It's the first time for both of us - 78

“لقد استلمت رسالتكِ.”

 

رفع أبي الرسالة المألوفة التي كانت في يده وهزّها قليلاً، كما لو أنه كان يحملها طوال الوقت.

 

لقد قرأها! وبحماس، سألته.

 

“بابا، هل قرأتَها؟ هل قرأتَها؟”

 

“نعم.”

 

“بابا! الآن أستطيع كتابة الرسائل بشكلٍ جيد! لقد كنتُ أتمرن كل يوم!”

 

“أحسنتِ. دانتي، أرجو أن تُريها لمارييت.”

 

“آه، نعم! آنستي، هل تعرفين ما هذا؟”

 

ابتسم دانتي بخبثٍ وهو يفتح القفل على صندوق معدني.

 

“هممم.”

 

داخل الصندوق، كانت هناك مجموعةٌ من الخرزات السوداء التي كان آروميا قد أعطاني إياها، مصطفةً في صفٍ واحد.

 

أمسكتُ واحدةً منها بيدي.

 

كانت ذات شكلٍ حاد، وسوادها الداكن الذي يبدو أنه يمتص كل الضوء، مماثلة تمامًا لتلك التي أعطاني إياها آروميا.

 

لماذا جلب أبي هذه؟

 

وبينما كنتُ أراقب الخرز الأسود، هززت رأسي في حيرة.

 

“لا. ما هذا؟”

 

أومأ دانتي كتفه.

 

“أنتِ تعرفين أن صاحب السعادة شارك في صيد الوحوش، أليس كذلك؟”

 

“نعم.”

 

تتجمع الوحوش عادةً في المناطق الشمالية الباردة والوعرة، وتعيش في جميع أنحاء بيرجي، حيث توجد جبالٌ أكثر من السهول.

 

نادراً ما تنزل إلى القرى، لكنها تصبح خطيرةً في الشتاء. فهي تأتي إلى القرى برفقة الحيوانات البرية التي تبحث عن الطعام وتسبب الأذى للبشر.

 

الوحوش الصغيرة أو حديثة الولادة لا تختلف كثيرًا عن الحيوانات البرية العادية.

 

بل إن هناك وحوشًا أضعف من السناجب أو الأرانب.

 

لكن، بمجرد أن تنضج الوحوش تمامًا، تصبح أكثر خطرًا من الحيوانات البرية، وبعضها يتمتع بذكاء عالٍ، مما قد يؤدي إلى أضرارٍ كبيرة.

 

لهذا السبب، يتم إجراء حملة صيدٍ واسعة كل عام للحدِّ من أعدادها ومنعها من النمو بشكلٍ كبير.

 

“لقد مضى وقتٌ طويل، ولكن للحصول على هذه، قضى صاحب السعادة على جميع الوحوش. جميعها! وحتى أن العائلة الإمبراطورية لم تحصل على شيءٍ هذا العام.”

 

أحضر دانتي الصندوق بالقرب مني.

 

“هذه هي بلورات قلب الوحش. وتسمى حجارة الدم القلبية.”

 

“بلورات قلب الوحش؟ حجارة الدم القلبية؟”

 

وضع دانتي الصندوق أمامي.

 

“عندما تموت الوحوش التي تم صيدها، تتحول أعضاؤها، بما في ذلك القلب، إلى حجر.”

 

“إلى حجر؟”

 

شرح دانتي بلطف.

 

“نعم. تصبح كما لو أنها تربةٌ جافةٌ تم ضغطها. هذا هو الفرق بينها وبين الحيوانات العادية.”

 

“يا له من شيءٍ مذهل!”

 

“عادةً، إذا أمسك بها أحدهم، تتحطم، لكن أحيانًا يمكن استخراج أحجارٍ كريمةٍ صلبةٍ مثل هذه.”

 

“واو…”

 

كنتُ أراقب الخرز عن كثب، وأنا مفتونةٌ تمامًا.

 

وبما أنني أظهرت اهتمامي، قال دانتي بصوت أكثر حماسة.

