It's the first time for both of us - 72
- الصفحة الرئيسية
- جميع القصص
- It's the first time for both of us
- 72 - الجانب المظلم للمعبد والبابا (٢)
كانت نقابة الليل والنهار، والمعروفة الآن باسم الليل الأسود، قد أُسِّسَت في شباب دانتي بعزيمةٍ طموحة، واستمرت في الوجود حتى يومنا هذا.
منذ بداياتها النشطة، أقامت علاقاتٍ مع الدوق الأكبر، مما مكنها من تأمين مصدرٍ هائلٍ للتمويل. ومع مرور الوقت، أصبحت نقابةً ذات نفوذٍ معتبرٍ في العالم السفلي.
وعلى الرغم من أن تاريخها كان أقصر مقارنةً بالنقابات الأخرى، إلا أن جميع أعضائها كانوا يشتركون في حبِّ المالِ ويمتلكون مهاراتٍ مذهلة، مما جعلها مجموعة نخبةٍ فعالةً رغم قِلَّةِ عددها.
والآن، بما أن كالين هو سيِّد دانتي، فقد كان القائدَ الحقيقيَّ للنقابة.
لكن لم يسبق لكالين أن يستخدم قوةَ النقابةِ بنفسه؛ بل كان دانتي هو من يستخدمها دائمًا في خدمة سيده.
ومع ذلك، فإن قيام كالين بذكر النقابةِ بشكلٍ مباشرٍ الآن يعني أنه جادٌّ تمامًا دون ذرةِ مزاحٍ ولو بنسبة 0.1٪ في كلماته.
كان لا بدَّ من تجنب أسوأ سيناريو ممكن؛ الخيانة.
تردد دانتي للحظةٍ قبل أن يحسم أمره ويرد.
“حاضر. سأُعِدُّ كل شيءٍ كما تأمر، يا صاحب السعادة.”
“هل نجحتَ في التواصلِ مع الكونت إيمينتال؟”
ارتسمت على وجهِ دانتي على الفورِ ملامحُ الارتباك.
“أعتذرُ، لم نتمكن من الاتصالِ به بعد. بما أنه عاد إلى إقطاعيته، فسيستغرق الأمرُ بعضَ الوقت. سأتعامل مع الأمرِ بأسرعِ ما يمكن.”
أومأ كالين برأسه وهو يُدلِّكُ جبينه.
“حسنًا. ليس الأمرُ مستعجلاً، فقم بالتعاملِ معه وفق الأولويات.”
“نعم، يا صاحب السعادة. آه—”
كان دانتي قد انحنى قليلًا ليؤدي التحية، لكنه توقف فجأةً واستقام.
“هل لديك شيءٌ آخر للإبلاغ عنه؟”
“لا، لكنني كنت أفكر… أثناء غيابِ صاحبِ السعادة، قد تشعر الآنسةُ بالوحدة، فهل ينبغي أن نُعِدَّ شيئًا لها؟”
“آه.”
“قد تشعرُ بالقلقِ لأن هذه الرحلةَ ستستغرقُ وقتًا أطول من المعتاد.”
لم يكن هذا الأمر متعلقًا فقط بسلامتها.
عندما وصلت مارييت إلى هنا لأول مرة، وردت تقاريرُ تفيدُ بأنها كانت تُصرُّ على ارتداء ملابسها والاستحمامِ بنفسها، مما يدلُّ على عدم ارتياحها العميق تجاه الغرباء.
أما الآن، فقد بدت مرتاحةً بما يكفي ليسمع ضحكها كثيرًا، لكن كلمات دانتي جعلت كالين يأخذُ بعين الاعتبارِ إمكانيةَ شعورها بالقلق.
“في مثل هذه الحالات، ماذا يُفترضُ أن يُحضَّرَ عادةً؟”
سأل كالين.
رمش دانتي بسرعةٍ قبل أن يجيبَ بتردد.
