Miss Charlotte's Case Diary - 4
“سيدتي!”
انفتح باب المدخل وهرع رجل للداخل. كان العرق واضحًا على جبهته وشعره الأشعث يوضح كيف قد كان يجري.
“سيد لاو.”
نادت لوسي اسم الرجل بصوت منخفض. اقترب الرجل بخطًى سريعة ثم جثا على ركبتيه أمام لوسي. كانت تعابير وجهه تُظهر ألمًا شديدًا في هذه اللحظة، ثم فتح فمه متحدثًا إلى لوسي.
“أنا آسف جدًا سيدتي، كان عليّ أن أكون بجانبكِ……”
بدا أنه قد سمع ما حدث سابقًا وهرع للعثور عليها. مدت لوسي يدها وربتت على كتفه.
“لا بأس سيد لاو، لم أتأذى.”
“لكن سيدتي……”
“لم أتأذى حقًا. لقد وقفت صديقتي أمامه وتلقت ضربته عني. هل تملك أي دواء معكَ سيد لاو؟”
“آه، لدي مسكن آلام، لكني لا أملك شيئًا لأضعه على الجرح……”
أدار السيد لاو رأسه ونظر لشارلوت. بدا أنه كان غافلًا عن وجودها طوال الوقت.
“أنا بخير لوسي. ليس الأمر مؤلمًا لهذا الحد، كما أن هناك الكثير من الأدوية هنا.”
“ولكن شارلوت……”
هزّت شارلوت رأسها ونهضت عن كرسيتها متحدثةً.
“أعلم أنكِ لا زلتِ مصدومةً لوسي. ولكن بعد ما مررتِ به اليوم، أعتقد أنه من الأفضل العودة للمنزل والحصول على قسط من الراحة. يجب عليّ العودة للعمل أيضًا، فلنتحدث في وقت لاحق.”
“حسنًا….. شكرًا لكِ شارلوت. لقد علمتِ ذلك.”
وقفت لوسي بتردد بينما أمسكت شارلوت كفها بلطف. كانت يدها لا تزال ترتجف قليلًا.
“إن لم ألاحظ ذلك فلا أحد سيلاحظ.”
ابتسمت لوسي قليلًا عند سماع كلمات شارلوت. ثم بدأت بالابتعاد مع السيد لاو. وقبل أن تخرج، توقفت للحظة وبدا أنها أرادت قول شيء.
“……إلى اللقاء شارلوت.”
ولكن تبع صمتها القصير وداع بسيط.
“نعم، أراكِ لاحقًا لوسي.”
“نعم.”
راقبت شارلوت لوسي وهي تمشي. كيف شكّت فيها للحظة؟ هزّت شارلوت رأسها وجلست أمام مكتبها وأخرجت ورقًا لكتابة تقرير جديد.
عندما غادرت لوسي الغرفة، توقفت ونظرت إلى الوراء. ومن خلال الباب النصف مغلق، استطاعت رؤية صديقتها شارلوت وهي تكتب على الورق بسرعة.
راقبت لوسي شارلوت وهي تمسك الورق بعناية وتضعه في مظروف. ومن تحت حجابها، ظهر عبوس شديد على فمها.
“سيدتي؟”
تابعت لوسي المسير عندما ناداها السيد لاو، لكن عبوسها استمر مرسومًا على شفاهها لفترة طويلة.
***
أمسكت شارلوت بالأوراق بإحكام وخطت بحذر، إلا أن ذلك لم يمنع اصطدام شخص مندفع بها.
“اغغ!”
“آسف!”
لم يكلف الرجل حتى عناء نفسه النظر إلى شارلوت وأكمل طريقه بسرعة. لربما كانت شارلوت لتشعر بالغضب إن لم تكن مُشتتة.
كانت الممرات فوضوية في ساعات العمل. كان الناس يتدافعون في كل مكان للقيام بأعمالهم ويصرخون طوال الوقت.
