It's the first time for both of us - 94
- الصفحة الرئيسية
- جميع القصص
- It's the first time for both of us
- 94 - اللقاء في بيرزيوم (٢)
عندما أصبحت ثلاثة عشر عامًا أخيرًا، وصلت إليَّ دعوةُ لحضور المأدبة.
“واو، إنها دعوة!”
حاول أبي ألَّا يُريني إياها، لكنني كنتُ قد رأيتُ بالفعل أن هناك دعوةً تحمل اسمي.
“أبي، إذا كان اسمي موجودًا، فهذا يعني أنني سأذهب أيضًا، أليس كذلك؟”
“إذا كنتِ متعبةً، فلا داعيَ للذهاب.”
رأيتُ أبي يتحدَّث بلا مبالاة، فضيَّقت عينيَّ.
“أنا لستُ متعبةً على الإطلاق.”
“لكنكِ تبدين مُرهقة.”
“أبي، هذا غيرُ منطقي.”
كان أبي يختلق مثل هذه الأعذار غير المعقولة من وقتٍ لآخر.
ومنذُ وقتٍ ما، لم يعُد قادرًا على رفض طلبي، فصار يلجأ إلى المراوغة بهذه الطريقة.
اعتقدت أن الدعوة الإمبراطورية ستكون فرصةً رائعة.
بالإضافة إلى ذلك، كان هناك أمرٌ أودّ التأكّد منه.
منذ أن وصلتُ إلى العاصمة، لم أعد إلى التركة طوال ثلاث سنوات. كان أبي ينزل إليها أحيانًا، لكنه ظلّ يُقيم في قصرنا بالعاصمة.
بمجرد وصولي إلى هنا، أدركتُ أن هذا المكان مثاليٌّ لجمع المعلومات عن البابا والمعبد.
أما هيلا، الذي كان ينتج جرعاتٍ سحريةً ذاتَ فعاليَّةٍ متزايدة، فقد كان بالنسبة لي بمثابة “شفرةِ الغشّ”.
والآن، صار بإمكاني إخفاء قواي السحرية لمدة أسبوعٍ كاملٍ بتناول حبةٍ واحدةٍ فقط من الجرعة التي صنعها.
بشرط أنني لا أستخدمُ قدراتي، بالطبع.
وفوقَ ذلك، نجح هيلا خلال السنوات الثلاث الماضية في صناعة “مسحوق نبيذ الشغف” و”دموع النسيان”.
كان مسحوق نبيذ الشغف من أكثر الوصفات سعيًا بين الساحرات في وصفات ديميا، إذ يُعدّ جرعةً سحريةً قادرةً على جعل من يشربها يقع في الحبّ.
بمعنى آخر، كان بمثابة “سهم كيوبيد”.
ورغم اسمه، لم يكن مسحوقًا، بل كان سائلًا ورديَّ اللون.
بمجرّد أن يتناولَه الشخصُ المُستهدَف، يقع في حبّ من قدَّمه له، بنسبة نجاحٍ تصل إلى 100٪.
وبالنسبة للساحرات، اللواتي يتمتّعنَ بحواسٍّ خارقةٍ وتتحكّم مشاعرهنّ في قدراتهنّ، كانت هذه الجرعة وسيلةً مذهلةً لضبط عواطفهنَّ.
أضف إلى ذلك، أن جرعةً تُسهِّل الاستحواذ على الشخصِ الذي ترغبه كانت بالنسبة لهنّ نعمةً حقيقية.
وعلى النقيضِ تمامًا، كانت هناك “دموع النسيان”، وهو عقارٌ يُمكنه مسح ذكريات الشخص دون أيِّ آثارٍ جانبية.
وإذا اقترن بسحرِ الساحرات، فإنه يمكِّن من محو ذكرياتٍ محدَّدةٍ فقط.
‘لقد أكمل بالفعل ثلاثةً منها… إنه حقًّا مُذهل!’
كنتُ أُخطّط لاستخدامِ الجرعات التي صنعها هيلا في خطتي الخاصة.
وأما “نفسُ الريشة السوداء”، فكان أعظمَ وأظلمَ جرعةٍ على الإطلاق، ولذلك كنتُ أُمهِلُ نفسي وأنتظر بصبر.
ففي اللحظة الأكثر أهميةً، وعندما يحين الوقت المُناسب، سأُقدّمه بنفسي لمن أريدهُ أن يتناوله.
