًا في مكانها.
حتى بعدما تركتها “إي”، لم تستطع التحرك خطوة واحدة.
بصعوبة، رفعت رأسها لتنظر إليها، لترى أن “إي” تبتسم بهدوء، ثم مدت يدها نحو رأس كاثرين.
في تلك اللحظة، لم تدرك كاثرين أن ذلك كان لحمايتها من اصطدام أحجار المانا بوجهها، إلا بعد فترة طويلة.
“لو كنت أعلم أنك ستبكين هكذا، لكنتُ انتظرت لأخبرك لاحقًا، كاثرين.”
“هه… ههق… آسفة… لم أقصد…”
“ليس معي مناديل، لذا يكفي بكاءً، حسنًا؟”
يد تمنع المطر عنها، ويد أخرى تمسح دموعها.
في وسط كل هذا الجنون، وصلت تلك الرقة إلى أعماق كاثرين.
كان من الممكن أن تشك في الأمر، لكن التغير الطفيف في ملامح “إي”، وطريقتها الدقيقة في التصرف، جعلا الشك مستحيلًا.
كيف عرفت “إي” بهذه الحقيقة؟ لا تعلم.
كيف وصلت إلى هذا المكان؟ لا تعلم.
لكن، مع كل تلك الأسئلة التي لم تُطرح بعد، كان هناك شيء واحد فقط يهم.
أنها أرادت أن تخبرها بهذا أولًا.
أنها كانت تقول، ببساطة، “يمكنكِ أن تطمئني الآن.”
“أحسنتِ العمل، أختي .”
خرجت هذه الكلمات من فم كاثرين دون تفكير.
تفاجأت “إي” للحظة، ثم سرعان ما ابتسمت.
“وأنتِ كذلك.”
كانت تلك أول مرة ترى فيها “إي” تبتسم بهذا الصفاء.
• نهـاية الفصل •
حسـابي انستـا [ i.n.w.4@ ].