رجال الحريم - 69
في ليلة مغادرة وفد كاريسين، ادعت لاتيل أنها ليست في حالة صحية جيدة وألمحت بذلك إلى من حولها، ثم عادت إلى غرفة نومها مبكرًا أكثر من المعتاد وجلست أمام مكتبها.
“بقي أقل من أسبوعين على عيد ميلاد جيستا… إذا لم يحدث شيء غير متوقع، يمكنني الاحتفال معه بعد عودتي.”
بعد أن وضعت علامة على تاريخ عيد ميلاد جيستا في التقويم، ترددت لاتيل للحظة ثم كتبت بجانبه كلمة “كتاب”.
رغم أن جيستا طلب أن يقضيا وقتًا معًا كهدية، إلا أنها شعرت أنه يجب أن يكون هناك هدية مادية أيضًا.
“حسنًا.”
بعد ذلك، خلعت لاتيل زيها الرسمي وارتدت ملابس سوداء مريحة، ثم وضعت فوقها عباءة.
وعندما خرجت بهدوء من غرفتها في الوقت المحدد مسبقًا، لم يكن هناك أي خادمة في غرفة الاستقبال.
كان ذلك بفضل طلبها من الجميع الابتعاد لأنها كانت تعاني من صداع حاد ولا ترغب في سماع أي ضوضاء.
أما إبعاد الحراس فكان أمرًا أصعب، ولكن رايان تمكن من إلهائهم لبعض الوقت، مما سمح لها بالخروج دون أن يلاحظوا.
بما أنها اعتادت التجول في القصر منذ صغرها، كان من السهل عليها التحرك في الأماكن الخالية من الناس.
بعدما قفزت بخفة فوق السور العالي، رأت العربة السوداء التي كانت تنتظرها، على مقعد السائق كان يجلس أحد حراس القصر، مرتديًا قبعة سوداء تغطي وجهه.
في البداية كانت تفكر في اصطحاب سير سونوت، لكنها تراجعت عن الفكرة لأنها لم ترغب في لفت الانتباه إلى غيابها.
“لنذهب.”
عندما دخلت لاتيل إلى العربة وأعطت الأمر، أمسك الحارس بالسوط وضربه بشدة على الخيول.
“هيا!”
بينما كانت العربة تبتعد عن القصر، علقت لاتيل فانوسًا صغيرًا في زاوية السقف وأخرجت خريطة كانت تحملها في جيبها، لتتفحصها مرة أخرى بعناية.
كانت تريد حفظ الخريطة بالكامل في ذهنها كإجراء احترازي، ثم توقفت عيناها عند الرقم “3” المكتوب في أحد زوايا الخريطة.
“ما معنى هذا؟”
كانت قد فهمت جميع الرموز الأخرى على الخريطة، ولكنها لم تتمكن بعد من فهم السبب وراء وجود هذا الرقم.
“سأعرف بعد أن أجد الهدف”
عندما تجد الشيء الذي تبحث عنه، لن يهم إن اكتشف الأعداء أنها هي من أخذت الخريطة، يمكنها عندها أن تعطي الخريطة للعلماء لدراستها، أو تسلمها لأخيها.
طوت لاتيل الخريطة بعناية وأعادتها إلى جيبها، ثم استندت برأسها على مقعد العربة وأغمضت عينيها.
***
استيقظت لاتيل فجأة عندما بدأت العربة تهتز بشدة.
“ما الذي يحدث؟”
عندما بدأت العربة تهتز بشدة لدرجة أن جسدها كان يكاد يُقذف إلى الأمام عدة مرات، تراجعت لاتيل وأزالت تشابك ذراعيها، ثم انتقلت إلى المقعد الأمامي وطرقت بلطف على الحاجز الذي يفصل بينها وبين السائق.
