It's the first time for both of us - 96
- الصفحة الرئيسية
- جميع القصص
- It's the first time for both of us
- 96 - اللقاء في بيرزيوم (٤)
كان أربيل يعيدُ مراجعةَ قائمةِ الحاضرينَ للحفلِ مرارًا وتكرارًا حتى كادت أن تتلف.
بل إنه طواها واحتفظ بها في جيبهِ وكأنها كنزٌ ثمين.
كان من النادر جدًا أن ينشغلَ بهذا الشكلِ بقائمةِ الضيوف.
فلم يكن حضورُ الدوقِ الأكبرِ ديكارت للحفلِ فقط هو الأمرَ اللافت، بل كان اسمُ مارييت أيضًا مدرجًا في القائمة.
لم يكن هناكَ أيُّ احتمالٍ لوجودِ شخصٍ آخرَ في الإمبراطورية يحملُ اسم مارييت ديلتون ديكارت غيرها.
وأخيرًا، حلَّ يومُ الحفلِ المنتظر.
“أظن أنني بحاجةٍ إلى تغييرِ قميصي، ألا يوجدُ واحدٌ أنظف؟”
“عفوًا؟ هذا أنظفُ قميصٍ لدينا يا صاحبَ السمو، لقد تم تفصيلُه أمسَ وأُنجِزَ هذا الصباح.”
“أهذا صحيح؟ فهمت.”
أدركَ الخادمُ الذي كان يساعدُه في ارتداءِ ملابسِه أن سيدَه يتصرفُ على غيرِ عادته، فبادرَ إلى تنفيذِ أوامرهِ بسرعةٍ أكبر.
“أشعرُ أن ربطةَ العنقِ ملتويةٌ بعضَ الشيء.”
“عذرًا؟ لا أراها كذلك… لكن سأعيدُ ضبطَها لك.”
بالنسبةِ للخادم، كانت ربطةُ العنقِ مستقيمةً تمامًا، ولكن نظرًا لجديةِ الأميرِ المفرطة، لم يكن لديهِ خيارٌ سوى إصلاحِها مجددًا.
“ألا يوجدُ غيرُها؟”
لكنَّ طلباتِ أربيل لم تنتهِ عند هذا الحدّ، فقد بدا غيرَ راضٍ عن أزرارِ الأكمامِ أيضًا.
ولم يتمكن الخادمُ من المتابعةِ إلى الخطوةِ التالية إلا بعدَ أن أحضرَ له جميعَ أزرارِ الأكمامِ المتوفرةِ في غرفةِ الملابس.
“ربما تكونُ المشكلةُ في لونِ الزيِّ الرسميّ.”
بدأ العرقُ يتصبَّبُ من الخادمِ بغزارة.
كان من بينِ المهامِّ الإمبراطورية الأكثرِ سهولةً الاعتناءُ بملابسِ الأمير، إذ كان كلُّ ما يرتديه يليقُ به، ولم يكن هناكَ عناءٌ في الاختيار، كما أن الأميرَ لم يُبدِ أيَّ اعتراضٍ على ملابسِه من قبل.
لكن اليوم، بدأ الخادمُ يشكُّ في أنه يخدمُ الأميرَ نفسه.
‘هل دخلَ صاحبُ السموّ في مرحلةِ المراهقةِ أخيرًا؟’
بعدَ هذا الإدراكِ العميق، بذلَ الخادمُ قصارى جهدِه لمواكبةِ ذوقِ الأميرِ بأقصى درجاتِ الاحترافية.
وأخيرًا، وبعدَ ساعاتٍ من التحضير، أصبحَ أربيل جاهزًا.
مع حلولِ المساءِ، أُضيئت جميعُ أنوارِ القصرِ الإمبراطوريِّ، وبدأ الحفلُ رسميًا مع أنغامِ الموسيقى.
توافدَ النبلاءُ إلى قاعةِ الحفلِ واحدًا تلوَ الآخر، وقد تأنَّقوا بملابسِهم الفاخرةِ التي تُضاهي ملابسَ الدوقات.
