رجال الحريم - 53
“هل تقول إنك تشعر بهالة شريرة تنبعث من رانامون؟”
لو كان الشخص الذي أشار إليه عظيم الكهنة هو تيسير أو كلاين، لما كانت لاتيل ستتفاجأ إلى هذا الحد، لكن رانامون؟!
رانامون هو الابن الأكبر لعائلة دوقية أتراكسيل، وضعه الاجتماعي واضح، ومسيرة حياته كانت شفافة، صحيح أنه لم يكن يشارك كثيرًا في المجتمع الأرستقراطي، لكن العديد من الناس الذين يترددون على الدوقية شهدوا نموه بشكل متقطع.
لكن هالة شريرة؟، لو كان هناك شخص يكره مثل هذه الأمور، لكان هو أكثرهم، ولا يبدو أبدًا أنه شخص يمكن أن ينحرف!.
“هل أنت متأكد؟”
سألت لاتيل بدهشة، بصوت منخفض، فرد عظيم الكهنة بنفي وهو يهز رأسه.
“لا، الهالة نقية ونظيفة، لكن تلك النظرة… تشعرني وكأنها ستجمدني حتى الموت”
“……”
في تلك اللحظة، كادت لاتيل أن تضرب عظيم الكهنة.
“إنه ينظر إليّ، انا التي هي زوجته والإمبراطورة، بنفس الطريقة”
“حقًا؟”
“وأيضًا، لا تجعلني ألتبس، لقد أخفتني”
“يبدو أن جلالتكِ تثقين كثيرًا بذلك الشاب”
“لأنه صاحب وضع لا يمكن إلا أن يُوثق به”
عند رد لاتيل الحازم، ظهرت على وجه عظيم الكهنة ملامح يبدو أنها تشير إلى اهتمامه.
“الناس قد يطمعون في ما لا يملكون، ولكنهم أيضًا يطمعون في المزيد مما يملكون بالفعل”
كانت تلك العبارة تحمل نغمة غريبة، وحينما كانت لاتيل توشك أن تسأله عن مقصده.
لاحظ رانامون، الذي كان قد رآها من بعيد بسبب الفوضى التي أثارتها، اقترابها وحيّاها.
“هل جئتِ، جلالتكِ؟”
ثم نظر رانامون أيضًا إلى عظيم الكهنة، لكنه لم يتظاهر بمعرفته، ومع ذلك، إذا كان شخص آخر في مثل هذا الموقف، لكان سيتجاهل الأمر ببساطة.
“وجهك الجميل تضيئه أشعة الشمس، فيبدو مشرقًا جدًا، رانامون، أدعو أن يبارك الرب يومك اليوم”
بالرغم من أن عظيم الكهنة كان يغرق في الدنيوية، إلا أنه كان لا يزال كاهنًا، حيث ابتسم بلطف لرانامون الذي تجاهله تمامًا.
“……”
رانامون نظر إلى عظيم الكهنة نظرة من الأعلى إلى الأسفل، ثم بدلاً من الرد، استدار ومضى في اتجاه آخر.
حتى بعد أن تجاهله مرتين، اكتفى عظيم الكهنة بالابتسام بخجل وقال “شخص صعب المراس، أليس كذلك؟”، بينما انتقدته لاتيل فور ابتعاد رانامون.
“ألا يمكنك من فضلك أن تتوقف عن التصرف كما لو أنك كاهن؟”
“كيف يعني أن أتصرف ككاهن؟”
“عندما يتجاهلك شخص ما، لا تبتسم وتبدأ في الحديث عن الرب والبركات”
قالت لاتيل بحزم، وهي تعقد ذراعيها، فغرق عظيم الكهنة في التفكير بملامح متسائلة.
تنهدت لاتيل وأمسكت بمقبض الكرسي المتحرك مرة أخرى.
“سوف نتحرك”
في تلك اللحظة، بدا أن رانامون الذي كان يبتعد عاد باتجاههم مجددًا.
لم يرغب رانامون في مواجهة جايسين لفترة طويلة، لذلك قرر المغادرة، لكن بينما كان يمشي بمفرده، تساءل فجأة : “لماذا أهرب؟” شعر بانزعاج نابع من شعوره بالرفض، فعاد من جديد.
