It's the first time for both of us - 71
- الصفحة الرئيسية
- جميع القصص
- It's the first time for both of us
- 71 - الجانب المظلم للمعبد والبابا (١)
متى بدأ ذلك؟
متى أصبحت معتادةً على إمساك يد أبي أثناء المشي؟
لا يزال هناك الكثير مما لا أعرفه عنه، ومع ذلك، كان الأمر يبدو طبيعيًّا كتشبُّعِ الحبرِ بالورق. كان من الغريب مدى سرعة اعتيادي عليه.
كنتُ أرتدي معطفًا صوفيًّا سميكًا وقفازاتٍ، وكنتُ أسيرُ بينما أمسكُ يد أبي الكبيرة بإحكام.
من الخلف، كنا نبدو كحارس حديقة حيوانٍ يقودُ بطريقًا صغيرًا.
“مارييت.”
“همم؟”
توقف أبي فجأةً عن المشي وانحنى ليكون بمستوى نظري.
كنتُ قد لففتُ نفسي بطبقاتٍ من الملابسِ رغم أنني خرجتُ لفترةٍ قصيرة، لكنه كان يرتدي معطفًا بسيطًا فقط …… حتى دون أن يُغلق أزراره.
“ما زلتُ لا أعرفُ الكثيرَ عنكِ.”
“…….”
كان الأمرُ وكأنه قرأ أفكاري للتو.
رمشتُ بدهشة.
الآن بعد أن فكرتُ في الأمر، ماذا كان ينوي أن يقول لي؟
وجدتُ نفسي أتوترُ دون وعي، وتصلبت كتفايا.
“لكنني أنوي معرفةَ ما تريدينهِ قدرَ الإمكان.”
“…بابا؟”
“إذا كان هناك مكانٌ ترغبين في الذهاب إليه، فسآخذكِ إليه. ولكن ….”
ولكن؟
اتسعت عيناي، وانتظرتُ أن يُكمل حديثه.
“أعتقد أنه ينبغي علينا تأجيلُ رحلتِنا إلى العاصمةِ في الوقتِ الحالي.”
كان ذلك ردهُ على طلبي الأخير برؤية القصر في العاصمة.
لكن هذا ليس ما أردتُه.
نظرتُ إلى أبي، محاولةً قراءة تعابيره، ثم فتحت فمي لأتحدث.
“إذًا… لا أستطيع الذهابَ مع بابا؟”
ارتعشتْ حاجباه قليلاً.
“حينما تكبرينَ قليلًا، وعندما أجهزُ لكِ مكانًا آمنًا، عندها سأصطحبكِ.”
إذًا هذا هو السببُ الذي جعله يستدعيني.
الآن فهمت.
“لكنني لستُ صغيرةً! سأبلغُ السابعةَ قريبًا!”
ضحك أبي بخفّة.
“العالمُ الخارجيُّ ليس جميلًا كما تظنين. في رأيي، لا يوجدُ مكانٌ أكثرُ أمانًا لكِ من هنا.”
“…….”
تحدثَ كما لو أن هناك وحوشًا تتربصُ خارج بوابات القصر.
لقد قضيت سنواتٍ أهرب من المعبد، لذلك لم يكن الأمر مهمًّا بالنسبةِ لي، ولكن يبدو أنه كان كذلك بالنسبة له.
نظرتُ إليه بعبوسٍ، وللمرةِ الأولى، تحدثَ كثيرًا.
تحدثَ عن مخاطرِ صيدِ الوحوش.
عن مكائدِ النبلاءِ المتجمعينَ في العاصمة.
وعن عدم ثقته العميقة بالمعبد الذي منحني مؤخرًا تلكَ البركةَ المؤلمة.
في البداية، شعرت ببعض الضيق، لكن مشاعري هدأت تدريجيًّا. كانَ قلقًا عليّ حقًا.
ربما يجدرُ بي التنازلُ قليلًا.
“إذًا متى سأتمكنُ من زيارةِ العاصمة؟”
“عندما تكبرينَ قليلًا.”
