I’ve Transmigrated Into This Movie Before - 122
ساد الصمت في المكتب، لم تكن نينغ نينغ تتوقع أن تنطق بذلك الاسم، ولم يكن الآخر يتوقع أن يسمعه منها.
تصاعد الغضب في صدره، لكنه كبحه بالقوة، وقال وين يو ببرود “أخي توفي منذ زمن طويل، كم كان عمركِ آنذاك؟”
لا تتظاهري وكأنكِ تعرفينه جيدًا، هذا ما كان يقصده وين يو.
أما نينغ نينغ، فقد بدت وكأنها في عالم آخر، نظرت إلى محيطها، ثم إلى الهاتف الذي لم يتوقف عن الرنين، كان تعبيرها غريبًا وهي تهمس لنفسها “لماذا لا أزال هنا؟”
شعر وين يو بالحيرة.
‘لماذا لم أعد إلى البداية؟’ فكرت نينغ نينغ، ثم ثبتت نظراتها على وجه وين يو ‘آه، فهمت، هل يشفق علي؟، هل يظن أنني مريضة؟’
في الواقع، كان وين يو يعتقد أنها مريضة.
إرهاق، قلق، شرود أحيانًا، يقظة أحيانًا أخرى، حتى أنها بدت وكأنها تتحدث إلى نفسها، كما لو فقدت قدرتها على التعبير، لقد افترقا ليوم واحد فقط، فكيف تدهورت حالتها النفسية بهذا الشكل؟
لكن نينغ نينغ كانت متحمسة، بعد أن شربت شاي الأقحوان نفسه ثلاثمئة واثنان وستون مرة، وأعادت الحوار نفسه ثلاثمئة واثنان وستون مرة، كان أي تغيير بسيط كفيلًا بإثارة حماستها.
عدّلت جلستها وانحنت قليلًا إلى الأمام، وعيناها تلمعان وهي تنظر إلى وين يو “شقيقك توفي عام ١٩٩٠، في ذلك الوقت، كنت أبلغ من العمر اثنين وعشرين عامًا.”
“لكن عمركِ الآن خمسة وعشرين.” قال وين يو ببرود.
“لقد مثّلتُ في دراما تاريخية مع شقيقك.” ظهر في عيني نينغ نينغ بريق الحنين إلى الماضي “من بين كل من قابلتهم في حياتي، كان هو… أفضل ممثل.”
“أخي لم يمثل سوى في فيلم واحد ذلك العام…” أراد وين يو أن يذكّرها بأنها لم تكن جزءًا من ذلك الفيلم.
“أعلم ذلك.” ابتسمت نينغ نينغ “فيلم <<الشخص الموجود داخل اللوحة>>”
توقف وين يو عن الكلام فجأة، المرأة الجالسة أمامه بدت غريبة تمامًا.
طريقة ابتسامها، طريقتها المألوفة في الحديث عن شي زونغ تانغ، الخجل الذي بدا عليها عندما خفضت رأسها وابتسمت، الطريقة التي سحبت بها شعرها خلف أذنها —كلها لم تكن تشبه تشانغ شين آي، بل شخصًا آخر.
“من أنتِ؟” سألها وين يو فجأة.
“أنا…” ابتسمت نينغ نينغ “الأميرة لينغ شان.”
شخصية البطلة في فيلم <<الشخص الموجود داخل اللوحة>>، الأميرة لينغ شان.
…اضطراب وهامي*؟، اضطراب الهوية الانفصامية*؟، إذا كان الثاني، فلماذا قد تُعرّف نفسها على أنها الأميرة لينغ شان، وهي شخصية من فيلم؟، أم أنها تتظاهر بالمرض مرة أخرى، كما فعلت سابقًا على السطح؟، قرر وين يو أن يختبرها.
(الاضطراب الوهمي/الوهامي هو اضطراب نفسي يعاني فيه الفرد من أفكار ثابتة (أوهام) لا تستند إلى الواقع ولكنه يؤمن بها إيماناً راسخاً، حيث يصبح الشخص شكاك بشكل غير طبيعي فقد يشعر بأنه مطارد أو ان هناك شخص يخطط لمؤامرة ضده)
(اضطراب الهوية الانفصامية هو اضطراب نفسي يتميز بوجود هويات متعددة داخل الشخص)
“كيف يجدر بي مخاطبتكِ؟” سألها وين يو “يا صاحبة السمو؟”
قهقهت نينغ نينغ، وكأنها استمتعت بسؤاله “لينغ شان فقط يكفي.”