بالإضافة إلى ذلك، بينما كان يسير، لاحظ أن لاتيل وجايسين يبدوان على علاقة جيدة للغاية، مما زاد من شعوره بالانزعاج، وعندما رأى جايسين، الذي كان يتذرع بأنه مصاب، يتنزه مع لاتيل وكأن لا شيء قد حدث له، بدأ يشك.
“هل انت مريض حقًا؟”
وأخيراً، عندما اقترب رانامون، وجه سؤاله مباشرة إلى عظيم الكهنة.
‘هل عدتِ لتبدأ مشادة أخرى؟…’
تنهدت لاتيل بتعب من جفاء رانامون الواضح، وكانت تنوي التدخل قبل أن يتفوه عظيم الكهنة بشيء آخر.
لكن قبل أن تفتح لاتيل فمها، انفجر جايسين فجأة بالضحك، بعدما سمع من لاتيل ألا يظهر ككاهن.
صُدمت لاتيل من الصوت العالي غير المتوقع ونظرت إلى جايسين، رانامون، بدوره، عبس وجهه بعد أن رأى الشخص الذي سأله ببرود ما إذا كان يتظاهر بالمرض يبدأ بالضحك فجأة.
وبغض النظر عن ذلك، كي لا يظهر ككاهن، رد جايسين بعبارة ساخرة كما لو كان أحد رجال الإمبراطورة يتشاجر مع الاخر، وهو أمر كان يسمعه من زبائن الملهي الذين كانوا يسخرون منه:
“جلالة الإمبراطورة ملكي، لا تقترب لمسافة 3 أمتار، إذا حاولت الاقتراب منها، سأقضي عليك”
كانت لاتيل على وشك أن تقول: “إنه مريض حقًا، رانامون” لكنها توقفت فجأة ونظرت إلى جايسين بدهشة، ماذا؟
“أنا رمز الغيرة والتملك، لا تحاول إغواء جلالة الإمبراطورة بوجهك الجميل، جلالتها لا تهتم بعضلاتك الصغيرة!”
‘بالرغم من أنني طلبت منه ألا يتحدث ككاهن، لكنه تجاوز الحد هذه المرة!’
غطت لاتيل فم جايسين، لكن رانامون بدا بالفعل غاضبًا للغاية.
“لا بأس، جلالتكِ، أود أن أسمع ما سيقوله فتي الملهي هذا”
وعندما أنزلت لاتيل يدها مع تنهيدة، تقدم رانامون خطوة للأمام ونظر ببرود إلى جايسين بسخرية.
“قبل قليل، كنت تتمنى لي بركات الرب، لكن لم يمضِ عشر دقائق حتى تغير كلامك، جايسين”
“بركة الرب تأتي فقط عندما تكون بجانبه… سأسهّل لك الوصول إلى عند الرب”
عندما همّ عظيم الكهنة بالوقوف ببطء من كرسيه المتحرك وهو يهمس بهدوء، انقضت لاتيل على كتفه ودفعته للأسفل بقوة.
“اجلس!”
“آه.”
تذكر عظيم الكهنة بسرعة أنه كان يمثل دور المريض، فعاد إلى الجلوس على الفور، لكن رانامون كان ينظر إليه بالفعل كما لو كان يرى شيئًا تافهًا للغاية.
“يبدو أن جلالتكِ تحب المظهر الأبله”
عندما تمتم رانامون بتلك الكلمات، ابتسمت لاتيل وربتت على ظهره محاولة تهدئته.
“وأحب الرجال الذين لا يستطيعون شرب الخمر”
في اللحظة التي بدأت تعابير رانامون تتحسن قليلاً، تدخل عظيم الكهنة بغير وعي مرة أخرى وهو يضحك.
“ذلك يناسبني تمامًا، جلالتكِ”
‘ابقَ هادئًا يا هذا!، أنت لست حتى محظيًا حقيقيًا!’
نظرت لاتيل إليه بدهشة، لكن عظيم الكهنة صاح بسعادة وجهه مفعم بالبهجة.
“يبدو أنني نوع جلالتكِ المفضل”
اختفت آخر ذرة من الدفء من وجه رانامون. بدا أن مجرد اعتباره جايسين كمنافس له كان أمرًا سخيفًا بالنسبة له.
