Miss Charlotte's Case Diary - 1
الجزء الأول. اشتبه في كل شيء.
استيقظت الخادمة مع بزوغ الفجر. كانت تتوق للنوم أكثر، لكنها علمت بأن عليها الاستيقاظ كي لا تقع بورطة. قامت من على السرير وفاقت.
أول ما فعلته كان الذهاب إلى المطبخ لجلب بعض الماء الساخن. اقترحت عليها خادمةٌ أخرى مقربة منها الاغتسال في الحمام المشترك القريب من المطبخ، لكنها شعرت بالحرج ورفضت.
“ما خطبكِ هذه الأيام؟ يبدو أنكِ لا تنسجمين معنا.”
أعربت صديقتها عن خيبة أملها، لكن الخادمة ابتسمت بحرج وأمسكت بدلو الماء. أخبرتها صديقتها أن تسرع وتغتسل ثم تأتي للطابق السفلي حالما تستحم وستعتني هي بطعامها. هرعت الخادمة بسرعة متأثرةً بلطف صديقتها.
في ذلك المساء، جلست الخادمة على الدرج وهي تفرك ساقيها المتألمتين سرًا.
ثم سمعت صوتًا أدهشها.
“هاي!”
التفتت عند النقرة المفاجئة على كتفها، وعندما رأت وجه صديقتها المبتسم، أطلقت تنهيدة مرتاحة.
“ظننتكِ رئيسة الخادمات.”
“لمَ أنتِ جالسةٌ هنا؟ ستعود السيدة بعد قليل.”
أشارت صديقتها برأسها نحو الباب الأمامي. هناك، وقفت رئيسة الخادمات بصرامة تنتظر سيدتها.
وبعد ما بدا أنه دهر، فُتِح الباب ودخلت امرأة ترتدي ثوبًا ملونًا بخطوات رشيقة. انقلب وجه رئيسة الخادمات الصارم وارتسمت ابتسامة على شفتيها وهي تتبع المرأة وتأخذ منها رداءها.
تحدثت صديقتها التي كانت تراقب المشهد.
“آآه. أشعر بالحسد الشديد.”
“ماذا؟”
“لديها وجه جميل، ونسب جيد، زوج ثري يحسن معاملتها. ما الذي يمكن أن يُقلق حياتها؟ على العامة أمثالنا القلق بشأن الطعام والمأوى، ألا تتفقين معي؟”
“ولكن…… ليس لديها أطفال بعد.”
تمتمت الخادمة وقد التفت يدها على بطنها. فردّت صديقتها وهي تهز كتفيها.
“كلاهما لازال شابين فما المشكلة؟ مضى على زواجهما أقل من ثلاث سنوات، لذا سينجبان طفلًا في أي وقت.”
“هاي!”
جعلهما الصوت البارد يقفزان من التفاجؤ.
“هناك أشياء كثيرة عليكما القيام بها ولازلتما تثرثران هنا؟”
“نحن آسفات سيدتي.”
“لقد أخطأنا سيدتي، سامحينا هذه المرة من فضلكِ.”
تنهدت رئيسة الخادمات بشدة، كانت تعلم كم كان العمل شاقًا، لذا تسامحت معهن وحثتهن على الإسراع.
“السيدة تبحث عن السيد، أمازال في غرفة نومه؟”
“حسنًا، لا أعرف. كان هناك هذا الصباح……”
“إذا كان لا يزال نائمًا فاذهبي وأيقظيه. وإن لم يكن في غرفة نومه فتعالي لي.”
أحنت الخادمة رأسها ومضت مبتعدة. كادت تركض خوفًا من ظنّها أن سيدتها تراقبها من الخلف. وصلت الخادمة غرفة النوم بلمح البصر، وقفت تلتقط أنفاسها وطرقت الباب بحذر.
“هل أنتَ مستيقظ سيدي؟”
لم يُسمع صوت من الداخل، ففتحت الخادمة الباب بحذر ودخلت.
