It's the first time for both of us - 90
- الصفحة الرئيسية
- جميع القصص
- It's the first time for both of us
- 90 - توائم ديميا الثلاثة (٣)
“أشعر بالبرد.”
تمتمتُ بصوتٍ خافت.
حتى بعد قضاء وقتٍ طويلٍ في المتجر، كنا نرتجفُ أمام باب منزل تانيا.
كنت قد ارتديت ملابس دافئة، لكن ذلك كان عديم الفائدة أمام المطر البارد.
“الداخل هادئٌ جدًّا.”
“أتُراهم يتحدثون بشكلٍ جيد؟”
عقدت تانيا ذراعيها وسرحت في التفكير للحظات.
“حتى لو لم يتمكنوا من التحدث كثيرًا، فالوقتُ سيحلُّ الأمر ….. على أيّ حال، لقد التقا هيلا بعائلته أخيرًا.”
كانت في نبرة تانيا بعض الغيرة.
لم يكن بوسعي فعل شيءٍ من أجلها، لذا أمسكت يد تانيا بحذر. أو بالأحرى، أمسكت إصبعين فقط.
نظرت إليَّ تانيا للحظة، ثم انفجرت ضاحكةً بخفَّة.
“صغيرةٌ ودافئة.”
“لقد كنتُ أُبقي يديَّ في جيبي طوالَ الوقت.”
“إنها صغيرةٌ ودافئة لدرجة أنها تجعلني أرغبُ في الاعتناءِ بها بعناية.”
“أنتِ أيضًا ثمينةٌ بالنسبة لي، تانيا.”
عندما ابتسمتُ لها ونظرتُ إليها، انفتح باب المنزل بصوت صريرٍ خافت.
ظهر هيلا، وكانت عيناهُ حمراوين.
“آسفٌ لجعلكما تنتظران طويلًا. تفضلا بالدخول.”
* * *
أصبحَ الجوّ أكثر هدوءًا مقارنةً بالمرة الأولى، لكن التوتر لم يختف تمامًا.
كان الجميع يرسلون نظراتٍ لبعضهم البعض، مترددينَ في كسرِ الصمت.
“إنهم متشابهونَ تمامًا.”
همست في أذن هيلا، فانفجر ضاحكًا.
اقتربت مني إحدى الثلاثي، تلك التي تمتلكُ لونًا مختلفًا في عينيها.
جثت على ركبتها أمامي ومدَّت يدها.
تفاجأت وتراجعت خطوةً إلى الخلف.
“إنها الأختُ الكبرى. إذا لم يتغيّر اسمها …..”
“لم يتغيّر.”
أجابت أخته. ثم أضافَ هيلا.
“يمكنكِ مناداتُها بـ كيركي.”
أملتُ رأسي قليلًا ومددتُ يدي.
“هل أنتِ حقًّا من نسلِ لويسين؟”
نظرتُ إلى هيلا، ثم أومأتُ برأسي.
بعدها أبعدتُ شعري عن رقبتي، كدليلٍ لا يمكنُ إنكاره.
“يا إلهي…”
أمسكتْ كيركي بيدي ودفنت وجهها في يدها الأخرى، وأطلقت أنينًا خافتًا.
أما التوأمان الواقفتان بجانبها، فقد بدَت أعينُهما وكأنها ستسقط من شدَّة الدهشة.
‘قال هيلا إنهنّ مهووساتٌ بــ لويِسين إلى حدِّ العبادة.’
“أشكركِ على وجودِكِ. لقد سمعتُ أن أخي مدينٌ لكِ. أنا ممتنةٌ للغاية.”
“لكنني لم أفعل شيئًا ….”
“يا ملكَتنا السوداء.”
قبَّلت كيركي ظاهرَ يدي باحترام.
“لكني لستُ الملكة.”
“أنتِ من نسل لويسين، مما يعني أنكِ ملكةُ الساحرات. هذه الحقيقةُ لن تتغيّر أبدًا.”
شعرتُ بالإحراج، فحككتُ خدي بخفة.
“رجاءً، اسمحي لنا بالتحدثِ معكِ بأسلوبٍ رسمي. أنتِ شخصٌ ذو شأنٍ عظيم.”
“قد تجدُ ذلكَ مزعجًا.”
تدخَّل هيلا عندما لاحظَ ترددي.
“آه… لقد حدثَ الكثيرُ اليوم، ولا أستطيع السيطرة على مشاعري… هاها، يبدو الأمرُ فوضويًّا.”
ضحكَت كيركي بارتياحٍ، وكأنها تُفرغُ التوترَ من داخلها.
استجمعتُ شجاعتي وسألت.
“لقد استلمتُم ما أرسلناه، صحيح؟”
“نعم، لكن كيف خطرت لكِ هذه الفكرة؟”
همسَ لي هيلا بأن من تكلَّمت الآن هي الأختُ الصغرى، رونيا.
كان الثلاثي متطابقًا إلى حدٍّ مخيف، باستثناء اختلافاتٍ بسيطةٍ في تصفيفات الشعر، مما جعلني أشكُّ في قدرتي على تمييزِهم غدًا.