‘لكن في السنواتِ الأخيرة، يبدو أن هوسَ البابا بأبي قد خفَّ قليلًا.’
بالرغم من قضائنا وقتًا طويلًا في العاصمة، لم يعُد البابا يُرسلُ أعوانَه عشوائيًا كما كان يفعلُ في السابق.
ومع ذلك، لم يكن يبدو أن نشاطَ معبد لابريك قد انخفض.
بدأتُ أشك في أنه يخطّط لشيءٍ آخر، لكنني لم أستطع أن أطمئنّ تمامًا.
على أيِّ حالٍ، بمجرد أن أُنهي استعداداتي، كنتُ أنوي التحرُّك أولًا.
المعبد لم يجد بعد بديلًا لـ ” إكسير الحياة المقدّس”، وكنتُ أخطّط لاستغلال هذا الفارق بين الواقع والقصة الأصلية.
كما أنني أنهيت بالفعل تعديل جرعة هيلا بحيث لا يُمكن التعرّف عليها كجرعة ساحرات.
كنتُ سأقدّمها لهم، لأجعلهم طامعين بها كما تهرعُ الكلابُ الجائعةُ إلى فريستها.
وسأجعلُهم يثقون في جرعتنا، ويُفرطون في استخدامها، حتى يطمئنوا تمامًا.
وعندما يحين يوم انطلاق مؤامرتهم، سأُحطّم كلَّ توقّعاتهم، وأفضحُ سرّ البابا، وأمزّق قناعه القذر.
وبصرف النظر عن كلّ هذا، أردت حضور المأدبة لمعرفة أوضاع المعبد واتِّجاهاته، وكذلك لرصد تحرّكات الطبقة الأرستقراطية.
وإذا تمكنت من الانضمام إلى تجمّعات أقراني، فقد أسمع بعض القصص عن والديهم.
ولهذا السبب، كانت مأدبة القصرِ الإمبراطوري فرصةً لا تُعوَّض.
“إذا وعدتيني بأنكِ لن تُثيري المتاعب، فسآخذُكِ معي.”
وكما توقّعت، وافقَ أبي، ولكن بشرط.
“أنا لا أُسبّب المشاكل، لكنك تقول ذلك دائمًا عني!”
كان أبي لا يزال يراني طفلةً في السادسة من عُمرها.
لكن هيلا وبين أكدا أنني نضجتُ كثيرًا، فلماذا لا يُدرك ذلك؟
تذمّرت بانزعاج.
“إذا لم أُبقِكِ أمام عينيَّ، سأشعرُ بالقلق.”
“إذًا، سأبقى بجانبكَ طوال الوقتِ كما تُريد.”
“… حسنًا.”
وأخيرًا، حصلت على موافقته الكاملة. فقفزت بحماسةٍ وذهبت للبحث عن بين.
“بين، ساعديني في تجهيزِ نفسي للمأدبة!”
* * *
✦ يوم المأدبة ✦
بدأت الشمس بالغروب، مما يعني أن المأدبة الكبيرة في القصر الإمبراطوري على وشك أن تبدأ.
اجتمع النبلاء في مجموعاتٍ صغيرة، يستعرضونَ الفساتين والمجوهرات التي أعدّوها للحفل.
وبفضل الأحجار الكريمة المتلألئة المُزيّنة بها الفساتين، بدت بعضها وكأنها ثُريّاتٌ فاخرةٌ تتلألأ تحت الأضواء.
“سمعتُ أنَ الدوق الأكبر سيحضرُ اليوم.”
“حقًّا؟ هل سيحضرُ المأدبة؟”
كانت جميع أنظار السيدات النبيلات مُنصبّةً على الدوق ديكارت الأكبر.
“بما أنه يُقيم في العاصمة مع ابنته، فربما ينوي الانخراط في المزيد من الأنشطة الاجتماعية. فهو يشارك سنويًا في صيد الوحوش أيضًا.”
“سمعتُ أن الطفلة ما زالت صغيرة؟ آه، إذن لا بد أن تربيتها بمفرده ستكون أمرًا صعبًا…”
تنهدت امرأة، كانت ترتدي فستانًا برتقاليًا مرصّعًا بعشرات الأحجار الكريمة من رأسها إلى أخمص قدميها، بأنفاسٍ تحمل في أعماقها الشفقة.
“يا إلهي، آنسة إيلين. ما الذي تقولينه؟”
أظهرت السيدات الأخريات اهتمامًا بحديثها.