تمكنت شارلوت من العثور على ركن فارغ لالتقاط أنفاسها. اُصطدِم بها خمس مرات حتى وصلت لهذا المكان.
“……يا لها من فوضى.”
نظرت شارلوت للأوراق بيدها وأطلقت تنهدًا صغيرًا.
بعد الانتهاء من التقرير عن روبرت توروب الذي بدا على علاقة كبيرة بموت أليكس توروب، توجهت شارلوت مباشرةً لرؤية المديرة. والتي أطلقت تنهيدة عميقة حالما رأتها وأشارت لها بالجلوس.
“لقد جئتِ بالوقت المناسب. سأبدأ أولًا، هل أنتِ متأكدةٌ من نتائج تشريح الجثة يوم أمس؟”
لم يكن لدى المديرة أي قوة في صوتها. ابتسمت شارلوت بمرارة من الإرهاق الواضح عليها وأومأت برأسها.
أغمضت المديرة عينيها وفركت صدغيها متنهدة بعمق.
“حسنًا في البداية، كانت عائلة توروب هي من أرادت تشريح الجثة.”
“حقًا؟”
“نعم، في العادة كان سيُدفن بعد إجراء جنازة في الكنيسة قرب قصره لكنهم أصروا على إحضاره. ماذا تظنين برأيكِ؟”
“هذا يعني…. أنه اعتقدوا أن موته لم يكن طبيعيًا.”
تمتمت شارلوت وأسندت المديرة ظهرها للخلف متحدثةً تؤكد كلمات شارلوت.
“هذا بالضبط ما قالوه. ربما قد مات بسم ما وهي جريمة قتل.”
“هل سيتم التحقيق في هذا الأمر؟”
“من المحتمل أن شرطة العاصمة قد جمعت بالفعل المشتبه بهم وبدأت باستجوابهم.”
“إذن…..!”
وضعت شارلوت التقرير الذي كانت تمسكه على الطاولة ودفعته نحو المديرة. فتحت فمها لتتحدث بما اكتشفته لكن المديرة كانت أسرع منها.
“إذن ما هي علاقتكِ بالبارونة توروب؟”
“ماذا؟”
“هل أنتما مقربتان؟”
“اوه… نعم، نحن صديقتان.”
عند سماع إجابة شارلوت، تنهدت المديرة بعمق.
“إذن أقترح أن تبتعدي عن هذا الأمر منذ الآن فصاعدًا.”
“ماذا؟ لمَ؟”
“ألا تعلمين؟”
نقرت المديرة على لسانها.
“المشتبه به الأكثر احتمالًا هي البارونة، فهي المستفيدة الأكبر بموته، كما أنها تملك عدة فرص لتسميمه. اشتبهت عائلة توروب في أنها الجانية.”
“لا، لا يمكن للوسي أن تكون كذلك!”
“هذا ما تعتقدينه أنتِ، وليس كل شخص يفكر بنفس الطريقة.”
نهضت المديرة عن مقعدها متابعةً حديثها.
“لا يمكن أن يوجد اختلاف آراء في عملنا، نحن نصدق فقط ما نراه أمامنا. وما دامت صديقتكِ مشتبهًا بها، فأنا لا أثق بقدرتكِ على الحكم بعقلانية. ستحتج عائلة توروب في اللحظة التي يعلمون فيها بهذا. كما أنكِ دافعتِ عن البارونة أمامهم، حاولت إقناعهم بأنكِ فعلتِ ذلك لعدم قدرتكِ على ترك شخص يُضرَب أمام عينيكِ، لكن إن تكرر ذلك فلا يوجد فائدة.”
أرادت شارلوت الرد، لكنها لم تجد ما تقوله.
“نحن جميعًا مشغولون بشدة، ولا يمكننا ترك قضية واحدة تُظهر أنه لا يمكن الوثوق بنا للقيام بعملنا. لا يمكنني السماح بذلك، تفهمين ما أعنيه أليس كذلك؟”
“….. أجل …..”