هذا لم يكن رد فعل الأميرة لينغ شان الحقيقي، كانت شخصية الأميرة لينغ شان في فيلم <<الشخص الموجود داخل اللوحة>> فخورة ومتعالية، ربما كانت قادرة على تحمل حديث العامة عنها من وراء ظهرها، لكنها لم تكن لتتسامح مع مخاطبتهم لها باسمها الأول، إلا إذا كانوا أقرب الناس إليها —مثل حبيبها شي زونغ تانغ.
“لينغ شان.” ناداها وين يو مواكبًا حديثها “هل يمكنكِ إخباري كيف تعرفتِ على أخي؟”
“تعرفت عليه أثناء التمثيل.” ابتسمت نينغ نينغ “إنها قصة طريفة، أول جملة قالها لي كانت ‘لقد سقطت على الأرض، ولا يمكنني النهوض إلا بقبلة’.”
“إذن، لا بد أنه أحبّكِ حقًا.” ابتسم وين يو هو الآخر “نادراً ما كان يقول مثل هذه الأشياء عند لقائه فتاة لأول مرة.”
“لقد ظننتُ أنه مجرد زير نساء بالفطرة، شخص يعبث مع كل امرأة يلتقيها.” ضحكت نينغ نينغ بصوت عالٍ.
لو كانت هذه المشاعر من طرف واحد، لانتهى الحديث سريعًا، لكن عشر دقائق مضت، ثم عشرون دقيقة، وما زالا يتحدثان عن شي زونغ تانغ.
ثم فجأة، سألت نينغ نينغ وهي تحدق في وين يو “ما الأمر؟، أنت تتعرق كثيرًا.”
“الجو دافئ قليلًا.” نهض وين يو وأغلق النافذة، ثم رفع جهاز التحكم في يده، انطلق صوت “بيب” عند تشغيل المكيف، وقف وظهره إلى نينغ نينغ، محاولًا التصرف بشكل طبيعي وهو يسأل “بالمناسبة، بما أنكما مثّلتما معًا لفترة طويلة، ما هو مشهدكِ المفضل؟”
استدار لينظر إليها، لكنه فوجئ قليلاً.
دون أن يلاحظ، كانت نينغ نينغ قد غيّرت وضعية جلوسها، جلست على الأريكة بأسلوب ملكي مهيب، ثم لوّحت بيدها نحوه بحركة أمرة طبيعية “تعال إلى هنا.”
تجمدت يدها في الهواء للحظة، فجأة، قفزت من الأريكة بملامح مدهوشة، كما لو أنها لم تنهض بإرادتها، بل سُحبت من مكانها بواسطة قوة غير مرئية، استدارت في موقعها كما لو كانت ترقص، ثم عبست ودَفعت الهواء أمامها، وكأنها كانت تُبعد رجلًا وقحًا عنها بقوة.
لكنها استخدمت قوة زائدة، فتراجعت نصف خطوة إلى الخلف وسقطت على الأريكة، وما لبثت أن انتقلت من الجلوس إلى الاستلقاء، مسندة رأسها بيد واحدة وهي متكئة بكسل على الأريكة، ثم قالت بخفوت “لي لانغ، علينا أن نبتعد عن بعضنا لفترة.”
رد عليها شخص ما، أصغت لوهلة، ثم فتحت عينيها ببطء وحدّقت في الجدار المقابل “… الأمر فقط أنك مُنغمس جدًا، في النهاية، أنا مثلي مثلهم، مجرد لوحة أخرى.”
كانت جادة جدًا لدرجة أن وين يو، الذي كان مجرد متفرج، لم يستطع إلا أن ينظر معها إلى الجدار، لكنه كان فارغًا، لم يكن هناك شيء سوى مكيف هواء ينفث هواءً باردًا.
بعد لحظة، سمع صوت نينغ نينغ خلفه، كان إيقاع حديثها أسرع من ذي قبل “…ألا تفهم بعد؟، نحن مفصولان بعالمين، أنت من الأحياء، وأنا من الأموات، كيف يمكن أن نكو—”
توقف صوتها فجأة.
