The lady's secretary - 3
“لا داعي لتلك النظرة. ليس الأمر أنك ستُطرد، بل سنوظف شخصًا إضافيًا.”
“آه، نعم.”
ابتسم نويل ابتسامة خجولة. شعر بالإحراج لأن مشاعره الداخلية قد كُشفت.
“من تفكرون في توظيفه؟”
“هذه المرة لن أختار أنا، بل ستختار إيرينا بنفسها.”
“فهمت. سأحرص على أن يكون كل شيء جاهزًا.”
“عندما يأتي الشخص الجديد، ستصبح أنت السكرتير الأول،
نويل. سيتم الإعلان عن ذلك في جميع أنحاء شبه جزيرة سيرنيلا صباح اليوم.”
“في جميع أنحاء شبه الجزيرة؟”
“لقد أعددت كل شيء بالفعل.”
بدا أن أنطونيو قد أعد لهذا الأمر لفترة أطول مما توقع نويل.
“على أي حال، إذا بدأنا من اليوم، يمكننا إنهاء كل شيء قبل عيد ميلاد إيرينا.”
“نعم، أعتقد ذلك. لكن…”
حاول نويل طرح سؤال ولكنه تردد ونظر إلى تعبيرات أنطونيو.
“ماذا؟”
“كنت أتساءل إذا كان هناك سبب محدد لإنهاء كل شيء قبل عيد ميلاد الآنسة.”
“لا، ليس هناك سبب محدد.”
أجاب أنطونيو بإيجاز. لم يستطع نويل التخلص من شعور بأن أنطونيو يخفي شيئًا.
“اليوم، إيرينا ستزور المتجر، صحيح؟ هناك أشياء أحضرتها من القرية المحترقة البارحة.”
سأل أنطونيو وكأنه يعرف بالفعل.
“نعم. كنت أخطط لاصطحابها.”
“إذن اذهب. وأبلغها بهذه الأخبار.”
“حسنًا.”
انتظر نويل لبضع ثوانٍ قبل أن ينصرف، متوقعًا أن يضيف أنطونيو شيئًا آخر، لكنه لم يقل شيئًا.
أخرج نويل ساعة جيبه النحاسية للتحقق من الوقت. كان قد انتهى للتو درس الهندسة، لذا كانت إيرينا لا تزال في المكتبة.
كان هناك الكثير لتعلمه لقيادة العائلة. كان من بين الأمور التي تعطيها عائلة دي لوكا أهمية خاصة اللغة والرياضيات. لم تكن إيرينا متفوقة في الكلام بالطبع، لكنها كانت تكتب جيدًا. كما أظهرت اهتمامًا كبيرًا بالرياضيات، حتى أنها أرادت تعلم المزيد عن الهندسة. عندما أخبر نويل أنطونيو بذلك، لم يمض وقت طويل قبل أن يحضر أنطونيو مدرسًا من الخارج.
كما توقع نويل، كانت إيرينا بمفردها في المكتبة.
“نويل.”
رفعت إيرينا رأسها بعد أن كانت تكتب المعادلات على الورق.
استقبلت نويل بترحاب.
“أراد السيد أن أبلغك برسالة.”
اقترب نويل منها. أشعة شمس الشتاء المتدفقة من النافذة الكبيرة في المكتبة كانت تسطع على شعر إيرينا البرتقالي.
نظرت إليه بعينيها الكبيرتين بلون الماهوجني.
“والدي؟”
“طلب منك توظيف سكرتير آخر. سيتم نشر الإعلان اليوم. سأقوم بتجميع الطلبات فور إغلاق التسجيل لتقومي بمراجعتها.”
“أنا سأراجعها؟”
“نعم. السيد أراد منك اختيار السكرتير بنفسك.”
“فهمت.”
أخفضت إيرينا نظرها وترددت قليلاً قبل أن ترفع عينيها مجدداً. انعكست صورة نويل في عينيها الصافيتين.
بشعره الأشقر الفاتح وعينيه الخضراء، ووجهه الجميل الذي لم ترَ له مثيلاً في أي لوحة. رغم أنها كانت تراه منذ خمسة عشر عامًا، إلا أن إيرينا ما زالت تعتقد أن نويل يضيء كالملاك.
“هل قال والدي شيئًا آخر؟”
نظر إليها نويل بلطف وهي تسأل كالأطفال. غطى ظلّه جسدها.
“نعم. قال إنه لم يرَكِ منذ فترة طويلة ويرغب برؤيتك.”
“آه… حقاً.”
ابتسمت إيرينا. في الواقع، كانت تعرف أن كلام نويل كذب. لم يكن والدها ليقول شيئًا لطيفًا كهذا. ومع ذلك، كانت إيرينا دائمًا تقع في كذب نويل.