ثم نظر رانامون إلى لاتيل بنظرة وكأنها تقول: “كيف يمكن أن يكون هذا النوع من الرجال هو ذوقكِ؟”.
في النهاية، يبدو أن رانامون لم يعد يريد التحدث أكثر، فودع لاتيل فقط قبل أن يغادر، بينما حاول عظيم الكهنة تهدئة لاتيل بابتسامة.
“لا أشعر بأي طاقة شريرة تصدر عنه، جلالتكِ”
لم ترد لاتيل على ذلك، بل انتظرت حتى ابتعد رانامون تمامًا، وتأكدت من عدم وجود أحد بالجوار، ثم خفضت صوتها لتوبخ عظيم الكهنة.
“قلت لك ألا تتحدث مثل الكاهن، فتتحدث كما لو كنت زعيم عصابة في أحد الأحياء الخلفية!”
“كنت أعبر عن رغبتي في احتكار حب جلالتكِ، جلالتكِ”
“لا تفعل ذلك، الناس ينظرون إليك بطريقة غريبة!”
“أنا بخير بذلك”
“أنا لست بخير!، الشخص الذي يجب أن يتظاهر بأنه وقع في حبك، أنا، لست بخير بذلك!”
***
بينما كانت لاتيل توبخ عظيم الكهنة بسبب رغبته المزعجة في احتكار حبها، كانت آيني، إمبراطورة كاريسين، تستمع لخبر صادم.
“ريدلر انتحرت؟”
ريدلر، صديقتها وأثمن خادمة لها، كانت قد غادرت القصر قائلة إنها ترغب في الراحة في المنزل، ثم جاء خبر انتحارها.
رغم أن الجنازة كانت مقررة بعد بضعة أيام، كان هناك فترة مدتها ثلاثة أيام يُسمح خلالها بوضع الزهور حول التابوت الذي وُضِع فيه الجثمان.
“أريد أن أقدم هدية أخيرة لريدلر”
شعرت آيني بالحزن الشديد وأيضًا بخيبة الأمل، فلم تكن ترغب في حضور الجنازة، لكنها قررت أن تودع صديقتها في رحلتها الأخيرة، ذهبت إلى التابوت الذي يرقد فيه جثمان ريدلر لتقديم مرآتها الخاصة التي كانت ريدلر تحبها دائمًا كهدية.
حول التابوت كانت هناك العديد من الزهور التي وضعها الناس.
“ريدلر…”
نظرت آيني إلى المشهد بعينين حزينتين، ثم طلبت من الحارس، الذي كان يقف بجانب التابوت وعيناه متورمتان من البكاء.
“افتح التابوت، أريد أن أضع هذه الهدية لريدلر.”
المرآة التي أحضرتها آيني كانت مرصعة بأحجار كريمة باهظة الثمن، مما جعلها قطعة قيمة للغاية.
“نعم، جلالة الإمبراطورة”
أومأ الحارس برأسه وأزال الزهور من فوق الغطاء وفتح التابوت، ولكن بمجرد أن فُتح، أطلقت آيني والحارس صرخة صغيرة.
“ريدلر!”
“الآنسة!”
كان التابوت فارغًا.
بعد ذلك، سادت الفوضى بين الناس، حيث زعموا أن شخصًا ما سرق الجثة، لكن القاعة الباردة التي وُضع فيها التابوت كانت محاطة بالعديد من الجنود، ولم يكن هناك أي فرصة أو وقت كافٍ لسرقة جثة شخص بالغ.
“جلالة الإمبراطورة، هل أنتِ بخير؟”
بعد بضع ساعات، عندما عادت آيني إلى غرفتها وهي في حالة صدمة، أسرعت خادمة أخرى إلى إحضار شاي دافئ وهي تبكي.
احتضنت آيني الوسادة وشربت الشاي بينما كانت تهز رأسها.
“لا، لا أعرف”
عودة هيوم المفاجئة، وانتحار ريدلر، واختفاء الجثة، كانت جميعها أمورًا صعبة ومزعجة.
كانت آيني ترتجف وتمسك بالمرآة التي كانت تنوي إعطاءها لريدلر بقوة.
في تلك اللحظة، بدأت الخادمة التي أحضرت الشاي في التردد قبل أن تتحدث بحذر.
