رجال الحريم - 63
كان الأمر محرجاً، لكن كان لابد أن يتحقق منه أحدهم بالتأكيد، إذن، ألن يكون أقل إحراجاً قليلاً لو تحققت هي، كونها زوجته؟.
عند اقتراح لاتيل، احمرّت أذنا رانامون، لكن لم يخرج منه جواب بسهولة.
كلاهما جرب النوم بجانب بعضهما البعض ممسكين الأيدي فقط، ولم يجربا القيام بأي شيء آخر كزوجين حقيقيين، بدا الأمر مربكاً عندما وجدا نفسيهما في هذا الوضع.
“إذا كنت لا تريد، سأستدعي شخصاً آخر، ما رأيك في خادمك الخاص؟”
“سأكرهه أكثر من أي شيء”
“آه، صحيح، لأنكما تلتقيان كل يوم، سيكون ذلك محرجاً قليلاً.”
رغم أنها فكرت في الأمر بنفسها، لم تجد حلاً آخر، أخيراً، انزل رانامون نظره وهمس :
“من الأفضل أن تتحققي انتِ، جلالتكِ”
شعرت لاتيل بغصة في حلقها وسعلت بارتباك
“لكن الجو حار قليلاً، أليس كذلك؟”
“لأن الصيف قادم”
“صحيح”
لو كان الدوق أتراكسيل يرى هذا المشهد الآن، لكان قد ضرب ابنه على ظهره بشدة وهو يصرخ :
“هل درست الامور الليلية من دون فائدة؟”
لكن مقارنة بوضع أول ليلة عادية بعد الزواج، هذا الموقف الغريب كان محرجاً جداً بالنسبة لرانامون أيضاً.
“آه الجو حار”
بدأت لاتيل تحرك يدها كأنها مروحة صغيرة وهي تنظر حولها بقلق، بينما عدل رانامون جلسته ببطء، كأنه حلزون يتحرك ببطء شديد.
***
داخل الغرفة كانت الأجواء غريبة ومثيرة للحكة، لكن كاردون الذي كان يقف أمام الباب كان يشعر بالقلق فقط.
رانامون لم يكن قد بنى علاقة عميقة مع لاتيل، حتى لو نشأت مشكلة، إذا كانت هناك علاقة وطيدة بينهما، كان من الممكن تجاوزها بطريقة أو بأخرى، لكن رانامون كان مجرد محظي لم يحظَ بحب كبير من الإمبراطورة.
دور الإمبراطورة أو الملكة ليس أن تكون مفضلة لدى الإمبراطور، لكن دور المحظية مختلف تماماً عن دور الإمبراطورة أو الملكة.
تمتم كاردون بقلق :
“يا سيدي… يجب أن تكون بخير”
لماذا حدث هذا فجأة؟، كان دوماً في صحة جيدة ولم يشتكِ من أي مرض.
ظل كاردون يتنهد وحيداً أمام الباب، حتى لاحظه أحد الخدم وهو يتصرف بشكل غريب، فأخذ يشير له بيديه ليمضي في طريقه.
***
“الشعور… غريب نوعاً ما”
كانت لاتيل تنظر إلى الستارة التي كانت بجانب النافذة، بينما رانامون كان يراقب الباب بحذر من فوق كتفها، لم يعرفا كم من الوقت استغرقا في هذه العملية الحذرة للتحقق.
بعد كل هذا لا يوجد أي استجابة، ابتعدت لاتيل عنه ببطء وأسقطت نظرها على الأرض دون قصد.
“حقاً، لا يوجد أي رد فعل”
“لقد قلت لكِ ذلك”
“……”
“……”
“أمم…”
“نعم؟”
“ليس لأنك لا تملك أي مشاعر تجاهي، أليس كذلك؟”
“قطعاً لا”
بمجرد أن رد رانامون على الفور، شعرت لاتيل بالإحراج وتمتمت :
“أوه، حسناً؟”
جمعت لاتيل يديها بشكل غير مريح وبدأت بفتح وإغلاق أصابعها بشكل متكرر، الكلمات التي قالها رانامون كانت تشغل تفكيرها، هل يعني أن لديه مشاعر ولكن لا توجد استجابة؟، أم أنه بغض النظر عن المشاعر، يجب أن تكون هناك استجابة؟، ماذا كان يقصد؟، بدأت تفكر في أمور لا حاجة لها.
في تلك اللحظة، تردد رانامون قليلاً ثم أمسك بيد لاتيل وجعلها تلامس صدره.
“رانامون؟”
رفعت لاتيل رأسها بصدمة، وعندما لمس كفها عضلاته القوية، سمعت دقات قلبه الثقيلة والمتسارعة.