 

“رغم أن اسمها ‘حجارة الدم القلبية’ قد يبدو غبيًا، فإنها ببساطة من أرقى الأحجار الكريمة. يقولون إنه لم يتم العثور على كميةٍ كبيرةٍ منها منذ عدة عقود.”

 

تُعتبر حجارة الدم القلبية نادرةً جدًا وتُعامل كأحجارٍ كريمةٍ ذات قيمةٍ عالية.

 

الأحجار الصغيرة تُضاف إلى البروشات، بينما يُستخدم الأكبر منها كزينةٍ للفساتين أو تزيين زيّ النبلاء الرفيعين.

 

‘لكنها مجرد خرزاتٍ سوداء ….. هل هي حقًا مثيرةٌ للاهتمام؟’

 

على عكس الأحجار الكريمة الأخرى، فإن أكبر ميزةٍ لها هي أنها لا تحتاج إلى معالجة.

 

“من المحتمل أنكِ لن تري الوحوش بنفسكِ، آنستي، لكن هذه البلورات نادرةٌ للغاية وتوجد في الوحوش الكبيرة.”

 

الوحوش الكبيرة؟

 

فتحت فمي من الدهشة.

 

ماذا فعل أبي بالتحديد؟

 

“على الرغم من حجمها الصغير، إلّا أنها أغلى من الألماس. يمكنكِ شراء منجمٍ واحد فقط مقابل واحدةٍ منها.”

 

“هااا؟!”

 

أهي غالية لهذه الدرجة؟

 

“لقد قام صاحب السعادة بالقضاء عليها جميعًا، لذلك لم تحصل العائلة الإمبراطورية على أيٍّ منها. في معظم السنوات، لا يتم تقديم أكثر من عشرةٍ منها للإمبراطور.”

 

لا يُصدق.

 

“لذا، الآن، عدد حجارة الدم القلبية التي تمتلكها العائلة الإمبراطورية وعدد التي لديكِ سيكون تقريبًا متساويًا. هاهاها!”

 

ضحك دانتي بصوت عالٍ، ولأول مرة، لم يُوقفه أبي.

 

وهذا جعل دانتي يصبح أكثر حماسة.

 

عرض عليَّ دانتي سبع بلوراتٍ من قلب الوحوش.

 

تذكرت الكيس الذي أعطاني إياه آروميا.

 

‘آه، الذي أعطاني إياها آروميا …… كانت هناك عشرةٌ منها …’

 

“هييك.”

 

إذاً، ما كان يقوله دانتي هو أن بلورات قلب الوحوش القليلة المتبقية في الإمبراطورية… أصبحت في الغالب بين يديَّ الآن.

 

لماذا اصطاد أبي كل هذه الوحوش؟ هل نام حقًا؟

 

الفرسان لم يذهبوا للراحة، بل ربما أغمي عليهم؟

 

وماذا فعل آروميا بالضبط؟

 

لقد أخذت الأشياء التي كانت حتى العائلة الإمبراطورية تطمع فيها. قد ينظر الإمبراطور إلى هذا بشكلٍ غير إيجابي.

 

فجأةً بدأ رأسي يؤلمني.

 

رفعت يديَّ وضغطت بإصبعيَّ على جانبي صدغيَّ، فنهض أبي.

 

“هل تشعرين بالألم؟”

 

كنت أظن أنه كان يركز على الوثائق، مُلقيًا الشرح على دانتي، ولكن يبدو أنه لم يكن كذلك.

 

هززت رأسي بسرعة.

 

“لا. فقط لأنك مذهلٌ للغاية. بابا، أنت الأفضل”

 

مددت يديَّ وأعطيتُه إشارة إعجاب، فجلس أبي وكأنه لم يُفاجأ. أصبح تعبيره غير مبالٍ.

 

“ليس هناك شيءٌ خاص.”

 

رمشتُ بعينيَّ.

 

لكن يا أبي، بما أن عدد بلورات قلب الوحوش ليس شيئاً عاديًا، فهذا ينافي ما تقوله ….

 

لكنني سرعان ما أدركتُ أن التوضيح هذه المسألة غير ضروري.

 

* * *

 

استغرق الخدم أكثر من يومٍ كاملٍ لتنظيم جميع الأشياء التي جلبوها من العاصمة.

