رجال الحريم - 5
كيف ينبغي عليها الرد على شخص يحاول قول مرحبا، بينما كانت قد ثملت معه.
“توقفي عن تجنب النظر الي ودعينا نلقي التحية”
في اللحظة التي اقترب بها الرجل، الذي تظاهر بمعرفة لاتيل، سقط قلبها.
“من انت؟”
قائد الحرس وقف وحاول منعه ولكن هو لم يكن في مكانة تسمح له بذلك.
“كلاين ابينسير، امير كاريسين”
لاتيل عبست وسرعان ما استعادت رشدها وصرخت في داخلها.
لقد ثملث مع شقيق هيسينت؟هذا جنون!
لاتيل لم تسمع من قبل عن وجود اخوة غير اشقاء لهيسينت فهو كان الابن الاكبر والى ان يتزوج وينجب وريثا فأن ابناء الامبراطور السابق سيظل يطلق عليهم لقب الامير والاميرة ولابد ان هذا الامير هو شقيق هيسينت الاصغر.
‘هذا يقودني الى الجنون’
لاجل ان تجعل هيسينت يندم لانه تخلى عنها، لم يكفي ان تتجول في الارجاء فقط بل وايضا ثملث مع اخيه الاصغر!.
‘انتِ مجنونة لاتيل! مجنونة حقا’
وبينما كانت لاتيل تلوم نفسها، كلاين كان قد اقترب منها بالفعل.
‘ولكن لا توجد بيدي حيلة’
لاتيل قررت ان تكون جريئة وتقدم نفسها علي اي حال هي كانت مخمورة والعديد من ذكرياتها قد تبخرت وحتى لو ثملا معا، وكانت تتذكر الامر فانا سأقول “الم يكن الأمر مجرد عناق ومغازلة؟” لا…انا سأتظاهر باني لا اعرفه نعم، انا لا اعلم اي شيئ.
بعد ان زادت لاتيل من سماكة وجهها هي حزمت قرارها واستدارت بأبتسامة.
“ادعى لاتراسيل فلارتين، اميرة تاريوم وقائدة الوفد”
لاتيل التي عرضت يدها لتصافحه من قبيل العادة تابعت الابتسام بادب حتى بعد تحيته.
“كلاين”
هو نظر اليها بتعابير غامضة وقد كان الامر واضحا ولكن لاتيل تظاهرت بالهدوء وتحدثت بكلمات عشوائية.
“كاريسين بلد جميل”
“بلى، انه بلد دافئ بدرجة كافية بحيث لا تتجمد حتى لو نمت في الخارج”
زوايا شفاه كلاين ارتفعت قليلا بينما قائد الحرس كشف بشكل صارخ عن تعابير مستاءة للغاية سواء كانت تلك الكلمات فظة ام لا وبالتالي وخزته لاتيل بأصبعها وضحكت بحرج واستدارت.
“حسنا، لايزال من الصعب النوم خارجا في الليل بما ان درجات الحرارة تنخفض ومن المتحمل ان تصاب بنزلة برد اليس كذلك؟”
“اتعتقدين ذلك؟ انتِ تبدين بخير بالرغم من ذلك”
“….بالطبع، اه…ماهي اشهر الاطعمة في كاريسين؟”
“الكحول”
“………….”
لاتيل ضحكت واومأت بصمت ولكن في داخلها هي كانت تصرخ.
‘هذا الرجل بالتأكيد يتذكر اني المراة التي شربت ومعه تورطت معه بذلك الحادث’
فبخلاف ذلك لم تكن هناك طريقة ليجلب فيها موضوع الكحول والنوم في الخارج؛ في النهاية لاتيل ضحكت بصورة مبالغ بها، وقالت:
“انت جيد بالقاء النكات”
“ايتها الاميرة، مالخطب؟”
قائد الحرس ايها الوغد الابله، لاتيل ابتسمت بهدوء ولطافة في وجهه ثم تحدثت الى كلاين.
“اعتقد ان اخيك سياتي قريبا لذلك من الافضل ان تجلس وتنتظره”
لحسن الحظ، حالما انتهت من الحديث اندفع صوت الابواق، ليشير الى ان الزفاف قد بدأ.