“متى تحديدًا؟ هل تستطيع الذهابَ بدونِي؟”
هذه المرة، ضحكَ بصوتٍ أعلى قليلًا.
“بالطبع أستطيعُ الذهابَ وحدي.”
“لكنكَ قلتَ إنه خطير!”
“أنا قويٌّ، لذا سأكونُ بخير. لكنّ أنتِ ستذهبين عندما تكبرينَ قليلًا. العام القادم—لا، عندما تبلغينَ الثامنة… لا، لنقل عندما تبلغينَ العاشرة.”
رفعَ عمري تدريجيًّا، درجةً تلو الأخرى، حتى وصلَ إلى العاشرة.
“ذاك… ذاك وقتٌ طويلٌ جدًّا!”
“أراهُ وقتًا قصيرًا جدًّا.”
“…حتى لو قلتُ إنني أريدُ الذهابَ بشدّة، وبشدّةٍ حقًّا؟”
“نعم.”
أجابني فورًا، وكأنهُ قد حسمَ قرارهُ مسبقًا.
كانت إجابتهُ حازمةً وواضحةً جدًّا، لدرجةِ أنني شعرتُ أن أيَّ نقاشٍ آخرَ سيكونُ بلا فائدة.
ساد بيننا صمتٌ قصير.
في تلك اللحظاتِ القليلة، فكرتُ في العديدِ من الأمور.
هل أصدرَ الإمبراطورُ أمرًا له؟
هل يجدرُ بي سؤالُ آروميا عن الأمر؟
ربما عليَّ التحدثُ مع كوهن، ثم إعادةُ التفكير؟
قبل أن أتمكنَ من ترتيبِ أفكاري، كان أبي هو من بادرَ بالكلام.
“بدلًا من ذلك، سأبني لكِ قصرًا أجملَ من ذلك الموجودِ في العاصمة.”
ترددتُ قليلًا، ثم رفعتُ ذراعي عاليًا وسألتهُ بحماس.
“…بهذا الحجم؟”
“نعم، بهذا الحجم.”
كان ذلك عرضًا مغريًا جدًّا.
عليَّ أن أخبرَ هيلا، وقد أحتاجُ إلى تعديلِ خططي قليلًا، ولكن على أيِّ حال…
هل سيكونُ من الجيدِ تركُ أبي يذهبُ وحده؟
‘ثلاثُ سنوات…’
كيف سيتحركُ المعبد؟
إلى أيِّ مدى يمكنني الاستعداد؟
بينما كنتُ أفكرُ في البابا، رفعتُ رأسي نحو السماء.
حينها، سقطَ شيءٌ أبيضُ وباردٌ على أنفي.
“…أوه؟”
رفعَ أبي رأسهُ أيضًا نحو السماء. وبعد لحظات، بدأَتْ رقاقاتُ الثلجِ البيضاءُ تتساقطُ بلا توقف، معلنةً بدايةَ الشتاء.
“إنها أولُ ثلجة!”
مددتُ كلتا يدي، محاوِلةً التقاطَ الثلجِ المتساقط.
لكن يدَ أبي الكبيرةِ أوقفتني.
“إنهُ بارد.”
نظرتُ إليهِ باستغراب.
“أبي، ألَا تحبُّ الثلج؟”
“لا.”
مرةً أخرى، أجابَ بسرعةٍ، دونَ أيِّ تردد.
لكن أمي كانت تحبُّ الثلج.
بينما كنتُ أفكرُ في ذلك، تمتمَ أبي وهو يحدقُ في الثلجِ المتساقط.
“كنتُ أخرجُ للعبِ في الثلجِ دائمًا، وأُصابُ بالبردِ في كلِّ مرة.”
في تلكَ اللحظة، تذكرتُ عندما صنعتْ أمي رجلَ ثلجٍ صغيرًا بحجمِ كفِّ اليد، وأعطتني إيّاه.
في ذلك اليوم، أُصيبتْ بنزلةِ برد، لكنني أتذكر كم كانتْ سعيدةً حينها.