أجبتُ بحذر.
“وصي الساحراتِ ساعدنا. اسمه كوهن.”
كان كوهن ملتصقًا بي منذ البداية، يُراقبُهم بحذرٍ غريب.
شعرتُ بأن حذرَهُ الشديدَ غيرُ مبرَّر، لذا لم أُعرِّفهم عليه أكثر.
كلما نظرت أكثرَ إلى كيركي، كيسي، ورونيا، بدأتُ أستطيعُ تمييزَهم.
كانت كيركي مميزةً بلون عينيها المختلفين.
أما رونيا، فكان لديها شامةٌ كبيرةٌ تحت عينها، وكان اسمُها قريبًا من اسمِ تانيا، مما سهَّلَ حفظه.
بدأت الثلاثيُ يروونَ أين كانوا، وكيفَ وصلوا إلى هنا.
كانت رحلتُهم عبر الحدودِ أشبهَ بفيلم جواسيس.
مع مرور الوقت، شعرت بأن الجدارَ غيرَ المرئيِّ بينَ هيلا وأخواته كان ينهارُ شيئًا فشيئًا.
وخزتُ هيلا بمرفقي وهمست.
“لن تواجهَ أيَّ مشكلةٍ في تعلُّم جميع وصفات ديميا الآن، أليس كذلك؟”
أومأ هيلا برأسه.
“نعم. أخواتي يعرفنها أفضلَ مني. إنهنّ ساحراتٌ بعدَ كلِّ شيء.”
لكن وجهَ الثلاثي شحبَ فجأة.
تبادلْنَ النظراتِ بقلق، لكن ألسنتهنّ لم تتحرك.
لاحظت تانيا ذلك أيضًا.
“هل هناكَ مشكلة؟”
ترددت كيسي، ثم قالت بصوتٍ منخفض،
“لم نعُد قادرينَ على استخدامِ وصفات ديميا.”
ماذا؟
حدَّقت فيهنَّ بعينينِ متسعتين.
بدَا أن هيلا لم يفهمَ الأمرَ أيضًا.
“ماذا تعنينَ بذلك؟”
سألَ هيلا، وبدَت نبرتُه مشحونةً بالقلق.
“…هيل.”
“أنتنّ الوحيدات القادرات على حفظِ وصفات ديميا. إن كنتنّ ترفضنَ بسببِ شعورِكنّ بالذنب تجاهي—”
“نحن آسفات. ليسَ الأمرُ كذلك. إنما… لم نعُد نتذكرها. لقد اختفت.”
أن تفقد ساحرات ديميا القدرةَ على تذكرِ وصفاتهنّ؟
هذا مستحيل.
لكن وجوهَ الثلاثي كانت جادَّةً للغاية.
“ماذا تقصدنَ؟ رجاءً، وضِّحنَ لي الأمرَ جيدًا.”
بدأت رونيا تعضُّ شفتها بقلقٍ وتعبثُ بأظافرها، ثم تكلمت كيسي بدلًا عنها.
“لقد فقدنا قوةَ ديميا بالكامل. اضطررنا إلى إبرام عقدٍ لننجو.”
“ما نوعُ العقد؟ هل قام أحدهم بختم سحركنَّ؟”
“لا. نحن من فعلنا ذلكَ بأنفسنا. والسبب هو…”
بدأ الهواءُ يبردُ من جديد.
وكان الوقتُ قد حان تقريبًا لعودتي إلى المنزل.
كما توقعتُ، دوى طرقٌ على الباب.
سادَ الصمتُ في الغرفة.
“لقد جئتُ لأصطحبَ الآنسة.”
كان صوت آرون.
حدَّقت في النافذة، ولحسن الحظ، كانت الستائرُ مسدلة.
وضعتُ الستارة حول الثلاثي ونهضتُ.
“يجب أن أذهب.”
قبل أن أتوجه للباب التفتُ نحو الأخوات.
“ستبقينّ هنا أليس كذلك؟ لن تذهبنّ؟”
أومأ الثلاثة بنفس الوقت.
“طالما يسمح هيل بذلك فسوف نبقى. سنكون في نُّزلٍ قريب، يمكنكِ استدعاؤنا في أيِّ وقت.”
أومأت برأسي. حاول هيلا أن يقف لكنني أوقفته.
“يمكنك البقاء لفترةٍ أطول، سأخبر أبي أنك لن تأتي الليلة.”
لم أستطع أن أجعلَهُ يبتعد عن عائلته بهذه السرعة بعد لمّ شملهم.
لا بد أنهم كان لديهم الكثير ليتحدثوا عنه؛ اليوم يجب أن يكون لهم.
ركضتُ إلى الباب وفتحته بقوة.
“آرون!”
مع الستارة في مكانها، لن يرى آرون سواي، وتانيا، وهيلا، والقط الأسود كوهن.
رحّب بي آرون بابتسامةٍ مشرقة.
“يبدو أن الشمس ستغروب قريبًا، لذا جئت لأصطحبكِ.”