عندما استدار وين يو، رآها تغرس أظافرها في الأريكة، وظهرها مائل للأمام بشكل غير طبيعي، كما لو أنها سُحبت إلى حضن رجل غير مرئي يهمس في أذنها برفق “أمسكتُ بكِ، ولن أترككِ أبدًا.”
“…اتركني!” قاومت نينغ نينغ بكل قوتها لتتحرر من قبضته، كادت أن تتدحرج عن الأريكة، ثم هرعت نحو طاولة الدراسة، حتى أن إحدى فردتي حذائها سقطت أثناء ركضها، لكنها لم تهتم بالتقاطها، التفتت سريعًا بنظرة واحدة إلى الخلف، كان في عينيها خوفٌ واشمئزاز جعل جسد وين يو يقشعر.
هواء بارد انبعث من المكيف، يدور حوله، للحظة، شعر وكأن الزمن قد أعاده إلى الوراء، إلى موقع تصوير فيلم <<الشخص الموجود داخل اللوحة>> في عام ١٩٩٠.
لكن لا، ما أعاده إلى الماضي لم يكن الزمن، بل المرأة التي أمامه.
فهي وحدها أعادت تمثيل الفيلم بأكمله!
أداؤها الواقعي بشكل مخيف جعل الأرضية البيضاء تبدو وكأنها تحولت إلى رمال ذهبية، وجعل الهواء البارد من المكيف يبدو وكأنه لفحات حرارة من صحراء، تثير الرمال وتخلق موجات ذهبية.
فستانها البوهيمي فقد لونه وسط الرياح الحارقة، وتحول تدريجيًا إلى رداء أبيض نقي بسيط، ركعت نينغ نينغ على الرمال بملابسها البيضاء، ممسكة بشخص غير مرئي بين ذراعيها، وفتحت زجاجة على عجل وسكبت دواء الإحياء في فمه، ثم انتظرت للحظة قبل أن تقول بصوت مرتجف “لماذا لا يستيقظ؟”
الإجابة التي تلقتها جعلتها تفقد صوابها، فجأة، سحبت سيفًا ونهضت، لتطعن الرجل غير المرئي بضربة قاتلة واحدة، ثم استدارت ببطء وانحنت، تمرر أصابعها بلطف على وجه غير المرئي.
“يا للعجب، لقد كنت أشعر بالضيق كلما رأيت وجهك، لكن الآن…”
امتلأت عيناها بالدموع، وانهمرت على وجنتيها.
مسحت نينغ نينغ دموعها، ثم رفعت السيف في يدها مثل شيطان، وضعته أفقيًا فجأة، وشقّت به عنقها—
“كيف يمكن أن يحدث هذا؟” لمست رقبتها غير المصابة، ولم تستطع إلا أن تضحك من غرابة ما حدث، لكن ضحكتها سرعان ما تحولت إلى بكاء.
ألقت بالسيف من يدها وتراجعت مذعورة إلى مكانها الأصلي، بحثت عن الدفء من شخص غير مرئي، وضَمَّته إلى حضنها وهي تبكي “لي لانغ، أنا خائفة، أنا لست خائفة من الموت، أنا خائفة من الحياة…”
كان من المفترض أن ينتهي فيلم <<الشخص الموجود داخل اللوحة>> عند هذه اللحظة، لكنها استمرت في البكاء، وأحكمت عناقها لذلك الشخص أكثر فأكثر، وكأنها لن تحتمل الحياة إن أفلتته، وصرخت بانهيار “أنا خائفة جدًا، خائفة جدًا!!، أنا لا أريد أن أموت مرة أخرى، شهقة… ولا أريد أن أعيش أيضًا، لا أريد أن أعيش إلى الأبد على هذا النحو!!”
“أرجوكِ، لا تبكي.”
داخل مسرح سينما الفيلم الحي، مدّ شي زونغ تانغ يديه محاولًا احتضان نينغ نينغ التي على الشاشة “هذا الفيلم سهل جدًا، سأعلمكِ…”
لكن يديه الممدودتين اصطدمتا بالشاشة الباردة، ولم يستطع سوى المشاهدة بينما امتدت يدان أخريان بدلاً منه، لتحتضنا الامرأة الموجودة داخل اللوحة، الامرأة التي كان يستطيع رؤيتها، لكن لا يستطيع لمسها.