أو بالأحرى، كانت تبذل جهدًا لتقع في كذبه، على أمل أن يكون في أحدي الكذبات بعض الحقيقة.
ركب إيرينا ونويل العربة متجهين إلى متجر التحف في المدينة. كان المتجر قد استحوذ عليه أنطونيو منذ ثلاث سنوات، وتولت إيرينا إدارته.
كانت إيرينا ذات ذوق رفيع. في البداية، كان المتجر يتعامل فقط مع الخردة، ولكنه تطور ليشمل الآن مقتنيات باهظة الثمن.
“نويل، انظر.”
أشارت إيرينا إلى متجرها من نافذة العربة.
كانت العربات والفرسان ينتظرون أمام المتجر. كان شعار دوق أورثنسيا محفورًا على العربات.
“يبدو أن الدوق قد جاء بنفسه. هذا جيد، يا آنسة.”
“ما الذي جيد في ذلك؟”
رغم قولها ذلك، احمرت وجنتا إيرينا قليلاً.
عند دخول المتجر، رأوا ظهر دوق أورثنسيا. شعره الأحمر المنظم وملابسه المرتبة كانت تعكس شخصيته المنضبطة.
“يا سيدي.”
استدار الدوق عند سماع صوت نويل.
كان الدوق في منتصف العشرينات من عمره. تولى منصبه عندما كان في السابعة عشرة بعد وفاة والده قبل سبع سنوات.
بجماله وأدبه، كان يجذب قلوب جميع النساء.
“آنسة إيرينا، هذه أول مرة أراكِ في السنة الجديدة.”
ابتسم الدوق بلطف واقترب ليقبل ظهر يد إيرينا بخفة.
“لقد زرت المتجر لأنني سمعت أن القطعة التي طلبتها قد وصلت. وأردت أن أرى وجهكِ أيضًا.”
احمرت وجنتا إيرينا بوضوح. خفضت عينيها وبدأت تلعب بأصابعها.
“لقد حصلنا على مرآة الشيطان بسلام. كانت قطعة ترغب فيها كثيرًا، وعندما رأيتها بنفسي، أدركت سبب رغبتك فيها.”
تحدث نويل بدلاً من إيرينا.
“يقال إن هذه المرآة كانت ملكًا للعائلة الإمبراطورية عندما كانت الإمبراطورية قائمة. كجامع تحف، من الطبيعي أن تكون فضوليًا بشأنها.”
ابتسم الدوق برقة.
“بالتأكيد، إنها قطعة تليق بك يا سيدي. قالت إيرينا نفس الشيء عندما رأت القطعة لأول مرة.”
فتحت إيرينا عينيها على وسعهما. لم تقل هذا الكلام من قبل. كان نويل قد اختلقه لتحسين العلاقة بين الدوق وإيرينا. ضحك الدوق بدون شك.
“يُقال إن القطع القديمة تمتلك قوة سحرية تجعلها تجد مالكها. ربما جاءت هذه القطعة إلينا لتصل إليك يا سيدي.”
نويل لم يكن يؤمن بالسحر أو بالقوى الغامضة. فقد تعلم في عائلة دي لوكا إنكار مثل هذه الخرافات.
لكن طالما أنه يستطيع كسب رضا الدوق وبيع القطعة بسعر مرتفع، فلم يكن هناك ما يمنعه من قول ذلك.
بعد 700 عام من انهيار الإمبراطورية، انقسمت شبه جزيرة سيرنيلا إلى 47 دولة. ورغم محاولات عديدة لإعادة توحيدها، لا يزال الحكام يسعون لاستعادة الإمبراطورية. لكن ليس كل الحكام يطمحون لأن يصبحوا إمبراطورًا للإمبراطورية الموحدة. بعضهم يفضل البقاء على ما هو عليه.
لكن دوق أورثنسيا لم يكن من هؤلاء. كان يطمح لأن يصبح إمبراطورًا يومًا ما. ولذلك كانت التحف الملكية ذات أهمية كبيرة لأمثاله.
“يبدو أن الآنسة إيرينا تتحسن بشكل ملحوظ في مهاراتها. سأدفع لكِ الخمسمائة ريليون المتفق عليها فورًا.”
قال الدوق ذلك وأمر مساعده بشراء مرآة الشيطان. بينما كان المساعد يكتب عقد البيع، استمر الدوق في التحدث مع إيرينا.
“سمعت أنه سيتم إقامة معرض للاحتفال بعيد ميلادكِ في أول يوم من عطلة القديس فالنتينو، بعد شهر. يبدو أن سكان الدوقية يتطلعون لذلك.”
