Miss Charlotte's Case Diary - 2
“لكنني أعاني من رهاب من الدم!”
صاحت شارلوت وأخفضت رأسها منحنيةً على المكتب. كانت متوترةً للغاية وشعرت أنها ستبكي. كيف من المفترض عليها تشريح الجثة بينما كان منظر الدم يجعل عيناها تدمعان ويداها ترتجفان؟
تذكرت شارلوت المرات المحرجة والمفجعة التي أغمي عليها فيها ونُقِلت إلى المستوصف أثناء تدريبها.
“ممم، شارلوت ولكن…..”
“إذن، ألا تريدين القيام بذلك؟”
قاطع شخص ما كلمات يوجين بنبرة باردة. كانت أميلا، مديرة مختبر التشريح. هزّت شارلوت رأسها وهي تقف بترنح.
“المديرة، أنا فقط…..”
“الجميع هنا يقومون بتشريح الجثث، لا توجد استثناءات. هناك نقص في عدد الأشخاص ودائمًا ما يكون هناك الكثير من العمل. كان يجب طرد شخص مثلكِ خلال فترة الاختبار، لمَ تعتقدين أنهم سمحوا لكِ بالعمل كموظفة رسمية هنا؟”
“……”
“لأنكِ ابنة عائلة مشهورة؟ لأنكِ تخافين من الضغط؟”
“ا.. المديرة، لم تقل شارلوت أنها لم تستطع فعل ذلك. لقد انتابتها نوبة هلع لأنها كانت تمر بوقت عصيب…….”
كان يوجين على وشك الدفاع عن شارلوت عندما نظرت له المديرة بنظرة صارمة أسكتته. ثم ناولته المديرة كومة من الأوراق بين ذراعيه. نظر يوجين الذي شعر بعبء العمل الإضافي لشارلوت بشفقة، ثم قرر الشعور بالأسف على نفسه لعمله متواصلًا لعدة أيام متتالية، وغادر الغرفة بهدوء.
“لقد وافقتُ عليكِ لأنكِ أظهرتِ لي قدرتكِ على القيام بذلك وأنكِ على استعداد للمضي في الأمر وإن كان ذلك يعني التقيؤ أو الإغماء. وقد صدقتكِ عندما صحتِ أمامي بكلماتكِ بأعلى صوتكِ.”
نظرت شارلوت إلى المديرة وقد احمرّ وجهها.
“أعلم أن الجميع يفكر فيكِ، لا أريد أن أسبب مشاكل لكِ لكن الأمر ليس بيدي. فالنبيل نبيل مهما تغير العالم. ومن يريد أن يتدخل في قتال بين الحيتان فلن يرسل مجموعة قريدس ضعيفة، بل يجب عليه إرسال حوت آخر.”
أومأت شارلوت برأسها تجاه كلمات المديرة. رغم أن كلماتها كانت باردة، كانت شارلوت تعلم أنها تهتم بشدة بموظفيها.
رفعت المديرة يدها وربتت على كتف شارلوت عدة مرات ثم غادرت الغرفة.
***
لم يعد بيدها حيلة. كانت مضطرة للقيام بهذا. كان عملها. هي فخورة للعيش في امبراطورية إيسنهارن…….
كررت شارلوت تلك الأفكار في ذهنها لتهدئة نفسها. ولكن مهما حاولت، فقد ظلّ قلبها يرتجف. بهذا المعدل، قد لا تتمكن من تشريح الجثة اليوم. وهكذا ستبدأ الجثة بالتحلل، وستُحدِث عائلة توروب ضجة…..
هزّت شارلوت رأسها لتصفيه ذهنها من الاحتمالات المرعبة. ثم أخذت نفسًا عميقًا وقبضت على يديها. مدت يدها لفتح راب غرفة التشريح، حين أوقفها صوت شخص يقف خلفها.
“……شارلوت؟”
التفتت شارلوت لترى امرأة جالسةً ترتدي فستانًا أسود وحجابًا يغطي وجهها. كانت المرأة جالسةً على الكرسي، ثم وقفت بحذر وتحدثت مجددًا.