هل كانَ أبي يفكرُ في الشيءِ ذاته؟
“لندخلْ قبل أن يزدادَ البرد.”
مدَّ يدهُ إليَّ وهو يقولُ ذلك.
نظرتُ إلى الثلجِ الذي بدأَ يغطّي كلَّ شيءٍ باللونِ الأبيض، ثم أومأتُ برأسي وأمسكتُ بيده.
“حسنًا!”
* * *
بعد أن اصطحب كالين مارييت إلى غرفتها مباشرة، تبِعه دانتي في طريقه إلى المكتب.
وبدا أنه قد عاد للتو من رحلةٍ خارجية، حيث نفض الثلج عن معطفه، وخلع قفازيه قبل أن يتحدث باحترام.
“سيدي، لقد تأكدت من الأمر.”
“لنتحدث في الداخل.”
“آه، نعم!”
فتح كالين باب المكتب على الفور ودخل إلى الداخل.
“إذًا، ما هو تقريركَ؟”
“كما توقعت، توجّه الفيكونت روتشيل إلى المعبد.”
أشار كالين بذقنه لدانتي كي يواصل حديثه بينما جلس على مقعده.
“نعم، بعد نفيه، كان يتجول هنا وهناك مثل متشرد، محاولًا التقرّب من بعض النبلاء الذين يعرفهم لطلب الدعم، لكنه سرعان ما تخلّى عن ذلك.”
“يبدو أنه لا يزال يحتفظ ببعض الكرامة.”
“كما قلتَ، لقد عاد إلى الإقليم عند الفجر قبل بضعة أيام. ثم، بعد أيامٍ قليلة، غادر مجددًا وتوجّه إلى المعبد.”
“لابد أنه حصل على شيءٍ يمكنه المساومة به.”
أومأ دانتي برأسه.
“لا يبدو أنه شيءٌ كبير. ربما وثيقة أو غرضٌ صغير بما يكفي ليُخفيه على جسده.”
“فهمت.”
“وهو لا يزال داخل المعبد. لقد مرّ يومٌ كامل، لذا نتوقع أن يخرج قريبًا.”
استمع كالين بصمت قبل أن يسأل بحدّة.
“ماذا لو لم يخرج؟”
“…عذرًا؟”
نظر إليه دانتي بدهشةٍ بسبب السؤال غير المتوقع.
لكن كالين كان قد دخل بالفعل في حالةٍ من التفكير العميق قبل أن يسمع إجابة دانتي، وقطّب جبينه.
“تحقق مما إذا كان سيبقى داخل المعبد، أو سيخرج على قدميه، أو سيتم إخراجه بعربة، وأبلغني بذلك.”
أصبح تعبير دانتي أكثر جدية.
“مفهوم. أيضًا، الفرسان الذين كانوا يجوبون خارج إقليم ديكارت قد انسحبوا جميعًا. لقد تم التأكد من أنهم فرسان المعبد التابعون للمعبد المركزي.”
ابتسم كالين بسخرية.
على عكس الوفد الذي جاء حاملًا السيف المقدّس، كان هؤلاء الفرسان يراقبون الدوقية وكأنهم يترقبون شيئًا ما.
لم تكن هذه أول مرة يحدث فيها شيءٌ من هذا القبيل، لكن كالين شعر بعدم ارتياح هذه المرة.
خصوصًا عندما تذكّر تعابير الكهنة المرتبكة بعد أن منحوا مارييت “البركة”، وهو أمرٌ كان يثير استياءه.
بعد أن رتّب أفكاره، وقف كالين ووضع يده على مكتبه.
“سأحضر صيد الوحوش واحتفالية رأس السنة. أما الأميرة، فلن تحضر أيَّ مناسباتٍ عامة حتى يتم التأكد من سلامتها.”
احنى دانتي رأسه.
“مفهوم.”
“أيضًا، تأكد من تحديد هوية كلّ من يدخل الإقليم أو يغادره، وأبلغني بجميع التفاصيل. في غيابي، كن أكثر دقةً في المراقبة.”