“حسنا، اراكِ لاحقا لذلك انتظريني”
كلاين تحدث بصورة صارمة لـ لاتيل وعاد الى مكانه وحينما ابتعد، قائد الحرس سأل مرة اخرى.
“اميرتي، هل تحبين ذلك الامير؟، لماذا فجأة بدأتي بأستخدام نبرة غريبة؟”
“بما انه لديك افكار مثل هذه، الا تعتقد انه من الافضل ان تبقي فمك مغلقا!”
تنهد قائد الحرس بارتياح حينما رأى استجابتها الطبيعية بينما لاتيل هزت رأسها بانين.
“ماهي نظرتك المعتادة عني؟”
“انتِ لا تخفين شخصيتك المعتادة فقط لوجود رجل تحبينه لان الامر سيكون صادما عندما يعلم الحقيقة بالاضافة الى ذلك انتِ اكثر جاذبية عندما تكونين خشنه”
“اعتقد ان المضايقة تكون ممتعة حينما يكون الامر قاسيا”
“وهذا صحيح ايضا”
قائد الحرس كان صديقا للامير ريان قبل ان يستلم منصبه لذلك مقارنة بعمر الفرسان المتوسط، فهو كان صغيرا جدا ومهاراته في المبارزة وقيادته كانتا جيدتين وبالتالي الجدل حول عمره خمد في نصف عام، ولكن بالنسبة الى لاتيل فهو كان مجرد صديق اخيها الخبيث.
‘انا لا افهم حقا لماذا الانسات مولعات به’.
لاتيل تذمرت في داخلها ونظرت الي قائد الحرس سيرنوت الذي كان يبتسم ابتسامة واسعة.
‘بالطبع هو وسيم من الناحية الموضوعية’
ومع ذلك شخصيته المتكبرة تجعله غير جذاب
“بالمناسبة يا اميرة، هل يعجبك هذا الامير؟”
“مستحيل”
“هذا جيد لاني فكرت بانه لا يناسبك”
“لما لا؟ هو وسيم واذا وقف بجانبي الا تعتقد اننا سنبدو متكاملين مثل اللوحة؟”
“انا يمكنني الشعور بالامر وذلك الرجل صاحب شخصية قذرة حيث يمكنني القول انه ليس من النوع الذي تتعايشين معه من النظرة الاولى”
“اذن اي نوع من الشخصيات مناسب لي؟”
في الوقت الملائم، بدأت الموسيقى مرة اخرى تندفع بصوت صاخب والالعاب النارية تحلق في جميع الاتجاهات وعندما انفجرت، اضاءت الالوان الملونة السماء ومن ثم تساقطت قصاصات فضيه في كل الاتجاهات ووسط الهتاف ظهر هيسينت بملابس بيضاء ويرتدي عباءة حمراء اطول منه بثلاث مرات.
“انت لا تتكلم عن شخصيته اليس كذلك؟”
لاتيل تمتمت بينما كانت تنظر الي هيسينت بتعابير مشفقة
“بالطبع لا”
“ماذا؟”
“ماذا عني؟”
لاتيل التي كانت تنظر الى هيسينت بتعابير يرثى لها، القت نظرة جانبيه متقززة نحو الكلام الغير متوقع الذي صدر من الاخر بينما قائد الحرس سونوت كان يبتسم بمرح ويتكأ على الكرسي.
“يالها من مزحة سيئة”
لاتيل قاطعته واستدارت وسواء كان الامر متعمدا ام لا فهي لاحظت كما لو ان الامبراطور هيسينت يوجه انظاره نحوها في تلك الحظة، لاتيل كانت لديها رغبة ملحة في رفع اصبعها الاوسط له ولكنها انتبهت الى الحشد وقمعت هذه الرغبة، وقررت ان تركز على المكان الذي ستدخل العروس منه.
بعد لحظات بدأت موسيقى القيثارة الساحرة بالتدفق والارضية امتلات بالدخان الكثيف مثل السحب وبينما كان الجميع يهتفون بأعجاب، العروس آيني اخيرا ظهرت محاطة بالزهور والجواهر حيث بدت جميلة للغاية بفستانها الابيض.
