رجال الحريم - 45
لم يكن هناك أي صوت قبل قليل، فلماذا فجأة بدأ كلاين يفكر بصوت عالٍ؟، نظرت لاتيل بدهشة إلى كلاين وفتح فمها من شدة المفاجأة.
رأى كلاين وجهها المندهش، فبدا مندهشًا هو الآخر، ثم سرعان ما رسم ابتسامة متعجرفة ورفع ذقنه.
“هل أسعدكِ مجيئي؟”
يبدو أنه فهم أن لاتيل تأثرت من لحاقه له، رغم أنها لم تكن متأثرة بسبب هذا، إلا أن لاتيل كانت متأثرة بوجه عام، لذا أومأت برأسها بالموافقة.
“نعم”
لم يتوقع كلاين أن توافق لاتيل بسرعة، فبدلاً من ذلك، أصابه الارتباك وتظاهر بالسعال لتغطية ذلك.
لكن ابتسامة وجهه لم تتمكن من إخفاء سعادته الواضحة، سعادة كبيرة جدًا.
“أنا سعيدة لأنكِ جئت”
أقرت لاتيل بصدق، كان الأمر كذلك حقًا، كان من المدهش أن أفكار كلاين التي لم تسمعها من قبل فجأة تظهر بوضوح، لقد كانت سعيدة جدًا.
بالطبع، رغم أنها كانت تستمع إلى أفكار كلاين، لم تفهم تمامًا كيف حدث ذلك، لكن، إذا استمرت الأمور بهذا الشكل وجمعت عدة حالات مشابهة، قد تتمكن من التخمين حول ذلك.
“هل نذهب في نزهة معًا؟”
ومع ذلك، خوفًا من أن يكون ما سمعته مجرد هلوسة وليست الحقيقة، سألت لاتيل بلطف، سرعان ما أشرق وجه كلاين وبدأ في الإيماء بسرعة.
“يدك”
[أنا لست كلبًا!]
“يدك!”
عندما بدأ كلاين يتردد بين مقاومته الداخلية لهذا التصرف كأنه كلب ويمد يده، صُدم بتصرفه التلقائي وفتح عينيه بدهشة.
تجاوزت لاتيل هذا وأمسكت بيد كلاين بإحكام.
‘هذا لطيف’
[يد جلالتها صغيرة، بدت كبيرة، ولكن عندما أمسك بها، انهت أصغر من يدي، انها خشنة قليلا… ربما بسبب الإمساك بالسيف، أريد رؤية كيف تتعامل مع السيف، هل أطلب منها اخدي معها عندما تتدرب؟، سمعت أنها تتدرب يوميًا مع فرسان الحرس، هل يمكنني الانضمام أيضًا؟، ربما بعد التدريب نخلع ملابسنا ونستعرض العضلات؟، جلالتكِ، أنتِ تحبين العضلات، لدي عضلات أيضًا، اللعنة، يجب أن تري عضلاتي، لتدرك أن عضلات ذلك الرجل مجرد تضخيم فارغ، آه، لكن يديها رائعة، قوية ولكن لينة، لكنها باردة، لا بأس، يدي دافئة، هل ستفكر أن يديي دافئة عندما تمسك بيدي؟، سيكون من الرائع جدًا، يقولون إن اليد الدافئة تعني قلبًا دافئًا، ربما تفكر في ذلك؛ آه، يديها رائعة، هل يمكنني لمسها أكثر؟، هل سأبدو كأنني رجل سهل جدًا؟، وماذا في ذلك، نحن زوجان على أي حال… اللعنة، نحن زوجان، هذا رائع!]
ومع ذلك، جعلت القنبلة الفكرية القادمة من عقل كلاين لاتيل تشعر بالخجل، فدارت وجهها إلى الجانب.
‘لا، ليس لطيفًا على الإطلاق. توقف عن الثرثرة في داخلك! إنه محرج!’
***
“كلاين…”
عندما تمتمت لاتيل فجأة وهي تتصفح الوثائق، نظر إليها رئيس الخدم الذي كان ينظم التقارير معها من الجهة المقابلة بدهشة.
“ماذا؟”
“لا، لا شيء، فقط شعرت أنه ليس جاسوس”
“ماذا؟”
بدت كلمات لاتيل غير متوقعة تمامًا بالنسبة له، وهذا أمر مفهوم.