“حسنًا، لا أعلم… كتبُ تربيةِ الأطفالِ لا تذكرُ مثلَ هذه التفاصيل. ربما كالبين تعرف؟ لقد كانت تقضي الكثيرَ من الوقتِ مع التوأمينِ ومع الآنسةِ في الفترةِ الأخيرة.”
أومأ كالين برأسه.
“اكتشف الأمر بأكبرِ قدرٍ ممكن. أخبرها أن تُحضِرَ كلَّ ما هو ضروري.”
أجاب دانتي بحماس.
“أمرُك، يا صاحب السعادة!”
* * *
كان فارسان قد تلقيا الأوامر، فأمسك كلٌّ منهما بذراعِ المرأةِ وسحباها بعنف.
“اتركاني!”
صرخت وهي تُقاوِمُ، وكان شعرُها مشعثًا كالمكنسة، وجسدُها مغطًى بالجروحِ والكدمات.
كانت يداها وقدماها مُقيدةً بأصفادِ كبحِ السحر، مما لم يترك لها أيَّ مجالٍ للهرب.
“هل هذه هي المقصودة؟”
سأل الكاهنُ الذي جاء على عجل.
“نعم، إنها ساحرةٌ استيقظت قبل بضعةِ أيام. وُجِدَت في الطابقِ السفلي للمحلِّ رقم 1 في السوقِ الجنوبي، تمامًا كما أخبرنا المُبلغ.”
قطب الكاهنُ جبينه باشمئزازٍ، كما لو كان ينظرُ إلى قذارةٍ، ثم أشار إلى الاتجاهِ الذي جاء منه.
“من المدهش أن أمثالها لا تزالُ موجودةً في العاصمة. انقلوها إلى هناك وأودعوها في زنزانةِ الختمِ السفلية. أرسلوا تقريرًا ليتمَّ التعاملُ معها بسرعة.”
“أمرك!”
“أسرعوا!”
ارتعد الكاهنُ قبل أن يستديرَ راكضًا من حيث أتى.
“أتركوني، أيها الحمقى المجانين! أطلقوا سراحي الآن! لم أفعلْ شيئًا خاطئًا!”
بدأت تصرخ بأقصى قوتها، ثم تحولت إلى التوسلِ بيأس.
“أرجوكم… لم أفعلْ شيئًا خاطئًا!”
لكن توسلاتها لم تلقَ أيَّ استجابة.
“هل ينبغي أن نضعَ كمامةً لها؟”
سأل الفارسُ الذي على اليسار.
“لا داعي. لقد كُبِحَ سحرُها بالفعل، لو كانت تستطيع فعلَ شيء، لكانت قد سحرتنا وهربت منذ زمن. لا تضيع الوقت، تابع السير.”
“آآاه! اتركوني! دعوني أذهب!”
لم يُعرْها الفرسان أيَّ اهتمام، بل وضعوا كيسًا سميكًا من القماشِ فوق رأسها.
ثم، دون أدنى رحمة، سحبوها بعنفٍ إلى الزنزانةِ تحت الأرض.
كانت صرخاتها تتلاشى خلفَ القماشِ الكثيف. لم يكن على وجوهِ الفرسانِ أيُّ أثرٍ للذنب.
بل نظروا إليها كما لو كانت مجردَ وحش.
وفي كلِّ خطوةٍ إلى الأسفل، كانت قدماها تحتكانِ بالأرض، حتى غطتهما الدماء.
– صرير! ارتطام! طَق!
انفتح بابُ الزنزانةِ الحديدي، ودفعها الفرسانُ داخلهُ بوحشية.
وما إن أُغلِقَ البابُ، حتى حاولت الصراخ، لكن لم يصدرْ منها أيُّ صوت.
كأن أحدًا قد سرقَ صوتَها.
تركها الفرسانُ وغادروا دون أن يُلقوا عليها نظرةً واحدة.
ساد الصمت.
لاهثةً، انتزعت المرأةُ الكيسَ عن رأسها بصعوبة، وضغطت على عنقها وهي تنظرُ حولها بذعر.
كانت أفكارُها مشوشةً منذ أيام، حيث بدأت ذكرياتُ أسلافها بالتدفقِ إلى عقلها بعد استيقاظها المفاجئ.