“ما الذي يحدث؟”
“أعتذر، الطريق هنا وعِر جدًا”
لاتيل، التي بدأت تشعر بالقلق، عادت إلى مكانها لكنها كانت متوجسة، فقد بدت العربة على وشك أن تنكسر بسبب هذا الطريق الصعب.
كما توقعت، لم يمضِ وقت طويل حتى مالت العربة، وسمعت صوت صرخة صغيرة.
“هل تسمعني؟”
سألت لاتيل مرة أخرى، ولكن العربة توقفت تمامًا هذه المرة، بعدها بوقت قصير، طرق الفارس على باب العربة برفق ثم فتحه من الخارج.
“أعتذر، حاولت استخدام طريق مختصر، لكن الطريق… لم يكن هكذا من قبل.”
“هل العجلة مكسورة؟”
“نعم.”
تنهدت لاتيل ونزلت من العربة.
“إلى أين؟”
نظرت لاتيل إلى العجلة، وبالرغم من أنها ليست خبيرة في تصميم العربات أو طريقة عملها، إلا أن التشوه كان واضحًا جدًا حتى بالنسبة لها، عبست بانزعاج.
“هل يمكن إصلاحها؟”
“لدينا عجلة احتياطية، سنقوم بتبديلها”
بينما كان الفارس يستبدل العجلة، جلست لاتيل على صخرة قريبة وأخذت تتأمل السماء، مرت فترة من الزمن وهي تنتظر، ولكن يبدو أن العملية لم تكن تسير بسلاسة، إذ بدأ الفارس يتنهد ويشكو.
ثم، فجأة، سمعت صوت حوافر خيول سريعة قادمة من بعيد.
“قد يصطدمون بنا، تنحى جانبًا”
أمرت لاتيل الفارس الذي كان يقف في منتصف الطريق بالتحرك بعيدًا، وتقدمت هي أيضًا إلى الداخل قليلًا.
“حسنًا”
كان صوت الحوافر يقترب بسرعة، ومع اقترابه، أدركت لاتيل أن هناك شخصين على الخيول.
“هل يمكن أن يكونا عدوين؟”
انتظرت لاتيل مرور الفرسان، لكنها وضعت يدها بخفة على مقبض سيفها تحسبًا لأي طارئ، الفارس أيضًا كان مستعدًا، إذ وقف أمامها وسحب نصف سيفه.
“هل نطلب المساعدة إذا لم يكونوا أعداء؟”
“لا حاجة لذلك، إذا كانوا يسيرون بهذه السرعة في الليل، فلا بد أن لديهم أمرًا عاجلًا، إذا لم يكونوا قادمين لمهاجمتنا، فلن يتوقفوا على الأرجح.”
لكن على عكس توقعاتها، قام الفارسان بإبطاء سرعتهما بالقرب من العربة المكسورة، ثم توقفا تمامًا بجانبها.
“أعداء؟”
شعرت لاتيل والفارس بالتوتر، ولكن أحد الفارسين لوّح بيده في الهواء، مشيرًا إلى أنه لا يحمل أي سلاح، ثم سألهم بصوت ودود إلى حد ما.
“يبدو أنكم في ورطة، هل يمكننا مساعدتكم بشيء؟”
رد الفارس بشكر قائلًا : “شكرًا لكم” لكنه تنفس الصعداء، في المقابل، تجمدت لاتيل في مكانها تمامًا.
“هيسينت…؟”
صوت هذا الشخص… إنه هيسينت.
“!…”
تمتمت بصوت خافت، لكن الرجل الآخر يبدو أنه سمع صوتها أيضًا، فتوقف فجأة عن أي حركة.
أبعدت لاتيل يدها عن السيف، ونظرت إلى الرجل الذي كان يخفي وجهه، بعينين متفاجئتين وغير مصدقتين.
الرجل على الحصان نظر إلى لاتيل من أعلى، ثم أمسك بطرف قبعة عباءته بيده وأزالها ببطء إلى الخلف، ليظهر وجهه، وكان هيسينت بالفعل، ملامحه كانت متفاجئة تمامًا.