“أم… جلالة الإمبراطورة، في الواقع، هناك شيء لم أكن أود قوله خشية أن تشعري بالذنب.”
كانت آيني تحدق بلا وعي في الأريكة التي كانت ريدلر تجلس عليها كثيرًا، ثم أدارت عينيها بسرعة وسألت.
“شيء لم تقوليه لي؟، ما هو؟، تحدثي بسرعة!”
“الآنسة ريدلر… قالت إنها قلقة أن تكون جلالتكِ متعبة للغاية في الآونة الأخيرة، وأن البقاء بعيدًا لبضعة أيام قد يزيد من قلقكِ، لذا خططت لرؤية والديها فقط ثم العودة فورًا”
“ماذا؟، لماذا لم تقولي لي هذا من قبل؟!”
“كنت أخشى أن يكون قد وقع حادث لها في الطريق، وقد يجرح ذلك مشاعركِ…”
عندما تلاشت كلمات الخادمة، بدأت آيني تبكي أكثر.
بعد سماع صوت هيوم، كانت ريدلر تمسك بيد آيني بإحكام حتى تنام، كان من الممكن تمامًا أن تكون ريدلر قد قلقت بتلك الطريقة.
جلست آيني على الأريكة بذهول، كان الأمر غير متوقع للغاية.
“لماذا فجأة؟، كانت تبدو بخير، ولم يكن هناك أي مشاكل؟”
“هناك أشخاص يعيشون ببهجة دون أن يعبروا عن همومهم”
كان الآخرون مصدومين مثل آيني، ولكن إجراءات الجنازة تمت بسرعة، وبحلول اليوم التالي، كانت الجنازة تُجرى بالفعل.
“إذاً، لا يمكن أن تكون انتحاراً بأي حال من الأحوال؟”
“ولكن هناك الكثير من الشهود”
عضّت آيني على شفتيها، كانت خادمتها محقة.
كان الانتحار مفاجئًا للغاية، وبما أنه لم يكن هناك رسالة وداع، فقد تم اعتباره انتحارًا فقط لأن هناك العديد من الشهود الذين رأوا ريدلر وهي تنتحر.
لكن شخص ينوي الانتحار الن يترك رسالة؟
“جلالة الإمبراطورة، إلى أين تذهبين؟”
“إلى والديها، الماركيز والماركيزة!”
لم تستطع آيني التخلص من شكوكها، فغادرت القصر فورًا واستقلت العربة متجهة إلى منزل ريدلر في أطراف العاصمة، كان يجب عليها أن تحل هذا اللغز إذا كان هناك شيء غريب.
لكن لم يكن هناك أحد في المنزل لأن والديها كانا في القصر بعد اختفاء جثة ابنتهما.
الخدم والخادمات في المنزل كانوا في حالة فوضى، وعندما ظهرت الإمبراطورة بشكل غير متوقع، زاد ذلك من ارتباكهم وحيرتهم.
وفي النهاية، لم تحصل آيني على شيء فعلي من زيارتها وعادت إلى العربة، ولكن قبل أن تتحرك العربة،
“جلالة الإمبراطورة…”
ركضت إحدى الخادمات نحوها بسرعة وهي تحمل ظرفًا صغيرًا عبر نافذة العربة.
“ما هذا؟”
سألت آيني بضعف، فأجابت الخادمة وهي تفتح الظرف وتخرج تعويذة صغيرة.
“لدى والدة الآنسة أحد الأقارب الذي يعمل ككبير كهنة، وقد تلقى تعويذة من عظيم الكهنة في السابق”
“وماذا عن ذلك؟”
“كانت الآنسة قد وضعتها في درج غرفتها، وعندما زارت المنزل مؤخرًا، قالت إنها ستعطيها لجلالتكِ، وبدأت تختار ميدالية مناسبة لتعليق التعويذة عليها”
هل هذا هو سبب عودتها المفاجئة للمنزل؟، إذاً، لا يبدو أنها انتحرت، أليس كذلك؟، نظرت آيني إلى الميدالية بحزن.
مدت يدها لتستلمها، لكنها غيّرت رأيها في اللحظة الأخيرة وهزت رأسها.