الجميع حبسوا انفاسهم في دهشة بينما لاتيل كافحت لتجاهل الم قلبها المحطم واجبرت نفسها ع الابتسام والتصفيق.
لم يكن هناك شيئ اسوء من رؤية الرجل الذي احببته ذات مرة يتزوج من امراة اخرى، بعد ان نبس الاثنان بعهود الزواج ووضعا الخاتم وقبلا شفتي بعضهما، لاتيل اجتاحتها جميع انواع المشاعر غير السارة حيث شعرت بالالم والبؤس والغضب والاهتياج حيث ارادت ان تغمض عينيها وتتظاهر بالجنون بينما يدها ارتجفت.
“اذا لم تستطيعي تحمل هذا القدر فسوف سيلحق بكِ العار لمئة عام”
“اعلم”
“تعابير مخيفة تعتلي وجهك يا اميرة”
“ليس هناك داع للضحك، سير سونوت”
بمجرد انتهاء حفل الزفاف لاتيل عادت الى غرفتها دون ان تنظر الى الوراء ونظرا لانه حفل زفاف ملكي فلا تزال هناك العديد من المناسبات المتبقية بعد الحفل ولكن هي لم تكن لديها روح لرؤية كل ذلك.
لقد اعطيته الهدية وجلست ع المقعد وصفقت له بشدة طوال الحفل
اليس هذا كافيا لحبيبي السابق؟، بمجرد انتهاء الحفل وعودتها الى غرفتها، هي نست كلمات الامير كلاين حول للقاء مرة اخرى بعد الحفل
“هل انتِ بخير؟”
قائد الفرسان سونوت الذي كان يشعر بالاسف لأجلها احضر لها دونات السكر المقرمشة حيث هزت لاتيل برأسها على الفور واكلت خمس منها على التوالي.
“انا لست بخير، انا غاضبة للغاية”
لاتيل اشارت الى جبهتها وسألت
“يمكننا العودة الان اليس كذلك؟”
“بلى، بما ان المشاركة الالزامية قد انتهت”
“اذن فالنذهب”
ع الاغلب ذلك كان طلبا غير معقولا ولكن سونوت سأل من اجل التأكد.
“نعم اميرتي، هل اخبر البقية بان نستعد من اجل الرحيل؟”
لاتيل شعرت بالاحباط بسؤاله، وفكرت في الامر مجددا.
“….لنذهب غدا”
“يمكنكِ الذهاب الان اذا اردت ذلك فبعض البلدان قد عادت حالما انتهى الحفل الرئيسي”
“هذا ينطبق ع البلدان التي لديها علاقات سيئة مع كاريسين”
“نعم ولكن نحن ايضا علاقتنا سيئة معهم وبالتالي هناك اسباب لذلك”
“لا بأس، انا لن اقوم بجر اموري الشخصية الى هذا الامر سير سونوت”
لاتيل تمتمت بلا حول ولا قوة ورمت نفسها على السرير.
“وايضا، الذهاب الان سيبدو كالهروب…في صباح الغد انا سأذهب لالقاء نظرة اخيرة ع وجه هيسينت واتحدث بشكل صحيح”
*
*
*
في صباح اليوم التالي، لاتيل اخذت حماما في بتلات الزهور ومسحوق اللؤلؤ وارتدت زيا ابيضا وبعد ان تاكدت من عدم وجود اي تجاعيد علي زيها، هي قامت بربط شعرها الاسود الطويل والقت نظرة على نفسها في المراة وسالت قائد الحرس.
