It's the first time for both of us - 95
- الصفحة الرئيسية
- جميع القصص
- It's the first time for both of us
- 95 - اللقاء في بيرزيوم (٣)
كانت المأدبة مليئةً بالأعداء من كلِّ جانب.
لكن لحسن الحظ، طالما بقيتُ مُلتصقةً بأبي، لم يجرؤ أحدٌ على الاقتراب مني.
رغم ذلك، لم تتوقف النظرات المُلاحقة لي أبدًا.
“هل أحضرُ لكِ بعض الفاكهة؟”
“هم؟ لا، لا داعي. لا يزال هناك الكثير مما أحضره الخدم. لكن على أيِّ حال، كانت الكعكة التي أحضرتها أنتَ هي الألذ.”
ارتعشت زوايا شفتيّ أبي قليلًا، كما بدا أنفُه وكأنه قد اتَّسع قليلاً.
“بمجرد أن أنهي عملي، سنغادرُ فورًا. فقط تحمَّلي قليلًا.”
ربتَ على رأسي وهو يتحدث. أومأتُ برأسي بينما وضعتُ قطعة بسكويتٍ في فمي.
‘متى سيظهرُ الإمبراطور الذي أرسلَ الدعوة؟’
حتى لو كان البطل دائمًا آخر من يظهر، فقد كانت المأدبة تصل إلى أوجها بالفعل.
وكلما زادَ شربُ الناس للكحول واشتدَّت مشاعرهم، زاد احتمال ظهور مَن يُضايق أبي.
‘أوه، هذا أسوأ ما قد يحدث.’
وضعتُ قطعةً من الفطيرة المغطاة بهلامٍ لزجٍ في فمي وأنا أتأمل. ( مارييت جاية لحتى تأكل تمثل بعض الناس )
قالوا إن الأمير سيظهر اليوم. أتساءل إن كان آروميا قد تغيّر ولو قليلًا خلال هذه الفترة.
لقد بدا ضعيفًا للغاية، كما لو كان على وشك الإنيهار في أيِّ لحظة. كنتُ آملُ أن تكونَ صحّته قد تحسّنت، ولو قليلًا.
بدأتُ أقلق إن كانت عيناه لا تزالان متورمتين ومُلتهبتين.
لم يَمض وقتٌ طويل حتى جاءَ مساعدُ الإمبراطور يبحثُ عن أبي.
“سعادتك، يرغبُ جلالةُ الإمبراطور في رؤيتك على انفراد. سيكونُ قداسة البابا حاضرًا أيضًا.”
كما توقَّعت تمامًا.
لا يُعقل أن يدعُو الإمبراطورُ وأبي لحضورِ المأدبة ثم لا يستدعِيه، خاصةً بعد أن حضرَ أخيرًا لأول مرة منذ سنواتٍ عديدة.
“سأذهبُ لمقابلته.”
انحنى أبي قليلًا ليُخاطبني.
“ابقي هنا وانظري حولكِ قليلًا، لن أتأخرَ طويلًا.”
أومأتُ برأسي.
“حسنًا، كن حذرًا، أبي!”
“احرصوا على حماية مارييت.”
“نعم، سننفِّذ الأمر.”
حتى بعد أن أصدر أبي أوامره، لم يغادر فورًا، بل مدّ يده وربَّت على رأسي مرةً أخرى.
“كوني فتاةً مهذَّبةً وانتظريني.”
ابتسمتُ وأومأتُ برأسي.
“حسنًا! عد بسرعة.”
“سأفعل.”
غادرَ أبي مع المساعد.
ولكن ما إن اختفى من قاعة الولائم، حتى شعرتُ بثقلِ نظراتِ الآخرين عليّ يزداد.
“يا آنستي، تبدينَ وحيدةً حقًا. أين ذهبَ الدوق تاركًا إياكِ هنا وحدكِ؟”
اقتربت مني مجددًا تلك الفتاة التي كانت مهتمّةً بي وبأبي أكثرَ مما ينبغي.
كانت ابنةَ مركيز إيلين، أليس كذلك؟
تراجعتُ خطوةً إلى الوراء وقلتُ.
“لقد ذهب لمقابلة جلالة الإمبراطور، لكنه سيعودُ قريبًا.”
“أوه، يا لكِ من فتاةٍ لطيفةٍ تخبرينني بذلك. بدلًا من الجلوس هنا وحدكِ، ماذا لو جئتِ وتحدَّثتِ معي هناك؟”
كدتُ أتنهدُ بسخرية.
من الواضح أنها تُريدُ سؤالي عن أبي. كان الأمر واضحًا للغاية.
“لا، شكرًا لكِ.”
“أوه، لا تكوني هكذا. دعينا نبحثُ عن شيءٍ مشتركٍ بيننا. أنا أحبّ الأطفال كثيرًا، أتعلمين؟ هناك الكثير مما يمكننا التحدّث عنه، مثل الأشياء التي يحبّها الدوق ….”