“أنتِ شارلوت أليس كذلك؟”
“آه…. المعذرة سيدتي، هل تعرفينني؟”
عبست شارلوت بحرج ورفعت المرأة حجابها قليلًا لتكشف عن وجهها الشاحب بشدة. بدت ستنهار في أية لحظة. لمع شعرها الأحمر بعد أن كان مخفيًا تحت الحجاب الأسود.
“لوسي؟”
صاحت شارلوت وهي تتحرك بخطًى سريعة. ارتفعت
زوايا فم المرأة بشكل خافت.
“مرحبًا، لقد مرّ وقتٌ طويل.”
قالت أنه مرّ وقت طويل، لكن نبرتها كانت عادية كما لو أنهما التقيا بالأمس. أنزلت لوسي الحجاب على وجهها مجددًا.
“لوسي هاميلتون، كم مضى من الوقت!”
عانقت شارلوت لوسي بقوة. رفعت لوسي يديها لتعانق شارلوت هي الأخرى. استغربت شارلوت لأن لوسي كانت في السابق أكثر بدانة من الآن وليست بهذه النحافة.
بعد لحظة ارتباك، ضحكت لوسي بخفة وخرجت من بين ذراعي شارلوت. دغدغ الحجاب وجهها وشعرت بالانزعاج منه. نظرت لوسي حولها للحظة قبل أن تقوم برفعه.
“لم أتوقع أبدًا رؤيتكِ هنا. سمعتُ أنكِ تعملين ولكن…..”
ابتسمت شارلوت بسخرية.
“الجميع يقول ذلك.”
لم تقل شارلوت شيئًا آخر. كان من غير المعتاد فعلًا أن تعمل امرأة نبيلة. وبغض النظر عن تغير العصر، كان لا يزال امتلاك امرأة لوظيفة أمرًا وضيعًا.
كان من غير التقليدي العمل، ولكن العمل في مشرحة كان أكثر صدمة.
فكرت شارلوت في سمعتها التي وصلت للحضيض في الأوساط الاجتماعية، ثم تنهدت بمرارة.
ربما يمكن اعتبار كلمات أي شخص سخرية. لكن شارلوت كانت تعلم أن لوسي تتحدث بإخلاص. لطالما كانت لوسي هكذا، لا تحكم على شيء لم تفهمه مباشرةً، بل كانت تحترمه فقط.
“عندما كنا في الأكاديمية ظللنا نتسكع معًا طوال الوقت….. هل تتذكرين عندما كنا نقضي العطلة الصيفية في قصركِ والعطلة الشتوية في قصري؟”
“أجل كنا نفعل ذلك.”
“كنتُ أفكر فيكِ منذ أن فقدنا الاتصال…..”
“وأنا أيضًا شارلوت.”
تحدثت لوسي بلطف، لكن شارلوت لم تجد ما تقوله بعدها وساد صمت محرج. عبثت شارلوت بأصابعها غير متأكدة مما يجب عليها قوله. ثم فكرت في أن هذا مضحك. لم تشعر بالحرج من قبل بغض النظر عن كم من الوقت ساد الصمت…..
“ماذا تفعلين هنا بالمناسبة؟”
تيبس وجه لوسي قليلًا عندما حاولت شارلوت خلق موضوع جديد.
“اوه، أنا…..”
ترددت لوسي قليلًا في الحديث ثم أنزلت حجابها الأسود على وجهها مجددًا.
“انظري إلى ملابسي شارلوت…..”
أدركت شارلوت فجأة أن لوسي كانت ترتدي ملابس الجنازة الرسمية.
“اوه يا إلهي. لوسي هل تعرفين البارون توروب؟”
“كان زوجي.”
أغلقت شارلوت فمها غير متأكدة مما يجب عليها قوله. استطاعت رؤية تعابير وجه لوسي تصبح أسوأ من خلال الحجاب الأسود.
“….كنتُ في الواقع ضد تشريح جثته. لأنه كان جبانًا بعض الشيء ويخاف التعرض للأذى. ولكن…….”