“لاتيل؟”
في هذا الموقف غير المتوقع، وقف الحارس الشخصي في حيرة ينظر بالتبادل بين لاتيل وهيسينت.
هيسينت، الذي ظل فمه مفتوحًا محدقًا في لاتيل، سرعان ما أظهر تعابير غاضبة وقفز من على الحصان، اقترب بخطوة واحدة ووقف أمامها غاضبًا.
“لماذا أنت هنا؟، مع حارس واحد فقط؟، هذا خطير!”
“أنت تفعل نفس الشيء، أتيت إلى هنا مع حارس واحد فقط”
أجابت لاتيل مستغربة من قلقه المتناقض، فلم يجد هيسينت ما يقوله وأغلق فمه فورًا.
بينما كان هيسينت في هذا الموقف، نزل الفارس الذي أتى معه من على حصانه بارتباك، وانحنى لتحية لاتيل.
“تحياتي لجلالتكِ، الإمبراطورة لاتراسيل”
“…حسنًا”
ثم انحنى حارس لاتيل أيضًا لتحية هيسينت.
“تحياتي لجلالتك، الإمبراطور هيسينت.”
كانت تعابير كلا الحارسين متشابهة بشكل ملحوظ.
شعرت لاتيل بالارتباك ووجهت رأسها بعيدًا وهي تتمتم بصوت خافت، “كم هو محرج أن ألتقي به في هذه الظروف…”
بينما كان هيسينت ينظر إلى ملامحها الجانبية، حاول كبح مشاعره، ثم نادى قائد حرسه.
“سير روزتا”
“نعم، جلالتك”
“ساعدهم في إصلاح العربة”
“نعم”
أومأ فارس هيسينت برأسه لفارس لاتيل، الذي رد بالمثل وتوجه كلاهما إلى العربة المكسورة.
بعد أن ابتعد الفارسان، وقفت لاتيل وهيسينت على مسافة منهما، حيث يمكنهما التحدث دون أن يسمع أحد.
بصوت منخفض أكثر من المعتاد، سأل هيسينت، “لماذا أنت هنا؟، ألا تعلمين أن التجوال بمفردكِ خطير؟، كنت تفعلين هذا حتى عندما كنتِ أميرة، والآن بعد أن أصبحتِ إمبراطورة، لا زلتِ تفعلين ما يحلو لكِ؟”
“فمك لا يزال مليئًا بالتناقضات، من أنت لتقول لي ذلك؟، نحن على الأقل في أراضينا، أما أنت، فقد جئت إلى بلد آخر مع حارس واحد فقط، بمزاجك!”
“إلى أين كنتِ متجهة؟”
“إلى أرضكم”
عندما ردت لاتيل، شعرت بالإحراج فأغلقت فمها، بينما أغلق هيسينت عينيه وضغط على جبهته.
“حسنًا، كما قلتِ، ليس لي الحق في التحدث، فأنا أفعل الشيء نفسه”
شعرت لاتيل بالضيق، وبدأت تركل الأرض بمقدمة حذائها، مما أثار بعض الغبار، ثم فجأة سألت بنبرة حادة.
“لماذا تغادر الآن؟، لا يزال وفدكم موجودًا في بلدنا.”
“حدث أمر طارئ”
“وماذا عن الوفد؟”
“سيؤدون مهمتهم”
“….”
“وأنتِ؟، لماذا تتسللين إلى بلادنا بهذه الطريقة؟” قال هيسينت، وعيناه تضيقان تدريجيًا حتى أصبح بالكاد يُرى نصف حدقتيه.