عندها تدخَّل آرون.
“هذا يكفي، يا آنسة. سيدتي ليست مرتاحة.”
وضعت الفتاة يدها على فمها وكأنها مصدومة.
“أوه، لم أقصدْ أن أُشعرها بعدم الارتياح. إن كنتِ قد شعرتِ بذلك، فأنا أعتذرُ بشدة، يا أميرة مارييت. أتمنى أن نتمكنَ من الحديثِ لاحقًا.”
كادت أن تُطرد من قِبَل آرون وهي تتراجعُ بخطواتٍ بطيئة.
كنت أراقبُها وهي تبتعد، ثم تحركت لا إراديًا للاختباءِ خلف آرون.
كونُ أبي شخصًا رائعًا إلى هذا الحد أمرٌ مُرهقٌ حقًا.
وجوهٌ غريبةٌ لا حصرَ لها.
مكانٌ لم أزرهُ من قبل.
رغم أن بين وآرون كانا معي، إلا أن النبلاءَ لم يتوقفوا عن النظر إليّ كأنني فريسة، مترصّدين الفرصة ليقتربوا مني ويلقوا التحية.
والآن، بعد أن غادر أبي للقاء الإمبراطور، اجتاحتني موجةٌ من القلق الشديد.
لم أشعر بمثل هذا التوتر من قبل.
رغم وجود بين جانبي، وحراسة آرون لي، لم أستطع منعَ نفسي من الشعور بالاضطراب.
كنت أرغب في العثور على مكانٍ هادئٍ للاختباء.
‘أريدُ الخروج. على أيِّ حال، لا توجدُ أحجارُ كشفِ السحر في القصر الإمبراطوري، صحيح؟’
كنت قد تناولت دواءً احتياطيّا، لكن إن استخدمت قُدراتي، فكلّ ذلك سيكون بلا جدوى.
لكن في النهاية، تغلَّبت رغبتي في الهروب على صوت العقل.
فقط لفترةٍ قصيرة، هذا كلّ شيء.
استغللتُ اللحظةَ التي كان الجميعُ فيها مُنشغلين، وتسللت من خلفِ الستائر، ثم انزلقتُ بهدوءٍ عبر باب قاعة الولائم المفتوح.
بمجرد أن وطأت قدمايَ الرواقَ الهادئ، شعرت أخيرًا وكأنني أستطيعُ التنفُّس.
‘يجبُ أن أتدرَّب على التكيُّف مع هذه الحفلات.’
لكن مهما حاولت، لم أعتقد أنني سأتمكن يومًا من تحمُّل هؤلاء النبلاءِ الذين يقتربونَ مني فقط لإرضاءِ أبي.
‘سأبقى هنا قليلًا فقط، ثم أعود.’
أسندتُ ظهري إلى الحائط وأخذت نفسًا عميقًا.
في النهاية، سيلاحظ أحدهمُ اختفائي وسيرسل من يبحثُ عني، لذا أردتُ فقط أن أستمتعَ بهذه اللحظةِ القصيرةِ من الحرية.
“حسنًا، حسنًا.”
عندها، سمعتُ صوتًا لزجًا كالثعبانِ ينبعثُ من خلفي.
أدرتُ رأسي ببطء.
وجهٌ شاحبٌ كالطحين، شعرٌ أبيضُ كالثلج، وتعبيرٌ ودودٌ لكنه يحملُ برودةَ الجليد.
عرفتُه على الفور.
موركال لابريك، البابا.
‘ألم يكن من المفترض أن يكون معَ جلالةِ الإمبراطور؟’
لم يتغيّر وجهُه أبدًا على مدار سبع سنوات. وكأنه لم يَشِخْ ولو ليومٍ واحد.
“أيتها الفتاةُ الصغيرة، كيف لكِ أن تكوني وحدكِ هنا؟ القصر الإمبراطوري يشبهُ المتاهة، والتجولُ فيه بمفردكِ قد يكونُ خطيرًا.”
كان صوته رقيقًا ولطيفًا ….. إلى حدٍّ لا يُصدّق.
لكن أولًا، كان عليّ أن أبقى متيقظة.
لم أتناول بعدُ جرعةَ هِيلا السحرية بعد استخدام قدرتي.
كنتُ قد هممت بأخذها عندما صادفتُ البابا بالصدفة.
“أوه، بالمناسبة، سمعتُ أن وريثة ديكارت ستظهر في الحفل اليوم. هل سمعتِ بذلك أيضًا، أيتها الآنسة الصغيرة؟”
تمكنتُ من استيعاب الأمر فورًا.
لقد تعرَّف عليّ.
أدرك أنني الأميرة ديكارت.
حدّقت به دون أن أُظهر أيّ علامةٍ على الارتباك، ثم أمسكت بطرف فستاني وأديتُ التحية بأدب.