“هل أنتِ مهتمّةٌ به، ربما؟ لكنه قد تزوّج بالفعل مرةً من قبل، أليس كذلك؟”
قالت سيدةٌ ترتدي فستانًا أخضر وهي تغطي فمها بمروحة يدها.
طرحت إحدى السيدات الأخريات سؤالًا بحذرٍ عند سماع تلك الكلمات.
“حسنًا… لم يُقِم حفل زفافٍ رسميّ، ولم يتلقَّ بركةَ المعبد. هل يمكن حقًّا اعتبارُ ذلك زواجًا؟”
ساد صمتٌ قصير، وكأنهنّ يخشين أن يسمعهنّ أحد.
كان من المعروف على نطاقٍ واسعٍ أن الدوق الأكبر قد اعترف رسميًا بالطفلة التي عثر عليها بعد عناء كوريثةٍ له. ومع ذلك، نظرًا لعدم إقامة حفل زفاف، ظلّت هوية والدتها غير واضحة.
الجميعُ افترض ببساطةٍ أنها “تلك المرأة”.
الشخص الذي كسر حاجز الصمتِ المحرج كانت السيدة الأكبر سنًّا بينهنّ.
“أنا أتفهّم وجهةَ نظرِ الآنسة إيلين. لو كانَ الأمرُ يتعلّقُ بدوق ديكارت، فلا أظن أن زواجَه مرتين يُعَدُّ عيبًا. طالما يُمكن للمرء أن يظفر بمكانة الدوقة الكبرى.”
ومنذ تلك اللحظة، بدأت المحادثة تأخذ منحًى أكثرَ إثارة.
لم تكن هناك أيُّ بوادرٍ لتغييرِ الموضوع. كلُّ من يملكُ ذرةَ معلومةٍ كانَ يسارعُ بالإفصاحِ عنها.
وبطبيعة الحال، سرعان ما تحوّل الحديثُ إلى ابنةِ الدوق الأكبر الوحيدة، مارييت.
“الأميرة الصغيرة ما زالت في سنٍ تحتاج فيه إلى لمسة الأم. وإذا كانت ستدخل المجتمعَ الراقي، فهي بحاجةٍ إلى شخصٍ يُرشدها.”
أبدَت إحدى سيدات عائلة الكونت فيرونت اهتمامًا كبيرًا.
كانت تُعرف بجمالها الأخّاذ، حتى أن البعض أطلقَ عليها لقب ملكة المجتمعِ الراقي القادمة.
نظرت إيلين إلى جيزيل من عائلة فيرونت بنظرةٍ باردة.
“يجبُ أن يكون للمرء مكانةٌ مناسبةٌ حتى يَجرؤ على إظهار اهتمامه، أليس كذلك؟ اليوم، أنوي على الأقل إلقاء التحية على صاحب السعادة الدوق الأكبر. وإذا تمكنت من التقرّب من ابنته، فسيكون ذلكَ أمرًا رائعًا.”
كانت كلماتُ إيلين تحملُ نوعًا من التقييمِ الصريحِ لمكانة جيزيل وهي تمسحُها بنظرةٍ متفحّصة من رأسها إلى قدمها.
لكن جيزيل لم تبد وكأنها مستعدةٌ للخسارة.
“هل يحتاجُ المرءُ إلى حساباتٍ للفوزِ بقلب شخص؟ المكانةُ تُنتزع بالقوة، لا بالمجاملات.”
أما بقية السيدات العازبات، فقد حاولن جاهداتٍ تجنّب التورط في خلافهما، لكنهنّ لم يمنعنَ أنفسَهنّ من التفكيرِ بأن أيَّ فرصةٍ قد تُتاحُ لهنّ لن تكونَ سيئة.
وفي تلك اللحظة، أطلقت إحداهنّ شهقةً ممزوجةً بالدهشة.
“يا إلهي، انظرنَ هناك! لقد ظهرَ بالفعلِ مَن كنا نتحدّث عنهم.”
توجّهت كلُّ العيونِ نحوَ نقطةٍ واحدة.
الأميرة الغامضة، التي كانت محورًا للشائعاتِ لسنواتٍ لكنها بقيت محاطةً بالسرية، قد كشفت أخيرًا عن نفسها.
كانت تقف بجانب الدوق الأكبر ديكارت، تنبعث منها هالةٌ غامضة، بوجهٍ يشبه وجه والدها تمامًا، إلى درجةٍ تجعل من المستحيل عدم الشعور بالذهول عند النظرِ إليها.