كان اسمُها ريڤيتا.
ريڤيتا ديوني.
حتى الأمس، لم تكن سوى امرأةٍ عاديةٍ تعيشُ من بيعِ الحُليِّ والمجوهرات، وقد أنهت للتوِّ احتفالَ بلوغها سنَّ الرشد.
لكن حياتَها انقلبت رأسًا على عقبِ عندما ذهبت إلى محلِّ مجوهراتٍ جديدٍ بالقربِ من منزلها لبيعِ بضاعتها.
للمرة الأولى، شعرت بدافعٍ لا يمكنُ مقاومته.
وجدت نفسها مسحورةً بمجوهراتٍ معينة، فتعلَّقت عيناها بها، ولم تشعر إلا ويدها تمتدُّ لتأخذها ثم تهرب.
– هل… سرقتُ شيئًا؟
لطالما عاشت وفق مبدأ: مهما اشتدَّ الجوع، لا ينبغي لك أن تطمعَ فيما ليس لك.
لكنها شعرت أنها تحتاج إلى ذلك الشيء.
سيطر عليها إحساسٌ بأنها تملكه بالفعل، وحين أدركت ما فعلت، كانت قد سرقته بالفعل ووضعته على جسدها. ولكن بحلول ذلك الوقت، كان الأوانُ قد فات.
– آآآه!
انتشرت في جسدها صدمة وكأنها قد ضُرِبَتْ بصاعقة.
قوةٌ غامضةٌ مجهولةُ المصدر اندفعت إلى داخلها بالقوة، وبدأت ذكريات لم تكن تعرفها بالظهور.
بعد ذلك الألم، بدأت تشعر بخفةٍ في جسدها وصفاءٍ في عقلها.
وبحلول الوقت الذي تسربت فيه كل ذكريات أسلافها إليها، لم تعد ريڤيتا ديوني مجرد امرأةٍ عاديةٍ تصنع الحُلي وتبيعها، بل أصبحت الساحرة ريڤيتا.
الاندفاع المفاجئ للذكريات والمشاعر تركها في حالةٍ من الارتباك التام.
وجدت نفسها تنكر ذاتها، ولكن في الوقت نفسه، كانت هناك رابطةٌ غامضةٌ جعلتها تشعر بحاجةٍ للعثور على ساحراتٍ أخريات.
لكن في تلك اللحظة، لم يكن هناك أحدٌ تستطيع الاعتماد عليه سوى إيميت، حبيبها منذ سنوات.
كان صديق طفولتها، وهو الوحيد الذي وعدته بالزواج، الشخص الوحيد الذي كان إلى جانبها دائمًا.
ظنَّت أنها يمكن أن تثق به، فكشفت له سرَّها.
‘لم يكن عليَّ فعل ذلك. لقد وثقتُ في الشخص الخاطئ.’
في البداية، بدا وكأنه احتضنها ليواسيها، لكن الحقيقة كانت مختلفة تمامًا.
في اليوم التالي، غادر المنزل مدعيًا أنه ذاهبٌ للعمل، لكنه اتجه مباشرةً إلى المعبد وأبلغ عنها.
وعندما اكتشفت الحقيقة وحاولت الفرار، كان أمرُ القبض عليها قد انتشر بالفعل في أنحاء العاصمة.
لم تتمكن حتى من مغادرة حيِّها قبل أن يتم القبض عليها وإحضارها إلى هذا المكان، عاجزةً تمامًا.
كانت تعلم جيدًا كيف يُنظَر إلى الساحرات في بيرجي، لذا كانت متيقنةً من أن مصيرها هو الموت.
ولكن…
‘ما هذا المكان؟’
كانت داخل المعبد، ولكن لماذا كانت تعويذاتُ السحر تملأ المكان؟
لم يكن السحر محصورًا في أبواب الزنزانة فحسب، بل كان يحيط بالمكان بأسره.
اجتاحها خوفٌ غامضٌ لا تفسير له.
‘لا …. إن لم أخرج من هنا، فسوف أموت حقًّا.’