كان ذلك إعلانًا واضحًا بأنه سيعمل على إزالة أيِّ تهديدات قد تقترب من ابنته مسبقًا.
وبما أن دانتي كان متفقًا تمامًا مع هذا القرار، فقد ردّ بحزم.
“نعم، سأتحقق من ذلك.”
“علينا إعادة تنظيم الفرسان.”
عند هذه الكلمات، شعر دانتي بالتوتر.
“ألا يتطلب ذلك موافقة الإمبراطور؟ من المؤكد أن البابا سيعارض الأمر. سعادتك، أنت تعلم أننا بحاجةٍ إلى مبرر قوي. في أسوأ الحالات، قد يُعتبر ذلك تمردًا.”
نظر إليه كالين مباشرةً قبل أن يطلق ضحكة قصيرة.
“لقد أصبح زعيم ‘الليل والنهار’ جبانًا. إن كنتَ خائفًا لهذه الدرجة، فاترك الأمر وعُد أدراجك.”
عند سماع اسم النقابة القديمة، احمرّ وجه دانتي من الإحراج.
ثم صرخ بأنفاسٍ غاضبة كما لو كان يحتجّ.
“آه! سعادتك!”
“ما الأمر؟”
أجاب كالين ببرود.
كان وجه دانتي يشتعل غضبًا.
“لقد مرّ زمن طويل منذ أن غيرنا اسم النقابة، ومع ذلك لا تزال تنادينا بذلك الاسم الطفولي؟ إنه أمرٌ محرج!”
نظر إليه كالين بنظرةٍ خاليةٍ من أيِّ تعبير.
“وهل تعتقد أن الاسم الجديد أفضل؟”
“بالطبع! الآن لم نعد ‘الليل والنهار’، بل ‘الليل الأسود’! الليل الأسود!”
على الرغم من أن دانتي بدا جادًا للغاية، إلّا أن كالين لم يبدُ مقتنعًا إطلاقًا.
“كم هو مثيرٌ للرهبة.”
أخيرًا، استعاد دانتي هدوءه وتحدث بنبرةٍ أكثر جدية.
“أنت تعلم أن هذا لن يكون سهلًا. بما أن الأمر صادرٌ منك، فسأبدأ بالتحضيرات، لكن…”
“إن كنت خائفًا، فدع كالبين تتولى الأمر.”
تحدث كالين بنبرةٍ غير مكترثة، مما جعل دانتي ينظر إليه بأسى.
كان كلٌّ من كالبين، والتوأم لونا ولوسي، من الأشخاص الذين جلبهم دانتي بنفسه، لذا كان من الواضح أن كالين لا يزال يعتمد على أتباعه. ومع ذلك، لم يكن ذلك كافيًّا ليخفف إحساسه بالمرارة.
“سعادتك، ألّا تعتقد أنك قاسٍ بعض الشيء؟ هل رأيت يومًا تلميذًا يتفوّق على معلمه؟ مهما كان الأمر، لا يمكنني أن أكون أقل شأنًا منهم!”
“هناك الكثير من التلاميذ الذين يتفوقون على أساتذتهم.”
عند سماع هذه الكلمات، بدا وجه دانتي أكثر استياءً.
“هذا مجرد سوء فهم! أنا لا أزال في قمة أدائي!”
نطق دانتي بكل كلمة بتركيزٍ شديد.
ضحك كالين بسخرية.
“استخدم الأموال المخزنة في النقابة لإنجاز المهمة. إذا لزم الأمر، يمكنك سحب المزيد. لا أطلب منك تحضير شيءٍ على عجلة، بل مجرد الاحتياط تحسبًا لأيِّ طارئ.”
ابتلع دانتي ريقه بصعوبة.
“تقصد أنه… في أسوأ الحالات، نحن مستعدون للحرب؟”
عند كلمات دانتي، لم يكن الشيء الوحيد الذي خطر في ذهن كالين سوى صورة مارييت وهي تركض نحوه بضحكة مشرقة.
“إن اضطررنا لذلك، فلن يكون هناك مانع.”
[ يُتبع في الفصل القادم …….. ]
– ترجمة خلود