Miss Charlotte's Case Diary - 3
“…. لا أعلم ما هذه الأفكار.”
أمسكت شارلوت بقلمها وشطبت على اسم لوسي. ثم أسقطت بعض الحبر عليه.
لم تكن لوسي لتفعل ذلك. لم تكن شارلوت ممن يتخذون قرارات غير منطقية بناءً على مشاعر شخصية، لكنها كانت متأكدة. كانت تعلم كم كانت لوسي طيبة ولطيفة.
تذكرت شارلوت توبي. كان جروًا صغيرًا احتفظت به شارلوت ولوسي سرًا في غرفة المهجع في الأكاديمية.
كانت لوسي قد جلبته بعد أن وجدته يئن في أحد الأزقة. لم تستطع لوسي ترك ذلك الحيوان الصغير، لذا جلبته بسرية إلى المسكن. كان وجود حيوان أليف في الحرم مخالفًا لقواعد الأكاديمية، لكن لوسي كانت عنيدة.
كانت لوسي تبذل قصارى جهدها لتتأكد من أنه لن يزعج شارلوت. كانت تستيقظ في الصباح الباكر لتجهز طعامه. وكانت تلعب معه حتى لا ينبح بصوت عالٍ أو يشعر بالملل في الغرفة الصغيرة. وعندما كان أصدقاؤها يدعونها للعب معهم بعد المحاضرات كانت ترفض وتتجه مباشرةً للغرفة للعناية بتوبي.
ومع مرور الوقت ازداد تعلق شارلوت به هي الأخرى. كان ملمس فراءه الرقيق يمنحها شعورًا لا يوصف. كانتا دائمًا تقدمان لتوبي كل ما يحتاجه وكانتا مستمتعين بمشاهدته وهو يكبر.
ثم التمشية. كانت التمشية مشكلة، فكلما كبر توبي كلما أراد الخروج والركض في الأرجاء. تناوبت شارلوت ولوسي على اللعب معه في الغرفة وجربتا كل ما في استطاعتهما، لكنه لم يكن راضيًا.
في نهاية المطاف، في إحدى عطلات نهاية الأسبوع، استخدمتا عذر الذهاب بنزهة لإخراجه من الأكاديمية. ركض توبي بحماس وتبعته كلتاهما في البداية. لكنهما لم يتمكنا من مجاراته.
ومع ذلك، كان توبي يعرف ماذا يفعل. كان يركض بعيدًا ويشم ويحفر ويلعب ثم يعود لشارلوت أو لوسي. ومع تكرار حدوث ذلك، أصبحوا أقل قلقًا حتى عندما لم يكن أمامهم.
عندما حان وقت العودة للأكاديمية، ظلّا يبحثان عن توبي، لكن لم يُلمَح له ظل في أي مكان. فكرت شارلوت ولوسي ثم بحثا في الأزقة. وفي نهاية المطاف، وجدا آثار توبي في زقاق خلفي. كانت آثارًا لا تسمح لهما بالدخول.
كانت آثار توبي وليس توبي نفسه. كان هناك مجموعة من أطفال الشوارع الذين بدوا بلا مأوي، كانوا يشوون شيئًا ما على النار.
كان توبي.
كانت شارلوت غاضبةً بشدة وصرخت على الأطفال. ارتجف الأطفال وبكوا مذعورين من ظهور أحد النبلاء فجأة. كان الأطفال جائعين بعد ثلاثة أيام بلا طعام. وعندما رأوا شيئًا يتحرك سالت أفواههم من الجوع واندفعوا للاستيلاء عليه.
لو كان لدى الأطفال بعض الإدراك للاحظوا أن توبي بفروه اللامع لم يكن جروًا ضالًا ولتركوه. لكن الشكل الذي ظهر بعد أيام من الجوع القاتل شلّ عقلانية الأطفال.
في خضم الفوضى، التقطت لوسي بعناية جلد توبي الذي تم تخلص منه بجانب النار وحاولت تهدئة شارلوت. كانت شارلوت منزعجة لدرجة أنها أرادت الاتصال بالشرطة لكن لوسي أوقفتها.