رأت رجلًا مستلقيًا على سرير كبير، فاقتربت منه بحذر. كان وجه الرجل مغطًى بغطاء أبيض رقيق وبدا أنه نائم.
“سيدي، لقد غربت الشمس بالفعل، حان وقت الاستيقاظ.”
لم يتحرك الرجل بعد سماع كلماتها، فمدت الخادمة يدها وهزّت كتفيه، لا بل حاولت هزه. شعرت الخادمة بالغرابة، كان كتفه صلبًا للغاية، كما لو أنها لمست قطعة خشب وليس جسد إنسان.
“…….سيدي؟”
حركت الخادمة جسد الرجل بيدين ترتجفان، في اللحظة التي انكشف فيه وجهه ببطء، أطلقت صرخة.
انساب من فم الرجل ما يشبه القيء، وكانت عيناه منتفختان مع اتساع حدقتيه.
كان الرجل ميتًا.
***
خيّم الظلام في المكان، ولم تستطع معرفة مكانها. مهما مرّ من وقت، لم تعتد عيناها على الظلام. مدت يديها، لكنهما لم تلمسا شيئًا. لم تكن متأكدةً حتى من أنها كانت تقف على الأرض. وبينما كان الرعب من الظلام يتحول ببطء إلى يأس، رأت ضوءً خافتًا من بعيد.
كان يتحرك لأعلى وأسفل، كما لو أنه يقول “تعالي من هذا الطريق”. تحركت نحو الضوء بترنح. وكلما اقتربت أكثر، كلما بدأ الشكل يتضح.
وفجأة، اهتزت الأرض بشدة، ومع صوت هدير الرياح، أغمضت عينيها بإحكام. كانت الرياح قوية بشكل لا يطاق. عندما فتحت عينيها ببطء مرة أخرى، كان الضوء البعيد يقترب أكثر فأكثر، واتضح ما هو. تجمدت في مكانها مما رأته.
“يا إلهي، هل رأيتِ ذلك يا عزيزتي؟”
كان الرجل يبدو عاديًا جدًا، بل وبدا لطيفًا، خاصةً مع ابتسامته. ثم ضحك الرجل بصوت عالٍ.
“هههههههههههههه.”
في اللحظة التالية، لمعت عينا الرجل وبدا كقاتل قاسٍ. سقطت السكين من يده على الأرض صانعةً صوت ارتطام حاد. تقدم الرجل نحو الجثة وداس عليها محدثًا صوت تكسير عظام. علقت رائحة الدم الكريهة بجسده. حاولت الهرب، لكن جسدها تيبس وأبى أن يتحرك. ضحك الرجل ضحكة مكتومة ومدّ يده لها.
“بفتت هههههه.”
شهقت شارلوت وأغمضت عينيها وهي تشعر بالعالم يدور حولها، أعقب هذا ألم خفيف في ظهرها، وعندما فتحت عينيها، رأت سقفًا مألوفًا.
أغمضت شارلوت عينيها للحظة ثم فتحتهما ليتضح أنها سقطت على الأرض من السرير.
……كانت تحلم.
دفنت شارلوت وجهها في الغطاء الذي سقط معها على الأرض. فاحت رائحة أشعة الشمس الجافة والصابون منه، عضت شفتيها وهي تهدِّئ نفسها، وارتجفت من البرودة الناجمة عن جفاف العرق.
سمعت زقزقة الطير خارج النافذة، ما ساعد على تهدئة أعصابها. أخذت شارلوت نفسًا عميقًا ثم صعدت ببطء السرير ودفنت وجهها في الوسادة.
كم الساعة الآن؟
***
انتهى الأمر. جلست شارلوت على كرسي مكتبها ممسكةً برأسها وخرجت تنهيدة عميقة من فمها.
فكرت شارلوت في أن لا شيء يسير على ما يرام اليوم. استغرقت في النوم واستيقظت متأخرة، علق شعرها في الأزرار بينما كانت تحاول ارتداء ملابسها بسرعة، ثم علقت عجلات العربة التي ركبتها في طريقها إلى العمل، ووبخها رئيسها في العمل بسبب تأخرها، ثم في النهاية حصلت على هذه المهمة.