ما كانت لاتيل تقرأه كان تقريرًا عن الصراع الذي نشب بين نبلاء المنطقة الغربية، لكن فجأة، بدأت تتحدث عن كلاين. كان الأمر غريبًا.
هزت لاتيل رأسها وأمسكت بالوثائق مجددًا، لكنها كانت تتحدث عن هذا الموضوع لفترة طويلة.
“جلالتكِ”
دخل موظف آخر إلى المكتب العام وهمس بالتقرير.
“لقد حضر الحكيم الأكبر والأمير رايان.”
“لقد جاء أخي سريعًا.”
ابتسمت لاتيل بفرح عندما سمعت عن وصول رايان، وقامت على الفور.
“ماركيز سابيل، هذا ليس أمرًا عاجلًا، لذا دعنا نناقشه لاحقًا.”
“نعم، جلالتكِ.”
رغم حدوث بعض الخلافات بين لاتيل وأخيها في يوم التنصيب، إلا أن لاتيل كانت تحب أخاها من والدتها كثيرًا.
علاوة على ذلك، عادة ما تنحل الخلافات بين الأخوة بسرعة إذا لم تكن كبيرة، كانت لاتيل متحمسة لرؤية أخيها، فتوجهت نحو الغرفة.
“لاتيل!”
كان رايان، الذي انتظر في غرفة الانتظار، يمد ذراعيه لاستقبال أخته، كما كان يفعل قبل أن تصعد لاتيل إلى العرش، عانقها بقوة.
كان من الممكن أن يتعامل معها كأخ فقط كلما أراد، كما كانت تفعل والدتها، ضحكت لاتيل وهي تلاعب شعر أخيها، ثم توجهت بعد ذلك لتحية الحكيم الأكبر.
“لقد مر وقت طويل، أيها الحكيم”
“أنتِ دائمًا في حالة جيدة”
لم يكن الحكيم على معرفة وثيقة بلاتيل. ولكن بما أن رايان، أخو لاتيل، كان تلميذًا له ومنذ أن كانت لاتيل صغيرة، فقد رأى المظاهر الأخوية بينهما بصورة إيجابية وابتسم بلطف.
تحدثت لاتيل مع أخيها والحكيم بشكل ودي، ثم قدمت لهم الطعام بشكل وفير قبل أن تبدأ في شرح القصة التي جعلتها تطلب حضورهم.
“في الواقع، أيها الحكيم، السبب في رغبتي في لقائك هو أمر خطير.”
“كنت أتوقع ذلك، ما هو الأمر؟”
“هل تعرف شيئًا عن طريقة لطرد الأرواح الشريرة؟”
توقف الحكيم الأكبر عن شرب قهوته وأوقف يده. ثم سأل لاتيل بتعبير مندهش.
“طريقة لطرد الأرواح الشريرة؟”
بدت كلمات لاتيل غير متوقعة في الوقت الحالي، وبدت على الحكيم علامات الاندهاش.
كانت الحالة غير مفهومة تمامًا، لذا بدأت لاتيل بترتيب الأمور التي حدثت، مع استثناء بعض التفاصيل السرية.
عندما انتهت لاتيل من سرد القصة، أومأ الحكبم برأسه أخيرًا، ولكن الإجابة التي حصلت عليها لم تكن مفيدة كثيرًا.
“بشكل شخصي، أنا مهتم جدًا بهذا الموضوع وأبحث عن معلومات حوله دائمًا. كنت أبحث إذا كان هذا من الأمور القديمة التي كانت موجودة بالفعل، أو إذا كانت الأساطير التي نشأت من الحروب أو الأوبئة القديمة التي تحولت إلى شكل من الأساطير.”
“وماذا اكتشفت؟”
“اكتشفت أن السحرة السود ينهضون كل 500 عام.”
حتى هيترا، ذكر دورة 500 عام، ومع ذلك، لم تتظاهر لاتيل بأنها تعرف هذا، بل أومأت برأسها كما لو كانت هذه هي المرة الأولى التي تسمع فيها عن هذا الموضوع.
استمرت كلمات الحكيم في الإضافة إلى ما قاله هيترا، ولكن كان هناك بعض التفاصيل الإضافية.
كانت الفئات الرئيسية التي تُبعث كل 500 عام تشمل الزومبي، الذين يتحولون من جثث على الأراضي الملوثة؛ وأكلي الجثث، الذين يأكلون الجثث؛ والمصاصين للدماء، الذين يمتصون دم الأحياء؛ والسحرة السود، الذين يتعاونون مع هؤلاء الكائنات ويكتسبون القوة والسلطة منهم.