قال رانامون :
“قلبي مازال يستجيب بشكل صحيح”
“أوه، صحيح، يبدو كذلك”
حاولت لاتيل أن تبعد يدها بشكل غريزي، لكن عندما رأت تعبير رانامون المتوتر، أعادت أصابعها إلى وضعها الطبيعي.
بعدها، ترك رانامون يد لاتيل بحذر، وقام هو أيضاً بتحريك يده كما فعلت هي سابقاً وكأنه يحاول تهوية نفسه.
راقبت لاتيل ملامح رانامون الجانبية الجذابة، ثم سألته بحذر مرة أخرى :
“رانامون، هل أنت متأكد أن هذا لم يحدث من قبل؟”
رد رانامون بثقة :
“بالطبع، لهذا السبب لاحظت التغيير فوراً”
“أفهم”
لكن كيف؟، لم تستطع لاتيل فهم الآلية وراء ذلك، لكنها قررت ألا تطرح مزيداً من الأسئلة حول هذا الأمر، المهم الآن لم يكن “كيف لاحظ رانامون التغيير”، بل “كيف نعيد حالة رانامون الجسدية إلى وضعها الطبيعي؟”
“على أي حال، سأبحث عن حل.”
“جلالتكِ.”
قالت لاتيل بنبرة مطمئنة :
“لا تقلق كثيراً، ربما تكون مجرد حالة مؤقتة من الإرهاق، أليس كذلك؟”
***
بعد أن هدأت لاتيل رانامون، توجهت مباشرة إلى عظيم الكهنة، كان بإمكانها استدعاء طبيب القصر، لكن مهارات العلاج الأفضل دائمًا كانت لدى عظيم الكهنة.
لم تكن متأكدة ما إذا كان عظيم الكهنة قادرًا على معالجة هذه المسألة بالتحديد.
صرخ عظيم الكهنة مبتهجًا :
“جلالتكِ!”
لم يكن يعرف سبب قدوم لاتيل، ولكنه كان سعيدًا بزيارتها، وابتسم ببراءة.
‘يا إلهي.’
دخلت لاتيل إلى الغرفة، لكنها توقفت عندما رأت جماعة من الفرسان المقدسين من جماعة النبيذ الأبيض يجلسون معًا في أنحاء الغرفة يلعبون الورق، عندما رأوا الإمبراطورة، تبادلوا النظرات فيما بينهم، واحمرت وجوههم، ثم غادروا الغرفة الواحد تلو الآخر، مثل سرب من البط.
‘يبدو أن جميع الفرسان المقدسين يتمتعون بخيال واسع’
قال عظيم الكهنة ببراءة :
“هل جئتِ لتكوني معي، جلالتكِ؟”
‘هذا يشمل هذا الرجل أيضًا’
نفت لاتيل وقالت له إنها لم تأتِ لهذا السبب، ثم أغلقت الباب بإحكام.
“همم؟ يبدو أن لديكِ شيئًا سريًا تريدين قوله.”
أظهر عظيم الكهنة حسًا جيدًا هذه المرة، حيث قام على الفور بإغلاق النوافذ وسحب الستائر.
عندما انتهى من الترتيبات، جلست لاتيل على الأريكة وبدأت الحديث :
“في الحقيقة، جئت لأطلب منك أن تلقي نظرة على شيء.”
“على ماذا؟، سأرى أي شيء تريدينه”
ترددت لاتيل قليلاً قبل أن تقول :
“حسنًا… أود أن تلقي نظرة على… جزء مهم من رانامون.”
***
ولكن بمجرد أن سمع عظيم الكهنة كلامها، ارتد جسده بسرعة إلى الخلف وصرخ :
“لماذا عليّ فعل ذلك؟!”
“أريد أن أتحقق من شيء.”
“لكنني لا أريد أن أتحقق من أي شيء!”
“لا، ليس كما تظن، هناك مشكلة في…”
بدأ عظيم الكهنة يرتعش، بينما كانت لاتيل تلوح بيديها محاولة توضيح الأمور، لكنه ازداد انزعاجًا وقفز بعيدًا.
“ربما يكون عاجزًا!”
“ماذا؟!”
“وماذا تتوقعين مني أن أفعل بشأن ذلك؟”
“لا! رانامون ليس عاجزًا، لقد قال ذلك بنفسه!”
“في البداية، الجميع ينكرون ذلك”
“لقد أكد لي أنه ليس كذلك، على أي حال، أريد منك فقط أن تتحقق”
لكن بغض النظر عن كيف حاولت إقناعه، كان عظيم الكهنة يرفض بشدة.
“لا أريد! لا أريد حتى أن أنظر!”
“حسنًا، لا تحتاج إلى النظر، يمكنك أن تتحقق وأنت مغمض العينين، أليس كذلك؟”
“أرفض أكثر!”