“نعم، ولكن هيلا لن يعود إلى المنزل اليوم. أليس كذلك؟”
توجّهت نظرتي إلى هيلا وقلت له هذا. أومأ برأسه، ثم تجمد فجأةً وكأنه تحوّل إلى جليد.
نظرة آرون كانت غريبةً بعض الشيء.
“آه، فهمت …. كلاكما …. حسنًا. إذًا، استمتعا بوقتكما. سأصطحب الآنسة.”
بدأت ابتسامة تانيا بالانهيار.
من الكلمات التي أضافها آرون، فهمتُ أنه قد أساء فهم الوضع.
“هاهاها… نعم، بالطبع. اعتني بنفسكِ، آنستي. كان اليوم ممتعًا.”
“نعم، إلى اللقاء.”
آه، لا يهم.
لوّحت بيدي وأغلقت باب المدخل خلفي.
ثم، دخلت العربة وأنا في أحضان آرون. نظرت من نافذة العربة إلى منزل تانيا.
كانت الستائر مسدلة هنا وهناك، ولم أتمكن من رؤية الداخل.
لم أستطع إخفاء خيبة أملي. فقدان ساحرات ديميا لقوتهنّ كان شيئًا لم أتوقعه.
لم يبدو أنهنّ قد فقدنّ قوتهنّ كساحراتٍ تمامًا؛ ما زلت أستطيع أن أشعر بالقوة السحرية منهنّ.
وكان لكلٍّ منهنّ العلامة الخاصة بديميا على أصابعهن ومعاصمهنّ.
مما يعني أنهنّ ساحرات.
ومن رد فعل هيلا بدا أنه متفاجئٌ مثلي.
‘ماذا حدث في تلك هومڤيل؟’
كنت آمل أن أسمع القصة كاملة قريبًا، سواء من التوائم الثلاثة أو من هيلا، وأبعدت عينيّ عن النافذة.
* * *
عندما عدت إلى المنزل، سألت كوهن. كوصيٍ للساحرات، كان كوهن دائمًا يشكو، لكنه كان دائمًا إلى جانب الساحرات.
لكن التوتر الذي كان موجودًا في وقتٍ سابق كان عدائيًا بوضوح.
“كوهن، لماذا تصرَّفت هكذا في وقتٍ سابق؟”
رفع كوهن، الذي كان يلعق فراءه المبلل على الطاولة، رأسه.
[كانت هناك رائحةٌ خطيرة. لكن بعد مراقبتي، لم أظن أنهنّ خطيرات، لذلك تركتهنّ. سأراقب أكثر بعد.]
“رائحة خطيرة؟”
[مارييت. هل تعلمين أن الشياطين يحبونّ الساحرات إلى حدٍ ما؟]
“شياطين؟ لا…؟ هل الشياطين موجودة؟”
سألت بدهشة.
[هم ليسوا موجودين في هذا العالم. لو كان الشياطين يتجولون هنا على الأرض، لكانت قد دُمِّرت بالفعل.]
“واو!”
[الناس في معبد لابريك الذين أخبرتيني عنهم، يستخدمون قوة الحاكم لابريك. يتم نقل الأوراكل عبر البابا الذي يعمل كوسيط.]
“نعم، هذا صحيح.”
[الشياطين كذلك. هم موجودون في عالمٍ آخر. عالمهم وعالمنا مختلفان، لكن من الممكن الاتصال بينهما عبر وسيط. وللشياطين يجب أن يبرموا عقدًا ليتمكنوا من القدوم إلى هذا العالم.]
“عقد؟ إذًا، كوهن، هل تعني أن التوائم عقدّوا عقدًا مع الشياطين؟”
كان رأسي مليئًا بالأسئلة بسبب المعلومات الجديدة.
تابعت الحديث بشكلٍ غير مرتب.
“الآن بعد التفكير في الأمر، هناك ساحراتٌ يتحكمنّ في التوابع، أليس كذلك؟… هل يمكن أن تكون قد خلطت بين الكلب التابع والشيطان في وقتٍ سابق؟”
ضاقت عينا كوهن.
[التوابع التي تتحكم فيها الساحرات لا تحمل هالة الشياطين.]
“إذًا …؟”
قفز كوهن عن الطاولة إلى الأرض.
[عادةً، الساحرة تشارك روح الحيوان وقوته السحرية لتأسيس علاقة سيدٍ وخادم. هذا هو التابع.]
“نعم.”
[أرواح الحيوانات الصغيرة أسهل في التوافق معها، لذا عادةً ما تبدأ الساحرة بالحيوانات الصغيرة.]
“أعتقد أنني قرأت هذا في كتاب. إذًا الكلب ذو العيون الحمراء الذي رأيناه لم يكن مجرد حيوان، أليس كذلك؟”
[نعم، هذا صحيح. كان شيطانًا.]
ثم صعد كوهن على حضني.
“ولكن كيف…؟”
[يجب على البشر، بمن فيهم الساحرات، أن يختبروا الموت ليتمكنوا من الاتصال بالشياطين عبر وسيط.]
[ يُتبع في الفصل القادم ……..]
– ترجمة خلود