“حسنًا، ظلّ يوجين يعمل لوقت إضافي الليلة الماضية، اذهبي لمساعدته.”
خرجت شارلوت من مكتب المديرة غير مركزة.
لم يكن الأمر أنها لم تفهم موقفها، كانت تعلم أنها عملت جاهدةً للوصول بالمشرحة إلى هذه النقطة. ورغم أنها لم تكن متواجدةً لترى ذلك فطريقة عملها ليل نهار كانت دليلًا على مدى اهتمامها.
تعثرت شارلوت وهي تمشي. لم يكن هناك خطأ فيما قالته المديرة. ألم تشك هي نفسها بلوسي في البداية؟ كانت لوسي أكثر المشتبه بهم احتمالًا. ومحاولة فعل شيء الآن سيضر أكثر مما سينفع، سواء كان للمشرحة أو للوسي.
لكن لوسي لم تكن حقًا شخصًا يمكنه فعل ذلك.
عبست شارلوت وهي تفكر. ما دامت الشرطة قد بدأت التحقيق، فهذا يعني أنه قد استجواب لوسي أليس كذلك؟
لطالما كتمت لوسي توترها وشعرت بتقلب في معدتها كلما فعلت ذلك. تنهدت شارلوت وهي تفكر بها.
زمّت شفتيها وهزّت رأسها. ثم رأت لافتةً أمامها.
[←قسم شرطة العاصمة ]
رغم أن المشرحة مستقلةٌ بكيانها الآن، إلا أنها كانت سابقًا جزءً من شرطة العاصمة، وشغلت المنظمتان مبنان متجاوران.
قبضت شارلوت على الأوراق في يدها.
‘من المحتمل أن شرطة العاصمة قد جمعت بالفعل المشتبه بهم وبدأت باستجوابهم.’
ترددت كلمات المديرة في ذهنها.
في رأي شارلوت، كانت شهادة لوسي عن روبرت مهمةً جدًا. إن سمعها رجال الشرطة فقد يغير ذلك من مجرى التحقيق.
ولكن الآن لوسي هي المشتبه به الأكثر ترجيحًا في القضية. ما يعني أن الشرطة تستجوب على الأغلب كل الشهود حول سلوك لوسي وعلاقتها بالبارون توروب. لذا ففي الغالب لن يتم النظر لسلوك روربرت توروب الغامض.
‘إذن أقترح أن تبتعدي عن هذا الأمر منذ الآن فصاعدًا.’
ترددت كلمات المديرة في ذهنها مرة أخرى.
في المرة التي سمعت فيها كلماتها للمرة الأولى، اعتقدت شارلوت أنها ستفعل بالضبط ما قيل لها. لكنها هزّت رأسها هذه المرة.
ما الفرق الذي سيُحدثه كتابة ذلك في تقرير التشريح عن التقرير الذي قدمته بالأمس؟ ليس وكأنها تضع رأيها فيه، قد كتبت فقط ما قيل لها.
أخذت شارلوت نفسًا عميقًا ثم اتجهت إلى حيث أشار السهم. مرّت صورة يوجين وهو ينتظرها محاطًا أعمال ورقية في ذهنها. تحدثت بأسف في نفسها.
‘أنا آسفة سينيور، سآتي لمساعدتك على الفور.’
قطعت وعدًا صغيرًا لنفسها ثم سارعت بالمشي.
بالطبع، لم تستطع الوفاء بوعدها. كانت المشرحة حيث تعمل دائمًا مشغولة، لكن قسم شرطة العاصمة بدا أكثر انشغالًا. مجرد منظرهم وهم يعملون جعل شارلوت تشعر بالدوار. لم تملك أي فكرة عمّن كان مسؤولًا عن قضية البارون توروب.
• ترجمة سما