“إذن افتح عينيك وتحقق!”
“المشكلة ليست في النظر!”
في الظروف العادية، كان عظيم الكهنة سيبتسم بلطف ويقوم بما يُطلب منه، ولكن هذه المرة كان يرتعب بشكل غير عادي، مما جعل لاتيل تعبس وتسأله بجدية :
“ما هي المشكلة؟، ألست عظيم الكهنة؟، ألا ينبغي عليك معالجة المرضى؟، رانامون في حالة مثل نبتة ذابلة!”
بقي عظيم الكهنة صامتًا للحظة.
“فقط لكي أكون واضحة، هذا مجرد تعبير عن حالته العامة، وليس عن أي شيء محدد، نعم، المنطقة قد تكون حساسة، لكنها تبقى مرضًا”
عندما أظهرت لاتيل خيبة أمل واضحة، بدأ عظيم الكهنة يشعر بالظلم، وبعد لحظات من التردد، صاح بصراحة :
“عليّ أن ألمس المنطقة المصابة لعلاجها!”
“أوه”
عندما سمعت لاتيل هذا، وضعت يدها على فمها وفتحت عينيها على وسعهما، بينما ألقى عظيم الكهنة كتفيه للأسفل بمرارة.
***
رغم عدم رغبته الشديدة، وافق عظيم الكهنة أخيرًا على مرافقة لاتيل لرؤية رانامون، عندما عادوا إليه، فتح رانامون الباب على الفور، ولكن عندما رأى عظيم الكهنة الذي جلبته لاتيل، كاد أن يسقط من الصدمة.
نظر رانامون إلى لاتيل وكأنه يتهمها بالخيانة، شعرت لاتيل بالظلم.
“مهلاً، لقد أحضرت عظيم الكهنة لإصلاح حالتك، لماذا تنظر إليّ هكذا؟، هل أنا من جعلتك مريضًا؟، نحن هنا للتحقق من الأمر وإيجاد العلاج.”
أشارت لاتيل ببرود نحو السرير قائلة :
“توجها إلى هناك، كلاكما”
تقدم رانامون وعظيم الكهنة ببطء، كما لو كانت أقدامهما عالقة في الأرض، وجعلتهما لاتيل يجلسان جنبًا إلى جنب، ثم أصدرت أمرًا واضحًا :
“ابدأ العلاج”
بمجرد أن أصدرت هذا الأمر، شحب وجها رانامون وعظيم الكهنة وكأنهما لم يناما لمدة أسبوعين.
ظل الاثنان في مكانهما دون حراك، فتنهدت لاتيل وبدأت تقنعهما مرة أخرى.
“رانامون، أنت مريض ونريد أن نعالج هذا، عظيم الكهنة، أنت هنا كطبيب لعلاج مريض، وليس كأحد محظيي الإمبراطورة، لذا، فكرا فقط في أنكما مريض وطبيب.”
بعد هذا الكلام، استسلم عظيم الكهنة وبدأ يرفع كمه ببطء وهو يقول :
“كما قالت جلالتكِ، رانامون مريض، لذا سأقوم بالعلاج حتى وإن كان الوضع غير مريح.”
قال رانامون بصوت خافت :
“أرجوك اعتنِ بي.”
شعرت لاتيل وكأنها على وشك أن تضحك، لكنها قاومت ذلك بشدة، لأنها كانت متأكدة من أن أي ضحكة ستجعلهما يهربان فورًا، لذا، تشددت بوجه جاد جدًا.
تابع عظيم الكهنة بحذر :
“لكن جلالتكِ، رانامون، إذا كانت هذه الحالة ناتجة عن تغيير طبيعي في الجسم وليس هجومًا متعمدًا، فلن أستطيع فعل شيء”
“تغيير طبيعي؟”
“إذا كان ضعفًا ناتجًا عن سم أو أي نوع من الهجوم، يمكنني علاجه، لكن إذا كان هذا ضعفًا طبيعيًا في الجسم، فلا يمكنني فعل شيء.”
“إذا كان الأمر كذلك، فلا يمكننا فعل شيء.”
بعد أن وافقت لاتيل، أخذ عظيم الكهنة نفسًا عميقًا وبدأ ببطء في العلاج
بعد فترة وجيزة، اكتشفت لاتيل أن التغير الذي أصاب رانامون لم يكن نتيجة طبيعية، حيث تحسنت حالته فوراً بمجرد أن عالجه عظيم الكهنة.
