رجال الحريم - 8
يوم التتويج، وقفت لاتيل امام المراة اثناء ارتدائها لرداء الإمبراطورة حيث اجتاحتها مشاعر مختلطة من السعادة والحزن والخوف والارتباك.
“مربيتي، هل تذكرين ماحدث قبل ست سنوات؟”
لاتيل سألت بينما ترتب ردائها الاحمر الناعم.
“في ذلك الوقت، انا اردت ان اصبح امبراطورة كاريسين”
“بالطبع انا اتذكر كل شيئ”
المربية نظرت الى لاتيل بتعابير تنم عن الفخر الشديد قبل ان تذرف الدموع.
“لماذا تبكين في مثل هذا اليوم السعيد يا مربيتي”
“ااه انا اسفة”
لاتيل اقتربت من مربيتها وعانقتها ع الفور.
“لو كانت الامبراطورة هنا لتشاهد تتويجكِ…..”
“مربيتي، لو سمع شخص غريب هذا الكلام فسوف يسيئ الفهم، انتِ بصحة جيدة ويمكنكِ انتِ ان تشهدي على هذا….”
لاتيل انفجرت ضاحكة وربتت على ظهر المربية.
“اعلم ولكنها لا تستطيع رؤية يوم تتويجيك بالرغم من انه يوم مميز للغاية….”
“اذن لماذا لا نعيد التتويج في وقت لاحق لها؟”
“بمجرد ان تصبحي الإمبراطورة، ستكونين اكثر انشغالا وكل حركاتك ستصبح مقيدة، هل ستتمكين من الذهاب الى المعبد البعيد؟”
“لايزال يتوجب علي الذهاب الى هناك على الاقل لمرة واحدة”
سيكون من الرائع لو تأتي أمها شخصيا.
لاتيل ابتلعت تلك الامنية التي يصعب تحقيقها، المربية مسحت دموعها بكُمّها وتحدثت :
“ستكونين سعيدة”
“اممم”
لاتيل كانت متأثرة.
“مربيتي، في الماضي كنتِ اطول مني وتحضنيني بين ذراعيكِ ولكن انظري الان، انتِ الان بين ذراعي”
“سموكِ……”
“شكرا لتواجدكِ دائما بجانبي”
نظرا لان لاتيل كانت تتراخى كلما تواجدت المربية حولها، الامبراطور قرر ان يطردها حينما كانت لاتيل تاخذ دروس الخليفة وبالتالي عادت الى مسقط رأسها، وبفضل ذلك، هي تمكنت من تجنب ان تقتل حينما استولى الامير تارتالا على القصر الامبراطوري لعام كامل.
“اوه ياللهي، يجب الا تصبح عيني حمراء”
بعد ترك المربية، لاتيل قامت بفرك عينيها.
‘ليس اليوم، يجب الا ابكي حتى لو كانت مربيتي تبكي’
لاتيل ضربت خديها عدة مرات.
‘لا تبكي’
‘نعم، يجب الا ابكي’
هي يجب ان تظهر لاولئك الذين دعموها والذين كانو ينظرون اليها بارتياب والذين لم يقفوا بجانب الامير تارتالا ولكنهم كانوا يدعمونه في قلوبهم، من هو الامبراطور الحقيقي ومدى وقارها.
حينما كانت على وشك الخروج.
“جلالتكِ، الامير ريان هنا”
قائد الفرسان، سونوت ابلغها بزيارة ريان.
“اخي؟”
لاتيل فتحت الباب ببهجة وقامت بتحية اخيها.
في يوم التتويج، ريان قال انه لن يحضر لان ظهوره لن يكون جيدا كأمير سابق ولكن زيارته المفاجئة كانت جيدة بالنسبة لها.
“هل غيرت رأيك، هل جئت لترى مدى روعة اختك الصغرى؟”
ومع ذلك، تعابير ريان لم تبدو جيدة.
“مالخطب؟”
حينما سألته بقلق، اخيرا جهر ريان عما يدور بخلده اثناء جلوسه على الكرسي الاحمر.