“كيف ابدو؟”
“رائعه”
“ما مدى روعتي؟”
“هل يمكنني ان اكون صريحا؟”
“نعم انت يجب ان تكون صريحا”
“انت رائعه لدرجة اني اريد ان اتقدم لطلب يدك”
“هذا كافٍ”
لاتيل ابتسمت بفخر ووضعت سيفها ع خصرها
بينما كان هيسينت يدرس في تاريوم هو احب رؤية لاتيل ترتدي فساتين زرقاء حيث كانت تتلائم جيدا مع لون بشرتها العاجي فحينما ترتدي تلك الالوان هي ستبدو مثل جنية سحرية تجوب عبر الغابة
“انا اردت ان ابدو جميلة امام هيسينت، لذلك كنت ارتدي ملابس زرقاء طوال الوقت’
ولكن الان لم تعد الاميرة التي تريد ان تبدو جيدة امام هيسينت، لاتيل اخذت نفسا عميقا وخرجت من الباب
“انا سأري هيسينت باني امراة جميلة بدون وجوده، وساجعله يندم ع خسارتي الى الابد”
*
*
*
هيسينت سأل لاتيل بتعابير حزينة حينما قالت له انها ستغادر وانها لن تتمنى له العيش بشكل جيد وستقوم بشتمه ثلاث مرات في اليوم.
“هل كان عليك الذهاب الى ذلك الحد لاتيل؟”
هو لم يكن يتمتع بوجه العريس الذي تزوج بالامس، فالعيون التي كانت متألقة ولامعه في يوم من الايام كانت الان قاتمة وغارقة بالظلام
شعرت بالندم ع الفور.
قائد الحرس سونوت تمتم قليلا خلفها ولكن هيسينت كانت انظاره موجه فقط نحو لاتيل وكأن اي شخص عداها غير مرئي.
هي شعرت بالاسف على الرجل الذي احبته ذات مرة ولكن هي كان عليها قول ما يتوجب قوله.
“نعم”
“خمس سنوات، الا يمكنكِ الانتظار لخمس سنوات؟، يمكنني ترتيب كل شيئ خلال الخمس سنوات”
“لا”
“لاتيل، انتِ يجب ان تتفهمي الامر بما انكِ ايضا من عائلة مالكة فهذا الخيار كان لا مفر منه”
“اعلم وانا اتفهمك وقد اخبرتك بذلك ولكن المسامحة تختلف عن التقبل”
“لاتيل من فضلكِ”
“خمس سنوات، خمس سنوات .. فقط خمس سنوات؟، في هذه الخمس سنوات انت سيكون عليك القبول بجميع اشكال الزواجات بدءا من الانسة آيني، اليست تلك افضل طريقة لتقوية الإمبراطورية في وقت قصير؟”
“!”
“اذن خلال هذه الخمس سنوات كم مرة علي ان اراك تتزوج من نساء اخريات بينما تطلب مني انتظارك؟”
وجهه كان يفيض بالحزن، لقد بدا جميلا حتى عندما غمره اليأس.
لاتيل كانت تعاني ايضا فهو كان حبها الاول والرجل الذي اقسم ووعدها بالحب الابدي، لاتيل لم تكن تكذب حينما قالت انها تتفهمه ولكن الحب، الحب، كم عدد الاشخاص الذين سيتخلون عن كل شيئ من اجل الحب؟، هيسينت كان عليه الاختيار بين الحب والعرش وبالتالي اختار العرش بعقلانية وربما هو كان سيحافظ على وعده بما انه كان شخضا ذكيا ولديه العزم الكافي ع فعل ما يريده سأكون كاذبة لو قلت ان قلبي لم يهتز.
لقد رغبت بمداعبة شعره البني الناعم وان تطبع قبلة علي جبهته، مع ذلك لاتيل قاومت هذه الرغبة الملحة وسيطرت على نفسها.
“ضع نفسك مكاني وفكر في الامر هيسينت. هل يمكنك ان تفعل هذا الامر؟”
لاتيل تراجعت وحدقت فيه، هي شعرت بصوتها يرتجف بينما عينيها تسخن.
‘اللعنة!!’
لاتيل فتحت عينيها على مصارعيها لتمنع نفسها من البكاء.
“اذا قلت اني ساتزوج من رجل اخر واتخذ محظيين بينما اطلب منك انتظاري فهل يمكنك ان تنتظرني حقا؟”
“انا……….”
“لا انتظر، لا تجيب”
هايسنز الذي كان ع وشك قول شيئ ما نظر الى لاتيل في حيرة، وتساءل عن الامر بينما لاتيل اجبرت نفسها ع الابتسام
“انتظر انا ساطرح هذا السؤال عليك مرة اخرى في وقت لاحق ولتجبني في ذلك الحين”