رجال الحريم - 20
رنامون تنهد.
“كيف يمكنها أن تنام بمجرد أن تراني؟”
بدا وكأنه يشعر بالإهانة، لذا قرر كاردون أن يصمت.
‘جلالتها قد عجنت هذا الكائن المتعجرف جيدًا منذ اليوم الأول’
لكن سواء كان كاردون متضايقاً أو مستمتعاً بذلك، كان من المهم الآن إعادة رنامون إلى حالته الطبيعية.
“أوه، لابد انها كانت مشغولة بشؤون الدولة، لذا كانت مرهقة جداً، لو كانت قد ذهبت الي اي رجل اخر، لكانت قد نامت هناك أيضاً، المهم أنها ذهبت إليك أولاً.”
“……”
“بل حقيقة أنها لم تذهب إلى أي مكان آخر ونامت بجانبك هي دليل على المودة، إنها لا تراك مجرد شريك”
رنامون، الذي لم يكن يتفاعل مع كلمات كاردون، رفع فجأة عينيه الكئيبة، وعند تلاقى نظراتهما، اندهش كاردون من جمال وجهه الساحر، لكن رنامون لم يتوقف عند ذلك، اقترب بخطوات واسعة ووضع يده على الحائط بجانب كاردون، ونظر إليه بنظرة ساحرة.
“سيد… سيدي الشاب؟”
تلعثم كاردون بصوته المرتعش، عندما حدق فيه بعيون تجعل العديد من النساء معجبات به، شعر بالحرج فجأة.
“كيف أبدو؟”
سأل رنامون بصوت منخفض.
“ماذا؟”
“ما رأيك؟”
رمش كاردون بعينيه بحيرة، عاد تعبير رنامون البارد المعتاد.
“أسأل كيف أبدو من هذا الزاوية”
آه!، أدرك كاردون فجأة مقصد رنامون وبدأ في مدحه.
“أنا مرتبك، قلبي ينبض بسرعة وأشعر بالخجل، عندما أراك من هذه القرب أرى كم أنت جميل، يا سيدي، أرغب في تقبيلك الآن”
كان يحاول استعادة ثقة رنامون بنفسه التي اهتزت قليلاً بسبب جاذبيته، في ذلك الوقت.
“واو، ما هذا!”
سمع كاردون صوتاً معتجباً خافتاً، نظر خلف كتف رنامون ورأى تيسير، إحدى محظيين الإمبراطورة، ينظر إليهم مبتسماً، عندما التفت رنامون، واصل تيسير المزاح.
“حب محرم؟”
شعر كاردون بانخفاض درجة الحرارة فجأة، وبدأ بفرك ذراعه بغير سبب، على الرغم من أنه لم ير وجه رنامون، إلا أن الجو كان يبشر بمدى انزعاجه، حتى تيسير، الذي شعر بالبرودة في نظرات رنامون، جمع يديه كأنه يطلب المغفرة وهرب بسرعة، ابتعد كاردون عن رنامون بخطوات مترددة.
“ليس…. ليس خطأي، أنا لم أفعل شيئاً”
* * *
“سيدي الشاب، سيدي الشاب…!”
لاحقاً كان تيسير يضحك بخفة، لامه خادمه الذي جاء معه.
“هل هذا وقت مناسب للسخرية والاستمتاع؟”
ابتسم تيسير وهو يمشي وقد وضع يده في جيوبه.
“إنه ممتع، أليس كذلك؟ يجب أن نجد بعض المرح حتى في هذه الأماكن المملة”
“حسنًا، المشكلة في أنك لست هنا للمرح، أنت هنا لكسب رضا الإمبراطورة.”
لم يستطع الخادم فهم سبب سير تيسير بمثل هذه اللامبالاة المتعجرفة،
“ألا ترى الفرصة الكبيرة التي بين يديك؟، ألا تستطيع أن تكون أكثر جدية؟”
أطلق الخادم تنهيدة، لم تكن شركة أنجيه للتجارة قد توقعت تكوين علاقة مع القصر بهذه الطريقة (زواج)، رئيس الشركة كان لديه ثلاثة أبناء، ولكن لم يكن لديه بنات، كما كانوا واثقين من أن ريان سينجح في الوصول إلى العرش.