“بما أنني هنا، فلا أظن أنكِ ذاهبة لرؤيتي”
“ما شأنك في ذلك؟”
“هل تعتقدين حقًا أنه لا يهم أن تتسلل إمبراطورة دولة أخرى إلى بلادنا؟”
“ألم تتعلم أن تتجاهل أفعال صديقاتك السابقات؟”
“عادةً، الذين يقولون مثل هذه الكلمات هم من لم ينسوا الحبيب السابق تمامًا، يتحدثون فقط عن النسيان لأنهم لا يستطيعون تحقيقه، تمامًا كـ… شخص ما.”
“هل هذا الشخص هو أنت؟”
“كما يقول المثل، الخنزير لا يرى إلا الخنازير. ربما لأنكِ ترين نفسكِ في ذلك؟”
“إذن، هل أنت الخنزير أيضًا؟”
بينما كانا يتشاجران بقسوة، نظر حراس الإمبراطورين إلى بعضهم البعض بنظرات تفهم ومشاركة للمعاناة، فلا فرق بين أسيادهم عندما يتعلق الأمر بالصعوبات، فالجميع يعاني من نفس المشاكل مع رؤساءهم المتقلبين.
بعد جدال طويل وغير مجدٍ بين الإمبراطورين، توصلا في النهاية إلى أنه لا فائدة من الاستمرار في هذا النقاش عندما شارف إصلاح العربة على الانتهاء، فلا هيسينت يمكنه إعادة لاتيل، ولا لاتيل يمكنها إعادة هيسينت.
وعلاوة على ذلك، كلاهما كان عليهما التوجه بسرعة إلى كاريسين، وكان عليهما أن يسلكا نفس الطريق المختصر.
“…..”
“…..”
بعد نظرات حذرة بينهما، انتهى الأمر بهما بالصعود إلى نفس العربة على مضض.
***
استمر الاهتزاز الخفيف للعربة لبعض الوقت، لكن قلب لاتيل كان أكثر اهتزازًا، حتى أنها لم تستطع التمييز إن كان الاهتزاز من العربة أم من أفكارها.
هيسينت، الذي كان سريعًا في إثارة المشاكل سابقًا، جلس بصمت أمامها دون أن ينطق بكلمة.
بعد فترة من الصمت الطويل، وعندما بدأت العربة تهتز بشكل أقل وظهرت بواكير الفجر، قرر هيسينت أخيرًا أن يكسر الصمت.
“ألن تخبريني حقًا لماذا تذهبين إلى كاريسين؟”
“ولماذا كنتَ في تاريوم؟، تحدث أولاً.”
“لرؤيتكِ.”
“!”
لاتيل حدقت فيه بعيون واسعة مندهشة، فرد عليها بابتسامة ملتوية.
“إذًا، لقد أتيتِ لنفس السبب، صحيح؟”
“لا، بالطبع لا!”
شعرت لاتيل بالاستفزاز من سخريته الواضحة، لكن هيسينت لم يكن ينوي التراجع بسهولة.
“قلتِ إنك ستجيبين إذا تحدثتُ أولًا، عدم الرد يعني أن السبب هو نفسه، أليس كذلك؟”
“هراء.”
“لا يمكن أن تكوني قد جئتِ للتجسس على دولة أخرى، وأنتِ إمبراطورة، أليس كذلك؟”
“أنت من جئتَ للتجسس على بلادنا، وليس أنا.”
“اهتمامي لم يكن ببلادكِ، بل بكِ أنتِ، لاتيل.”
“!”
“هل هذا ما جئتِ لأجله أيضًا؟”
“بالطبع لا!”
عبست لاتيل وهي تضرب طرف حذائه بخفة، غير مؤذية، فضحك هيسينت واضعًا يده على ذقنه.
على الرغم من أن الوضع كان غريبًا، إلا أن رؤية عادتها القديمة جعلته يشعر بنوع من الراحة والحنين.
أما لاتيل، عندما رأت ابتسامته، شعرت بنبضات قلبها تتسارع، لكنها تجنبت النظر إليه عمدًا وأدارت وجهها إلى النافذة محاولة السيطرة على مشاعرها.
