It's the first time for both of us - 74
- الصفحة الرئيسية
- جميع القصص
- It's the first time for both of us
- 74 - الجانب المظلم للمعبد والبابا (٤)
غادر أبي إلى العاصمة برفقة دانتي. لقد تَرَكَني حقًّا خلفه.
بصرف النظر عن ذلك، بدا القصر أقلَّ ازدحامًا بقليل، لكن الأشخاص الذين كنت أقضي معهم وقتي يوميًّا بقوا جميعًا.
وكأنهم يُحاولون مُواسَاتي، فقد مُلِئَت غرفتي بمُختلف الفساتين والمجوهرات والدُّمَى.
تجنَّبت التوأمين اللذين أرادا اللعب بالدُّمَى، وحفرت في غابة الدُّمَى هربًا مع كوهن إلى غرفة هيلا.
كان هيلا يصارع الصناديق الخشبية الضخمة.
“هيلا، ماذا تفعل؟”
بَصَعوبَة، رفع هيلا نفسه من بين كَومَةِ الصناديق.
“آه، آنستي الصغيرة، لقد أتيتِ؟ آه، الأعشابُ الطبية التي طَلَبْتُها قد وَصَلَت، وأنا أتحقّقُ من المَخْزون.”
“واو، كلُّ هذه الكمية؟”
“ليس من السّهل العنايةُ بحقولِ الأعشابِ في فصل الشتاء. بالإضافة إلى ذلك، أحتاجُ إلى التخلُّصِ من الأعشابِ التي فَقَدَت فاعليتَها وصُنعِ أخرى جديدة، لذا فالكَميةُ كبيرةٌ نوعًا ما.”
أملت رأسي بحيرة.
“لم تَعُد بحاجةٍ إلى القيامِ بذلك، أليس كذلك؟”
“ماذا تَقصدين؟”
“يُمكننا الآن جعلَها أكثرَ فاعليةً وأطولَ مَفعُولًا.”
عَقَدَ هيلا حاجبيه.
“آه، لا. هذا خَطيرٌ للغاية. الدَّواءُ الذي أُقدِّمُه لكِ يجبُ أن يكونَ بأعلى جَودة، لكن بالنِّسبةِ للأشخاصِ العاديِّين، يجبُ أن يَظلَّ كما هو. لا أريدُ أن يُلقَى القبضُ علَيَّ. أُفضِّل أن أعيشَ طويلًا وأموتَ بشكلٍ طبيعيّ.”
“آه، آسفة! لم أكن أعلم!”
عندما اعتذرت، ضَحِكَ هيلا بخفة.
“ليسَ شيئًا يَجِبُ عليكِ الاعتذارُ عنه، آنستي. وبما أنّكِ الابنةُ الوَحِيدةُ لِعَائِلةِ ديكارت، فلا يَنبَغي لكِ أن تعتذري بهذه السُّهولة. يجبُ أن تكوني أكثرَ… شَبَهًا بالدوق.”
“أنا؟”
“نعم.”
“بين قالت إنني أُشبهُ أبي تمامًا. وأمي قالت ذلك أيضًا.”
“لا، ليس في المَظهرِ…”
“إذًا في ماذا؟”
تردَّد هيلا لِلَحظةٍ، ثم لَوَّحَ بِيده كما لو أنه تراجع عن الكلام.
“لا شيء. مجردُ شَيءٍ عابر. لا داعي لأن تُفكِّري فيه.”
“ما هذا؟ قُلتَ إنني يجبُ أن أُشبهَ أبي!”
“كان مجردَ تَعبيرٍ مَجازي. اجلسي بِراحةٍ وانتظري قليلًا. سأُنهي عملي قريبًا.”
“حسنًا.”
جلستُ بهدوءٍ على الكرسي، مُنتظِرةً هيلا.
“هيلا، كيف قابلت أبي؟”
“أنا؟”
أطَلَّ وَجهُ هيلا من بين الصناديق.
“نعم.”
“آه، قابلتُه أثناءَ بَيعي للأدوِيةِ خارج القَصرِ الإمبراطوري.”