كان هذا الحفلُ هو أولَ ظهورٍ رسميٍّ للأميرِ أربيل.
وبحسبِ البروتوكول، كان من المفترضِ أن يدخلَ القاعةَ مع الإمبراطورِ في النهاية.
إلا أنه بدلًا من ذلك، أخذ يتجوَّل قربَ القاعة، باحثًا عن مارييت.
وبعدَ انتظارٍ طويلٍ، أخيرًا، وجدَ الشخصَ الذي كان ينتظرُه.
لطالما كان أربيل على يقينٍ من أنه سيستطيعُ التعرّف على مارييت في أيِّ مكانٍ وفي أيِّ وقت. وبالفعل، تعرَّفَ عليها بمجردِ رؤيتِها.
كانت مارييت قد ابتعدت عن الحفلِ دون أن يشعرَ بها أحد، ووقفت مستندةً إلى الحائطِ في أحدِ الممرات.
كان يتوقعُ أن يراها مُبتسمةً، مفعمةً بالحيوية، لكنها بدت متوترةً للغاية.
اختبأ أربيل خلفَ أحدِ الأعمدةِ، يراقبُها بصمت.
ثم سرعان ما تجهمَ وجهُه.
لقد رأى البابا، الرجلَ الذي من المفترضِ أن يكونَ بجانبِ الإمبراطور.
كان أربيل ينتظرُ اللحظةَ المناسبةَ لتحيةِ مارييت بأسلوبٍ طبيعي، لكنه الآن لم يترددْ للحظةٍ في التدخل.
“قداستك.”
بهدوءٍ تام، دخلَ أربيل في المشهدِ، قاطعًا الحوارَ بين مارييت والبابا.
“ألم يكن من المفترضِ أن تكونَ في قاعةِ الحفل؟”
كان أربيل يعرفُ البابا جيدًا—بل ربما أفضلَ من أيِّ شخصٍ آخر.
ولم يكن لديهِ شكٌّ في أن البابا باتَ يعتبرُه عقبةً في طريقِه.
منذُ أن تحررت قواهُ المقدسةُ المُختومة، لم يعد أربيل بحاجةٍ إلى علاجِ البابا.
لكن البابا كان يُلحُّ على الإمبراطورِ مرارًا وتكرارًا ليُبقيَ الأميرَ تحتَ إشرافِه.
لأعوام، كان أربيل يُحققُ سرًا في ماضي البابا، متسائلًا عن سببِ إساءتِه المستمرةِ له وعن هوسِه المرضيّ به.
وبمرورِ الوقت، أدركَ أن البابا لم يكن بذلكَ الشخصِ النقيِّ اللطيف الذي يظنه الجميع.
“سأقومُ شخصيًا بإيصال الضيفة إلى قاعةِ الحفل.”
عندَ سماع كلمات أربيل، لم يجدِ البابا بُدًّا من التراجع.
“بما أنكَ ستفعلُ ذلك، فأنا مرتاحُ البال. يا آنستي الصغيرة، كان شرفًا لي لقاؤكِ. أتمنى لكِ قضاءَ وقتٍ ممتعٍ في الحفل، وآملُ أن نلتقيَ مجددًا.”
“… وداعًا.”
جاءَ صوتٌ خافتٌ من خلفِه. لم يُدرك أربيل ذلك، لكنه شعرَ بتوترٍ مفاجئ.
وحينَ غادرَ البابا أخيرًا، هدأَ أربيل وخفَّف من حِدَّةِ حذرِه.
ثم استدارَ لينظرَ إلى مارييت عن قُرب.
‘آه ……. إنها حقًا مارييت.’
بمجردِ أن رأى وجهَها الذي لم يتغيّر، شعرَ أن صبره الطويل قد تبخر تمامًا.
ابتسمَ لها برفقٍ.
“مر وتقٌ طويلٌ منذ آخر لقاءٍ لنا يا ماري.”