بعد ذلك، حتى وصولهما إلى حدود البلاد، لم يتحدث أي من لاتيل وهيسينت كثيرًا، وعندما تجاوزا الحدود ومرّا بأحد القرى، كانت لاتيل هي من بدأت الحديث أولاً هذه المرة.
“سأنزل هنا.”
هيسينت، الذي كان متكئًا ومغمض العينين بذراعين متشابكتين، فتح عينيه فجأة مندهشًا من كلماتها.
“هنا؟”
وجه نظره إلى الخارج، كانت هذه قرية صغيرة قريبة من الحدود، حتى أن المسافرين نادرًا ما يزورونها.
“هل لديكِ عمل هنا؟، كنت أظن أنكِ ستذهبين إلى العاصمة، أو على الأقل إلى العاصمة الفرعية”
“هذا هو المكان.”
أجابت لاتيل بحزم، ثم مالت إلى الأمام وطرقت بلطف على الحاجز الذي يفصل بينها وبين السائق.
تباطأت العربة تدريجيًا حتى توقفت تمامًا عند جانب القرية، وبينما كانت لاتيل تفتح الباب لتنزل، سألت هيسينت:
“هل تريد استعارة العربة؟، ستستخدمها للعودة؟”
كانت هذه العربة ليست من عربات القصر الملكي، بل اشتراها الحارس من السوق لتبدو عادية قدر الإمكان. والآن، يجب على لاتيل أن تتسلق الجبال، فلا يمكنها أن تأخذ العربة معها.
ولأن بيع العربة أو تركها في مكان ما أثناء صعود الجبل لم يكن خيارًا مثاليًا، اقترحت على هيسينت استخدامها كلفتة طيبة، يمكنها دائمًا شراء حصان آخر للعودة.
“إذن، ستصعدين الجبل”
بمجرد أن سمع هيسينت اقتراحها، استنتج بسرعة وجهتها وأومأ برأسه.
“سأخذ العربة إذًا، شكرًا لكِ، لاتيل”
“لقد ساعدتني في إصلاح العجلة، لا أريد أن أكون مديونة لك”
“وماذا عن الدَين الذي عليكِ لغضّ الطرف عن مجيئكِ سراً إلى هنا؟”
“لقد تغاضيتُ عنك أولاً”
بكلمات سريعة وحازمة، نزلت لاتيل من العربة، وكاد هيسينت أن ينزل وراءها، لكنه بدلاً من ذلك قرر فتح النافذة فقط.
مهما كان السبب، شعر أنه لو نزل معها فقد يقلقها، لذا فضل البقاء في العربة.
أما لاتيل، فقد فهمت تمامًا لماذا لم ينزل، فعضت شفتها وولت مدبرة.
‘هل سنسافر معًا في عربة مرة أخرى؟، ربما كانت هذه هي آخر مرة نكون فيها معًا في لحظة كهذه، نسافر وجهًا لوجه.’
مرّت هذه الأفكار في ذهنها، وشعرت بانزعاج في قلبها، لكنها طردت تلك المشاعر بسرعة.
بدلاً من الاستسلام لتلك الأفكار، أخرجت ورقة كانت قد أعدتها مسبقًا ومررتها عبر النافذة لهيسينت.
“ما هذا؟”
“اقرأها في طريقك”
كانت الرسالة تتضمن ما يدور في ذهن لاتيل حول ما قالته آيني عن “الهيوم”، وتقترح التعاون إن ساءت الأمور، كتبت الرسالة بصفتها إمبراطورة، متخلية عن أي مشاعر شخصية تجاه هيسينت.
“حسنًا.”
نظر هيسينت إلى الورقة المطوية بعناية، ثم وضعها في جيبه وأومأ برأسه.
ترددت لاتيل قليلاً، تفكر فيما إذا كان عليها أن تلقي تحية الوداع، لكنها في النهاية استدارت دون أن تقول شيئًا.