“أثناءَ بَيعِك للأدوِية…؟”
بدا وَصفُه مُريبًا، فَسألتُه، فَهَزَّ هيلا كَتِفَيه.
“نعم. كان الأمرُ مُربحًا جدًا. سعادة الدوقِ سألَني إن كنتُ أستطيعُ صُنعَ دَواءٍ مُعَيَّنٍ، فقلت نعم. عَرَضَ عليَّ راتبًا أعلى مِن راتِبِ القَصر الإمبراطوري، فانتقلتُ إليه فَورًا.”
“… فهمت.”
بِما أنه جاء مِن العاصمة، كنتُ أتوقَّعُ قصةً أكثر درامية.
“وَعَدَني أيضًا بأنه طالما أنني لا أقومُ بشيءٍ مُريب، فسيَتَغاضَى عن وجودي. كما أن الرقابة هنا أَقَلُّ من العاصِمة، مما يجعلُه مَكانًا أفضَلَ للبحث.”
“أه… هكذا إذًا؟”
“مَن غيرُ الإمبراطورِ يستطيعُ التَّحكُّمَ في دوقِية ديكارت؟ لقد كان قرارًا صائبًا. بالإضافةِ إلى ذلك، تَعرَّفت إليكِ. كان ذلك كالقَدَر.”
عِندَما قال ذلك، ابتسمت بفرح.
بعدَ فترةٍ وجيزة، انتهى هيلا مِن تنظيمِ الصناديقِ، ثُمَّ اقتَرَبَ مِنِّي وهو ينفض يَدَيه.
“لقد اخترتُ الأعشابَ التي سَنُرسِلُها إلى المَناطِقِ الحُدودية. أُفضّلُ اختيارَ أعشابٍ لا تنمو إلَّا في بَيرجي، ليكونَ من السهلِ إيصالُ رِسالتِك.”
ثم وَضَعَ أمامي ثلاثةَ أنواعٍ مختلفةٍ من الأعشاب.
“هذه عشبةُ الأم. اسمُها الأصليُّ مينثيرا، لكنها تُسمَّى هكذا لأنها تُستخدَمُ لِعِلاجِ الأطفالِ حديثي الولادة. تتحمَّلُ المَطرَ والجَليد، وهي الأكثرُ قُوةً مِن بَينِ الأعشابِ التي اخترتُها، لكن حامِلَها سيجدُ صُعوبةً في نَقْلِها بأسنانِه.”
كانت ذاتَ أشواكٍ كبيرةٍ وحادَّة، شَكلُها يُشبهُ كفَّ اليد.
أشار هيلا إلى العُشبةِ التالية.
“هذه طَويلةٌ وسَميكة، مِما يجعلُها سَهْلةَ الحَمْل. كما أنها قويةٌ لدرجةٍ يُمكِنُ غَرْسُها في الأرض.”
“ما اسمُها؟”
“تُسمَّى عُشبةُ أوم، أو هاتي. يُستَخدَمُ منها كَميةٌ صغيرةٌ في صُنْعِ مُستَخلَصِ الشّلَلِ.”
أَخَذْتُها واستَنشَقْتُ رائِحتَها.
ظننتُ أنها قد تكونُ ذاتَ عِطر، لكنها كانَت ذاتَ رائحةٍ خَضْرَاءَ نَفَّاذَة، وكأنها عُصِرَت من الأعشاب.
ثم أشار هيلا إلى آخرِ عُشبةٍ، التي بَدَت ضعيفةً مقارنةً بالبقية.
“ما هذه؟”
“كنت مترّددًا بشأنِها… تُدعى ريمينا، وكانت لويسين تفضِّلُها في شايها.”
كانت رائحتُها قويةً جدًّا، حيثُ أمكنني شَمُّها دون الحاجةِ للاقترابِ منها.
بَدَت وكأنها مَزيجٌ من النَّعناعِ والأزهارِ المَطَرُوَّة، مِثلَ الأكاسيا أو الورد، لكنها كانت ذاتَ عِطرٍ فَريد.
“ربما ستعرفها الساحرات من بيرجي فورًا.”