“لا تبكي.” احتضنها وين يو برفق.
تجمدت نينغ نينغ بين ذراعيه، ناسِيَةً أنها كانت تبكي.
ساعدها على الجلوس على الأريكة، وعيناه الصافيتان تتفحصانها بدقة.
شعرت نينغ نينغ بالقشعريرة من نظرته تلك، ما الأمر؟، لماذا ينظر إليها بهذه الطريقة الودودة؟
“ما الذي تنظر إليه؟” لمست وجهها، وعيناها تحملان أثرًا من الحذر والتوجس “ألم تكن تكرهني أكثر من أي شخص آخر؟”
“أنا أكره تشانغ شين آي، وليست أنتِ.” قالها وين يو بلطف “أنتِ لينغ شان، أليس كذلك؟”
اسم مختلف، شخصية مختلفة، حتى مهارات التمثيل كانت على مستوى آخر —على الرغم من أن كليهما يمكنهما التمثيل، إلا أن الفارق بينهما كان كالفارق بين الشخص العادي وملكة الأفلام.
الامرأة التي كانت أمامه قد تكون الشخصية الثانية لتشانغ شين آي، وكأن شخصيتين تسكنان الجسد ذاته، ربما تفاعلت الشخصيتان معًا، وربما لم تتفاعلا قط، لكن يمكن اعتبارهُما كيانين مستقلين، ولأنهما تتناوبان في استخدام هذا الجسد، فقد تلاحظ إحداهما أشياء لا تنتبه لها الأخرى.
“لقد ذكرتِ الموت مرارًا وتكرارًا قبل قليل.” قدّم لها وين يو كوب ماء “هل تعتقدين أن أحدًا يحاول إيذاءكِ؟”
شربت نينغ نينغ الماء ببطء، وبمجرد أن وصل إلى معدتها، شعرت ببعض الهدوء.
دون أن تجيب على سؤاله، أخرجت هاتفها وضغطت زر الإجابة.
انطلقت أصوات بكاء من الطرف الآخر، ردّدت نينغ نينغ بجمود “توقف عن البكاء، لم أعد أفهم ما تقوله.”
“أنتِ لم تردّي على مكالماتي، ظننت أنكِ ستتجاهلينني للأبد.”
“ألم أخبرك بالأمس؟، أنا لم أكن بخير، لقد اضطررت للخضوع لعملية بسيطة في المستشفى.”
“إذن، لماذا لم تخبريني أي مستشفى كنتِ فيها؟، لماذا لم تسمحي لي بزيارتكِ؟”
“أنا في عيادة الاستقرار النفسي.” ذكرت نينغ نينغ اسم العيادة التي يعمل بها وين يو.
صمت الطرف الآخر للحظة، ثم سأل بصوت هادئ “مكان عمل وين يو؟”
“نعم، أنا عند وين يو.”
“…سآتي الآن لاصطحابكِ.”
بعد أن أنهت المكالمة، سقطت يد نينغ نينغ بارتخاء، وبدا على وجهها تعبير خالٍ من الحياة، دون أن تنطق بكلمة، من زاوية نظر وين يو، بدا وجهها كوجه شخص ينتظر الموت ببساطة.
…من كان ذلك الشخص؟، من جعَلها تتفاعل بهذا الشكل؟
لم يمر وقت طويل قبل أن يظهر.
“الطبيب وين، مرحبًا.” دخل طالب جامعي إلى الغرفة بخجل طفيف “أنا هنا من أجل أختي الكبرى.”
تقدم وأمسك بيد نينغ نينغ، لكنها انتفضت بعنف وأبعدت يده فورًا.
تجمّد لوهلة، قبل أن تومض في عينيه لمحة من الخبث لجزء من الثانية.
تلك اللحظة لم تفُت وين يو.
في اللحظة التي أمسك فيها لي شان جو بيد نينغ نينغ بقوة، متشابكًا أصابعه مع أصابعها بينما كان يجرها بعيدًا، انبعث صوت من خلفهم “انتظروا.”
نظر كل من لي شان جو ونينغ نينغ إلى الوراء في نفس الوقت.
رأوا وين يو يفتح أحد الأدراج ويخرج مفتاح سيارة، وقال لهم “سأقلكم إلى المنزل.”