بينما كانت شارلوت تتنهد مكتئبة، نقر أحدهم على لسانه وربت على كتفها.
“لا تحزني كثيرًا. يمكنكِ إنهاء هذه والمغادرة مبكرًا أليس كذلك؟”
نظرت شارلوت لصاحب الصوت بوجه متجهم، استطاعت رؤية وجه يوجين وعيناه المتعبتان من قلة النوم.
“لكن ليس هذه المرة، لا يمكنني القيام بتشريح الجثة سينيور.”
“أنتِ الوحيدة التي يمكنها القيام بذلك، فأنتِ من عائلة نبيلة وابنة ماركيز غني، فكيف لأمثالنا أن يلمسوا تلك الجثة؟”
“ولكن………”
كان على شارلوت الاعتراف بأن كلمات يوجين صحيحة. الجثة التي تم جلبها اليوم كانت للابن الثاني لعائلة نبيلة بارزة في ليبول عاصمة إيسنهارن. ورغم أنه قد انتقل وحده، إلا أنه قد أسس لنفسه اسمًا في المدينة المجاورة لليبول، وقد أكسبته فطنته التجارية ثروة طائلة ولقب بارون منفصلًا عن عائلته.
حدث هذا في وقت قيل فيه أن الحصول على لقب أصعب من التقاط النجوم من السماء.
في العادة لم يكن يتم تشريح جثث النبلاء، فقد فُقِّهوا أنه إذا تم تشويه الجسد فستضيع الروح ولن تعود لخالقها وستظل تهيم في اللامكان للأبد. وما كان لأي قول، بأن تشريح الجثة لم يكن بغرض التدنيس بل لأجل كشف الحقيقة، أن يقنع النبلاء.
حدقت شارلوت في اسم الرجل على الورقة. أليكس توروب. كان يجب على هذا الرجل الثري أن يُدفن بكل وقار مع مراسم جنازة مرموقة في قبره. كان هذا ليحدث إن لم تصر عائلته في العاصمة أن هناك شيئًا مريبًا في وفاته.
على أية حال، تم إحضار الرجل لغرفة التشريح، وكان على أحدهم القيام بتشريح الجثة للبحث عن سبب الوفاة. ولكن من سيقوم بذلك؟ كان الجميع هنا من إما من عامة الشعب أو من طبقة النبلاء الساقطين، وإن كانوا محظوظين قليلًا، فهم من الطبقة الدنيا للنبلاء. إذا حدث أي خطأ في التشريح، فسيُطرد من وظيفته على الفور، ناهيك عن أنه قد يتم رفع دعوى قضائية. كانت شارلوت الاستثناء الوحيد.
كانت شارلوت هي “النبيلة” الوحيدة هنا. كان للماركيز روفرن، وهي عائلة من أعلى العائلات المرموقة في ليبول ثلاث أبناء. أكبرهم والذي عاش في المدينة منذ سن صغيرة كان عضوًا في المجلس الأعلى، والابن الثاني كان عقيدًا في الجيش المركزي لامبراطورية إيسنهارن، والابنة الصغرى لعائلة روفرون، شارلوت.
هزّ يوجين رأسه بينما ينظر شفاه شارلوت المرتعشة. كان الجميع هنا بمن فيهم هو، كبارًا كانوا أم صغارًا، رؤساء أو مرؤوسين، كانوا جميعًا أشخاصًا لا يمكنهم رؤية شارلوت عادةً.
حتى إن ثارت عائلة البارون توروب بسبب عدم ظهور نتائج التشريح كما أرادوها، فسرعان ما سيتم إخمادها بوجود شارلوت. شعر يوجين بقليل من السوء لاستخدام شارلوت كدرع، لكنه كان متفقًا مع الرئيس في كون شارلوت الوحيدة التي يمكنها القيام بهذا.
• ترجمة سما