* * *
‘مستحيل… آروميا؟’
حقًّا، هل هذا آروميا؟
هل هذا الرجلُ الضخمُ الواقفُ أمامي هو صديقي الشبيه بالجنيات البكّاء؟
أولُ صديقٍ لي، ذاك الذي رحلَ دون حتى وداعٍ لائقٍ، لقد كبرَ إلى هذا الحدِّ؟
عندما كُنا صغارًا، كنتُ أعتقدُ أن آروميا جميلٌ جدًا، لكن الآن، لا أظن أن أيَّ أميرٍ في الحكاياتِ الخياليةِ قد يكونُ أكثرَ وسامةً منه.
شعرُهُ، الذي كانَ يومًا ما يُغطِّي عينيه جزئيًّا، أصبحَ الآنَ مُسرَّحًا بعناية، مما أبرزَ ملامحَهُ الناضجة.
كان عليَّ أن أحييهِ بحفاوةٍ مثلما فعلَ هو، لكن التغيير الكبيرَ في مظهره جعلني عاجزةً عن إيجادِ الكلماتِ المناسبة.
لمحَت عيناهُ بابَ قاعةِ الحفلِ للحظة، ثمَّ عادَ بنظرِه إليَّ.
“هل خرجتِ لأنكِ شعرتِ بالاختناقِ في الداخل؟”
“آه… نعم، لكن يجبُ أن أعودَ الآن…”
إذا تأخَّرتُ أكثرَ، فسيقلق الجميع.
استدرتُ متجهةً نحوَ بابِ قاعةِ الحفل، مستعدةً للعودة.
لكن قبل أن أتمكنَ من اتخاذِ خطوةٍ أخرى، تقدَّمَ آروميا برفقٍ ليقفَ أمامي، مانعًا طريقي.
“إذا كنتِ تشعرينَ بالاختناق–”
“هاه؟”
“هل تُريدينَ أنْ نتمشَّى قليلًا في الحديقة؟ إنها قريبة.”
“آه.”
ألقيتُ نظرةً سريعةً على بابِ قاعةِ الحفل.
“حارسي الشخصيُّ وخادمتي ينتظرانِني في الداخل، عليَّ أن أبقى معهما—”
“أعتقدُ أنكِ ستكونينَ أكثرَ أمانًا بجانبي، أليسَ كذلك؟”
…هذا صحيح. فهو أميرٌ بعدَ كلِّ شيء.
يُقالُ أنهُ سيُصبحُ وليَّ العهدِ قريبًا، لذا لا يوجدُ مكانٌ أكثرُ أمانًا من أنْ أكونَ بجانبه.
أومأتُ برأسي مُوافقة.
“إذًا تعالي معي، سأجعلُ أحدًا يُبلغُ مرافقيكِ.”
رمشتُ بعينيَّ في حيرة.
هل كانَ دائمًا يتحدَّثُ بهذه الطلاقة؟ لقد كانَ يبكي في كلَّ مرَّةٍ كنتُ أراه فيها.
التغيير كانَ كبيرًا لدرجةِ أنني بدأتُ أشكُّ فيما إذا كانَ هذا هو فعلًا نفسَ الجنيِّ البكَّاءِ الذي كنتُ أعرفه.
“إذًا، لا بأسَ بذلك.”
“جِين.”
“نعم، سموّكَ.”
ظهرَ رجلٌ خلفَ آروميا دونَ أن يُصدرَ أيَّ صوت.
“هذهِ الآنسة ستخرجُ معي لبعضِ الوقت، أبلغِ الآخرينَ في الداخل.”
تحوَّلَ صوتهُ فجأةً إلى نبرةٍ حازمةٍ وقويَّة. انحنى الرجلُ احترامًا عند سماعِ كلماته.
“كما تأمر، سموّكَ.”
“إذًا، هل نذهب؟”
وكأن شيئًا لم يكن، عادَ صوتُ آروميا ليُصبحَ لطيفًا ودافئًا بينما مدَّ يدهُ لي.
هذا الشخصُ أمامي هو بالتأكيد نفسُ الجنيِّ البكَّاءِ الذي كنتُ أعرفه.