“حقًّا؟”
“نعم. رائحتُها تنتشر لِمسافاتٍ بعيدة.”
“واو، رائحتُها قويةٌ حقًّا.”
“لكنها تَذبُلُ بسرعة، وحينها تَفقدُ رائحتَها.”
نَظَرتُ إلى الأعشابِ الثلاثة، ثم قبضتها كلَّها في يَدِي.
“لِنستخدمها جميعًا معًا!”
“همم، إذًا ماذا علينا أن نفعل؟”
استلقيتُ واضعةً ذقني على ظاهر يدي وتمتمتُ بصوتٍ منخفض.
“هناك طريقةٌ كانت تستخدمها الساحراتُ في الماضي. إذا استخدمناها، يمكننا تركُ رسالةٍ صغيرةٍ على الأقل.”
“ما هي؟ أخبرني بها.”
رفعتُ رأسي بسرعةٍ وسألته بلهفة.
التقط هيلا شيئًا عشوائيًّا من حوله وبدأ ينقرُ عليه برفق.
“الأمرُ يتعلقُ بغرسِ تعويذةٍ صغيرةٍ داخلَ أحدِ الأشياء. آه، إنه يشبهُ الحاجزَ الذي وضعناه في الغابة. لقد قمنا بزرعِ تعويذةٍ لإنشاءِ أداةٍ سحرية.”
“وكيف نفعلُ ذلك؟”
“نقومُ بحرقِ المكوّناتِ اللازمةِ للتعويذةِ مع الرسالةِ التي نريدُ إرسالَها، ثم نُلبّسُ الدخانَ الناتجَ بالأعشاب. عندما تجدُ ساحرةٌ هذه الأعشابَ وتحرقُها، ستتمكنُ من رؤيةِ الرسالة.”
“هذا مدهش!”
“لقد كان يُستخدمُ لإرسالِ رسائلِ الحبِّ السريةِ أو المعلوماتِ بالغةِ السرية.”
“ما هي المكوناتُ التي نحتاجُ إليها؟ وهل الأمرُ صعبٌ؟”
“أولًا، نحتاجُ إلى قطعةٍ من جلدِ الماعزِ لكتابةِ الرسالةِ عليها. ثم نحتاجُ إلى ريشةِ غرابٍ وعشبةِ مابيُونتشو. مابيُونتشو من الصعبِ الحصولُ عليها، لذا سأهتمُّ بذلك. العمليةُ مرهِقةٌ قليلًا بسببِ جمعِ المكوناتِ واستخدامِ النار، لكنها ليست صعبةً.”
“هل سينجحُ الأمرُ حقًّا؟”
كنتُ أشعرُ ببعضِ القلق.
“إذا لم يتمكنِ المُستلِمُ من التعرفِ على الأعشابِ أو إدراكِ أهميتها، فسنفشلُ. علينا أن نضعَ هذا الاحتمالَ في الحسبان.”
“صحيح…”
“لكن الساحراتِ عادةً ما يكنّ مثابراتٍ ويحببنَ إعطاءَ الأشياءِ معانيَ خاصة، لذا بمجردِ أن ننجحَ في لفتِ انتباههنَّ، أعتقدُ أن معظمهنَّ سيتمكنَّ من فهمِ الأمر. لكن المشكلةَ الحقيقيةَ هي…”
“ما هي المشكلة؟”
اتسعت عينايَ بفضول.
“إنها مسألةُ قبولِ الرسالةِ من عدمِه. فهناك ساحراتٌ ربما قد تخلّينَ عن أيِّ ارتباطٍ بوطنهنَّ، حتى لو ظهر نسل لويسين. “
جعلني ذلك أشعرُ ببعضِ الإحباط.
لكنني قررتُ ألا أسمحَ لهذا الشعورِ بأن يُثقلَ قلبي، فليس بيدي حيلة.
“جمعُ الساحراتِ أمرٌ صعب.”
“وأيضًا، حتى لو جاءتِ الساحراتُ اللاتي غادرنَ البلادَ بحثًا عنا، فسنحتاجُ إلى مكانٍ لإيوائهنّ. وكما تعلمين، لم تعد بيرجي مكانًا مناسبًا لعيشِ الساحرات.”