على العكس من رئيس شركة انجيه، كان لدى رئيس شركة أنغيل للتجارة، منافس أنجيه، ثلاث بنات، كان يعتبرهن كإمكانيات لتكون احداهن محظية لريان، لحسن الحظ بالنسبة له، لم يكن عليه أن يتعب في إقناع إحدي بناته بتولي الدور، لأن إحداهن رأت كيف كان ينظر إليها رايان في إحدى المهرجانات واعجبت به، استأجر والدها معلمين لتعليمها الأداب اللازمة، على أمل أن تصبح يومًا ما إمبراطورة.
ومع ذلك، تغيرت الأمور بشكل جذري عندما انسحب رايان من خط الخلافة، كان أكبر داعم لرايان،
شركة أنجيل للتجارة، وجدت فرصتها في تكوين علاقة مع القصر مرة اخري، بدلاً من ريان، دعموا الأمير ثالا، لكن حكمه لم يدم أكثر من نصف عام.
ومع ذلك، لم يستسلم رئيس شركة أنجيل للتجارة، سخر سيد أنجيه من سيد أنجيل، قائلاً إن أبناءه لديهم فرصة أعلى لدخول القصر، ومع ذلك، لم يلتفت أنجيل لهذه السخرية، نظرًا لأن الإمبراطورات الإناث اتخدن زوج ملكي واحد، لم يكن هناك طريقة لأبناء الفلاحيين مثل أبناء أنجيه لتكوين علاقات مع الإمبراطورة.
ومع ذلك، عندما أعلنت الإمبراطورة لاتراسيل تأسيس الحريم عقب تتويجها، انتهى الأمر بأنجيل في فراشه مريض، لم يكن أنجيه مستعدًا على الإطلاق لهذا الخبر، ودعا إلى اجتماع طارئ لتقرير أيٍ من أبنائه سيتزوج الإمبراطورة.
“يجب ألا تدع هذه الفرصة الذهبية تضيع.”
لم يستطع الخادم أن يمتنع عن إلقاء بعض الدروس على تيسير الطائش بسبب الأحداث الأخيرة، وذهب أعضاء شركة أنجيل للتجارة بعيدًا ليبصقوا على الأرض في كل مرة يرون فيها أعضاء شركة أنجيه للتجارة، كانوا على الأرجح سيقيمون سلسلة من الحفلات بمجرد أن يسمعوا بفشل تيسير في الفوز بمحبة الإمبراطورة.
ظل تيسير غير مبالي بهذه المسألة على الرغم من ذلك، حتى ابتسم في وجههم.
“كيف يمكنني أن أدع فرصة تفوتني عندما لم تصلني بعد؟، ماذا يجب أن أفعل عندما لم تزرني جلالتها بعد؟”
“حسنًا، ربما يمكنك التفكير في بذل جهد في مظهرك، مثل وضع الكريمات تحت عينيك والقيام بشيء بشأن تعبير وجهك…”
أمسك الخادم برأسه بيديه بشكل هستيري.
“هل يمكنك على الأقل محاولة معرفة كيفية الحصول على ميزة من إقامتك هنا؟”
“حسنًا، حسنًا”، رد تيسير بغير رغبة وتوجه نحو بوابة الحريم، مفاجئًا خادمه.
“رئيس، إلى أين تتوجه؟ هل تفكر في الهروب من هنا؟”
“ماذا تقصد بـ ‘الهروب؟ اعتقدت أنني يجب أن أقوم بجولة في القصر، لم يقل أحد أني ممنوع من الخروج من الحريم”
* * *
بينما كانت لاتيل تتجه إلى المكتبة، سألها كبير الخدم بحذر.
“جلالتكِ، هل سترسلين هدية إلى السيد رانامون بشكل خاص؟”
نظرت إليه لاتيل باندهاش.
“هدية؟”
لماذا فجأة هدية؟.
“نعم، من المعتاد أن تُرسل هدية إلى الحريم للمحظية التي تلقت النعمة لأول مرة”
“آه، فهمت”
أومأت لاتيل برأسها بارتباك، صحيح أنها قضت الليلة الأولى معه، لكن لم يكن الأمر كما فهم كبير الخدم، فقط نامت بحضنه فحسب لم يفعلا اي شيء أخر.