إذًا، لماذا أشعرُ أنهُ يبدو وكأنهُ شخصٌ آخر؟
هل لأنَّهُ أصبحَ أطولَ مني بكثيرٍ الآن؟
أم لأن صوتهُ تغيَّر؟
راودتني هذه الأفكارُ بينما أمسكتُ بيدهِ الممدودةِ بتردُّد.
ازدادَ اتساعُ ابتسامةِ آروميا.
“إذًا، لنذهب.”
“آه… حسنًا.”
دونَ أنْ أدركَ، كنتُ أتبعُهُ إلى الخارجِ نحوَ الحديقة.
توقّفَ أمامَ مقعدٍ وُضِعَ هناك.
“لا أحدَ يأتي إلى هنا، لذا يمكنكِ الاسترخاءُ براحتكِ.”
“شـ-شكرًا لك.”
لقد تركتُ يده برفقٍ وأخذتُ خطوةً صغيرةً إلى الوراء بعيدًا عن آروميا.
ربما كان ذلك بسبب تغيُّره الكبير. بطريقةٍ ما، بدا لي غريبًا.
عندما رآني هكذا، ابتسم آروميا ابتسامةً خفيفة.
حاولتُ أن أتراجع بطريقةٍ طبيعيةٍ قدر الإمكان، لكن إدراكي بأن ارتباكي قد انكشف جعل وجهي يسخن خجلًا.
“لقد مر وقتٌ طويلٌ يا مارييت.”
عند سماع تلك الكلمات، أخيرًا نظرتُ إليه بشكلٍ صحيح.
كلما نظرتُ إليه أكثر، أدركتُ أن ابتسامته الدافئة اللطيفة لا تزال كما هي.
“مارييت، هل تغيّرتُ كثيرًا؟”
“أوه؟ حسنًا… قليلًا، لكن ليس بالكامل… أعني، آه … لا أدري.”
عند سماع كلماتي الصادقة، أومأ آروميا برأسه.
“أنتِ كما كنتِ تمامًا، يا ماري. لم تتغيَّري على الإطلاق، لقد تعرَّفت عليكِ في الحال.”
“أنا؟ مستحيل، لقد كبرتُ كثيرًا أيضًا. ليس مثلك، لكن…”
“نعم. لكن وجهكِ … لم يتغيَّر أبدًا.”
تساءلتُ إن كان ذلك صحيحًا، ففركتُ وجنتيّ بيدي.
عندها، أخرج آروميا منديلًا، وفرشه على المقعد، ثم أشار لي بالجلوس.
“اجلسي. ألَم تكوني تريدين أن ترتاحي؟”
“نعم.”
لم أستطع تجاهل لُطفه في فرش المنديل، لذا جلستُ بحذر.
لسببٍ ما، وجدتُ نفسي أتصرف كما يقول تمامًا.
بعد أن جلستُ، التزمتُ الصمت.
“…….”
“…….”
ساد بيننا صمتٌ قصير.
لم نكن غريبين عن بعضنا، ومع ذلك كان الشعور بالإحراج لا يُطاق.
نظرات آروميا الثاقبة نحوي زادت من شعوري بالإحراج.
بحثتُ بسرعة عن شيءٍ أقوله.
“ذلك الشخص سابقًا …… كان هو الذي كان يُضايقك، صحيح؟ بدا أنه لم يعُد يستطيع التعامل معكَ كما يحلو له.”
اتسعت عينا آروميا قليلًا قبل أن تتقوسا في ابتسامةٍ هادئة.
“نعم. ذلك لن يحدث مجددًا.”
“هذا مُطمئن. كنتُ قلقةً بشأنك.”
اتّسعت عيناه قليلًا ثم اقترب آروميا قليلًا وسألني.
“كنتِ قلقةً عليّ؟ مارييت، هل كنتِ تفكرين بي طوال هذا الوقت؟”
كان أقرب ممَّا توقعت.
فوجئتُ، فتراجعتُ بسرعةٍ إلى الخلف.
[ يُتبع في الفصل القادم …….]
– ترجمة خلود
ما نقدر نلوم ماري حتى انا مستغربة من التغيير ومش مصدقه ان ذا نفسه البكاية أربيل 😂😂