الزومبي ليس لديهم عقل، ولكنهم يشكلون خطرًا بسبب أعدادهم الكبيرة وقوة عدواهم، أما أكلي الجثث والمصاصون للدماء، فعددهم أقل وأقل عدوى، ولكنهم قادرون على التظاهر بأنهم بشر.
وكانت النقطة المحورية لكل هؤلاء الكائنات هي الكائن الذي يُدعى “اللورد”.
“اللورد…”
“نعم. لا نعرف الكثير عن ماهيته، ولكن من المؤكد أن وجوده وعودته كل 500 عام مرتبطان”
عندما سمعت لاتيل كلمة “اللورد”، تذكرت وفاة المحتال الذي تظاهر بأنه قاتل الإمبراطور وقررت أن تخبر الحكيم بشيء لم تذكره سابقًا.
“بالأمس، حين تحدثت عن المحتال الذي تظاهر بأنه الإمبراطور، مات فجأة بعد أن ذكر كلمة ‘اللورد’.”
“!”
تجلى على وجهي الحكيم ورايان الدهشة الواضحة.
“هل هذا صحيح؟”
“قال إنه كان يشير إلى ‘اللورد’؟”
“نعم. وأيضًا، خلال حفل تنصيبي قبل بضعة أيام، ظهر مهاجمون، عندما استجوبناهم، قالوا إنهم جاءوا بناءً على أوامر من ‘اللورد’.”
نظر رايان إلى الحكيم وسأله بفضول.
“لكن، ‘اللورد’ مات، أليس كذلك؟، تأكدنا من أنه تم إعدامه…”
“بالضبط.”
أصبح وجه الحكيم أكثر جدية، وبدأ يدق بإصبعه على ركبتيه بشكل مستمر، كما لو كان لم يعد يتقبل الحديث باستخفاف.
“إذا كان الأمير تالا لا يزال حيًا ويعتبر ‘اللورد’ الأسطوري، فإن الأمر يتطلب في النهاية قتل الأمير تالا”
بعد فترة طويلة من الصمت، تحدث الحكيم بصعوبة، وكأنه غير متأكد من أنه يحق له قول ذلك.
من المؤكد أن موقف الحكيم كان صعبًا، فهو يتحدث عن قتل الأمير الذي كان محبوبًا من قبل الإمبراطور الراحل وكان الأخ غير الشقيق للإمبراطورة، كان من الصعب عليه القول إنه يجب قتله، حتى وإن كان ميتًا بالفعل.
“هل هناك أي طرق أخرى؟، إذا ظهر الزومبي بأعداد كبيرة قبل العثور على الأمير تالا؟”
“أعتذر، جلالتكِ.”
“هذا جنون.”
“…لا نعرف عن الزومبي، لكن يُقال إن أكلي الجثث والمصاصين للدماء لا يمكنهم الحركة تحت ضوء الشمس.”
“ضوء الشمس؟”
فكرت لاتيل في أسطورة مصاصي الدماء وأومأت برأسها، لم تكن تظن أن هذه الأساطير قد تكون حقيقية.
“نعم.”
“ماذا عن الأمور الأخرى؟”
“سأبحث عن مزيد من المعلومات.”
“….”
“وسأستخدم جميع الموارد المتاحة لي لمعرفة موقع الأمير تالا، وسأواصل إبلاغك بجميع الأخبار المتعلقة بما في ذلك أي طريقة لطرد أرواح أو نقاط ضعف محتملة”
اقترحت لاتيل على الحكيم ورايان أن يمضوا بضعة أيام في القصر الملكي للراحة، لكن كلاهما اعتذر بسبب كثرة الأعمال التي عليهم إنجازها وعادوا في نفس المساء، لاحظت لاتيل توهج عيني الحكيم، وأدركت أن الموضوع الجديد والمثير الذي ناقشوه قد حفز اهتمامه الأكاديمي بشكل كبير.
رغم الجدية التي ابداها، إلا أنه كان واضحًا أنه يعتبر الموضوع مادة بحثية جديدة، ورايان، بما أن الأمر يتعلق بشقيقته، بدا أكثر جدية في التفكير في المسألة.