“حسنًا… نعم، أرسل له”
لكن لاتيل فكرت أنه ليس من الضروري إحراج رانامون بإبلاغ كبير الخدم بذلك، لذلك وافقت، وابتسم كبير الخدم بسرور قائلاً “نعم”، ربما لأنه ابن أحد أصدقائه، كان يبدو ان كبير الخدم يحب رانامون كثيرًا، بعد أن غادر كبير الخدم متحمسًا لتحضير هدية رائعة لرانامون، دخلت لاتيل المكتبة وهي تحك رأسها، أرادت أن تهدئ نفسها بقراءة كتاب بعد غياب طويل عن المكتبة، لكن عند دخولها المكتبة، اكتشفت شخصًا غير متوقع وضحكت.

“هل تقرأ كتابًا حتى في يوم مثل هذا؟”
ابن رئيس الوزراء الثاني، جيستا، الذي دخل الحريم، كان جالسًا على حافة النافذة المشمسة، وقد غرق في القراءة، كان دائمًا في هذا المكان، لكن لم يكن متوقعًا أن يأتي حتى اليوم، لذلك اقتربت لاتيل وهي تسخر منه، رفع جيستا عينيه الواسعتين عن الكتاب.
“جلالتكِ”
كلما رأى لاتيل، كان وجهه يحمر كالعادة، ولم يستطع حتى أن ينظر في عينيها، وكان يحرك عينيه في كل مكان بحثًا عن طريق للهرب.
“لم يعد عليك الهروب الآن”
بسبب كلمات لاتيل المرحة، احمر وجه جيستا أكثر، وكان يحتضن الكتاب وكأنه درع وينظر إلى الأرض، لم يتغير أبدًا عن الماضي.
‘مربيتي قالت انه يجب ان أعتني به جيدًا.’
تذكرت لاتيل ذلك وجلست بجانب جيستا.
“جلا، جلالتكِ!”
فوجئ جيستا ورفع رأسه لينظر إلى لاتيل، كانت عيناه البنيتان الفاتحتان ترتجفان.
“لم يعد عليك الهروب الآن، أليس كذلك؟”
في طفولتهما، كان جيستا يهرب عند رؤية لاتيل، وتم القبض عليه من قبل الحراس مرة، وعندما استُجوب عن سبب هروبه، اعترف بحبه للاتيل، وكانت تسخر منه بإعادة ذكر تلك الحادثة.
“لم أهرب…… أبداً.”
“أنت تشعر بالذنب حتى وأنت تقول ذلك، أليس كذلك؟”
“……نعم.”
عندما اعترف جيستا بلا حيلة، انفجرت لاتيل بالضحك، بالطبع، رغم أنها حادثة من الطفولة، إلا أنه لا يمكنه نسيانها، انتظرت لاتيل حتى يهدأ قليلاً، ثم سألته.
“أمس لم أذهب إليك، هل شعرت بخيبة أمل أو شيء من هذا القبيل؟”
“أنا…”
لم يستطع جيستا التحدث بشكل صحيح وأخذ ينظر هنا وهناك، احمر وجهه وعندما لم يستطع أن يقول “لم أشعر بخيبة أمل”، بدا أنه كان يشعر بخيبة أمل بالفعل، عندما رأت لاتيل هذا التعبير، أرادت أن تمازح جيستا أكثر، لكنها شعرت أنه قد يبكي، فاكتفت بملامته بخفة.
“لماذا لا تغير طبعك أبداً؟”
“هل تكرهين شخصيتي؟”
“لا، اعتقد أنك لطيف منذ طفولتنا”
“كنتِ دائماً رائعاً في نظري، جلالتكِ”
“هل لهذا السبب أحببتني؟”
“!”
كادت عيون جيستا أن تدمع حقاً عند كلام لاتيل، آه، يجب أن أتوقف، توقفت لاتيل عن اللعب مع حملها الوديع، بدلاً من ذلك، مدت يدها وأمسكت بيد جيستا، تردد جيستا، لكنه شد قبضته حول يد لاتيل.
“أنا قلقة بشأنك، جيستا”
“نعم، جلالتك”
“إذا أزعجك أحد، لا تبكي، لا، يمكنك أن تبكي، لكن أخبرني، فهمت؟”
“أزعجني؟”
“رجالي الآخرين، بصراحة، شخصياتهم تبدو سيئة”
“لا، ليس الأمر كذلك، الجميع يعاملني جيداً…”
تردد جيستا في نهاية كلامه وابتسم ابتسامة محرجة.