“تحت بركة لابريك، إنه لشرفٌ عظيمٌ أن ألتقي بحضرتكَ، قداسةَ البابا العظيم.”
“أوه؟ إذًا، أنتِ تعرفينني.”
“بصفتي خادمةً متواضعةً لــ لابريك، أرى أنه من الطبيعي أن أتعرّف عليكَ.”
تحدّثتُ بابتسامةٍ رقيقة، رغم أنني شعرتُ بشفتيّ ترتجفان قليلًا.
“ها-ها! يا لكِ من فتاةٍ ذكية! يبدو أن مستقبلَ بيرجي سيكون أكثر إشراقًا من أيّ وقتٍ مضى.”
مدَّ يده نحوي. فتجمّدت في مكاني، غير قادرةٍ على مدّ يدي لمصافحته.
كان هناك شيءٌ واحدٌ فقط يشغلُ تفكيري: لا يجب أن أسمح له بلمسي أبدًا!
أرجوك، ليظهر أيُّ شخصٍ الآن!
“قداستك البابا.”
تمامًا في تلك اللحظة، وكأنها معجزة، ظهر شخصٌ فجأة، مُناديًا البابا بصوتٍ دافئ، بينما وقف بيننا ليحجبني عنه.
ثم، بحركةٍ هادئةٍ لكن لطيفة، دفعني قليلًا إلى الخلف، وكأنه يُخبرني بالتراجع.
طرفتُ بعينيّ وأخذتُ خطوةً إلى الوراء دون تفكير. كان الشخص الواقف أمامي طويلًا جدًا، مما حجب رؤيتي بالكامل.
استغللتُ الفرصة سريعًا، ووضعتُ الجرعة التي كنتُ أمسكها في يدي داخل فمي.
بمجرد أن ابتلعتها، زفرتُ تنهيدةَ ارتياح.
“ألَمْ يكن من المفترض أن تكون في قاعة الحفل؟”
سأل البابا الشخص الواقف أمامي بنبرةٍ هادئة.
لكن، لسببٍ ما، بدا صوته يحملُ بعض التوتّر.
“خرجتُ فورَ سماعي بوصولِ قداستكَ. أردتُ أن أُقدّم لك التحيةَ مسبقًا.”
“ها-ها. يا لهُ من أمرٍ نادر!”
“جلالةُ الإمبراطور في انتظارِك. كما أن الدوقَ الأكبرَ برفقته. سأتشرّف بمرافقة قداستكَ إلى قاعة الحفل.”
أمالَ البابا رأسَه قليلًا، ثم نظرَ إليّ بابتسامةٍ خفيفةٍ خفيّة.
“بما أنك تكفّلت بذلك، فقد أُزيحَ عني القلقُ تمامًا. أيتها الآنسة الصغيرة، كان من دواعي سروري أن ألتقيَكِ. آملُ أن تستمتعي بالحفل. وأتطلعُ لرؤيتِكِ مرةً أخرى.”
“… وداعًا.”
بادلتُه التحية، آملةً أن يغادر بسرعة.
“إذًا، سأغادر الآن. لتحِلَّ بركة لابريك على هذه الآنسةِ الصغيرةِ الجميلة.”
‘أُغ! لا أحتاج لبركتك!’
بدلًا من الرد، شعرتُ بالقرفِ داخليًا، وأخذتُ خطوةً أخرى إلى الوراء.
لحسن الحظ، لم يُطِل الباباُ البقاءَ أكثر، واستدارَ ليغادر.
“فيوووه.”
أطلقتُ تنهيدةَ ارتياحٍ طويلة.
في تلك اللحظة، استدارَ الشخصُ الذي أنقذني.
كان أقصر من أبي، لكنه كان طويلًا بما يكفي لأضطر إلى رفعِ رأسي للنظر إليه.
“مرحبًا.”
انحنى قليلًا ليكونَ على مستوى نظري، وتحدّثَ بصوتٍ لطيف.
كان رجلًا طويلَ القامة، بشعرٍ ذهبيٍّ مُصفَّفٍ بعناية، وعينينِ ذاتِ لونٍ غامضٍ بين البنيِّ والذهبيّ.
بدا في سنٍّ يصعبُ تحديدُ ما إذا كان بالغًا أم لا.
طرفتُ بعينيّ.
“… من أنت؟”
عند سؤالي هذا، اتّسعتْ عيناهُ قليلًا في دهشةٍ خفيفة.
ثم، ضحكَ بصوتٍ ناعمٍ وخفيف.
وصلَ إلى أذني صوتُه النقيّ المليءُ بالضحك.
“لقد تعرّفتُ عليكِ من النظرةِ الأولى.”
بدا وكأنه يشعرُ ببعضِ الخيبة.
“لقد مر وقتٌ طويلٌ منذ آخر لقاءٍ لنا يا ماري.”
بنبرةٍ مليئةٍ بالدفء والحبّ، ناداني باسمي.
[ يُتبع في الفصل القادم ……]
– ترجمة خلود