مرت الأيام سريعًا، وبقيت لاتيل لا تعرف سوى أن ضوء الشمس يمكن أن يؤثر على الكائنات الشريرة التي تم ذكرها، وفي تلك الفترة، بدأ الناس يتعافون تدريجياً من صدمة دخول موزع اوراق الملهي إلى الحريم الإمبراطوري.
في تلك الأثناء، بينما كانت لاتيل تشرب الماء البارد، خطر لها فرضية غير متوقعة.
“قدراتي!”
خلال الأيام القليلة الماضية، لم تتمكن لاتيل من سماع أفكار الآخرين، حاولت بضع مرات مع كلاين، لكن هذه المرة لم تصلها أفكاره، فكرت في الأمر، ثم جاءتها فكرة جيدة فجأة.
“عندما قرأت الأفكار، كان ذلك يحدث عندما يكون الشخص مندهشًا أو ضعيفًا أو حين يصرخ في داخله بقوة، يبدو أن الأمر غريب، لكن هذا هو الحال!”
في الحالة الأولى، كان النبيل الذي رآها مشغولًا بالبحث عن المسؤولين وتفاجأ عند رؤيتها، في الحالة الثانية، كان المهاجم الذي هاجمها يصرخ في داخله “موتي!” بينما كان يهاجم، في الحالة الثالثة، بدأ السجناء في السجن بالكشف عن أفكارهم عندما كانوا منهكين تحت التعذيب، أما في الحالة الرابعة، فقد تمكنت من سماع أفكار كلاين عندما أظهر رغبته في أن يكون برفقتها.
“إذاً، من المؤكد أنني أسمع الأفكار عندما يكون عقل الشخص ضعيفًا أو قويًا جدًا”
شعرت لاتيل بالحماسة وأعطت الأوامر بسرعة.
“سير سونوت!، اجمع الآن وحدة الحراسة الأولى فورًا!، يجب أن نقوم بتمارين!”
عندما سمع السير سونوت هذا الأمر الغريب من لاتيل وهي تضحك، قال بارتباك، “نعم؟”
“عاجلًا!”
بسبب حماسة لاتيل، جمع السير سونوت وحدة الحراسة الأولى بسرعة في ساحة التدريب، كانت وحدة الحراسة قد تلقت تدريبًا شديدًا بالفعل بسبب الحادث السابق في قصر الأسد، لذا كان أفرادها مشدوهين ومتجمدين من التوتر.
“لكن هذا غير كافٍ”
لم تستطع لاتيل سماع أي أفكار حتى الآن، بينما كانت تأمل في صحة فرضيتها، أصدرت أوامرها ببرود.
“لم ينتبه أحد إلى تدمير قصر الأسد لأنكم كنتم غير يقظين بما فيه الكفاية، بما أنكم تلقيتم تدريبًا مرة، فقد تحتاجون إلى واحد آخر”
شحب وجه أفراد الوحدة عند سماع الأمر.
“50 دورة حول الساحة!”
عندما رأوا الإمبراطورة تلوح بيدها نحو الاتجاه المحدد، بدأ أفراد الحراسة في الركض حول الساحة بلا خيار.
راقبت لاتيل المشهد وهي تبتسم تدريجياً، بدءًا من الدورة الـ43، بدأت أفكار بعض الأفراد تظهر تدريجيًا، وبعد إكمال 50 دورة، أصبحت الأفكار صاخبة جدًا.
‘كما توقعت تمامًا!’
وهي تشعر بالفرح الداخلي، قامت لاتيل بتجميع وجهها ليبدو أكثر برودًا وقالت.
“في الواقع، ليس السبب في تدريبكم هو تدمير قصر الأسد.”
فاجأت كلماتها الحراس الذين بدأوا في الاعتراض في أفكارهم.
لاتيل ابتسمت ببرود وأردت أن تستفزهم قليلاً.
“السبب هو أنكم لم تنتبهوا لوجود جاسوس بينكم”
على الفور، زادت الأصوات في أفكارهم، حيث كان معظمهم يتساءلون بقلق، “من يكون؟” و”كنت ألتقي بأريانا سرا، فهل يمكن أن يظنوا أنني جاسوس بسبب ذلك؟”
بين هذه الأفكار، برزت واحدة تحديدا أثارت اهتمام لاتيل.
[إنه كذب، لم أترك أي دليل]
ابتسمت لاتيل ابتسامة خفيفة، قائلة في نفسها، “هذا هو الجاسوس”