أصر والدا البارون وإخوته على تشريح الجثة. كانت شارلوت تعلم بالفعل.
“من فضلكِ اعتني به، شارلوت.”
بالكاد أومأت شارلوت برأسها وعادت لوسي للجلوس على كرسيها.
شعرت شارلوت بالأسف عليها، كانت تبدو مثيرة للشفقة. تنهدت شارلوت بعمق وفتحت باب غرفة التشريح.
نظرت للخلف ورأت لوسي تعبث بحجابها قليلًا ورأت عبوس شفتيها.
وبينما كانت تغلق الباب، تبادرت لذهنها فكرة.
‘لمَ فقدتُ الاتصال مع لوسي؟’
***
لم يسرِ تشريح الجثة بسلاسة مطلقًا. خلال عملية التشريح التي استغرقت ساعتين ونصف، تقيأت شارلوت 23 مرة وصرخت 14 مرة وأسقطت المشرط على الأرض 17 مرة وأغمي عليها مرة واحدة وأيقظها الماء البارد. بحلول الوقت الذي غادرت فيه غرفة التشريح كانت شبه فاقدة للوعي.
قامت شارلوت بتنظيف نفسها وهي ترتجف ثم عادت لمكتبها.
بدا أن لوسي لم تعد حتى الآن وظلّت منتظرة بتعب.
جلست شارلوت على كرسيها وقد ظهرت في ذهنها لوسي. سرعان ما هزت شارلوت رأسها وأمسكت بالقلم.
وبعد أن كتبت “تقرير تشريح الجثة” كعنوان، عضت شفتيها للحظة. امتلأ عقلها بالكثير من الأفكار وارتجفت يدها الممسكة بالقلم.
أول شخص اكتشف الجثة كانت خادمة.
وفقًا لإفادة الخادمة، عندما دخلت غرفة النوم في الصباح لتنظيفها كان البارون مستلقيًا على السرير. وظنّت الخادمة أنه كان نائمًا لأنه شرب بكثرة الليلة السابقة. فأغلقت الباب بهدوء وغادرت الغرفة.
لم يخرج البارون من الغرفة حتى بعد غروب الشمس. وعندما عادت البارونة —أو لوسي كما تناديها— لتجد زوجها أسرعت الخادمة لغرفة لنومه وحاولت إيقاظه، لكنه كان قد فارق الحياة بالفعل.
كان هناك قيء في زاوية فمه. والتفسير البسيط كان أنه شرب أكثر من الحد المسموه به وأثناء نومه وهو في حالة سكر ارتد الطعام وسد مجرى الهواء مما تسبب في اختناقه وموته.
“ولكن…..”
ولكن تشريح الجثة كشف أن مجرى الهواء كان سليمًا.
وتفاعلت الفضة مع ما خرج من معدته. كان ذلك دليلًا على أنه تناول سمًا يحتوي على الزرنيخ.
نقرت شارلوت بأصابعها على المكتب. من الذي يمكن أن يكون قد سمم البارون، ومن المستفيد الأكبر بموته؟
تحرك قلم شارلوت دون وعي وشهقت حين رأت ما كتبته. لوسي. لوسي هاميل-…. لا، لوسي، البارونة توروب.
ينص القانون على أنه عند وفاة الزوج تنتقل كل ممتلكاته و ألقابه إلى زوجته. الآن البارونة توروب هي أرملة شابة جميلة وثرية للغاية. إن تزوجت مرة أخرى فسيؤول لقبها وممتلكاتها لزوجها الجديد. كما أنها لا تملك أطفالًا لذا لن يكون هناك مشكلة في الزواج. من يتزوجها سيعيش في رفاهية لبقية حياته.
إن كانت البارونة هي الجانية فلديها العديد من الفرص لتسميمه. إما بوضع السم في النبيذ، أو خلطه مع الماء وجعله يشربه وهو ثمل، أو بإمكانها ببساطة سكبه مباشرة في فم زوجها وهو نائم.
هل سممته حقًا؟
• ترجمة سما