“ما… هذا الشعور؟”
تمتمت إحداهنّ، وكأنها غير قادرةٍ على استيعاب المشهد.
بمجرد رؤية ملامح الأميرة الصغيرة، أصبح واضحًا تمامًا أن تلك المرأة هي أمها الحقيقية.
لكن، ألم تكن تلك المرأةُ من أصولٍ متواضعة؟
ومع ذلك، كان في حضور الطفلة شيءٌ مهيب، أشبهُ بشخصٍ نبيلٍ بالفطرة، مما جعل السيداتِ يشعرنَ وكأنهنّ مُحاصراتٌ بهالتها المذهلة.
لقد كانت تبدو كأنها دميةٌ نحتَها الحكام بأنفسهم.
لكن الأمر الأكثر إدهاشًا هو أنها، رغم صغر حجمها، حملت كاريزما لم بازرةً حتى بوجود دوق ديكارت المهيب.
“ك-كم كان عمرُ الأميرة الصغيرة؟”
“لقد بلغت الثالثة عشرة لتوّها.”
“ثلاثة عشر؟ وكيف لها أن تمتلك هذه الهالة؟ يا إلهي!”
تصاعدت الهمساتُ بين السيدات النبيلات.
كانت الآنسة الصغيرة ترتدي فستانًا داكن اللون مُزيّنًا بالكشكش، وهو لونٌ غيرُ معتادٍ على الأطفال، لكنها حملته بأناقةٍ لا توصف. أما الشريط الكبير الذي كان يزيّن شعرها، فقد زادها جمالًا ورقّة.
“الآن فقط أفهمُ لماذا أخفاها الدوق طوال هذا الوقت.”
“من يا ترى ستكون المرأة التي ستظفر بلقب والدتها؟”
تساءلت إحداهنّ بفضولٍ واضح.
“ههه، أظنُّ أننا سنعرفُ الإجابة قريبًا.”
قد تبدو غامضةً ومميزة، لكنها في النهاية طفلةٌ وحيدةٌ تفتقدُ إلى حنان الأم.
كسب ودّ طفلةٍ في الثالثة عشرة من عمرها سيكون بالتأكيد أسهل من أسر قلب الدوق نفسه.
تألّقت عينا الآنسة إيلين بابتسامةٍ خبيثةٍ وهي تفكر في الفرصةِ القادمة.
* * *
بمجرد أن دخلت قاعة الحفل ممسكةً بيد أبي، شعرتُ بجميع الأنظار تتجه نحوي.
كانت النظرات شديدةً لدرجة أنني توقفت للحظةٍ في خطواتي.
كنت مترددةً فيما إذا كان ينبغي عليّ إخراج كيس الوجبات الخفيفة أم لا.
قبل مغادرتنا المنزل، قام هيلا بتجهيز مجموعةٍ من الأدوية الطارئة لي؛ حبوبٌ لتهدئة الأعصاب، وأخرى لتعزيز الثقة بالنفس، وأخرى لتخدير الحواس، وأخرى لتخفيف التعب، وحتى مصل حقيقة تم تحضيره حديثًا، بالإضافة إلى بعض الحلوى في حال انخفض مستوى السكر لديّ.
كان من الخطأ تسميته “كيس وجباتٍ خفيفة”، فقد كان أشبه بكيس أدوية. لم يكن بهذا الامتلاء منذ فترةٍ طويلة.
مررنا بين الحضور وجلسنا على طاولةٍ هادئة.
بمجرد أن جلست، ارتشفتُ جرعة من الماء الموضوع أمامي.
“هناك الكثير من الناس هنا.”
“هل نعود أدراجنا؟”
تظاهرت بعدم سماع كلام أبي دون تردد، وبدأت أراقب قاعة الحفل المزخرفة ببذخ.
كان هناك أطفالٌ في مثل سني، وبعضهم أصغر، جاؤوا مع والديهم.
على عكس الحفلات الأخرى التي تقتصر على فئاتٍ عمريةٍ معينة، يبدو أن الحفل الإمبراطوري كان يستقبل جميع النبلاء من جميع الأعمار والجنسين طالما تمت دعوتهم.
عندما همس دانتي بشيءٍ إلى أبي، وقف من مكانه.
“مارييت.”
“نعم؟”
“سأعود قريبًا، لا تذهبي إلى أيّ مكان.”
“آه، حسنًا.”
لم يكن ذلك أمرًا صعبًا.