“في الواقع، لم أتحدث مع أحدهم بشكل صحيح بعد”
“عندما تتحدث معهم ستعرف أن لديهم شخصيات سيئة، على أي حال، إذا واجهت أي مشكلة، لا تتحمل وتكتمها بداخلك، أخبرني فوراً، فهمت؟”
“…”
“أجب”
بدلاً من الإجابة، تمتم جيستا، ثم بلطف مسح بيده إبهام يد لاتيل وتحدث بصوت خافت.
“لماذا تقولين لي هذا الكلام؟”
“ماذا؟”
“لماذا تقولين لي هذا بالذات؟”
ثم نظر إليها بعينين واسعتين، هذه المرة، لم تستطع لاتيل الرد، عندما رأت عيني جيستا، شعرت بشك عميق.
‘هل لا يزال يحبني؟، جيستا اعترف لي مرة عندما كان صغيراً جداً، ولكن مرة واحدة فقط، لذلك كنت أعتقد أن مشاعره قد تغيرت الآن، لكن عيني جيستا الآن كانت ناعمة ورطبة، مختلفة عن عيون رانامون الباردة والجافة أو عيون الأمير كلاين الجميلة ولكن المجنونة، كانت عيونه تقول بكل جسمه “هل تحبني؟، قولي نعم”، من الصعب الكذب على شخص يخرج مشاعره بصدق، مربيتي قالت لي أن أعتني به، أنا قلقة لانه خجول’
لم تستطع لاتيل أن تقول الحقيقة، لذا ابتسمت فقط واقترحت.
“إذا بقيت في الغرفة طوال الوقت، ستتضرر صحتك، ماذا عن نزهة معاً؟”
***
“همم، بالتأكيد واسع، واسع جدًا.”
تيسير كان يمشي ببطء في الممر ويده خلف ظهره وهو يعبر عن دهشته باستمرار، ومع ذلك، عيناه لم تبقيا ثابتتين بل استمرت في الحركة، الخادم كان يتبعه دون أن يتحدث عمدًا، تيسير لديه جانب غريب لكنه كان وريثًا ذكيًا جدًا، كما أنه لم يكن يتجاوز أي شيء بلا مبالاة، حتى الآن، مع أنه يقول إنه “يشاهد”، لكنه في الحقيقة يحتفظ بصور القصر بأكمله في ذهنه، ولكن بينما كانوا يمرون في الممر بالطابق الثاني من القصر المركزي، فتح باب كبير في مكان بعيد وخرجت الإمبراطورة لاتراسيل منه، رغم أن الركض لتقديم التحية لها كان أمرًا ضروريًا، بمجرد أن رأى تيسير الإمبراطورة، اختبأ خلف عمود، الخادم تبعه بشكل غريزي واحتج بصوت منخفض.
“في مثل هذه الحالة يجب أن تذهب وتحييها بشكل عفوي، لماذا تختبئ؟”
لم يكن هناك جواب، أشار تيسير بإشارة “شششش” ونظر نحو الإمبراطورة من مكانه، الخادم الذي لم يكن لديه خيار اخر، أدار رأسه نحو الإمبراطورة مرة أخرى وهو يتذمر بصمت، ثم فجأة فتح فمه في دهشة، كان هناك شخص غير متوقع خلف الإمبراطورة، إحد المحظيين، كان ابن رئيس الوزراء، أثناء العشاء بعد مراسم القسم أمس، لم ينطق بكلمة ووضع رأسه على الطاولة، إذا كان تيسير الشجاع يبدو مثل كلب الدوبيرمان، فإن ذلك المحظي بشعره ولون عينيه كان يشبه إلى حد ما جرو جولدن ريتريفر الحزين، كان هادئ وخجول ويبدو ضعيفًا، لذا اعتبره المحظي الاسهل، لكن المفاجأة أنه كان يتمشي يدًا بيد مع الإمبراطورة، الخلدم رمش بعينيه ثم رفع يده ليفرك عينيه، بالتأكيد كان يشبه جولدن ريتريفر، ولكن للحظة بدا وكأن هناك ذيل قطة خبيثة يظهر خلفه.