عطلة القديس فالنتينو هي عطلة تستمر لمدة عشرة أيام تبدأ من 14 فبراير، عيد القديس فالنتينو، وهي أطول عطلة في دوقية أورثنسيا بعد عيد الشكر. وكان يوم عيد القديس فالنتينو بداية هذه العطلة، وهو أيضًا عيد ميلاد إيرينا.
“سنرسل الدعوة الرسمية إلى دوقيتكِ قريبًا.”
قال نويل.
“سأكون هناك بالتأكيد. أنا متحمس لهذا اليوم.”
بعد الانتهاء من كتابة عقد البيع، وقع الموظف العام الذي أحضره الدوق على العقد. بحذر، أخرجت إيرينا القطعة من حقيبتها وسلمتها للدوق، الذي ابتسم برضا.
“إذاً، أراكِ في عيد ميلادكِ، آنسة إيرينا.”
قبل الدوق ظهر يدها بلطف ثم غادر المتجر.
داخل العربة العائدة، كانت إيرينا صامتة بشكل غير معتاد.
كانت تسترجع لقاءها مع دوق أورثنسيا. كان الدوق دائمًا لطيفًا وودودًا، لدرجة أنها كانت تجد نفسها تتعلق به على الرغم من محاولاتها عدم الوقوع في هذا الفخ. وكانت القبلة الأخيرة على ظهر يدها دائمًا جزءًا من البروتوكول، لكنها لم تستطع منع قلبها من الانجذاب.
“عن حفل عيد ميلادكِ، سيدتي.”
قطع صوت نويل تفكيرها.
“سيكون الحفل على شكل رقصة.”
“رقصة؟”
بالنسبة لإيرينا، كان هذا الحدث غير متوقع. هي ونويل تعلما الرقص كجزء من التعليم، لكنهما لم يشاركا في حفلات الرقص من قبل.
“إنها موضة الآن.”
ابتسم نويل بلطف.
“نعم، هي موضة.”
“يمكننا إقامتها في القاعة الكبرى. وما زال لدينا وقت كافٍ لتنظيم فرقة موسيقية.”
“حسنًا، ربما سيعجب الضيوف بذلك.”
فكرت إيرينا قليلاً ثم أومأت.
“إذاً، يجب أن يكون الحفل ممتعًا وليس رسميًا. نحن تجار ولسنا نبلاء.”
“مفهوم.”
“لكن لماذا قررت أن تكون الحفلة رقصة؟”
سألت إيرينا.
“لأن دوق أورثنسيا سيحضر أيضًا. الدوق نبيلاً وسيستمتع بالرقصة، ومن المؤكد أنه سيطلب الرقص معكِ، بصفتكِ صاحبة الحفل.”
“آه…”
خفضت إيرينا نظرها عند ذكر الدوق.
“أنتِ معجبة به؟.”
“نعم… هل هو واضح لهذا الحد؟”
سألت إيرينا بقلق. ابتسم نويل دون أن يجيب.
“لكني لا أستطيع حتى الحديث معه بشكل جيد.”
لذلك، على الرغم من محاولتها الاقتراب منه، لم تتمكن من الوصول إلى مسافة قريبة.
“الرقص لا يحتاج إلى كلمات. أليس هذا فرصة جيدة؟”
“ربما.”
قالت إيرينا كما لو كانت تتحدث مع نفسها.
تذكرت اليوم الأول الذي التقت فيه بدوق أورثنسيا.
كان ذلك في بداية العام قبل الماضي، قبل حوالي عامين.
اقتحم المسؤولون متجر إيرينا، مدعين أن متجرها كان يستخدم لغسل الأموال غير المشروعة. كانت تعلم أنها بريئة. كانت تظن أن أحدهم كان يغار من نجاحها وحاول تدميرها.
رغم محاولاتها العديدة للتوضيح، رفض المسؤولون الاستماع وأصروا على تفتيش المتجر واعتقالها. حاول نويل التصدي لهم، وكاد المتجر أن يتحطم.
في ذلك الوقت، جاء دوق أورثنسيا لإنقاذها.
منذ البداية، كان الدوق لطيفًا معها. ربما كان لطيفًا مع الجميع، لكن ذلك كان يعني الكثير لإيرينا. على الرغم من علمه بأنها كانت تعاني من صعوبة في الكلام، إلا أنه لم يظهر أي استغراب وتعامل معها بشكل طبيعي. تحول امتنانها له إلى إعجاب غير ناضج بسرعة.
“هل سيطلب مني الدوق الرقص؟”
انعكست ألوان الغروب على وجهها.
كانت العربة تسير بسرعة على طريق المعبد. الرياح التي أثارتها العربة فوضت شعر الرجل الأسود الذي كان يقف بجانب الطريق.
“سأقابلهم قريبًا.”
تمتم الرجل لنفسه. كان يحمل إعلان التوظيف الذي نُشر اليوم في مدينة أورثنسيا.