 

وخاصةً لونا و لوسي، اللتان كانتا مسؤولتين عن تنظيم هداياي، بدتا متعبتين للغاية وكأن طاقتهما قد نفدت تمامًا.

 

من الواضح أن العديد من غرف الضيوف قد تحوّلت إلى مساحةٍ مخصصةٍ لهداياي، مما جعلني أهز رأسي بلا وعي.

 

لكن الأكثر حماسًا مني كان كوهن.

 

كان يقفز فوق أكوام الهدايا، ويتدحرج ويلعب بحرية.

 

كنت واقفةً بهدوء ثم أعددت حاجزًا سريًا، مستخدمةً قدرتي الجديدة لربط كوهن بسلاسل سوداء في لحظة.

 

[آه! مارييت!]

 

“توقف عن الركض.”

 

ضحكتُ وأنا أرى كوهن مقيدًا في السلاسل السوداء التي لا يمكن تحريكها.

 

القدرة الجديدة التي أنشأتها داخل حاجزي، والمعروفة باسم “السلاسل السوداء”، كانت تقنيةً أستطيع استخدامها داخل حاجزي.

 

لم تكن سلاسل حقيقية، بل كانت وهمًا باستخدام الهلوسة لاحتجاز الخصم.

 

الدخان الذي انبثق من يديَّ تداخل مثل السلاسل، ليقيِّد الخصم ويمنعه من الحركة.

 

الآن، أصبح الحاجز ليس فقط درعًا يحمني، بل أيضًا سجنًا لاحتجاز الآخرين.

 

في البداية، تدربتُ على لفّ غصنٍ طويلٍ جلبه كوهن مثل السلسلة، ثم أضفتُ قوةً إليه.

 

ومن ثم، في أقل من نصف يوم، تمكنتُ من صنع السلاسل بنفسي.

 

وبينما أصبحت أكثر أُلفةً مع الستارة، أصبح من الأسهل أيضاً السيطرة على مشاعري.

 

لكن كانت هناك مشكلة.

 

الحاجز الذي أستخدمه يعتمد أساسًا على مشاعر الظلام مثل الخوف.

 

لذلك، كل القوة التي يتم استخدامها داخل الحاجز تأتي من هذه المشاعر المظلمة، مما يجعل الأمر أصعب على ذهني من جسدي.

 

في كل مرةٍ يحدث ذلك، كان كوهن، الذي لاحظ التغيّرات الدقيقة في مشاعري، يمنعني من استخدام القوة تمامًا.

 

شعرت فجأةً بشعورٍ من القلق؛ ماذا لو لم أتمكن من السيطرة على مشاعري عندما لا يكون كوهن حولي؟

 

[مارييت، حرريني.]

 

“لن أحرركَ ما لم تتوقف عن اللعب على الهدايا!”

 

[…حسناً. سأبقى بجانبكِ.]

 

أطلقتُ كوهن، الذي هدأ.

 

انفكت السلاسل المشدودة واختفت بسلاسة، جنبًا إلى جنب مع الستارة التي كانت تحيط بنا.

 

جلس كوهن بجانبي بهدوءٍ كما وعد.

 

جلستُ على الأرض وبدأتُ ألعب بحجارة القلب.

 

“هذه هو حجر القلب.”

 

فتح كوهن عينيه على اتساعهما.

 

[آه، صحيح! حجر القلب! الساحرات يحبونه كثيرًا.]

 

لقد تكررت عملية التقاط حجارة القلب في يدي ثم إعادة وضعها عدة مرات.

 

‘من الجيد أنني تلقيت هذه الهدايا الكثيرة، لكن في النهاية، الهدايا تظل هدايا فقط.’

 

الآن، بما أنني أعرف كيف أزيد قوة الساحرة، حان الوقت لبدء بناء القوة الحقيقية.

 

القوة التي يمكن أن تعمل ضد النبلاء الحقيقيين. القوة التي قد تهز ولاء المواطنين تجاه البابا.

 

أخيراً، القوة اللازمة لجمع الأشخاص الذين أحتاجهم.

 

هذه هي البداية فقط.

 

[ يُتبع في الفصل القادم …….]

 

– ترجمة خلود