عند عودتها إلى الأكاديمية، دفنت لوسي جلد توبي عند شجرة زان في زاوية الحديقة حيث لم يكن هناك أحد.
حفرت الأرض دون أدوات وانكسرت أظافرها الهشة، لكنها لم تهتم. كانت شارلوت غاضبةً بشدة لدرجة أنها لم تبدُ حزينة، لذا لم تتحدث إليها.
ولكن تلك الليلة، سمعت شارلوت نحيب لوسي وهي نائمة واستمر بكاؤها حتى الفجر. في اليوم التالي عندما استيقظت لوسي كانت عيناها حمراوتان، لم تملك شهية الطعام ولم تتناول أي شيء. استمرت على هذا الحال لمدة أسبوع.
جلست شارلوت على سرير لوسي وفي يدها قطعة كعك. ولأول مرة، بكت لوسي بصوتٍ عالٍ. كان سماعها وهي تنتحب باسم توبي مؤلمًا. لم تستطع شارلوت تصديق أنها كانت في مثل هذه الحالة السيئة. التهمت لوسي الكعك الذي أعطته لها شارلوت، ونامتا معًا في تلك الليلة وهما يحتضنان بعضهما.
كانت لوسي ذلك النوع من الناس، لا يمكنها توبيخ الأيتام الجائعين على أخطائهم، ولا يمكنها سوى منع صديقتها من الغضب، وتحمل موت حيوانها الصغير المسكين بالكامل. أن يقوم هذا النوع من الناس بتسميم زوجه… كان تلك قصة مضحكة.
قامت شارلوت بطي الورقة ورمت بها في سلة المهملات. أخرجت ورقة جديدة وبدأ في كتابة تقرير التشريح مرة أخرى.
***
“…..أنا آسفة شارلوت.”
عندما أعطت شارلوت لوسي كوبًا من الشاي همست لوسي بهدوء.
“لا يجب عليكِ الاعتذار.”
“لولاي لما حدث هذا….”
تحدثت لوسي وهي محرجة وبالكاد كان هناك قوة في صوتها. لوحت لها شارلوت وتحدثت بعفوية.
“لا تقولي ذلك، لا بأس.”
ابتسمت لوسي بامتنان وبادلتها شارلوت البسمة. كانت سعيدة لرؤية صديقتها أكثر راحة.
رأت شارلوت عائلة البارون توروب واقفةً بعد أن أنهت عملها. في الواقع لم يكونوا ينتظرونها، عندما وصلت سمعت صوت صراخ وشجار.
“كنتِ أنتِ أليس كذلك؟ أنتِ من قتل أخي!”
صرخ الرجل واندفع نحو لوسي بهمجية. حاول الموظفون الإمساك به لكن كان من المستحيل إخضاع رجل نبيل بالقوة.
عندما وصل الرجل للوسي رفع يده عليها.
اندفعت شارلوت ولفت نفسها حول لوسي. ضرب الرجل كتفها واندلع صوت طقطقة وألم حاد في كتفها. كان الألم أقل مما توقعته لكن ذلك لم يخفف من غضبها، كان ذلك الوغد سيصفعها على وجهها؟
أخفت شارلوت لوسي خلفها ونظرت للرجل. تردد الرجل قليلًا، ربما كان محرجًا من ضربه لها فجأة، ولكن سرعان ما تحدث مجددًا.
“ماذا تظنين نفسكِ فاعلةً بإيقافي؟”
احمرّ وجه الرجل بشدة، كان لعابه يتطاير مع صراخه بأعلى صوته وكانت عيناه حمراوتان. كان يترنح في مكانه بغير اتزان ولم يبدُ طبيعيًا.
نظرت شارلوت حولها بحيرة وغضب.
وقف أفراد عائلة البارون توروب وهم يسعلون كما لو كانوا يحاولون الحفاظ على كرامتهم. ولكن لم يتقدم أي منهم لحماية لوسي، كانت نظراتهم رهيبة.
كانت رائحة الكحول تفوح من الرجل ومن الواضح أنه كان ثملًا للغاية.
“تراجع.”
شعرت شارلوت بيد لوسي المرتجفة عليها. ما كان خطب ذاك الرجل؟ اندلع الغضب في شارلوت مجددًا.