“نعم لاني اعتقدت انك ستصابين بخيبة امل، لهذا انا هنا لبعض الوقت، لدي أيضًا ما اقوله وبما انها ليست زيارة رسمية، فأنا ساغادر بسرعة”
“أحقا لن تحضر؟”
“اعتقد ان هذا الامر افضل، لاتيل، انا سمعت انكِ اعدمتِ تارتالا وقمتِ بسجن أناكاشا”
“اوه”
“هل كنتِ مضطرة حقا الى اعدام تارتالا؟”
“هل هذا ما يزعجك؟”
لاتيل جلست مقابل ريان بوجه متجهم، هو تنهد وامسك بيدها.
“لاتيل، نحن وتارتالا لم نكن مقربين وقد استولى على القصر الامبراطوري بالقوة، وذهبت الامور نحو الاسوء ولكنه شقيقنا ونحن نتشارك الدم ذاته”
“اعلم”
“ولكن هل كنتِ مضطرة حقا الى سفك الدماء؟ ليس من الجيد رؤية الكثير من الدماء في الايام الاولى من حكمكِ، انت يجب ان تظهري اللطف”
“بما انك كنت الوريث الشرعي للامبراطور، فانت لم تواجه الكثير من المعارضة ولكن انا طيلة ايامي كأبنته، قد تمت مقارنتي بالامير تارتالا واخوتي الباقين لفترة طويلة وكان هناك الكثير من النبلاء الذين حاولوا ايجاد بديل افضل مني”
“!”
“لهذا، هذا لم يكن الوقت مناسب لاظهار اللطف، انا كنت بحاجة الى ان اكون شخصية قوية و……”
لاتيل التي رفعت بدنها، وقامت بالهمس في اذن ريان.
“اعتقد انه من الافضل رؤية دماء الالاف من أعدائي تسفك على أن اشهد على اراقة دم مئة من شعبي”
لاتيل التي كانت تتحدث بحزم، كانت تبتسم بشكل مشرق بخلاف للكلمات التي قالتها.
ريان تنهد وامسك جبهته.
بالرغم من انه لم يكن يتفق مع كلام لاتيل ولكنه قرر الا يزعجها، فالشخص الذي سيصبح الامبراطور هي شقيقته الصغرى و الشخص الذي عانى الكثير من المصاعب كانت هي ايضا.
بالتالي هو نهض وقام بمعانقتها دون ان ينبس بأي كلمة.
*
*
*
بعد مغادرة ريان، لم يكن هناك وقت للتردد.
لاتيل ذهبت الى قاعة الولائم الكبرى حيث ستتم مراسم التتويج.
في وسط القاعة، فُرش سجاد احمر بينما احتشد النبلاء والمسوؤلين على الجانبين.
الكهنه من المعبد كانوا يتهامسون فيما بينهم بينما يحيطون بتاج الامبراطور.
لاتيل ابتسمت بهدوء حينما لاحت انظارها ذلك المنظر.
الغريب في الامر ان التوتر تلاشى بالكامل.
هي شعرت بالجفاف في فمها طيلة فترة التحضير ولكن الان هي كانت تشعر بشعور افضل.
صدح صوت الابواق والطبول حينما ظهرت لاتيل ومع تراجع الاشخاص الي الجنبين، عرش الامبراطور اصبح واضحا.
بدلا من النظر الى النبلاء، لاتيل حدقت بالتاج الموضوع في نهاية السجاة الحمراء وبابتسامة هادئة، هي خطت نحوه.
هي توقفت بعدما اقتربت من التاج، الكاهن قام برفع التاج بعناية وسلمه لها.
هي ارتدت التاج علي رأسها وصعدت الى اعلي المنصة.
-“ماذا لو كان التاج اعوجا، هو لن يبدو جيدا”
الاميرة التي كانت تتذمر لدى مربيتها لم تعد موجودة بعد الان.