ولكن، بمجرد أن غادر أبي، اقترب مني شخصٌ ما.
“آه… مرحبًا، أميرة ديكارت؟”
رفعت رأسي ونظرت إلى المرأة التي بادرتني بتحيّةٍ ودّية.
كانت ترتدي فستانًا برتقاليًا. مهما حاولتُ التذكر، لم أكن قد رأيتها من قبل.
“مرحبًا.”
حاولت أن أجعل ردي قصيرًا ومحايدًا قدر الإمكان.
“أنا كوزيت، ابنة المركيز إيلين. سمعت أنكِ جئتِ مع الدوق الأكبر، فخشيت أن تشعري بالوحدة. هل هذه أول مرة تحضرين فيها حفلاً؟”
“نعم، لقد غادر والدي للحظة.”
ظننتُ أنها ستغادر بعد سماع ذلك، لكنها بدلًا من ذلك، جلست بلا ترددٍ في المقعد الذي كان يشغله أبي.
“آه، فهمتُ ذلك. إذا لم يكن لديكِ مانع، هل يمكنني التحدث إليكِ من وقتٍ لآخر؟ أرجوكِ اعتبريني كأختٍ لكِ.”
لم تتضمن دروس الآداب أيّ تعليماتِ حول كيفية التعامل مع هذا الموقف.
وبما أن هذا كان أول حفلٍ أحضره، أردتُ أن يمر بسلامٍ دون أيّ مشاكل.
لذا، أومأتُ برأسي بهدوء.
لكن يبدو أن هذا كان خطأً، إذ بدأت الآنسة إيلين في إغراقي بالأسئلة عن أبي؛ اهتماماته، وما يفعله في عطلات نهاية الأسبوع، وغير ذلك.
حتى لو كنت صغيرة، فقد كان واضحًا أن تصرفها وقحٌ للغاية.
“هل لدى الدوق الأكبر شخصٌ يلتقي به هذه الأيام—”
قبل أن تتمكن الآنسة إيلين من إنهاء كلامها بنبرةٍ ذات مغزى، لاحظتُ أن أبي يقترب من خلفها بهالةٍ قاتمةٍ تبعث على الرهبة.
“ما الذي يحدث هنا؟”
على ما يبدو، لم أكن الوحيدة التي شعرت بجوّه المروع، إذ ارتجفت الآنسة إيلين ووقفت بسرعة.
“س-سعادة الدوق الأكبر! كنتُ فقط أحاول إبقاء الأميرة مارييت بصحبةٍ طيبة حتى لا تشعر بالوحدة… أ-أعتذر! لم أكن أقصد أيّ إساءة. أميرة مارييت، كان شرفًا لي أن ألتقي بكِ.”
كلما زاد تهديد أبي الصامت، ازداد شحوب وجه الآنسة إيلين، حتى انسحبت بسرعة.
بعدها، وكأن شيئًا لم يكن، قدّم لي أبي طبقًا من الحلوى.
كان كعكًا بالشوكولاتة مغطى بكميةٍ وفيرةٍ من الفراولة.
“رأيتُ هذا هناك، فأحضرتُه لكِ.”
نظرتُ إلى الكعكة ثم إلى أبي، وأعدت النظر بينهما عدة مرات.
لا يمكن أن يكون جادًا… أن ينشر تلك الهالة المرعبة هكذا…
في الواقع، أبي هو الذي يحتاج إلى دروسٍ في الآداب أكثر مني.
تساءلتُ إن كان هناك شخصٌ يجرؤ على تعليمه ذلك، بينما التقطتُ الشوكة.
“هل أزعجتكِ تلك المرأة؟”
بينما كنت أغرس الفراولة في الشوكة وأضعها في فمي، سألني أبي.
لحظة… هل يمكن أن يكون هذا هو سبب مزاجه السيئ قبل قليل…؟
بعد تفكيرٍ قصير، هززت رأسي نفيًا.
“إذا أزعجكِ أيُّ شخص، أخبريني. سأعتني بأمره بنفسي.” ( الترجمة: هقتله بنفسي )
عند سماعي تلك الكلمات، شعرتُ بقلقٍ مفاجئ. فقد تذكرتُ الهالة القاتلة التي أطلقها قبل قليل.
“أبي.”
“نعم؟”
“… مهما كنتَ غاضبًا، لا يمكنك قتل أحد، حسنًا؟”
[ يُتبع في الفصل القادم ……]
– ترجمة خلود