قالت لاتيل بصوت بارد: “إذاً، هذا يعني أن أحدهم هاجم رانامون، هل تم تسميمه أو شيء من هذا القبيل؟”
أصبح رانامون أكثر جدية وبروداً من المعتاد وأجاب: “علينا القبض على الجاني بأي ثمن”
عظيم الكهنة، الذي اختفى عنه لطفه المعتاد، أيد كلام رانامون بغضب: “يجب أن ننزل به نفس العقاب، ولن نقوم بعلاجه بالطبع.”
رغم أنه قام بالعلاج، بدا أن عظيم الكهنة لا يزال يشعر بالظلم أومأت لاتيل برأسها ثم سألت رانامون : “متى بدأت الأعراض بالضبط؟”
“منذ يومين.”
“هل كان هناك أي شيء مريب أو غير عادي قبل ذلك؟”
“لم يكن هناك شيء مريب…”. تردد رانامون قبل أن يتذكر فجأة الحساء الذي تناوله مرتين متتاليتين وقال: “آه.”
سألته لاتيل بسرعة : “لماذا؟، هل تذكرت شيئاً؟”
“نعم، في وجبة الطعام، تم تقديم حساء الفطر مرتين متتاليتين”
عظيم الكهنة بدا عليه الارتباك وكأنه لا يفهم مغزى الأمر، لكن لاتيل شعرت بالدهشة : “نفس الطبق تم تقديمه مرتين على التوالي؟”
“نعم”
“هذا غريب جداً، يبدو مريباً”
عظيم الكهنة ما زال غير مستوعب للموقف، حيث اعتاد في المعبد على تناول نفس الطعام لأسابيع متتالية، فلم يفهم لماذا وجدت لاتيل ورانامون الأمر غريباً.
بينما كان الاثنان يتفاهمان، قرر عظيم الكهنة البقاء صامتًا.
اقترحت لاتيل : “هل ينبغي أن نجمع جميع العاملين في القصر ونطلب منهم الاعتراف بمن قدم لك الحساء الممزوج بالدواء؟”
لكن اقتراح لاتيل لم يراعِ كرامة رانامون، مما جعل عظيم الكهنة يتدخل بسرعة : “لكن هذا سيؤثر على كرامة رانامون، كيف يمكن أن نفعل ذلك، جلالتكِ؟”
“الكرامة تخص من وضع الدواء، وليس رانامون، لماذا سيهتم رانامون بهذا؟”
سألها عظيم الكهنة : “وماذا ستقولين للخدم؟”
أجابت لاتيل قائلة : “من الذي تجرأ ووضع دواء عقم في طعام رانامون؟!”
تسبب كلام لاتيل في شحوب وجه رانامون، الذي سارع بدوره لدعم رأي عظيم الكهنة قائلاً : “أنا أوافق رأي عظيم الكهنة، دعونا نتصرف بسرية”
رغم أن لاتيل كانت مقتنعة بأن جمع الناس سيجعل أحدهم يعترف، إلا أن معارضة رانامون جعلتها توافق على البحث في الأمر بهدوء.
“حسنًا، دعونا نبحث عن الجاني بهدوء، أول خطوة… يجب أن نذهب إلى رئيس الطهاة.”
***
عندما وصلت لاتيل إلى المطبخ لمقابلة رئيس الطهاة، اكتشفت معلومة مذهلة.
قال رئيس الطهاة : “لقد أعددنا حساء البازلاء الخضراء”
“حقاً؟”
أجاب رئيس الطهاة : “نعم، جلالتكِ”
لم يكن من المفترض أن يحصل رانامون على حساء الفطر في الأصل، فاستنتجت لاتيل أن الجاني ربما قام بتبديل الحساء في منتصف الطريق وأضاف السم إليه.
ابتسمت لاتيل وقالت : “إذن علينا استجواب من قام بنقل الحساء”
سارت الأمور بسلاسة بعد ذلك، وتمكنت لاتيل من اكتشاف أن الحساء الذي كان مخصصاً لغرفة رانامون كان حساء البازلاء الخضراء، بينما كان حساء الفطر مخصصاً لغرفة كلاين.
أوضح الخدم أنهم قاموا بتبديل الحساء لأن رانامون لا يحب البازلاء، وكون الخدم يملكون حرية التصرف في تغيير الطعام بناءً على تفضيلات أسيادهم كان أمراً شائعاً.
فكرت لاتيل : ‘إذن كان الجاني يستهدف كلاين في الأصل؟’
بما أن الخدم الذين قاموا بتبديل الحساء هم خدم رانامون، فلا يمكن أن يكون كلاين هو من دبّر الأمر، لم يكن بإمكانه التنبؤ بأن الحساء سيُبدّل.
“إذاً، من قام بذلك كان يستهدف كلاين بالأساس، لكن من قد يفعل ذلك؟، الشخص الذي يتشاجر مع كلاين أكثر من غيره هو… جيستا”