“انا الإمبراطورة”
لاتيل وقفت امام العرش، ممتلئة بشعور من الرضى ونظرت الى النبلاء والمسؤولين ذوي المناصب المنخفضة حيث ركعوا جميعهم على ركبة واحدة وقاموا بحني رؤوسهم كدليل على الولاء.
لاتيل شعرت ببهجة عارمة.
*
*
*
وفقا لعادات تاريوم، لاتيل قامت باستضافة الاجتماع الاول في مساء اليوم التالي بعد التتويج.
الاجتماع الاول كان عبارة عن تقديم للاتجاه العام لإدارة الدولة وكيف سيكون شكل الحكم الجديد وكيف سيكون نوع حكم الإمبراطورة وايضا في هذا اليوم، غالبا ما يتم استبدال كبار المسؤولين الحكوميين باشخاص يختارهم الامبراطور ومع ذلك، لاتيل ارادت ان تملئ المناصب الشاغرة لمناصري تارتالا وان يكون الحكم مشابها لحكم والدها.
باستثناء السنوات التي قضتها في ملكية ميلوسي، فحياتها بكونها ولية العهد قد عاشتها لعامين فقط وفي غضون ذلك، كان من الصعب اتخاذ القرارات بمفردها ولم يكن هناك سبب لاستبدال الوزراء والمسوؤولين الحكوميين بما ان الفصيل الموالي للامبراطور، اتبعوا الدوق أتراكسيل الذي دعمها.
علاوة على ذلك، خطتها الحالية كانت الابقاء على المسؤولين ذوي الخبرة الاستثانية بينما تتكيف ببطئ حيث لم تكن هناك حاجة الى ازاحة الكبار منهم بسرعة.
لذلك، لم تكن هناك اي احتجاجات وسار الاجتماع الاول بسلاسة.
ومع ذلك، الاجواء تغيرت حالما طرح موضوع الزواج والخليفة حيث بدأ المسؤولين المتواجدين في التشاحن مع بعضهم، وتعابير لاتيل التي كانت هادئة طيلة الوقت بدأت بالتعكر.
هي لم تكن غاضبة من ذكرهم لسيرة الإنجاب في اجتماعها الاول بما انه امر مهم بالنسبة لأي حاكم، ولكن كان بسبب الدوافع الخفية لكل واحد منهم.
“على عكس الاباطرة السابقين الذين كانوا قادرين على إنجاب العديد من الأبناء بفضل وجود الكثير من المحظيات بالاضافة الى الامبراطورة، جلالتك يمكنك فقط ان تحظي بزوج واحد”
“لذلك نحن بحاجة الى خليفة في اقرب وقت ممكن لأجل استقرار العائلة المالكة”
“حتى من اجلك صحتكِ، يجب ان يكون انجاب خليفة هو على رأس قائمة اولوياتك”
“يرجى التركيز على العثور على زوج في اقرب وقت ممكن”
لاتيل امسكت برأس الصولجان وعبثت به مرارا وتكرارا بينما تميل رأسها.
مالذي يقوله هؤلاء الاشخصا!
هم لا يستطيعون غض البصر عن مسألة انجاب خليفة.
تاريخ العائلة الامبراطورية لم يكن بالمسألة الفردية وهذه القضية دائما ما تم نقاشها في اجتماعات الاباطرة السابقين وذات مرة، احد الاباطرة الذي كان مشهورا بمزاجه السيئ هتف قائلا : “هل ابدو لكم مثل الفحل؟”
‘لماذا يجب ان احظى زوج واحد؟، هؤلاء الاشخاص غريبين للغاية! هل يعتقدون انه لايمكنني اتخاد اكثر من واحد؟’
‘انا لم اكن احاول ان اصبح الإمبراطورة لأجل انشاء حريم بل لم اتوقع ان اقوم بانشاء حريم ولم افكر بالامر على الاطلاق لانه بالكاد كان لدي وقت منذ ان اصبحت ولية العهد’
الامر كان مثيرا للاعجاب انها لم تفكر حتي بهيسينت على الاطلاق بل السؤال الذي لم يغب عن ذهنها هو ان كان بامكانها ان تصبح امبراطورة جيدة ام لا، لهذا لم تكن هناك مساحة لاجل التفكير بالرجال الا حينما ذكر الوزراء امر الزواج على فرضية “انا امبراطورة لهذا لن اتمكن من جلب المحظيين”
لاتيل قرأت العديد من السجلات حول هذه الاحداث طيلة الوقت خلال ايامها كولية العهد وع وجه الخصوص، القسم الخاص باجتماع اليوم الاول حيث يحثون على انجاب الوريث.