“أعطيها للماركيزة، هي تعاني أكثر مني”
***
أثارت وفاة خادمة الإمبراطورة المقربة المفاجئة واختفاء جثتها فوضى كبيرة في كاريسين، لكن الوضع في تاريوم كان هادئًا نسبيًا منذ إصابة عظيم الكهنة.
ظل عظيم الكهنة يبحث بلا كلل عن الشخص الذي دفعه، لكن الجاني اختفى تمامًا ولم يُعثر عليه.
اعتقد الآخرون أن عظيم الكهنة انزلق عن طريق الخطأ، لذلك لم يأخذوا سقوطه من السلم على محمل الجد منذ البداية.
وبفضل ذلك، استمرت فترة من السلام الهش والهادئ، حتى اندلع حادث صغير في تاريوم.
“جماعة النبيذ الأبيض؟، يريدون مقابلتي؟”
وصل خبر رسمي إلى لاتيل من جماعة النبيذ الأبيض.
كان ذلك اليوم هو اليوم الذي استقبلت فيه عظيم الكهنة كأحد المحظيين، وقد سمعت عن جماعة النبيذ الأبيض من خلاله، لذلك شعرت بالدهشة وسألت السكرتير الذي جاء بالخبر.
“لماذا يريدون مقابلتي؟”
“لست أدري يا جلالة الإمبراطورة، لكنهم يطلبون مقابلتكِ لأمر بالغ الأهمية”
‘هل الأمر يتعلق بالسحر الأسود؟، أم بمقتل الكاهن هيترا؟’
رغم أنها شعرت بالريبة، لم يكن هناك سبب وجيه للرفض، لذا قبلت لاتيل طلبهم وذهبت لمقابلتهم وحدها.
هناك، كان الفرسان يرتدون أردية بيضاء موحدة مع زي أبيض، وكانوا مصطفين في تشكيل منظم، بينما وقف بعض المسؤولين والنبلاء حولهم لمشاهدتهم.
“حسنًا، ما الذي جاء بكم إلى هنا لرؤيتي؟”
بينما كانت تفكر في الأسباب المحتملة لزيارتهم، سألت لاتيل بلا مبالاة وهي تمشي نحو العرش.
لكن الجواب الذي جاءها كان مذهلاً أكثر مما توقعت، الفرسان الذين يرتدون الزي الأبيض ركعوا على ركبة واحدة في وقت واحد.
كانت حركاتهم منظمة بشكل ملفت، كما لو كانوا يتدربون على ذلك منذ سنوات، مما جعل المسؤولين المحيطين يتساءلون عن السبب، وأحدهم يقول للآخر: “لا أعرف”.
حتى لاتيل كانت متفاجئة وسألت مرة أخرى بفضول.
“تحدثوا!”
ثم تقدم أحد الفرسان من الصف الأمامي وصرخ بصوت عالٍ.
“جلالة الإمبراطورة، نطلب منكِ السماح لنا بحماية عظيم الكهنة!”
ثم كرر الفرسان الآخرون نفس الجملة في صوت واحد.
“أرجوكِ اسمحي لنا!”
ابتسمت لاتيل بلا معنى، ولكن فجأة أصبح وجهها جادًا، عظيم الكهنة؟، جايسين؟، هل يعرفون أن عظيم الكهنة هنا؟، هل جاءوا بسبب مقتل الكاهن هيترا أو السحر الأسود؟
“عظيم الكهنة؟”
سألت لاتيل متظاهرة بعدم المعرفة، فأجاب الفارس الذي تقدم واقفًا.
“نحن نعلم أن عظيم الكهنة قد وقع في حبكِ، وهذا شيء لا يمكننا منعه، لكن لا ينبغي أن يتعرض للأذى بسبب مؤامرات المحظيين، لذا نطلب منكم السماح لنا بحمايته”
“!”
كانت لاتيل مندهشة، وكذلك المسؤولون المحيطون الذين بدأوا يتحدثون بصوت منخفض.
“هل عظيم الكهنة يحب جلالة الإمبراطورة؟”
“يبدو أن الإمبراطورة تفكر في جعله أحد المحظيين”
“هل هذا ممكن حقًا؟”
وفي أذهانهم بدأت صورة تتضح.
هل تخطط جلالة الإمبراطورة لإخضاع الكنيسة لسلطتها؟’