هززتُ رأسي موافقةً بحماس.
“يجبُ علينا أيضًا تحضيرُ مزيدٍ من الأدويةِ لأولئك اللواتي سيأتينَ إلينا، حتى يتمكنَّ من إخفاءِ سحرِهنَّ بأمان. في الوقتِ الحالي، سيقومُ كوهن بإزالةِ أحجارِ كشفِ السحرِ لضمانِ سلامةِ هذه المنطقة.”
“حسنًا، سأُعِدُّ الأدويةَ مسبقًا. وإذا أحضرنا الكثيرَ من الأعشابِ دفعةً واحدة، فقد يثيرُ ذلك الشبهات، لذا سأكونُ حذرًا.”
“نعم، من المحتملِ أن تكونَ هناك ساحراتٌ أخرياتٌ يعشنَ مختبئاتٍ في بيرجي مثلي. علينا أن نكونَ أكثرَ حذرًا أثناءَ إنشاءِ مكانٍ آمنٍ لهنّ.”
“نعم، سأواصلُ التفكيرَ في الأمر.”
“أتمنى لو كان بإمكاننا إرسالُ الرسائلِ يوميًا.”
هزّ هِيلّا رأسه بحزم.
“الاعتدالُ مهمٌّ. ومن موقفي كمَن يُسجّلُ تطورَكِ، لا يمكنني السماحَ بذلك يوميًا.”
“تطورِي؟”
ما الذي يعنيه بذلك؟
نظرتُ إلى هِيلا بريبة، لكنه حكّ رأسه بإحراج.
“قالَ الدوقُ إنه إذا سجلتُ نموَّكِ دون إغفالِ أيِّ تفصيلٍ حتى تصبحي بالغة، فسيُضاعفُ راتبي. همم… آه، ولكن بالطبع، الأمرُ ليس من أجلِ المال! أنا فقط أنفذُ الأوامر.”
تمتم هيلا وكأنه يبررُ موقفه.
“لماذا قد يحتاجُ إلى شيءٍ كهذا؟”
أملتُ رأسي في حيرة.
“إذًا، حالما تكونُ المكوناتُ جاهزةً، لنجرّبها.”
لسببٍ ما، بدأ قلبي ينبضُ بسرعةٍ.
كل ما كنا سنفعله هو نشرُ الأعشابِ المسحورةِ عبرَ الحدود، لكن مع ذلك …..
أومأتُ برأسي وقلتُ،
“إذن، لنرسلَ الرسالةَ الأولى إلى هومڤيل؟”
“آه، هومڤيل؟”
“نعم! لنرسلها إلى هناك. أخواتُك قد يرينها. كأولِ رسالةٍ تذكارية!”
اتسعت عينا هِيلّا حتى كادتا تخرجانِ من خلفِ نظارته. ثم سعل بتكلفٍ وأدار ظهره يبحثُ في أحد الأدراج.
“لماذا تحاولينَ التأثيرَ عليَّ بمثلِ هذه الأمور؟ هل تريدينَ مني أن أصنعَ لكِ جرعةً لزيادةِ الطول؟ يا إلهي!”
رأيتُه يفتشُ الدرجَ بصخب، فهززتُ رأسي مبتسمة.
* * *
بعد بضعةِ أيام.
“كوهن، سأعتمدُ عليك.”
[لا تقلقي. سأعودُ قبل أن ترمشي.]
تحوَّلَ كوهن إلى غرابٍ، وأمسكَ العشبَ المسحورَ بمنقاره، ثم انطلقَ بخفّةٍ نحوَ النافذة.
عندما فتح هيلا النافذة، نظرَ كوهن إليَّ للحظة، ثم رفرفَ بجناحيه وانطلقَ بلا تردد.
كانت هذه الخطوة أولى نحوَ جمعِ الساحرات.
جمعتُ كفّيّ معًا وصلّيتُ بإخلاص، آملةً أن يتعرفَ أحدٌ على رسالتنا.
[ يُتبع في الفصل القادم ……]
– ترجمة خلود