‘تريدون مني ان احظى بزوج واحد فقط؟ لان الإمبراطورة لا تمتلك اي حريما؟’
هل سيكون الامر مختلفا لو طرح الوزراء امر المحظيين اولا؟، لست متاكدة من الامر بما اني اختبره للمرة الاولى ولكن انا اريد ان يحدث ذلك.
لاتيل ضحكت في داخلها.
هي كانت تنوي ان تكون ذات شخصية قوية كما اخبرت اخيها ريان سابقا ولم يكن لديها الوقت لتتأثر باولئك الذين قارنوها بريان وتالا وبقية الامراء باستمرار…..
‘بالتفكير بالامر، اعتقد انه لا باس بانشاء حريم’
على اي حال، لا يوجد شيئ يمكن فعله حيال الامر، اليس كذلك؟
هي لم تكن راغبة في استقبال المحظيين الان لعدة اسباب ومنها : هي لم تتخطي تماما صدمة هيسينت ولكن بفضل حياتها اليومية المزدحمة، هي تمكنت من نسيانه ولكن بمجرد ان سمعت مسألة الزواج، هي تذكرته على الفور وتألمت.
‘وبسبب هذا، انا لم اكن راغبة في استقبال زوج بشكل جاد الان’
السبب الثاني هي لم تكن تريد ان تذهب سلطتها الى ايدي المسؤولين الحكوميين قبل ان تتمكن من ترسيخ مكانتها كإمبراطورة.
ومع ذلك اذا استقبلت عددا صغيرا من المحظيين وشكلت حريما، حينها سيتم وضع الاساس لتقوية موقفها وستمنع المسؤولين والنبلاء من طرح موضوع الخليفة مرة اخرى.
بعد تفكيرها بالامر، لاتيل ابتسمت وفتحت فمها.
“انا امعنت التفكير بكلام السادة”
حينما فتحت لاتيل فمها، المكان الذي كان صاخبا اصبح هادئا.
حينها شعرت بلذة لا توصف حيث كان من الغريب رؤية كل هؤلاء المسؤولين رفيعي المستوى هادئين الان تماما.
هيسينت…… هل تخليت عني بسبب هذا الشعور؟.
“الساده على حق، استقرار العائلة المالكة يأتي من وجود خليفة قوي ولهذا انا اتفهم رغبتكم بزواجي في اقرب وقت ممكن”
حينما وامأت لاتيل برأسها، ظهرت ابتسامة باهتة على وجه الدوق أتراكسيل.
هو بالفعل قام بترسيخ نفسه باعتباره اكثر الموالين ولاءً بسبب دعمهِ المبكر لها لذلك هو توقع ان تقوم لاتيل بنطق اسم ابنه رانامون.
ابنه رانامون دائما تم اعتباره على انه افضل مرشح ليكون زوجها، فلا احد يستطيع منافسته من ناحية المظهر او المكانه او الانجازات.
من الناحية الموضوعية، رانامون كان افضل شخص لتتزوجه.
لاتيل رأت الابتسامة على فم الدوق أتراكسيل.
‘اشعر بالاسف تجاه الدوق الذي قدم لي الكثير من المساعدة’
ولكن كان عليها الجهر بما تريده.
“لهذا في البداية وقبل كل شيئ، انا قررت احضار محظيين”