وفجأة …..
– تك، تك، تك.
صوتُ كعبِ حذاءٍ عالٍ، وهو صوتٌ نادرٌ في المعبد، لفت انتباهها.
ارتعش جسدُها لا إراديًا.
ثم، ببطءٍ شديد، ظهرت صاحبةُ الخطوات أمام عينيها.
شعرٌ بنفسجيٌّ طويلٌ متدفقٌ، وعينان بلون البنفسج العميق.
شفاهٌ بنفس لون عينيها، وخدان غائران، وبشرةٌ باهتةٌ بشكلٍ مريب.
كانت ترتدي ملابسَ فاخرةً لا تناسب هذا المكان، وتنظر إليها بابتسامةٍ باردة.
إنها باتوري مويرا.
“لقد استيقظتِ حديثًا، أليس كذلك؟ يا لكِ من مسكينة.”
لم تكن ريڤيتا تعلم ما إذا كانت تشفق عليها حقًّا أم تسخر منها.
رفعت رأسها قليلًا وحركت شفتيها بصمت، محاولةً طرح سؤال.
“مَن… أنتِ؟”
مدَّت باتوري مويرا يدها وأمسكت بقضبان السجن المسحورة.
حين فعلت ذلك، ظهر ختم الساحرات على معصمها.
اتسعت عينا ريڤيتا في دهشة.
“أنتِ… أيضًا ساحرة؟”
“نعم، أنا أيضًا ساحرة.”
ولكن، لماذا توجد ساحرةٌ في هذا المكان؟
كانت ريڤيتا مقيدةً بالسلاسل، فكيف تكون الساحرة أمامها حرةً؟
شعرت بالارتباك، لكنها لم يكن لديها خيار سوى طلب المساعدة.
“إن كنتِ ساحرةً أيضًا، أرجوكِ… ساعديني!”
“أوه؟ تريدين مني أن أساعدكِ؟”
“أرجوكِ، فقط أخرجيني من هنا! لم أفعل شيئًا خاطئًا، أقسم أنني لم أفعل أيَّ شيء!”
كانت تفتح فمها بيأسٍ محاولةً إقناعها، فضحكت باتوري ضحكةً خافتة.
“حسنًا، من الطبيعي أن أُخرجكِ. فـ عزيزي ينتظركِ منذ مدة.”
قالت كلماتٍ غامضةً ومدّت يدها داخل القضبان.
ترددت ريڤيتا، لكن جسدها اقترب لا إراديًا من تلك اليد.
“دعيني أرى… ارفعي رأسكِ قليلًا.”
بحذر، رفعت ريڤيتا رأسها.
عندما طُلب منها أن تُريها معصمها المقيد، فعلت.
عندما طُلب منها أن تُريها قدميها، فعلت.
وأخيرًا، عندما وجدت باتوري مويرا علامة الساحرة على جسد ريڤيتا، ضيّقت عيناها.
“أوه، لقد مرَّ وقتٌ طويلٌ منذ أن رأيتُ ساحرةً من سلالة نرسي. آه… أنتنَّ مزعجات.”
“نرسي؟”
هل لهذا علاقةٌ بالذكريات التي تدفقت إلى داخلها؟
بدأ عقلها يدور بسرعة.
وقبل أن تتمكن من الشعور بالراحة من نبرة مويرا التي توحي بأنها تعرفها جيدًا ….
“لطالما رغبتُ في تجربة قوة التحكم بجميع العناصر الأربعة. رغم أنها… ليست مفيدةً لي.”
“……”
قالت ذلك بصوتٍ يوحي بالأسف، ثم ابتسمت ببرود.
“أعتقد أنني قتلتُ جدةَ جدتكِ بيدي.”
“…ماذا؟”
اتسعت عينا ريڤيتا بصدمة.
“نامِ جيدًا.”
وفي تلك اللحظة، اسودَّت عيناها بالكامل.
وفقدت وعيها.
وسقطت.
[ يُتبع في الفصل القادم ……]
– ترجمة خلود