“أنتَ تثير الكثير من الضجة.”
سرعان ما جاء رجل الأمن يهرع بعد أن سمع بالخبر ووقف أمام شارلوت وأشار لها بيده بالمغادرة.
“عزيزي روبرت، هذا يكفي.”
تحركت عائلة الرجل لإيقافه أيضًا. عبس الرجل بشدة وحدق بلوسي. لكنه لم يستطع فعل شيء وأدار وجهه بعيدًا بلا خيار.
سارت شارلوت مع لوسي بينما تعامل رجل الأمن مع الوضع. أحضرتها لمكتبها وأجلستها معطيةً إيّاها كوب شاي ساخن.
راقبت لوسي تحركات شارلوت بهدوء، وبعد أن ارتشفت قليلًا من الشاي تمكنت من الابتسام. ولكن ابتسامتها كانت مشوهة، شعرت شارلوت أنها كانت تبكي لا تبتسم.
ترددت شارلوت للحظة ثم تحدثت.
“أولئك الناس يا لوسي، أعني………”
“عائلة زوجي.”
تحدثت لوسي بنبرة هادئة، وشعرت شارلوت بالأسف أكثر عليها.
“لم يكن الأمر بهذا السوء….. لا أعرف، يبدو أني فعلتُ شيئًا خاطئًا. في كل مرة أقوم بالاعتذار أولًا وإن كان هناك سوء فهم فأوضحه……. كان من الجيد الحديث هكذا.”
“لوسي……”
ضغطت شارلوت على يد لوسي. كانت لطيفة بغباء…… أرادت تأنيب نفسها على شكّها فيها.
“هل تؤلم بشدة؟”
رأت شارلوت لوسي تنظر لكتفها وهزّت رأسها.
“لا لا بأس، لا تؤلم كثيرًا.”
“أنا آسفة شارلوت….. إنه ليس رجلًا سيئًا. كان روبرت دائمًا أحمق نوعًا ما……..”
حسنًا، هو مجرد أحمق فعلًا.
تمتمت شارلوت في نفسها.
“لطالما كان روبرت وزوجي على وفاق تام. كان يشعر بالأسف عليه لأنه كان الأصغر ولا يملك الكثير من الأشياء من والديه. أعتقد أن هذا ما أثّر عليه بشدة.”
“فهمت……..”
ابتسمت شارلوت بخفة وابتلعت كلماتها الهائجة. وأدركت أن لوسي ربما كانت تدافع عنه لأنه كان ثملًا.
“في الواقع….. في اليوم السابق.. تجادل هو وزوجي قليلًا…. أعتقد أنه مستاء بسبب ذلك على الأرجح. يلوم نفسه لأنه محادثتهما الأخيرة كانت شجارًا.”
“…..هل تشاجرا؟”
سألت شارلوت بإلحاح وأمسكت بيد لوسي. تفاجأت لوسي قليلًا وصمتت لذا سألتها شارلوت مجددًا.
“أخبريني لوسي، هل تشاجر كلاهما؟ ما كان سبب الشجار؟”
“حسنًا لا أعلم حقًا. ولكن في الأشهر القليلة الماضية كانت العلاقة بينهما متوترة. كان زوجي دائمًا ما يسمح لروبرت بالبقاء في القصر لبضعة أيام عندما يأتي للزيارة، لكنه مؤخرًا أصبح يأتي للتحدث معه قليلًا ثم يذهب روبرت وهو يبدو منزعجًا. في ذلك اليوم هما لم يتشاجرا حقًا لكنه محادثتهما كانت حادة بعض الشيء، ولكنهما اتفقا على الشرب معًا في المساء.”
“…….”
دخل شخصان في جدال كلامي وشربا معًا في اليوم السابق لوفاة المجني عليه، وكان سبب الوفاة هو التسمم. ظهر مشتبه به قوي، وأضاءت عينا شارلوت وهي تترك يد لوسي ببطء. بدت لوسي في حيرة من أمرها بسبب سؤال شارلوت.
وحينما كانت شارلوت على وشك الاستفسار عن مزيد من التفاصيل حول ذلك الرجل.
• ترجمة سما